إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جنيف تلحس موزتها وحدها يا أبو الجود من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جنيف تلحس موزتها وحدها يا أبو الجود من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود )
    د. محمد عبدالله الأحمد

    جنيف تلحس موزتها وحدها يا أبو الجود!

    أبوالجود بعدك معي كم بناية اشترى لك أبوك؟

    لم تكن جنيف هي المدينة الوحيدة التي التجأ إليها كفاح هارباً من كل شيء، بل في الحقيقة كانت جنيف محطة من محطاته الكثيرة ومن تنقلاته التي لا تنتهي، حتى وكأنه صار المسافر الدائم والهارب بلا توقف من مكان إلى آخر وكأن محطته الحقيقية صارت هي ( السفر) نفسه، وصار يشعر بوجوده في المطارات والباصات والقطارات وكأن أشياءه هي الحقائب فقط وأسرته وأصدقاؤه هم أولئك المسافرون معه، هذه المسألة أعطته قدرة فائقة على سرعة التعرف على زملاء السفر، وفتح الأحاديث معهم وكأنه يعرفهم منذ سنين، مع أنه كان يعلم أنه من النادر أن يحصل الاتصال بعد انتهاء السفر ومع ذلك فلقد كان صاحب استعداد ساذج للحديث عن أخص خصوصياته مع زميل السفر... . أوزميلة السفر.
    فمنذ شهر تقريباً جلست بقربه في الباص رسامة بلغارية تدعى ( أنا) تعمل في مدينة ( غرونوبل) الفرنسية في شركة لتنظيم الأفراح يمتلكها أرمني، هذه إلأنا كانت بسيطة للغاية ولكنها تمتلك ضحكة رائعة وغريبة لعبت دوراً مهماً في قتل ملل إلاثنتي عشرة ساعة من السفر الليلي عبر النمسا وايطاليا، حيث لا يستطيع المرء أن يرى شيئاً عبر زجاج النافذة، ولكن كفاحاً وجد منظره المفقود في وجه ( أنا) وشعرها الملموم بطريقة الرسامين.

    الفوضوية وضحكتها الغريبة الجميلة، وبدأ وأنا يتسابقان كل منهما في الحديث لكسر ملل الليل المسافر الطويل بينما كان المسافرون الآخرون نائمين، وكان بعضهم يحاور بعضهم بلغة ( الشخير) التي كانت هي مفتاح أول جملة قالها كفاح لأنا بالأنكليزية معلقاً على ( شخرة) متميزة من الراكب النائم في المقعد الأمامي:
    - اسمعي!
    - خرررر
    - كيف... . . يا سلام " ألفيس بريسلي"
    صعق كفاح لردة فعل الصبية فلقد فقعت ضحكة أيقظت نصف النائمين... .
    وضع كفاح رأسه بين كفيه ضاحكاً هو أيضاً محاولاً التمويه عن نفسه اتجاه نظرات الركاب ( الغبية) المتسائلة عما جرى بينه وبين هذه الشقراء البلغارية فجأة وجعلها تضحك هكذا دون استئذان... .
    قال لها:
    - خففي ضحكتك لوسمحتِ... لوعلمت أنك ستنفجرين هكذا... . ما تكلمت عن الشخير قال بهمس!
    - نعم ولكنني منذ نصف ساعة أكتم ضحكي مما يحصل في هذا الباص من سؤال وجواب ( بالشخير) فليم يبق لي إلا تعليقك... . لأفعلها... . .
    مد يده مصافحاً ومعرفاً عن نفسه:
    - كفاح
    - أنا
    - أهلا... . إلى أين تسافرين؟
    - إلى \ غرونوبل\ وأنت؟
    - جنيف
    وكانت رفقة سفر جميلة، لم يكدرها سوى ذلك الثمل السلوفيني الذي كان في تلك الليلة الباردة نسبياً يحرس وحده حدود سلوفينيا وكرواتيا... . ووحده، ووحده كان يؤكد موت يوغسلافيا السابقة ويتحدى كل آمال (جوزيف بروس تيتو) الميتة التي عقدها على شعبه بالبقاء واحداً موحداً قبل أن يموت هو.
    صعد سائق الباص ( الاحتياطي) قائلاً:

    رجاءً... . انزلوا من الحافلة مع جوازات سفركم فالشرطي يريد أن يراكم فرداً فرداً ... . .

    في الحقيقة توجس كفاح شرّاً فلم يحصل هذا في الحدود التي قطعوها قادمين من صوفيا عبر صربيا وكرواتيا فقط كان يجرب تدقيق روتيني على جوازات السفر وتوضع أختام الدخول وتستمر الرحلة ... . اما هذا السلوفيني الذي بات يشعر بأوروبيته أكثر من الفرنسيين والألمان فلقد قرر لسبب ما إنزال الأربعين راكب وتفحص وجوههم فرداً فرداً... .
    تساءل في نفسه: هل إن اسمي المسلم هو المشكلة؟ خاصة وأن ما يحدث في العالم و( مصنع) الإعلام العالمي بات يستبدل كلمة " سيد" أو" سر" أو" مسيو" بكلمة " الإرهابي" إذا كان الشخص المراد التعريف به عربياً أومسلماً... .
    لقد جاء حدسُ كفاح في مكانه فعندما جاء دوره وقدّم لذلك الشرطي جواز سفرهِ نظر إليه بغرابة!! ولم يستطع كفاح معرفة شعوره عن طريق قراءة العينين:
    ثم سأله بفظاظة:
    - إلى أين تسافر؟
    - إلى جنيف
    - وماذا ستفعل في جنيف
    - زيارة... . في كل سنة أزور جنيف وهذا جوازي معك يمكنك التأكد... .
    نظر الشرطي في الجواز وقلب صفحاته وهو يقلب شفتيه إلى الداخل ويهمهم... .
    في الحقيقة قبل أن أكمل ما حصل أريد أن أسرق عنايتك أبا الجود لأقول أن كفاحاً قد احتاط في صوفيا لمسألة تعوّد عليها من خلال السفرات السابقة، ففي السنة التي سبقت سأله حرس الحدود ( الطليان) إن كان يحمل مالاً، ثم فهم بعد ذلك أنهم يريدون التأكد أن المسافر ليس شحإذا (شرق أوسطي) يأتي لكي يقيم سراً في أوروبا ويعمل بشكل غير نظامي أويطلب اللجوء... .
    وبما أن كفاحاً أخرج لهم حينها مبلغ الثمانمئة يوروالذي كان يحمله ومع ذلك فإنهم ختموا جواز سفره على مضض، وعليه فلقد قرر صاحبنا أن يتحصل على " فيزا كارد" وقرر أن يضعه بين أوراقه الشخصية، كنوع من أنواع ( الفيزا) المالية، التي تثبت ( لأبناء العالم الغني) بأنك لست شحّإذا ( شرق أوسطي)، وبالفعل جمع كفاح ما تيسر له من مال، حيث كان
    يكتب في عدة صحف ويمارس مهنة التدريس وذهب إلى مصرف قريب حيث أودع ألف دولار طالباً أن يمنح مقابله " ديبيت كارد" وليكن من نوع " فيزا" كارد...
    وبالفعل أتم كفاح مسألته خلال يومين مع المصرف وصار من أصحاب الإيداعات المصرفية وفي الحقيقة – كما يفهم القارئ- فقد كان هدف كفاح ( الخبيث) واضحاً وهو أنه عندما يعبر الحدود أن يبرزه بدلاً من أن يعد نقوده أمامهم، فيكفوا هم عن ممارسة سفالة الأغنياء مع ( شرق أوسطي) مسلم وفقير يزور جنيف كل سنة مرة ليطمئن على ( أخته) المكافحة التي تعمل في أحدى منظمات هيئة الأمم المتحدة في جنيف.

  • #2
    رد: جنيف تلحس موزتها وحدها يا أبو الجود من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأح

    سبحان الله...

    تعليق

    يعمل...
    X