إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفرق بين دراسة التلميذ في الخليج العربي والتلميذ في السويد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرق بين دراسة التلميذ في الخليج العربي والتلميذ في السويد

    ماذا يدرس التلميذ في السويد

    والتلميذ في الخليج العربي؟

    ليون برخو
    للتربية والتعليم تأثير في تكوين الفرد أكثر من أي نشاط إنساني آخر. لا الإعلام ولا الكتب ولا النشاطات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها تغرس المفاهيم والقيم والسلوك في ذهن الإنسان مثل التربية والتعليم.
    والتعليم إيديولوجي، أي أنه يؤسس أرضية صلبة في ذهن المتلقي ، ولا سيما في الصغر عن القيم والمبادئ والأفكار ووجهة النظر والموقف الذي سيتبناه في الحياة تجاه مسائل صميمية مثل الدين والقومية والوطنية.
    وإن لم تصدقوني أنظروا إلى ما يثيره الغرب وإسرائيل من ضوضاء وتدخل سافر في المناهج التعليمية لدى العرب والمسلمين حيث يطلبون منهم – لا بل يلزمونهم – برفع هذه العبارة أو الفقرة من المنهج وإضافة فقرة أخرى.
    ووصل الأمر إلى الطلب من العرب والمسلمين عدم إدراج آيات قرآنية محددة في المناهج التعليمية ولا سيما للمراحل الأولية من التعليم لأن الغرب وربيبته إسرائيل يدركان ما للتعليم من أثر في نشوء الإنسان وتحديد مفاهيمه وتصرفه وسلوكه ومواقفه تجاه القضايا، لا الأساسية فقط بل الفرعية أيضا.
    ولهذا السبب ولأن التعليم مرتبط بالإيديولوجية – المفهوم الذي عرفناه أعلاه – لا تقبل السويد إدخال مناهج تعليمية غير وطنية ولا سيما في المراحل التربوية مثل الروضة والابتدائية والمتوسطة. كل شيء تقريبا في هذه المراحل وطني مائة في المائة.
    واسطة التدريس هي اللغة الوطنية – السويدية. الكتب المنهجية ولا سيما التي تعنى بالعلوم الاجتماعية من تاريخ واجتماع وغيرهما تركز على الهوية السويدية، حيث ينمو التلميذ وهو يغني وينشد لوطنه وقيمه وآدابه ومنهجه الخاص في الحياة.
    ومن خلال التربية التي يتلقاها في المدرسة ينمو الطفل ويكبر وهو يحب علم وطنه وينشد الأناشيد الوطنية وغيرها بالسويدية. ودرس النشيد والموسيقى من الدروس الأساسية، حيث ترى الأطفال في عمر الروضة وهم يغنون ويهتفون لبلدهم ويرددون أبياتا من الشعر مغناة من كبار الشعراء من الذين كان لهم دور في تكوين الشخصية السويدية.
    ولكن هذا لا يعني أن الفرد السويدي لا يلقن إلا معلومات عن بلده. صار لي أكثر من عقد أدرس هنا في السويد وأستطيع القول إن الفرد السويدي يعرف عن العالم حوله أكثر من أي فرد آخر في العالم. وهكذا ترى الأعلام الفلسطينية ترفرف في سماء الاحتفالات والمهرجانات الكبيرة التي تنظم في عيد العمال مع انعدام أي أثر لعلم إسرائيل.
    الفرد السويدي يلقى تعليما عن معنى الحرية والعدالة الاجتماعية بصورة عامة ويقرأ التلاميذ كتابا خاصا بالسويدية عن الصراع العربي - الإسرائيلي. الكتاب لا يميل إلى أي جانب ولكن بإمكان معظم التلاميذ الوقوف إلى جانب الحق باستخدام معايير العدالة الاجتماعية التي يدرسونها.
    والآن لنجر بعض المقاربة والمقارنة مع ما يحدث في الخليج العربي. في آخر زيارة لي دعاني أحد الأصدقاء من الأساتذة الجامعيين إلى بيته. وكان في البيت مجموعة من الأطفال في أعمار لا تتجاوز الثانية عشرة.
    قال: "هؤلاء حفدتي". وصار يدعوهم واحدا بعد آخر كي ينشدوا ما تعلموه في المدرسة للعم ليون. كل ما أنشدوه كان باللغة الإنجليزية. والأناشيد جميعها ذات منحى إيديولوجي، أي تتغنى بالقيم والمبادئ الغربية. وصادف وقت الزيارة في بداية كانون الأول وكان التلاميذ يرددون أناشيد تمجد أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية.
    وعندما سألتهم إن كانوا يدرسون العربية، قالوا هناك درس في العربية إلا أن المناهج الأخرى كلها بالإنجليزية. وسألت إن كانوا يدرسون القرآن والدين، وظهر أنهم لا يحفظون أي آية من القرآن بل تحدثوا كيف أن مدرس الدين صرف كثيرا من وقته لشرح أحكام "الوضوء الجبيري ".
    قارن أثر الأناشيد الإنجليزية التي تعلموها مع أثر أحكام الوضوء الجبيري على أطفال في هذا العمر. الطقوس مهمة ولكن حصر الإسلام في طقوس كهذه يرتد سلبا على الإسلام والمسلمين.
    ولهذا لا أستغرب اليوم عندما أقرأ لكثير من الكتاب العرب والمسلمين مقالات لا ترى حسنة في الجهاد والمقاومة إن في فلسطين أو العراق أو أفغانستان ولا ترى سلبية واحدة في الوحشية التي يمارسها الغزاة في هذه الدول من قتل وهدم وتدمير.
    لا بل نقرأ اليوم مديحا للغزاة وشيطنة للمقاومة والجهاد وكل من يرفع السلاح في وجه الغزاة وتفهما لمواقفهم وطلباتهم المهينة.
    وماذا سنتوقع من التلاميذ الذين يلتحقون بالمدارس الإنجليزية في الخليج العربي؟
    وإلى اللقاء
يعمل...
X