إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أستاذ رمضان تيسير السعدي والذاكرة التي لا تشيخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أستاذ رمضان تيسير السعدي والذاكرة التي لا تشيخ

    وجوه رمضانية
    علي الحسن - الوطن
    تيسير السعدي الأستاذ والذاكرة التي لا تشيخ
    لم يكن يمر رمضان على مستمعي إذاعة دمشق في سورية والعالم العربي في عقود خلت من القرن الماضي إلا ويصطبغ بنكهة خاصة.. نكهة ذلك الزمن الجميل لجيل الرواد الذي جعل لهذا الشهر المبارك طقوساً خاصة ولوناً مختلفاً عن باقي الأيام بأعمال أرست لثقافة الأعمال الفنية الخاصة برمضان والمرافقة له وكان لبعض الأعمال الإذاعية شهرة ذائعة الصيت ينتظرها المستمعون بلهفة تزيد على متابعي الدراما الرمضانية هذه الأيام..
    في تلك الأيام الخوالي حيث كانت الحياة أكثر عفوية وأقل تعقيداً وأشد قرباً وحميمية والتفاصيل اليومية لحياة الناس العادية كان (صابر وصبرية) العمل الإذاعي المفضل الذي يأتي بالمقام الأول عند المستمعين ويحتل الصدارة بين تلك الأعمال الأصيلة فكانت «نقارات» الزوجين (صابر وصبرية) ومناكفاتهم وجلساتهم الممتعة حديث الناس وموضع تندرهم واهتمامهم، وطغت شخصيتا صابر وصبرية على بقية البرامج الإذاعية في رمضان وكانت تفوق شهرتها حتى الدراما التلفزيونية وكان بطلاها الفنان الكبير تيسير السعدي وزوجه الفنانة صبا المحمودي فكانت أحد النماذج الناجحة للفن الشعبي الذي كان السعدي من أشد المتحمسين له منذ بداياته المبكرة فقد بدأ عشقه للفن منذ كان طالباً في معهد «اللاييك» عام 1935 وكان تلك أول مرة يقف فيها على المسرح ثم قام بعدة أدوار تمثيلية عام 1936 في أندية دمشق الفنية وسافر إلى مصر ليتابع دراسته ويحصل على دبلوم معهد التمثيل في القاهرة ويتعرف هناك على رجالات فكر وسياسة أثرت في شخصيته كان بينهم إحسان عبد القدوس ونجيب الريحاني وبعد عودته إلى سورية بدأت المرحلة الأهم في حياته الفنية حيث بدأ يخرج ويمثل في إذاعة دمشق أشبه بخلية نحل على مدار الساعة والمتعة حتى بلغ رصيده ما يزيد عن الخمسة آلاف تمثيلية إذاعية أكثر من نصفها للقاص الشعبي المعروف حكمت محسن (أبو رشدي) والذي شكل معه ثنائياً ناجحاً حمل لواء الفن الشعبي وشكل مع مجموعة من الفنانين الرواد فرقة فنية للتمثيل والموسيقا حيث كان لكل منهم كاركتر خاص به وأبرزهم حكمت محسن (أبو رشدي)- أنور البابا (أم كامل)- فهد كعيكاتي (أبو فهمي)- رفيق سبيعي وقدمت الفرقة العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية التي ملأت شهرتها الآفاق وأصبحت حديث الناس ويذكر السعدي في أحاديث صحفية كيف أشعلت أعمالهم نقاشات حادة في البرلمان السوري فقد تعرضت أعمالهم للنقد الشديد وهاجمها صلاح الدين البيطار في البرلمان لأن هذه الأعمال على حد تعبيره- تسيء للغة العربية وتقدم باللهجة المحكية وطالب بإيقافها فوراً غير أن زعيم الحزب الشيوعي آنذاك خالد بكداش تصدى له وانبرى للدفاع عن الأعمال الفنية للفرقة بضراوة وحماس.
    شارك تيسير السعدي في أعمال مسرحية وسينمائية عدة فكانت له تجربة مع الفنانة فاتن حمامة في فيلم (الهانم) وكان له مشاركة في فيلم (الرجل) المأخوذ عن نص للكاتب سعيد حورانية أما في التلفزيون فقد عمل فناننا الكبير مع نجوم الشاشة السورية دريد ونهاد في «صح النوم» و«الدنيا مضحك مبكي» كما شارك في دراما البيئة الشامية من خلال مسلسل أيام شامية وعلى مدى 94 عاماً من حياته قضى جلها في التمثيل والإخراج للإذاعة والتلفزيون والمسرح بقي السعدي مخلصاً لتقاليد المهنة والإلتزام بالعمل ويروي في حوارات صحفية كيف كان الفنانون يهابونه ويحسبون له ألف حساب عندما يتواجد في «الكونترول» لتقديم عمل إذاعي لأنه لم يكن يتهاون في أي إهمال فالعمل عنده مقدس وفوق كل الاعتبارات ويذكر أنه طرد عدداً من الفنانين لإهمالهم أدوارهم بل وعمل بدلاً منهم مستفيداً من ملكته العالية في تقليد الأصوات.
    اليوم يعتكف الفنان الكبير تيسير السعدي في بيته الذي استأجره منذ خمسين عاماً يعاني من ضعف البصر وأمراض الشيخوخة ولا يكاد يكفيه راتبه التقاعدي لشراء الأدوية يعتبر نفسه شاهداً على قرن فقد عاش الفنون كلها وعمل فيها بكل مراحل تطورها من خيال الظل إلى الفضائيات الرقمية وعاش مراحل تطور الحضارة من «الكانون» إلى «المكيفات» ومن الفانوس إلى الكهرباء ومن الكتابة بقلم القصب إلى «الكمبيوتر».
    السعدي الذي تكرمه قناة الدراما السورية عبر برنامج «المضحك المبكي» على مدى شهر رمضان الحالي ذاكرة لا تشيخ وقامة كبيرة تتلمذت على يديه أسماء فنية كبيرة كأستاذ للفن الدرامي والإذاعي.
يعمل...
X