من أنت أيها العربي؟
ما هي حقيقتك في ظل الموت والحياة؟
دمشق ـ المفتاح ـ علاء الجمّال
ما هو الموت؟ أو بالأحرى ما معنى كملة الموت؟ ما معنى أن يصبح الأموات أحياء والأحياء أموات في مجتمعنا العربي العظيم ربما، بل الأكثر من عظيم؟
نحن نريد… وحقنا في أن نكون، أن نكون زهوراً متفتحة تراقصها عصافير الحرية والبراءة… أن نكون حلماً نقياً يراه الآخرون ويتمنون المثول فيه، أن نكون صوتاً رقيقاً يهمس بالحياة والتجدد، أن نكون شموعاً مضاءة بنور الحكمة والسلام، أن نكون زمناً منيعاً أعمدته القوة والوعي، أن نكون دعائم حضارة إنسانية مثلى... النضوج الروحي والنفسي سيدها وحاكمها.
ما أجمل أن نعيد بناء أنفسنا، بناء قداسة وجودنا التي أضعفها التفكك والاستعباد، أضعفتها مناصرة الانتهازيين والمتملقين الخنوعين، أضعفتها لفائف اليأس والقنوط والصبر الأحمق، أضعفتها أيدي وسخة بخباثة التفكير وإبرام المال لكسب عرش أسطوري، فحواه السيطرة وفراغ الأخلاق.
هذا لشيء مؤلم، فذاك العرش الأسطوري المقيت، قتلت هاماتنا بسببه وصرنا أشباه أحياء نتمنى الموت حتى نخرج من جحيمه، ذاك العرش المقيت… جعلنا نسير حفاة في أرض من أشواك الاندحار والتخلف، ذاك العرش المقيت… صمم لنا سجناً منيعاً، قضبانه وهم كلامي صنع في قلوبنا الخوف والريبة والرعب، أجل صرنا بعيدين عن أنفسنا عن وجودنا وهاماتنا ورسوخنا، صرنا بعيدين عن طموحاتنا وأمانينا في الحياة والتجدد.
*متى كان الأسير حرّاً؟
تلك القضبان… إن حاولت لمسها ألف يد تصفع وجهك وتذل هامتك وتخدر عقلك وكبرياءك، ألف يد تجعلك صاغراً إلى الأرض، راضياً بقدرك، مُبجّلاً بالإكراه ما أنت فيه، حقاً بات الموت في يومنا هذا رحمة من الحياة… رحمة من ذل العيش وإهانة الكبرياء وكسر الوجود وتحقير الذات…
*من أنت أيها العربي؟
* من أنت؟.
* ألست بذرة للإنسان المفكر العالم الذي أسس للغرب نهج سطوعهم الآن؟.
* ألست بذرة نقية لعهد إسلامي قديم لم تزل شموعه خالدة بين صفحات التاريخ؟. فذاك الفيلسوف والمفكر والشاعر والحكيم العربي الذي رفع صروح الابتكار والوعي… ألم تصبح مؤلفاته مرجعاً لفورة العقول وتوق الشباب؟.
* ألست أنت أيها العربي ابناً لرحمة الله؟.
* ألست ابناً لمفردات آياته الكريمة؟.
* ألست ابناً للحنان الإلهي المحب؟.
* ألست ابناً لا بل طهراً للنفس الذكية، الصادقة، العادلة في رأيها وحكمتها وعلمها وحسّها الإيماني الرائع؟.
* ألست في وجودك كوناً صغيراً رائع الجمال والتكوين، نسج بين يدي الله؟.
أقول لك: نعم أنت كل ذلك، ولكنك محتجز خلف تلك القضبان في ذاك السجن الحياتي الواسع الخانق الذي تحول فيه الحي إلى ميت والميت إلى حي، حيث تنتفي الصفات التي خلقت لأجلها لتحل مكانها صفات ولدت من قبح أعمى، صفات بات الكثيرون يرونها جمالاً يعيشون فيه ويفخرون به.
من أنت أيها العربي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** وداعاً لعهد العلم وحكمة الخالدين
** ذاك هو العرش الأسطوري المقيت
«من أنت أيها العربي؟. ما هي حقيقتك في ظل الحياة الموت والحياة؟» دمشق ـ علاء الجمّال
تعليق