من انتِ؟...
أبعدي يديكِ عني؟..
لاشيء يُعكر صفو الطريق سوى شبح أحمق يقضمُ حصى الوقت,ويتلفّّع بالليل وأضواء السجن. لاشيء يُعكر صفو الذات الا كلبٌ شاردٌ يشمّ نباتَ العُلّيق ويلعقُ كآبة وجهه المتغضن..
شبحٌ ما يطاردكَ وكأنك سمكةٌ ماتزالُ تحتفظُ بثانيةٍ للذاكرة , فتركضُ وأنت تحاول إحصاء ماضيك بصور الذكريات..!اصابعٌ من خيالٍ محموم تدبّ على أوصالك المشتهية وأنت لاتستطيع أن تحرّك ساكناً وكأنك في كابوس جميل..!
أجساد نساء عرفتهم وربما لم تعرفهم مرقوا أمام أنفك في الكريدوهات الخانقة وعلى الأرصفة النائية وفي الزوابيق الضيقة فمرّوا في خيالكَ كلمح البصر وأنت تتلمظ بريق الشّهوة وتتمنى لو تستطيع أن تُلقّح كلّ نساءِ الأرض وأن تُنبت في أرحامهن الطريّة الياسمينَ والشّبقَ الرّبيعي...!!؟
شفاهٌ قرمزيةٌ رقيقةٌ وأخرى منتفخة ودِدّتَ لو ترطبها بلعابك اللّزج وبأنفاسك الحارّة وأنت تمدّ لسانك الطويل خِلسةً لتصطاد ماتبقى من فراشات على عنقها البرّي وكأنك ضفدعٌ حكيمٌ على حافة بركةٍ مائية تتضوّع منها رائحة عذرية غير مألوفة.؟
نهودٌ تتأرجحُ وتلوّحُ وأخرى تترجرجُ ,وأنت لاتستطيع إلا أن تسمع هسهساتها وهي ترقصُ على لحن إغريقيٍّ قديم , بعضها أصغرُ من كفّك وبعضها بحجمهِ وبعضها بحجم حضنك ,بعضها متحجرةٌ ككوز صنوبر وبعضها ممتلئةٌ ككرةٍ من حلاوةِ الجبن ,وأخرى متهدلةٌ كحبّة سفرجلٍ في آخر موسمها الصيفي.
حلماتٌ حمراء وسوداء وصهباء وزهرية , بعضها لم تستطع إيقاظها لتمرسها بلعبة الأحلام فرضَتْ قضاءَ الله واستعانت على نفسها بالحرير وبالضغط على المخدات وأخشاب السّرير في ليالي كانون الثلجيّة, وأخرى أيقَظَتْها رائحة لعابك الطيني فاستفاقت في تلا فيفها الضيّقة وتصلّبت تجاه موقفك المحايد مما يجري داخل مساماتها المتفتحة ,بعضها شرير ونزق استشاطت غضباً لأنك كسرت تسلّطها المراوغ والمتعجرف فنهضتْ كمحاربةٍ عشتاريةٍ من رُقُمها الطيني العتيق,فأخذتْ تثورُ وتغلي وانطلقت كالثور لتحرك معها عاصفةً من الغبار الهائج وهي تزعق ببعض التراتيل الهستيرية القديمة ,فغرزت حربتيْها الساخنتين عميقاً في جبينكَ إلى أن تدلّت شفتكَ السفلية وانطفأ ضوء عينيك,فأصبحت تهذي وأنت تُدسدسُ في العتمة لتُشعل ضوء الغرفة ولتهرب مع ماتبقى من أشلاء قميصك الداخلي بعيداً عن هذا العالم المليء بالكوابيس الموحشة , وأخرى وديعةٌ وهادئةٌ ومستسلمةٌ كحبة عنب في آب الأخير ,..لاشيء يُعكر صفوك...وأنت تسعى بكلّ لهاثك وسعالك المأفون لتبحث عن حلمةٍ تحشرها على مهلٍ في أنفك المرتجف لتشمّ رائحة اللبن الفاتر وهو يفور ويُغرق كلّ أغشيتكَ المخاطيّة...
الأجساد الممتلئة..الأعناقُ الرخامية...الأفخاذُ المدوّرة..خمصة البطن...دهشة الإبط...أصابع الأقدام المدببة والمضمومة كالبلابل في الصندل الصّيفي...الأنامل المقلّمة...الكواحلُ الملساءْ... إلى آخره......إلى........آخره...ا...ل..ى.......آ..خ... ر..ه..!؟
وفوق حصيركَ اليابس ,لاشيء يعكر صفوكَ وأنت تستيقظُ من أحلامكَ الليليةِ وهذياناتكَ المخجلة...أنّاتٌ متوترةٌ غريبة تصدرُ من إحدى قصباتكَ الهوائية ,طاقةٌ شهيّةٌ في البطن تكادُ تمزّق أحشائكَ المتعفنة,وأنت مرهقٌ من خيالاتكَ المشبوبةِ تحاولُ أن تمدَّ أصابعكَ النحيلة طويلاً لتداعبَ كريستالَ الثريّا الذي بدأ لتوّه يُكسّرُ وجهَ الشّمسِ الصّباحي ويبعثرهُ على وجهكَ المترهّل وعلى تعرجاتِ الحائطِ المتكلّسِ الذي تسند رأسك عليه.
لاشيء يعكّرُ صفوك سوى كلّ شيءْ...!!!؟؟؟
سلمان حسين
8 تموز 2011
تعليق