إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عصر ابن رشد و مشروعية التأويل 1 ـــ د.محمود خضره

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عصر ابن رشد و مشروعية التأويل 1 ـــ د.محمود خضره

    عصر ابن رشد و مشروعية التأويل - 1 -
    الدكتور : محمود خضره

    ولـد أبو الوليد أحمد بن رشد الفيلسوف والطبيب والفقيه والقاضي في قرطبة 1126م وتوفي في مراكش 1198 على هذا يكون قد عاش طفولته وطرفاً من شبابه الأول في عصر دولة المرابطين وعاش بقية عمره في ظل دولة الموحدين.‏
    وفي عصره كانت شمالي أفريقية والأندلس تشكلان وحدة اقتصادية وسياسية فبين النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الأول للقرن الثاني عشر الميلاديين (1056-1148) تشهد قيام دولتين اقطاعيتين ثيوقراطتين مسلمتين الأولى هي المرابطية والثانية هي الموحدية، وسنتحدث عن:‏
    أولاً: عصر المرابطين وسيادة فقهاء المالكية:‏
    هي الدولة المرابطية وقد سيطر فيها فقهاء المالكية على كل مؤسسات الدولة، ومعروف أن المذهب، المالكي دخل المغرب العربي حسب التاريخ المحتمل في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة عن طريق قيراون الأغالبة، بفضل مجموعة من الفقهاء. ومنذ دخول المذهب المالكي إلى المغرب وحتى نهاية حكم المرابطين عام 1146 أي طيلة مايزيد على ثلاثة قرون ونصف لم يحصل في المغرب العربي أي تجديد في مذهب الإمام مالك. وأما بالنسبة إلى الأندلس فيحتمل أن عام 1980هـ هو تاريخ دخول المالكية إليها، ومنذ ذلك التاريخ أيضاً وحتى القرن الخامس الهجري بقيت الأندلس تعيش على فقه مالكي مقنن، كما هو الحال في المغرب. و[لم يكن يتوظف في مناصب القضاء إلا من يجيد علم الفروع على مذهب الإمام مالك">(1)، [ومع استقرار مؤسسات الدولة وعبر الممارسة تكونت في الأندلس طبقة من فقهاء المالكية الذين اعتقدوا اعتقاداً راسخاً أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، ولهذا ألغوا حرية الفكر والحوار وأقفلوا باب الاجتهاد">(2). ولكي يحافظ الفقهاء على امتيازاتهم المادية والمعنوية جعلوا أنفسهم أداة طيعة في يد الدولة، فهم عينها الساهرة على مصالحها، ويدها التي تضرب من يناوئها، وفكرها الذي ينظر لها، وباختصار شكلوا آلية الدولة التي تستحيل عليها السير بدونهم، وحاربوا بلا هوادة كل من يعارضهم الرأي من أصحاب الفكر أو المذاهب الإسلامية الأخرى، حتى صار [... لا يعرف في الأندلس إلا مذهب مالك.. ويقولون لا نعرف إلا كتاب الله وموطأ مالك،.... فإن ظهروا على حنفي أو شافعي، ربما نفوه، وإن عثروا على معتزلي أو شيعي، ربما قتلوه">(3)، وقمعوا كل التيارات المعارضة الشافعية، والاعتزال، وتيار ابن مسرة، والظاهرية، وتيار الفلسفة، وجمدوا الفقه الإسلامي عند حدود علم الفروع فقط.‏
    وأصبحت المالكية مذهباً رسمياً لأية دولة تقوم في شمال أفريقيا أو الأندلس، ولكن الأندلس مع ظهور ابن حزم 456هـ، عرفت حواراً فكرياً وجدلاً حول علم الأصول في الشريعة الإسلامية، ومع ظهور ابن رشد الجد المتوفى 456هـ/1126م فتح الباب في الأندلس لدراسة مذاهب أخرى غير المالكية، وإن كان هذا يلقى معارضة شديدة.‏
    وفي عهد المرابطين منذ معركة الزلاقة 1086 وحتى سقوطهم 1146 شكل المغرب والأندلس وحدة سياسية واقتصادية، ولكن المغرب كان يتخلف فكرياً وثقافياً عن الأندلس، وقد أدرك المرابطون هذا الواقع، فاستقدموا فقهاء الأندلس للعمل في حواضر المغرب (في مراكش وفاس وسبتة)، وعلى الرغم من أن هؤلاء الفقهاء القادمين من الأندلس قد عرفوا في موطنهم الأصلي جدلاً وحواراً فكرياً حول علم الأصول وضرورته، لكن الفقهاء لما أطلق المرابطون أيديهم في مؤسسات الدولة ووجدوا في سياسة المرابطين ما يغنيهم عن عناء التجديد، وحققوا نوازعهم القديمة في إغلاق الحوار وباب الاجتهاد، وشكلوا من جديد في المغرب وفي الأندلس في عهد المرابطين آلية الدولة الجديدة كما كانت حالهم في الأندلس أيام الأمويين وملوك الطوائف. وبلغت سطوتهم أوجها في الدولة المرابطية في عهد الأمير تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين، فملكوا كل السلطات السياسية والقضائية والتشريعية، ونقرأ في رسالة تاشفين الموجهة إلى أهل بلنسية وهي من تدبيج الفقهاء. [اعلموا أن مدار الفتيا ومجرى الأحكام.. هو على مذهب إمام دار الهجرة، فلا عدول لقاض، ولامقت عن مذهبه، ولا يؤخذ في تحليل أو تحريم إلا به">(4)، وهذا يعني أن الفهم الحقيقي للإسلام هو فقط فهم فقهاء المالكية، وإنهم يقولون لا إسلام إلا إسلام السلف الصالح كما حافظ عليه مالك. ولهذا اعتبروا كل تجديد تفرضه طبيعة الحياة هو ضرب من البدع، وعلى هذا سعروا الحرب ضد الشوافعة والأشاعرة والمتصوفة والمعتزلة والفلاسفة.‏
    وتقول رسالة تاشفين وهي كما قلنا من صنيعة الفقهاء [ومتى عثرتم على كتاب بدعة، وخاصة كتب أبي حامد، فليقطع بالحرق المتتابع خبرها. وتغلَّظ الأيمان على من يتهم بكتمانها.">(5)، وقد أحرقت كتب الغزالي لأنه يعتبر أن علم الفروع في الشريعة الإسلامية يحتل المرتبة الثانية بعد علم الأصول(6) وهكذا فإن جمود الفقهاء وتعصبهم لآرائهم قد حول مذهب مالك من مذهب يدعو إلى الزهد والبساطة والاقتداء بسلوك الصحابة إلى مرسوم سلطوي يصمم وينفذ بحد السيف.‏
    وهذا ماساعد المهدي محمد بن تومرت في دعوته إلى عقيدة جديدة وتأسيس دولة عليها.‏
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

يعمل...
X