إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تمسرح أم مسرح عربي والبحث عن صيغة جمالية ومعرفية - د. رحيم هادي الشمخي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تمسرح أم مسرح عربي والبحث عن صيغة جمالية ومعرفية - د. رحيم هادي الشمخي

    مسرح عربي... أم تمسرح؟
    والبحث عن صيغة جمالية ومعرفية
    د. رحيم هادي الشمخي
    إن المسرح العربي في بنيته الأساسية الأولية- هو النص الأدبي، هذا النص هو في حقيقته رؤية معينة للوجود، إنها رؤية شعب أو أمة أو شريحة مجتمعية معينة، رؤية عامة لها ارتباط عضوي بوجدان وبثقافة مشتركة وبحس جماعي، وذلك داخل فضاء مكاني معين.
    فالنصوص المسرحية لا يكتبها الكتاب إنما هي تكتب بالكتاب تلك هي الحقيقة ومن أتى بغيرها فقد ضل ضلالاً كبيراً. ‏

    فهل الكاتب المسرحي هو الذي يكتب إبداعاته أم إن الحياة هي التي تكتب به تماماً كما تبني بالعمال ويخرج الزرع والثمار بالفلاحين وتعطي الأنغام بالعازفين وتكشف عن جمالها عن طريق الشعراء؟ ‏
    وهكذا نجد أن أي نص مسرحي في حقيقته هو نبض الحياة ونبض الناس ونبض الأرض والزمن، أما المؤلف المسرحي فإن دوره لا يختلف كثيراً عن دور القابلة، إنهما معاً يحضران الغائب ويقربان البعيد ويرفعان الحجب عن المستور ويحرران الوجود المعتقل. ‏
    إن الكتابة المسرحية تتجسد داخل تأسيس يبحث عن ذاته ووجوده هل يقدر أن يجادل الواقع في ثوابته ومتغيراته وظواهره وخفاياه ووجوده. وهل يستطيع أن يجادل المسرح كفن وعلم وصناعة ومؤسسة وكظاهرة شعبية يومية. ‏
    ولهذا نجد أن عملية التمسرح تجعلنا نصوغ السؤال التالي:‏
    ما رصيد هذه الكتابات المسرحية معرفياً وجمالياً وحضارياً..؟‏
    فاختلاف هذا الرصيد عند الكتاب هو ما يميز كتابة مسرحية عن أخرى، كتابة ممتلئة عن كتابة أخرى أمية «وما أكثر الكتابات الأمية في مسرحنا العربي». ‏
    وقد تميز النص المسرحي بعلاقته بالتراث وتتمظهر هذه العلاقة عبر أكثر من وجه واحد وقد يحدث أن تكون كتابة «عرجاء» أو كتابة «ضائقة» أو كتابة «تابعة» أو كتابة «وثائقية» أو «استعراضية» أو «نقدية» من التراث، ومن هنا لا بد لنا أن نعرف الرموز الفاعلة والمؤثرة في حاضر ومستقبل هذه الكتابة المسرحية ولا بد لنا أن نقول نحن كلنا في هذه الكتابة «مريدون.. مريدون بلا شيوخ وتلامذة... بلا أساتذة» وذلك هو قدرنا حتى إشعار آخر، داخل هذا الفراغ كل واحد يطمح إلى أن يكون وحدة الامتلاء وتلك هي المشكلة، يريد أن يكون شيخ طريقة وهي بغير طريق ولا طريقة. ‏
    إن دولة الكتابة المسرحية في الوطن العربي أكثر الدول تخلفاً وأشدها انضماماً في الفوضى والتسيب وهذا شيء لا يستغرب ما دام أنها فضلت أن تكون صورة حقيقية وأمينة للواقع العربي وذلك من خلال تجلياته وتمظهراته المختلفة. ‏
    هذه الكتابة المسرحية ولو أنها لا تزال عند درجة الصفر فإنها تتعرض يومياً للاستنزاف من كل الجهات، يحدث هذا عندما يتحول الكثير من كتاب المسرح إلى كتاب لكلمات الأغاني العاطفية أو لكتابة المسلسلات التلفزيونية أو اللوحات الإشهارية والإعلامية ومدح السلطة والحكام. ‏
    هل نقول إن هذه الكتابة بتخليها عن المسرح العربي إنما تمارس موتها وانتحارها لأن المسرح كما عرف دائماً هو أفقر الفنون سواء من حيث وجوده أو من حيث مردوده المادي ولو توقف الأمر عند حدود الفقر لهان الأمر، وذلك لأنه عربياً يكلفه حريته أو حياته أو رزقه ورزق عياله، لأجل هذا إذاً لم يثبت في ساحته إلا الفدائيون الحقيقيون، أما الذين ينشدون الأمن والأمان والرزق المصان فقد تحولوا إلى الكتابات السهلة والبريئة، تحولوا إلى كتابة تشبه المسرح وما بمسرح. ‏
    إن النص المسرحي في نماذجه الجادة والجيدة هو نص مشكوك فيه، ولا سيما أنه نص مشاكس ومعاند ومشاغب وغير منضبط «نص فضولي» لأنه يمارس هجاء الواقع من خلال الشخصيات والمؤسسات والعلاقات والأخلاقيات المتخلفة. ‏
    ونتساءل الآن: هل هناك خلل ما في كتاباتنا المسرحية وإن كان فما طبيعة هذا الخلل؟ وما جذوره ومصادره..؟‏
    هل هو خلل ذاتي أم موضوعي أو هما معاً؟ هل يتعلق بالكاتب والكتابة أم بشروطها النفسية والاجتماعية والسياسية والحضارية..؟‏
    وحتى تحقق الكتابة المسرحية عمرها الثاني مستقبلاً فإننا يمكن أن نقول عنها إنها تعيش الآن داخل أكثر من مأزق واحد وذلك ما يجعلها في موقف للتجاوز والتحدي المعرفي والجمالي المحدود، الشيء الذي يجعل بعض النصوص تبقى على هامش الصناعة المسرحية الحقيقية وخارج أصولها الأساسية مثل الانتماء إلى المسرح وثقافة العصر والانتماء إلى اللحظة التاريخية، أما المأزق الثاني فهو المأزق السياسي ويتمثل بغربة الكتابة المسرحية عن محيطها السياسي العام، أما المأزق الثالث فهو حضاري عام ويتعلق بغربة هذا المسرح داخل شروط حضارية غير كافية لأن المسرح يرتبط بالمدينة أي بالتساكن والتعايش داخل فضاء واحد موحد. ‏
    هذه هي حقيقة المسرح العربي في عالم اليوم وتحديات العصر ولا سيما أننا نعيش في ظل الاحتلالات الأميركية والصهيونية للعراق وفلسطين والجولان ومزارع شبعا وتجزئة الصومال والفتنة في السودان وارتفاع الأسعار في الوطن العربي، ألم نكن بحاجة إلى مسرح عربي فاعل ومثير جماهيرياً، وكاتب مسرحي يكتب النص ويثير العواطف القومية ليعلن عن فجر عربي جديد يمزق الكفن ويهدم الحدود المصطنعة..؟‏
    هي دعوة لكل المسرحيين العرب من محيط الوطن إلى خليجه وليس لعمر التاريخ حد.. ‏
يعمل...
X