تويت
ستون عاما من مرتكزات الهوية وأسس التأريخ
طابع البريد الإماراتي.. سجل الأجيال
عمر شبانة
لا أذكر المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى البريد العادي، البري أو الجوي، الداخلي أو الخارجي. فقد كان ذلك منذ سنوات بعيدة، لكنني أذكر أنني كنت أشعر بسعادة غامرة حين كانت تأتيني رسالة بطوابع ملونة، وخصوصا حين تكون من بلد أجنبي حيث استطيع أن أعرضها لأندادي بكل فخر. لكنني منذ زمن لم أعد أتلقى شيئا من تلك الرسائل، صرت أجلس أمام “اللابتوب” وأنتظر الإيميل والفايسبوك وسواها من الوسائل التي نعتمد عليها اليوم.
عرفت البشرية عبر تاريخها صورا وأشكالا متعددة من التواصل في ما بينها، ومن أساليب هذا التواصل ووسائله، وفق تطور طبيعي سارت فيه ضمن الإمكانيات المتاحة للإنسان، ومن بين أساليب التواصل شكلت الرسائل، بأشكالها المختلفة، الشفاهية والمكتوبة، أبرز وسائل الاتصال بين بني البشر، ودخل البريد في حياة الناس من جوانبها المختلفة، فحق له أن يكون أحد مصادر التأريخ للشعوب وحضاراتها، ومكونات هذه الحضارة أو تلك. ويقال إن أقدم الرسائل الموجودة تتمثل في ألواح الطين التي تم حرقها وتجفيفها، إذ حفرت عليها النقوش ووضعت في أظرف من طين كانت ترسل عن طريق البلاط الملكي، والتجار، والأفراد العاديين في “آسيا الصغرى” وترجع إل ما بين 3 آلاف و1500 سنة قبل الميلاد، وتمثلت في نوع من ورق “البردي” استعمله المصريون القدامى سنة 1300 قبل الميلاد. ولن نذهب إلى تاريخ تلك الحضارات الصينية والهندية والمصرية- الفرعونية مثلا لنعرض تجاربها مع البريد، وهي التجارب الأقدم في التاريخ، فموضوعنا هو تاريخ الطوابع البريدية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي نظرة سريعة على تحولات البريد في الخليج العربي وتطوره، نتوقف عند البدايات الحقيقية لهذه الوسيلة من وسائل التواصل والتوصيل، بأغراضه المتعددة، وبطابعه التجاري أو بغاياته الإنسانية، حيث نجد البدايات في بعض دول الخليج قد انطلقت في القرن التاسع عشر، بينما تأخرت في بعض دوله حتى القرن العشرين. ففي الكويت مثلا بدأت أول الخدمات البريدية سنة 1775، بخط بواخر للأغراض البريدية لتسير بين بومباي والخليج، وتم من ذلك التاريخ زيادة وتحسين مواصلات الخدمات البريدية، وبتاريخ 19/2/1904 وافقت الحكومة البريطانية على إنشاء مكتب بريد في الكويت وقررت إلحاقه بمكتب المعتمد السياسي البريطاني.