Announcement

Collapse
No announcement yet.

بعدك معي من التجذيف في الظلمة هربا من البوارج الإسرائيلية - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بعدك معي من التجذيف في الظلمة هربا من البوارج الإسرائيلية - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود )
    د. محمد عبدالله الأحمد
    بعدك معي أبوالجود ؟!:

    بعد ساعتين من التجذيف في الظلمة هربا من البوارج الإسرائيلية كان عليهما الانتظار أكثر من ست ساعات حتى مرت السفينة القبرصية التي
    أنتظروها... كانت السفينة قادمة من الموانئ الفلسطينية ( إسرائيل) الأمر الذي فسر السماح لها بالإبحار. كان المبلغ الذي دفعه عبدالسلام باسكات
    قبطان السفينة الذي قال بالأنكليزية:
    - اوكي لكن عليكما القاء نفسيكما في البحر عند الوصول إلى نيقوسيا

    - اوكي... . اجاب عبد السلام... . . ثم سأل كفاح فجأة
    - هل تعرف السباحة ؟
    كان على السفينة الإبحار اكثر من عشر ساعات بااتجاه الشمال الغربي حيث
    قبرص تلك الجزيرة التي تشبه بيروت هي الأخرى لكن الله رحمها من أن تكون على حدود... . ... . ... . ... . ... إسرائيل!
    خلال الإبحار كان الرفيقان يتعرفان على بعضهما أكثر وكان كفاح يقتنع أكثر فأكثر بأن الرفيق عبدالسلام إنسان رائع.
    كفاح تحدث عن ماضيه وعن حبه لصديق السفر وروى له ما كان وكأن الله اسكت المدافع من أجل ان يدور هذا الحوار بينهما. كان الحوار دائراً في عرض المتوسط بالطبع ولكن المدافع على الضفة العربية منه كانت تهدر وتهمذر رصاصها في مختلف إلااتجاهات... . ولكن صوت عبد السلام الخافت الراوي كان مسموعاً.
    حدثه عن معرفته بالقبارصة فلقد كان مسؤولا عن مكتب الشعبية في ليماسول فترة غير قصيرة ثم مسؤولا عن مكتب الجبهة في صوفيا , هناك حيث درس الطب في جمهو رية بلغاريا الشعبية.
    كان عبد السلام مضطرا لاخبار كفاح بحقيقة مرضه:
    - يجب أن تسافر إلى صوفيا خلال ساعات أنا لا أعلم كيف تحتمل إلالم
    - بسيطة... عندما تقتنع أنه لا مناص منه
    - طيب سنفعل شيئا
    - كان كفاح يشعر بإلالم فعلا بين فترة واخرى لكنه سأل
    - كيف سأتلقى العلاج
    - لا تقلق ستسافر إلى بلغاريا من نيقوسيا
    - كيف
    - سنكلم أصدقاءنا

    توقفت السفينة قبالة شاطئ نيقوسيا ورمت البحارة المرساة على بعد من الميناء وجاء القبطان إلى عبدالسلام يقول له:
    - عليكما الانتظار قليلا ثم انزلا إلى الماء فسلطات الجمارك قد تأتي اليوم للتفتيش وليس في صالحكما البقاء وليس في صالحي انها إلان العاشرة صباحا اختارا وقت ما بعد الظهر ثم انزلا إلى الماء
    - أومأ الطبيب الفلسطيني رأسه علامة الموافقة ثم قال له باليونأنية
    - لا تخش شيئا

    نظر إليه رئيس السفينة مبتسما وأدار له ظهره ودخل إلى حجرته.
    مضت عدة ساعات على ظهر السفينة قضاها الرفيقان في الحديث والمراقبة بين الحين والأخر وقام عبد السلام ببعض العلاجات الفيزيائية
    لساق كفاح وأعطاه دواءً مسكناً للألم ... .
    في الرابعة بعد الظهر كان الرفيقان في الماء المالح مرة أخرى يسبحان بااتجاه الشاطئ وكان على القبطان ان يشير إليهما ان يقفزا في الماء من الطرف الخلفي للسفينة حتى لا يلحظهما أحد ثم يسبحان إلى الميناء... .
    أخذت سباحة المسافة منهما خمس عشرة دقيقة كان عبد السلام يسبح فيها في الخلف ويتبع كفاح الذي يجاهد وإلالم في ساقه كبير... .
    - يعني ما قتلني جيش شارون بموت غرق... . ها
    - فشر شوتعبت
    - لا... . عم أمزح
    وصل الصديقان إلى شاطئ صخري ثم امسك كفاح بصخرة كبيرة مستندا إليها محاولا الاستراحة من عناء كل شيء... .
    كانت كلمات الدكتور واضحة:
    - لا ترتح إلان لدينا ايضا الكثير من الجهد حتى نجد مكأنا آمنا... لا تدع عرقك يبرد... . . إذا وجدنا ( أناستاسيا) سنكون في مأمن
    - من ( أناستاسيا) هذه... . حب يونأني قديم ؟
    - تمام هيك!
    كان عليهما عصر ثيابهما من الماء ثم لبسها من جديد وأثناء العصر لمح عبد السلام كيسا من البلاستيك مرميا على الشاطئ فأخذه وقال:
    - كفاح ابق عاري الصدر وهات قميصك
    فهم كفاح ان صديقه يريد الظهو ر وكأنهما مصطافان اختارا السباحة في هذا المكان وكان لهما ذلك... . ... . .
    وقف الصديقان على ناصية الشارع العام ينتظران تاكسي وماهي إلا دقائق
    حتى جاءت سيارة تاكسي وصعدا إليها وكأنهما من أهل البلد
    بعد ساعة كأنا أمام عمارة في وسط المدينة , دخلاها وصعدا إلى الطابق الثأني كان الدكتور يقول متمتما:
    - اما ان تكون هنا أوان المفتاح في مكانه
    قرع الجرس وأنتظر دون ان يجيب أحد وبعد دقيقة رفع مساحة إلارجل حيث شاهد تحتها المفتاح ورفعه قائلا باللهجة الفلسطينية:
    - عيني ربها... . ما شالتهو ش من يوم ما أنا حطيتوهان

    أخذ المفتاح وفتح باب الشقة داخلا وصديقه الجريح إليها... . ... . ... . ...
    كانت شقة أناستاسيا هي المكان الذي يرتاح فيه الدكتور عبد السلام ويشعر بأنه من لحم ودم وأن هناك أما بعد أمه الغزاوية التي رحلت إلى بارئها , أما حنونا تريد له الخير وكأنه طفلها... . ... . ... . .
    كانت صورة عبد السلام هي صورة الرجل الوحيدة بين صور كثيرة جلها لنساء من عائلة انستاسيا الجدة للوالد والجدة للوالدة والأم وأخواتها الثلاث وكل هؤلاء النسوة يضعن النظارات على أنوفهن وكأنهن لا يكتفين باسم بأباديرس الذي يجمعهن كعائلة بل كان على العدسات أيضا أن تؤكد هذا الرابط العائلي. كانت صورة عبد السلام بالكلاشنكوف والبذلة العسكرية تتوسط الحائط...
    - هذه صورتي أثناء عملية لارنكا!
    - ... . ... . ... ينظر إلى رفيقه باندهاش قائلا ( أنت)
    - نعم أنا
    - لكنك تغيرت
    - ... . . سبحان من لا يتغير! بعض العمليات الجراحية كفيلة بأن يصبح
    محمد هايش عزام , عبدالسلام الحريري ويدرس الطب في بلغاريا وهكذا!... . .
    ... . ... . ... . ... صمت كفاح ونظر إلى صاحبه بتمعن
    - هيا اذهب إلى الحمام حتى اجد لك ملابس مناسبة , أتمنى ان اجد ملابس
    رجالية حتى لا تضطر للبس أحد فساتين انستاسيا!
    وقف كفاح برهة ناظرا إلى رفيقه ثم قال:
    اولا: ليس عندي غرغرينا
    ثأنيا: نحن مكلفان بعملية
    ثالثا ( بنرفزة) : من حقي أن اعرف!! !! !
    - كنت متأكدا رفيق كفاح وكل القيادة أنك شديد الذكاء
    - اخبرني ارجوك
    - كفاح العدوقوي عسكريا والطريقة الوحيدة لهزيمته ايقاظ هذا العالم الحقير الذي يشاهد كرة القدم بينما يموت اطفالنا
    - رفيق أنا لا احتاج لمن يقنعني بذلك أنا احتاج ان اشعر أني اهل ثقة!
    - سيأتي الوقت المناسب... يجب اولا ان نعالج جرحك جيدا
    ذهب كفاح ( يعرج) إلى الحمام ولكن قبل ان يدخل سأل عبد السلام:
    - دكتور أناستاسيا زوجتك وهذا بيتك صحيح

    - صحيح
    دخل كفاح إلى الحمام وفتح الماء الساخن ووقف تحت الدش شاعرا بأنها من أكثر اللحظات متعة في حياته , انه الحمام الثأني منذ عدة اشهر لابد ان رائحة جسده كانت مزعجة للاخرين ولكن من يفكر بهذا في حمام الدم الشرق اوسطي الذي اتى منه ( سباحة) قبل سويعات...
    خرج من الحمام تحت ضغط وصياح صديقه الذي قال
    - ثخنتها... يأبا شوبدك تخلص مية نيقوسيا... اطلع يأبا!
    دخل صاحبه إلى الحمام وخرج كفاح ليجد امامه فستأنا قد وضع على الكرسي المجاور وسمع الدكتور يصيح من الداخل:
    - البس الفستان ما تخافش... . مش رح اخربط فيك
    - بيطلعلكش
    - ( من داخل الحمام) شوبقيت تحكي فلسطيني يا ابن حمص العدية!
    - ... . ... . ... . . ( ضحكات)

    سمعان أبوالجود الفلسطينية عم ينكتوع الحماصنة!

    حنان أناستاسيا يا أبا الجود:

    كان حنان أناستاسيا لا يصدق ضمت زوجها وبكت كانت ترطم باليونأنية اشياء لم يكن كفاح يفهمها لكنه كان يفهم ويدرك قيمة المحبة التي تعمر قلب هذه المرأة... . كانت أناستاسيا امرأة ممتلئة قليلا وتضع نظارات على عينيها وكانت من ذاك النوع من النساء اللواتي خلقن لكي ينجبن عشرة اولاد ومع ذلك لم تكن هذه المرأة أما ابدا... .
    سألتهما عن المعركة وماالذي يحصل في لبنان سألت عن بعض إلأصدقاء
    وكانت وهي تسأل تضع ما توفر لديها من طعام على الطاولة.
    - تفضلا

    - تقدم الرجلان إلى طاولة الطعام بين التصديق وعدمه وبدأا بإلاكل بشراهة
    - افتحي الراديوأنا من فضلك
    - ال بي بي سي ؟
    - نعم
    فتحت الراديوعلى إذاعة لندن بالعربية كان كل شيء يوحي ان بيروت ستنهد على الرؤوس , رؤوس الجميع وكان ابطال المقاومة صامدين
    كان كفاح لا يزال يحس بإلالم في ساقه , كتب عبد السلام لزوجته وصفة طبية لاحضارها من الصيدلية وطلب إلى كفاح الاستلقاء على السرير
    وعندما عادت أنا مع المستحضرات المطلوبة كان كفاح على موعد مع عمل جراحي بدأ بابرة مخدر موضعي بدأ الدكتور عبد السلام بعدها بمسأعدة زوجته بالعملية الجراحية قائلا:
    - اعتقد ان شظية لا تزال موجودة في ساقه لم نكن في المشفى قادرين على تقديم العلاج الكامل... . علي اخراج الشظية


    في مساء ذلك اليوم استيقظ كفاح ليجد نفسه نائما في غرفة مجاورة وساقه ملفوفة بالشاش الأبيض , كان لا يزال يشعر بتأثير المخدر بعض الشيء وجد بقربه كأسا من الماء فشرب منه قليلا وحاول العودة إلى النوم عبثا فبدأ يستعرض شريط الأحداث في عامه المنصرم... . ... . ... . ( أهله، قلبه، رفاقه، الجرح، العدو، الأسر) لم يكن يتوقع ابدا ان يقع في اسر الجيش الإسرائيلي يوما ما وتذكر سحنة الضابط إلاشقر الذي حقق معه وعذبه , كان هذا الوجه إلاوروبي الملامح لا يغيب عن بال كفاح دون ان يجد تفسيرا لذلك!
    كانت أسرته في باله وكانت ميساء في باله أيضا كان يقول في سره (هل تفهم ميساء خروجي إلى لبنان مقاتلا ؟ )
    كانت افكاره تدور حول ما يجري في بيروت إلان وكانت إلافكار تتوزعه بين نشوة لصمود المقاتلين ونقمة على الحكام العرب... .
    في اليوم التالي استيقظ كفاح على صوت نقاش حام بالعربية في الغرفة المجاورة:
    - يا أخي خلي يموت عند كل عمارة ف بيروت عسكري إسرائيلي
    عندك عشر إلاف عمارة يا صبحي... بتنهزم إسرائيل

    - بنشوف... . بنشوف دكتور يعني هاي الأمة العربية بدها ضرب صرامي... . . يلعن أبوهم كلاب... فيش شرف عندهم ؟
    - صبحي أنا موافق انوهيك بس هادا أمر واقع والمعركة اليوم بتتكثف كلها ف معركة بيروت... . ... يعني كل الصراع هو معركة بيروت ولازم نكون كدها... . ومعنا شرفاء العالم
    - ... . ... . ... . ... . ... . ... . . ( يشتم بعنف)
    دخل كفاح مترنحا إلى غرفة الجلوس ونهض عبد السلام مسرعا لمسأعدته صائحا:
    - ليش كمت من سريرك
    - بكدرش نام اكتر
    - شوهياك بتحكي فلسطيني معاي بتبطلش ها العادة , هسع صبحي بيفكرك خلايلي وبيبطل ياخد راحتو
    - لا... لا خليه ياخد راحتو
    - عشنوعم يسب ع العرب
    - بدومسأعدة... . .
    - نسيت اعرفكوببعض الرفيق كفاح من رفاقنا في الجبهة , إلاخ صبحي
    حركة فتح
    - تشرفنا... . قال إلاثنان في وقت واحد وأكمل كفاح
    - خيوعايش مع الفلسطينية سنة بلا انقطاع وبدكش احكي فلسطيني بعدين ليش خلايلي لأني حمصي وإلاتنين بتنكتوعليهم
    - هيك شي
    - اي والله ربحنا
    دخلت أنا تحمل صينية عليها كؤوس القهو ة وهي تقول بعربية مكسرة:
    - همدالله إسلامتك
    - شكرا... الله يسلمك
    - How do you feel now ?
    - It is ok thank you
    قال عبدالسلام:
    - بدك تشوف ايش كان في رجلك ؟
    - طبعا
    قام عبدالسلام إلى غرفته واحضر له قطعة صغيرة معدنية بحجم رصاصة الكلاشنكوف واعطاه اياها قائلا

    - احمد ربك ما فاتت في العظم
    - بسيطة
    - شوف يأبا معك ثلاثة ايام لتشفى وإلا ننفذ العملية أنا وصبحي فقط
    ( صبحي معنا ومن غير أمر قيادة فتح لازم تعرف) !!
    - أنا مستعد تحت اي ظرف
    - لا لازم تكون معافى الحكاية مش سهلة
    - ماشي ماشي ايش العملية
    - خطف طيارة
    - إسرائيلية
    - يا ليت بس رح تكون اميركية هالمرة
    - نفس الشي
    - طبعا نفس الشي
    - تفاصيل
    - مافيش اي تفاصيل

    ( أبوالجود يقول مظفر النواب: سأبحث في فم طفلي عن سن تجرح من
    أجل قضية) !
Working...
X