هل نحن جادُّون في منع التدخين ...؟!
سلمان إسماعيل
أربعة مواقف من الإتحاد السوفياتيِّ السّابق:
في بدية الثمانينيات كنت في موسكو ، و كنت أعرف أنَّ التدخين محاصرٌ بل محرمٌ، في الأماكن العامة. وفي الإتحاد السوفياتيِّ السابق كان مثل هذا القرار مقدساً .1-في السيارة العموميّة الصغيرة ، يسأل مدخنٌ مدمنٌ السائق : موجنا كوريت ؟ بالروسية ( ممكنٌ التدخين ! بالعربية )، فيتلقى الزبون جواباً إما بالنفي ( ني موجنا = غير ممكن ) أو ( موجنا = ممكن) ، وهو قرار ممنوح للسائق بالنظر أنَّ معظم وقته بالسَّيارة ، إنها بيتُه تقريباً !.
2-في المستشفى ، وبطبيعة الحال لابدَّ أن يكون ثَمَّ مدخنون، وحاجة التدخين تلح عليهم بحكم العادة ، لاغرابة أن ينبِّه زميلٌ زميله المدخن مثله بعبارة ، وحتى لو في منتصف الليل ( باشلي كوريت أي هيّا ندخن بالعربية ) ولكن أين ، التدخين في هذا المرفق الصحّي العام ، مسموح في صالة مجمَّع الحمامات ( w.c ) فقط .
3-كتبت في المدار (العربية) التي تصدر عن ( نوفوستي) مقالة عن إنطباعاتٍ حصلتها في أثناء إقامتي في موسكو ، فأحب مدير الوكالة العريقة آنئذٍ أن يلتقيني ، وعندما اهتزت أريحيته ، أراد أن يكرِّمني في مكتبه ، لاحظت أنه يفكر في شيء لم أكن أستطيع أن أخمنه،ولكنّه قطع عليَّ التوقع ، عندما أخرج من جيب سترته الداخلية علبة السجائر ، وألقاها بقوةٍ على الطاولة ، وقال : ( كوريتي تفاريشي ) هذه الجملة القصيرة الآمرة التي تعني: دخّنوا يارفاق . وكان الرفاق ثلاثة : أنا الضيفُ ، ومترجمي السوري ، ومرافقي السوفييتي ، أنا لا أدخن ، والإثنان الآخران لايريدان خرق القانون ، وحده رئيس التحرير في الوكالة الآنفة الذكر أباح لنفسه أن يدخن ، ولقد فهمت أنَّ فيما قام به ذروة التكريم، بارك الله به .. وأنا الآن لاأعلم شيئاً عن مصيره وموقعهِ .
4-استضافني صديق يعمل في السفارة السورية يومها وهو من مدينة السويداء الغالية ، وبالغ في تنويع مائدة الغذاء ، وكانت المائدة في المطبخ ، ولأنه مدخن مدمنٌ ، وضع الحاوية الصغيرة لمخلفات التدخين أمامي ، وأخرج لفافةٌ وأوشك أن يشعلها ، وكانت زوجته الروسية تراقب ، ولما رأت أنني لم أبدِ حركة تنم عن رغبة التدخين ، أشارت إليه أن يتحرك بإتجاه سلم الشقة ( درج البيت) حيث المكان المسموح فيه للمدخنين ..
هذه أربعة ، مواقف من هناك ، فكيف سيكون الوضع هنا.
تمنياتنا أن نكون جادين ، ولن يكون الذين يتحسسّون خطر التدخين على أنفسهم وعلى أبنائهم ضد التشّد د في متابعة تنفيذ هذا القرار الحضاري ...
إستدراك :
في أحد مشافي القلب تحايل مريض من العالم الثالث وهو الممنوع مرتين من التدخين :
الأولى لأنه في المشفى ، والثانية لأنه مريض قلب ، واستطاع أن يمارس التدخين بشراء ضمير ممرضة ضعيفة ( اسمها ايرينا ) اختصاراً تنادى بِإيِرا بالروسية . ُينقدها روبلاً فتغلق الباب فيدخنان معاً . نخشى أن يظهر معادل لإيرا الروسية من بين المؤتمنين على مراقبة تنفيذ قانون التدخين عندنا لاسمح الله ...؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق