Announcement

Collapse
No announcement yet.

الوالد هو المدرسة يا أبا الجود - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الوالد هو المدرسة يا أبا الجود - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود )
    د. محمد عبدالله الأحمد
    الوالد هو المدرسة يا أبا الجود!
    نتابع يا أبا الجود!

    في أحد مساءات شهر أيار من هذا العام الذي تنقل فيه كفاح بين لبنان وسورية كان زميله علي يتنقل بالموتور هو أيضا بين البلدين ولكنه كان عندها قد أصبح مهرباً متمرساً وذا قلب حديدي انقذ نفسه عدة مرات من دوريات الجمارك بألعابه البهلوأنية على الموتور حتى صارت قصصه تروى دون أن يعرف اسمه الحقيقي في قرى الحدود.


    أما كفاح فقد عاد ادراجه مثلما جاء، وحين وصل إلى مواقع الجبهة وكان هناك مسؤول كبير في الموقع ينفذ قرارًا بأنتقال عدد كبير من عناصر الجبهة إلى الجنوب اللبناني , كان هذا القائد هو أبوعلي مصطفى شخصيًا كانت هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها كفاح معه وجها لوجه ولقد كانت للرجل علامات القائد الكبير من حكمة وحزم وتواضع... كانت الأوامر واضحة وهي التموضع في الموقعة 52 التابعة للجبهة وتوقع المعركة في اي وقت... . .
    بعد تحضير الجماعة التي ستنتقل للجنوب قام أبوعلي مصطفي بدعوة الجميع للقاء سياسي حيث تحدث اكثر من ساعة بالمقاتلين وكان اللقاء مفيدا وتبعه حوار اكثر فائدة... . كانت رائحة البارود في إلافق.
    كان شهر حزيران يحمل معه ذكريات أليمة للكبار وحزنا دفينا للاصغر عمرا لقد كان حزيران ظالما مثل قيظه وهاهو يدخل مرة جديدة حارا كالمعتاد وإلاخبار تشير إلى ان مناحم بيغين قد جمع اكثر من مئة الف جندي على حدود فلسطين الشمالية بقيادة آرييل شارون...
    استلم المقاتلون مواقعهم اما كفاح فلقد كان له دور خاص كان عليه القيام بمهام استطلاعية لصالح الجبهة وذلك بأن يصبح سائق تاكسي في صيدا وبين اندهاشه وذهو له عندما استلم التعليمات وجد نفسه في سيارة مرسيدس 180س ومعه بطاقة لبنانية باسم خليل مهدي زيعور ومسدس كان عليه ان يخفيه تحت مقعد السائق... . ... وينطلق.
    لماذا اختاروني أنا ؟ هل تكفي تلك النكات التي كنت اطلقها باللهجات اللبنانية المختلفة , طرابلسية وجنوبية وبيروتية ؟ هكذا كان يتساءل كفاح في سره وينطلق بسيارته القديمة محاولا التعرف على صيدا المدينة البحرية الصغيرة... . . كان يحن لرائحة الكلاشن ولوجه ميساء...
    كان صوت المذيع الساحر انطوان بارود من راديومونتي كارلويصلح لإذاعة روايات مشاهير الأدب العالمي وكان كفاح يكاد يعتقد حين يسمعه ان هذا الأمر الذي يذاع هو جزء من رواية بوليسية يرويها انطوان بارود وتتولى إلإذاعة الفرنسية الموجهة وضع الموسيقى المرافقة للامتاع... . .

    كانت غارات الطائرات على لبنان ومشاهد القتلى والجرحى تكذب الراديوالفرنسي الجميل... لم تكن قصصاً... . ... . انها الحرب.

    كانت اسئلة كفاح لقيادته عن طبيعة المهمة الموكلة إليه والهدف الواجب رصده كثيرة وكانت إلاجأبات بسيطة ومحددة ( لدينا معلومات عن اشخاص يقومون بالتجسس وارشاد الجيش الإسرائيلي عن مواقع المقاومة وهم ليسوا من الجنوب , المطلوب إلارشاد عن اي شخص غير جنوبي اوجماعة يشك بأمرها وخصوصا إذا كانوا يحملون حقائب متوسطة الحجم فالجواسيس يستخدمون اللاسلكي البعيد المدى وهو جهازيوضع في حقيبة عادية اكبر من حجم الشنطة الديبلوماسية بقليل...
    تلقى كفاح معلومة باللاسلكي من قائده المباشر عن وجود ثلاثة عناصر في جنوب صيدا المطلوب تحديد البناية التي يعملون منها فحصر كفاح عمله في جنوب المدينة وفكر بان هؤلاء لابد انهم استأجروا بيتا اوشقة في عمارة... وبقي يدور في إلاحياء المجاورة حتى خطر له ان يسأل مكاتب السماسرة عن شقة للايجار فقد يستدل على شيء من الحوار وبالفعل كان الحظ حليفه فبعد عدة سماسرة لم يكونوا على علم بشيء قرر الموافقة على عرض لشرب الشاي من أحد السماسرة وكان يسأله عن شقة وبرغم ان دعوة الشاي كانت تشبه اللازمة المعبرة عن كرم صيداوي وأنك لست مجبرا لتلبيتها إلا ان كفاح بادر قائلا لأبي مسعود بلهجة جنوبية:
    - بديش خجلك صب شاي
    - ع راسي... . لك محميد صب شاي للعينتين
    وجلس كفاح على كرسي من القش قائلا:
    - اليوم شوب كتير
    - 39 الحرارة... . قال محدثه
    وصل كأس الشاي بسرعة محمولا على صينية صغيرة فتناول ( خليل) الكأس ورشف منه رشفة ثم قال:
    - شويا عم بدي شقة... دبرنا
    - شوف يا أبوالحبايب لوجيت من يومين راحت شقة ببناية عثمان هون ع طرف الشارع , استأجروها تلاتي من بيروت!
    - وين بالله وين
    - ( بعفوية) هون ع بعد مية متر بناية عثمان ع آخر طابق


    اطرق خليل ( كفاح) قليلا ثم اكمل شايه على عجل شاكرا الرجل وركب سيارته مقلعا إلى الموقع , هناك كان رئيسه ينتظر اية معلومة ويستمع إلى نشرة إلاخبار. كانت كلمات كفاح كافية لجعله يجري عدة اتصإلات منها اتصال بالناصريين من جماعة معروف سعد الذين جاؤوا بالخبر اليقين عن هؤلاء الثلاثة حيث تبين انهم هم المطلوبون فعلاً... .
    في نفس اليوم ليلا كانت حركة معروف سعد قد تمكنت من افراغ البناية من سكانها سرا وفي الساعة العاشرة ليلا كان الحي كله على موعد مع حرب عنيفة استمرت ساعة ونصف... . كانت البداية مع صوت خرج من الميكروفون اليدوي يقول:
    - سكان الشقة 12 في الطابق الأخير معكم خمس دقائق للخروج من الشقة رافعي إلايدي... وكرر الرفيق علي حمادة ما قاله ثلاث مرات وبالأنكليزية بعد دقيقة كان واضحا ان سكان الشقة يريدونها حربا حيث بدؤوا بإطلاق النار الكثيف عشوائيا , لكن المجموعة المهاجمة كانت قد اتخذت مواقع ممتازة وكان عليها ان تستفز الهدف ليطق ما لديه من ذخائر ثم يبدأ الهجوم كان على صديقنا كفاح ان يحمل إلار بي جي ويوجهه إلى الهدف منتظرا امر النار وبعد حوالي ثلث ساعة من بدء إلاقتحام اومئ إليه بقصف الهدف فاطلق القذيفة الأولى , ثم تناول القاذف الثأني المجهز من الأرض واطلق قذيفة ثانية كانت كافية لاسكات الهدف , اقتحمت بعدها المجموعة الطابق الأخير من البناية حيث الهدف ووجدوا ثلاثة اشخاص كان اثنان منهم مقتولين والثالث جريح... . .
    صادر المقتحمون جهاز اللاسلكي وبعض الاسلحة والمال... كان واضحا ان الإسرائيليين قد عرفوا بكشف جماعتهم وما كان من قائد المجموعة المقتحمة إلا ان يمسك بسماعة اللاسلكي ليقول لهم:
    - مع تحيات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
    -... . ... . ... . ... . ... . ... . ... . ... . ... . . ( شتيمة)
Working...
X