مع اليهودية أتخذ التوحيد منحى جديدا"، فالله هنا هو الواحد الخالق الذي يقيم عهدا"شخصيا" مع الإنسانطالبا" منه التسليم التام به والعمل بوصاياه لأنها الخير المطلق
وهنا يجب الإشارة إلى أن كلامنا سيدور على اليهودية كدين قائم في ذاته لا كما فسرتها المسيحيةلذلك سنعتمد النصوص اليهودية المقدسة من دون أن ننظر إليها كما لو كانت العهد القديم الذي يعتبره المسيحيون مدخلا" للعهد الجديدوسنشير إليها أحيانا" بالكتاب المقدس أو التوراة علما" أن التوراة تشكل الكتب الخمسة الأولى من النصوص اليهودية المقدسة وهذه النصوص مؤلفة من أسفار نا موسية ونبوية وحكمية وتاريخية
وربما كان الفرق الرئيسي بين نظرة اليهود إلى نصوصهم المقدسة ونظرة المسيحيين راجعا"إلى إرتباط يهودية اليهود بعرق معين على رغم إحتواء نصوصهم المقدسة عناصر الدين الشمولي في حين أن المسيحية دين غير مرتبط بأي عرق
اليهود ساميون نشأواعند الحدودالشمالية للصحراء العربية وعاشوا حياة البدو الرحل طوال قرون على غرار عدد من القبائل الأخرى وقبل أن يصلوا إلى التوحيد ألهوا قوى الطبيعة في عالمهم الصحراوي خصوصا"تلك التي تظهر على ققم الجبال
وفي الواحات فالينابيع والسواقي والأشجار مليئة بالأرواح الخيرة وهناك أرواح شريرة ومنها العواصف الرملية العاتية ومن وحوش الغاب
وكانت الأفعى موضع تقديس وظن العبرانيون أنها مليئة بالأرواح النارية التي سموها {السيرافيم }أي الكائنات المشتعلة
وأطلقوا عبارة{ إيل} الشائعة بين الشعوب السامية وجمعها إيليم أو إيلوهيم على كل الأرواح التي تتمتع بقدرة تفوق قدرة البشر
ومن أسماء الآلهة عند الساميين {أدونيس} ومعناه الرب و{ملك} الذي يعني الملك و{رب} ويعني السيدوهذا يشير إلى أن الساميين نظروا إلى أن علاقتهم مع الآلهة كعلاقة شخصية فالإله هو السيد أو الرب وهم العبيد أو الخدام وهو الملك وهم الرعية وربما كان للصحراء أثر إلغاء الطبيعة من المشهد وإيقاف الإنسان في وضع مباشر مع الله
وكانت القبيلة تختار آلهتها وتقيم عهدا" معها ملزما" للطرفين ومنذ البداية كان للعبرانيين حس بهذا الإختيار يتجلى في حال إبراهيم الذي عاش نحو 1900 قبل الميلادفي أور الكلدانية قبل إنتقال قبيلته إلى حاران على الفرات أيضا
وهناك تبنى إبراهيم الإله المحلي الذي يدعى { إيلي شداي}أي إله جبل شداي
وكان في نظره يفوق الأرواح التي آمن بها قومه ومثلوها بالتيرافيم وهي تما ثيل كانت العائلات يحتفظون بها لإستخدامها بالعبادة
ولم تطل إقامة إبراهيم في حاران بل قاد قبيلته البدوية جنوبا"بناءا" على نصيحه إيلي شداي سعيا" إلى مراع أكثر خضرة وأمنا" هي أرض كنعان
وفي نفس الوقت كان هناك جماعة أخرى دعاها المصريون الهكسوس تنزح إلى مصر في إتجاه النيل وتذهب التقاليد في وصف إبراهيم بالخليل إي حبيب الله لأنه وضع إيمانه وثقته في وعد الله وبعد وفاة إبراهيم أنتقلت زعامة القبيلة لإبنه إسحق ثم إلى حفيده يعقوب
وكان إن حلت المجاعة في كنعان فنزح أحفاد إبراهيم إلى مصر بلد زوجته {سارة} هناك لقوا معاملة حسنة من الهكسوس الذين حكموا مصر بين 1750 -1580 قبل الميلاد
واعتبروهم حلفاء وسارت الأمور حسنا" إلى أن ثار المصريون على الهكسوس وطردوهم من أرضهم واستعادوا السيطرة على شرق المتوسط
ولم يشمل الطرد الإسرائيليين بل ظلوا على حالهم نحو 150 سنة
إلى أن اعتلى مصر {رعمسيس الثاني} هذا وضع لنفسه أهدافا" عمرانية جبارة يحتاج تنفيذها لقوة بشرية هائلة وأدار الفرعون نظره للحدود الشمالية الشرقية وسخر الإسرائيليين في تلك الأعمال
وهكذا صاروا عبيدا" للمصريين الذين بدا تفوقهم واضح دليلا" على تفوق آلهتهم ورأى الإسرائيلون أن لا شيء ينقذهم من تلك العبودية سوى كارثة تحل بمصر أو ظهور قائد بينهم ينقذهم من محنتهم
وهنا يأتي دور موسى
قصة موسى نقرؤها في التوراة في سفري الخروج والعدد
وقد ولد لرجل {لاوي} في وقت أمر الفرعون بإهلاك كل صبي يولد للعبرانيين لكن ابنة الفرعون أنقذته من القتل وسمحت لأمه بتربيته ولما كبر أخذته الأميرة وسمته موسى أي المرفوع
لأنها رفعته من الماء حيث خبأته أمه وعندما شب رأى رجلا" مصريا" يضرب إسرائيليا" فانقض عليه وقتله
وعلى الفور هرب موسى شرقا" وراء البحر الأحمر إلى أرض الميديانيين حيث أنضم إلى عائلة كاهن وتزوج ابنته وبينما هو يرعى قطيع عمه ذات يوم أتجه نحو الجهة الغربية من الصحراء حتى وصل إلى جبل {حوريب} الذي يظن أنه في شبه جزيرة سيناء وراح يتأمل في محنة شعبه في مصر وما إذ كان هناك إله يستطيع التغلب على إله فرعون ومرة رأى عليقة على الجبل تشتعل من غير أن تحترق وناداه الله من العليقة باسمه وقال له أنه رأى محنة شعبه وأنينه تحت سياط جلاديه وقررنقله من تلك البلاد إلى أرض من اللبن والعسل هي أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين
وقال لموسى إنه سيرسله لمصر في هذه الغاية
وسأل الله عن اسمه ليبرر لقومه عن نفسه ويخبرهم عمن أرسله فأجاب الله : أنا الكائن وهذا معنى عبارة يهوه
وحصل الخروج من مصر في وقت حلت الكارثة هناك من الشمال إلى الغرب على إثر غزو القبائل البربرية من ليبيا وازدياد القراصنة في النيل الذي راحوا يعيثون فسادا" على ضفتيه
ولئن كان أنشغال المصريين بهذه الأمور من العوامل التي سهلت خروج الإسرائيليين
إلا أن زعامة موسى كان لهاالأثر الأكبر وهي تجلت فيما حصل على سفح جبل حوريب المقدس بعد عبور البحر الأحمر فقد صعد موسى إلى الجبل وطلب من يهوه أن يحدد الشروط التي يطلبها ثمنا" لحماية بني إسرائيل
وكانت تلك الشروط الوصايا العشر التي عاد بها موسى مكتوبة على لوح من الحجر فيما احتوى لوح آخر على قوانين مفصلة تحدد أصول الحياة اليومية والمعاملات بين الناس وما لايجوز أكله وتعهد يهوه أن يحمي العبرانيين إذا هم خدموه للأبد والوصايا العشر في صيغة لاحقة هي:
لا يكن لك آلهة أخرى أمامي لا تصنع لك تمثالا" منحوتا" ولا صورة
لا تسجد لهن ولا تعبدهن
لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا"
أذكر يوم السبت لتقدسه لأنه في 6 أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر واستراح في اليوم السابع \السبت \
أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك أياها الرب إلهك
لا تقتل
لا تزني
لا تسرق
لا تشهد على قريبك شهادة زور لا تشته بيت قريبك ولا شيئا" مما لقريبك
خروج\20:2-17|
ومرة صعد موسى إلى الجبل حيث أمضى أربعين يوما"في حوار مع الله ,وإذ وجد قومه ذلك الوقت طويلا" طلبوا من هارون أخو موسى الذي كان قائدهم في مصر أن يصنع لهم عجلا" ذهبيا" من حليهم ولما عاد موسى وجدهم يعبدون العجل ويرقصون له فأغتاظ موسى وكسر لوح الوصايا العشر بحجة أن شعبه لا يستحق ذلك العهد مع الله وحطم التمثال وأحرقه حتى استحال رمادا" وأرغمهم على شربه بعد إذابته بالماء ووقف يوبخهم على نكث العهد مع الله وببر هارون فعلته بقوله أن الناس حملوه على ما فعل وهذا النوع من الإنحراف نراه كثيرا" في تاريخ العبرانيين اللاحق
وصعد من جديد موسى للجبل معتذرا" أمام يهوه ولما عاد إلى السفح وعد شعبه بعد ما أعاد له الثقة بإلهه أن يقوده إلى أرض كنعان {أرض الميعاد}
وكان اليهود بدوا"لا يملكون أرضا" لكنهم تذكروا أن إبراهيم عاش يوما" على تخوم كنعان وراقهم ذلك الوعد
وعندما أطلقوا أعنة الرحيل واجهتهم مشكلة جديدة أين ممكن أن يخاطبهم الله إن إبتعدوا عن الجبل
وكان الجواب تأمين مكان يجتمع فيه الله مع شعبه وهو خيمة إجتماع صار يحملها العبرانيون أينما يرحلوا وهي أساس المجمع
الذي نشأ لاحقا"ووسط الصمت داخل الخيمة كان موسى يصغي إلى يهوه وهو يكلمه وهو لذلك سمي { كليم الله}
وقصر استعمال الخيمة على تلك الغاية المقدسة ولم يكن ينصبها سوى قوم من اللاويين الذين أتى الكهنة منهم
ومع الوقت تكونت الطقوص لدى العبرانيين وقبل خروجهم من مصر بدؤوا يكرسون يوم السبت من كل اسبوع على اسم الرب ثم وجدوا فيه رمزا" لليوم الذي فيه استراح الله من أعماله في خلق العالم
وتبنوا عيد الفصح السنوي المعروف عند الساميين وعدلوه ليرمز إلى فرارهم من العبودية في مصر وكان يجري ليلة إكتمال بدر الربيع فتأكل كل عائلة خروف من الغروب حتى الفجر وتمسح بدمه مداخل الخيمه أو المنزل ومن طقوسهم القديمة الإحتفال بظهور القمر وجز الغنم وختان الذكور
وبعد أربعين سنة في القفر شعرالعبرانيون الذين خرجوا من مصر بالقوة الكافية لغزو كنعان
ونقرأ قصة الغزو الدامي في سفري يشوع والقضاة في الكتاب المقدس حيث صور يهوه كإله حرب أجاز قتل الكنعانيين من غير شفقة وكان موسى قد مات في تلك الأحداث فخلفه يشوع الذي قاد المحاربين عبرنهر الأردن وكانت معركة أريحا أقسى المعارك والواقع أن غزو تلك البلاد قد استغرق طويلا" ولم يكن بالأمر السهل
فالكنعانيون كانوا قد أقاموا جدرانا" قوية مرتفعة حول مدنهم وقراهم وكانوا يملكون اسلحة وعربات ليس لبني إسرائيل مثلها
وقاومت أور شليم وباقي المدن المجاورة التي تقوم على تلة مرتفعة يسكنها اليبوسيون
غزو العبرانيون دام قرنين وكان الفلسطينيون يبدون مقاومة شرسة مريرة
وانتحر الملك شاول حين هزموه على جبل جلباع لكن خلفه داؤود قضى على شوكتهم ثم استولى على مدينة أور شليم وجعلها عاصمة له وصمم بناء هيكل يوضع فيه تابوت العهد الذي يحمل الوصايا إلا أن داؤود لم يعمر كي ينفذ خطتة فأكملها ابنه سليمان
خلال ذلك كله عرف دين يهوه تبدلات عدة منها ما كان مرتبطا" بالإنتقال من حياة البداوة إلى الحياة الزراعية والمدنية
فقد وجد العبرانيون أنفسهم وسط قوم ذوي حضارة عريقة من مظاهرها الدين الراقي وتعلموا منها الكثير
والكنعانيون من مؤلهي الطبيعة وهذا ليس غريبا" في بيئة زراعية وقد أطلقوا اسم البعل على الإله ومعناه مالك الأرض وكانت كل أرض مدينة بخصوبتها لبعل نظر إليه كسيد إقطاعي ضمن تخومه وكممثل لإله سماوي
كما نظر لدورة النبات كتجسيد لولادة البعل نفسه وحياته وموته وإنبعاثه
وفي تذكار موته كان الناس ينوحون وفي مولده أو إنبعاثه يبتحجون ويحتفلون
وقد بنت كل بلدة معبدا" للبعل الخاص بها وفي المعابد كانوا يقدمون الثمار وأو الحيوانات ثم يأكلون معا" من تلك التقدمات
فتتشدد الروابط بين الرب وعبيده وخاصته
ومن أهم الآلهة عشتروت{ عشتار} عند البابليين وهي آلهة الخصب و{ عشيرة }البعل الدائمة العذرية وكان دورها يبرز في الأعياد
وقد تبنى العبرانيون ولا سيما أهل الشمال المخصب إي قبائل إسرائيل العشر تلك الآلهة وإن لم يهجروا يهوه فيما ظل أهل مقاطعة اليهود ية الصخرية وجلهم رعاة اقل إنحرافا" عن ديانة يهوه ومع الوقت ظهرت الفكرة القائلة أن يهوه هو إله الأرض أيضا" وإنه في الكل وفوق الكل
وظهر الأنبياء ليقاموا الإنحراف عن خط يهوه القويم
ولئن تميزت مرحلة موسى على الصعيد الديني بإكتشاف الإله الواحد فقد تميزت مرحلة الأنبياء بالعودة للإله الواحد
****************وللحديث بقية
وهنا يجب الإشارة إلى أن كلامنا سيدور على اليهودية كدين قائم في ذاته لا كما فسرتها المسيحيةلذلك سنعتمد النصوص اليهودية المقدسة من دون أن ننظر إليها كما لو كانت العهد القديم الذي يعتبره المسيحيون مدخلا" للعهد الجديدوسنشير إليها أحيانا" بالكتاب المقدس أو التوراة علما" أن التوراة تشكل الكتب الخمسة الأولى من النصوص اليهودية المقدسة وهذه النصوص مؤلفة من أسفار نا موسية ونبوية وحكمية وتاريخية
وربما كان الفرق الرئيسي بين نظرة اليهود إلى نصوصهم المقدسة ونظرة المسيحيين راجعا"إلى إرتباط يهودية اليهود بعرق معين على رغم إحتواء نصوصهم المقدسة عناصر الدين الشمولي في حين أن المسيحية دين غير مرتبط بأي عرق
اليهود ساميون نشأواعند الحدودالشمالية للصحراء العربية وعاشوا حياة البدو الرحل طوال قرون على غرار عدد من القبائل الأخرى وقبل أن يصلوا إلى التوحيد ألهوا قوى الطبيعة في عالمهم الصحراوي خصوصا"تلك التي تظهر على ققم الجبال
وفي الواحات فالينابيع والسواقي والأشجار مليئة بالأرواح الخيرة وهناك أرواح شريرة ومنها العواصف الرملية العاتية ومن وحوش الغاب
وكانت الأفعى موضع تقديس وظن العبرانيون أنها مليئة بالأرواح النارية التي سموها {السيرافيم }أي الكائنات المشتعلة
وأطلقوا عبارة{ إيل} الشائعة بين الشعوب السامية وجمعها إيليم أو إيلوهيم على كل الأرواح التي تتمتع بقدرة تفوق قدرة البشر
ومن أسماء الآلهة عند الساميين {أدونيس} ومعناه الرب و{ملك} الذي يعني الملك و{رب} ويعني السيدوهذا يشير إلى أن الساميين نظروا إلى أن علاقتهم مع الآلهة كعلاقة شخصية فالإله هو السيد أو الرب وهم العبيد أو الخدام وهو الملك وهم الرعية وربما كان للصحراء أثر إلغاء الطبيعة من المشهد وإيقاف الإنسان في وضع مباشر مع الله
وكانت القبيلة تختار آلهتها وتقيم عهدا" معها ملزما" للطرفين ومنذ البداية كان للعبرانيين حس بهذا الإختيار يتجلى في حال إبراهيم الذي عاش نحو 1900 قبل الميلادفي أور الكلدانية قبل إنتقال قبيلته إلى حاران على الفرات أيضا
وهناك تبنى إبراهيم الإله المحلي الذي يدعى { إيلي شداي}أي إله جبل شداي
وكان في نظره يفوق الأرواح التي آمن بها قومه ومثلوها بالتيرافيم وهي تما ثيل كانت العائلات يحتفظون بها لإستخدامها بالعبادة
ولم تطل إقامة إبراهيم في حاران بل قاد قبيلته البدوية جنوبا"بناءا" على نصيحه إيلي شداي سعيا" إلى مراع أكثر خضرة وأمنا" هي أرض كنعان
وفي نفس الوقت كان هناك جماعة أخرى دعاها المصريون الهكسوس تنزح إلى مصر في إتجاه النيل وتذهب التقاليد في وصف إبراهيم بالخليل إي حبيب الله لأنه وضع إيمانه وثقته في وعد الله وبعد وفاة إبراهيم أنتقلت زعامة القبيلة لإبنه إسحق ثم إلى حفيده يعقوب
وكان إن حلت المجاعة في كنعان فنزح أحفاد إبراهيم إلى مصر بلد زوجته {سارة} هناك لقوا معاملة حسنة من الهكسوس الذين حكموا مصر بين 1750 -1580 قبل الميلاد
واعتبروهم حلفاء وسارت الأمور حسنا" إلى أن ثار المصريون على الهكسوس وطردوهم من أرضهم واستعادوا السيطرة على شرق المتوسط
ولم يشمل الطرد الإسرائيليين بل ظلوا على حالهم نحو 150 سنة
إلى أن اعتلى مصر {رعمسيس الثاني} هذا وضع لنفسه أهدافا" عمرانية جبارة يحتاج تنفيذها لقوة بشرية هائلة وأدار الفرعون نظره للحدود الشمالية الشرقية وسخر الإسرائيليين في تلك الأعمال
وهكذا صاروا عبيدا" للمصريين الذين بدا تفوقهم واضح دليلا" على تفوق آلهتهم ورأى الإسرائيلون أن لا شيء ينقذهم من تلك العبودية سوى كارثة تحل بمصر أو ظهور قائد بينهم ينقذهم من محنتهم
وهنا يأتي دور موسى
قصة موسى نقرؤها في التوراة في سفري الخروج والعدد
وقد ولد لرجل {لاوي} في وقت أمر الفرعون بإهلاك كل صبي يولد للعبرانيين لكن ابنة الفرعون أنقذته من القتل وسمحت لأمه بتربيته ولما كبر أخذته الأميرة وسمته موسى أي المرفوع
لأنها رفعته من الماء حيث خبأته أمه وعندما شب رأى رجلا" مصريا" يضرب إسرائيليا" فانقض عليه وقتله
وعلى الفور هرب موسى شرقا" وراء البحر الأحمر إلى أرض الميديانيين حيث أنضم إلى عائلة كاهن وتزوج ابنته وبينما هو يرعى قطيع عمه ذات يوم أتجه نحو الجهة الغربية من الصحراء حتى وصل إلى جبل {حوريب} الذي يظن أنه في شبه جزيرة سيناء وراح يتأمل في محنة شعبه في مصر وما إذ كان هناك إله يستطيع التغلب على إله فرعون ومرة رأى عليقة على الجبل تشتعل من غير أن تحترق وناداه الله من العليقة باسمه وقال له أنه رأى محنة شعبه وأنينه تحت سياط جلاديه وقررنقله من تلك البلاد إلى أرض من اللبن والعسل هي أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين
وقال لموسى إنه سيرسله لمصر في هذه الغاية
وسأل الله عن اسمه ليبرر لقومه عن نفسه ويخبرهم عمن أرسله فأجاب الله : أنا الكائن وهذا معنى عبارة يهوه
وحصل الخروج من مصر في وقت حلت الكارثة هناك من الشمال إلى الغرب على إثر غزو القبائل البربرية من ليبيا وازدياد القراصنة في النيل الذي راحوا يعيثون فسادا" على ضفتيه
ولئن كان أنشغال المصريين بهذه الأمور من العوامل التي سهلت خروج الإسرائيليين
إلا أن زعامة موسى كان لهاالأثر الأكبر وهي تجلت فيما حصل على سفح جبل حوريب المقدس بعد عبور البحر الأحمر فقد صعد موسى إلى الجبل وطلب من يهوه أن يحدد الشروط التي يطلبها ثمنا" لحماية بني إسرائيل
وكانت تلك الشروط الوصايا العشر التي عاد بها موسى مكتوبة على لوح من الحجر فيما احتوى لوح آخر على قوانين مفصلة تحدد أصول الحياة اليومية والمعاملات بين الناس وما لايجوز أكله وتعهد يهوه أن يحمي العبرانيين إذا هم خدموه للأبد والوصايا العشر في صيغة لاحقة هي:
لا يكن لك آلهة أخرى أمامي لا تصنع لك تمثالا" منحوتا" ولا صورة
لا تسجد لهن ولا تعبدهن
لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا"
أذكر يوم السبت لتقدسه لأنه في 6 أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر واستراح في اليوم السابع \السبت \
أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك أياها الرب إلهك
لا تقتل
لا تزني
لا تسرق
لا تشهد على قريبك شهادة زور لا تشته بيت قريبك ولا شيئا" مما لقريبك
خروج\20:2-17|
ومرة صعد موسى إلى الجبل حيث أمضى أربعين يوما"في حوار مع الله ,وإذ وجد قومه ذلك الوقت طويلا" طلبوا من هارون أخو موسى الذي كان قائدهم في مصر أن يصنع لهم عجلا" ذهبيا" من حليهم ولما عاد موسى وجدهم يعبدون العجل ويرقصون له فأغتاظ موسى وكسر لوح الوصايا العشر بحجة أن شعبه لا يستحق ذلك العهد مع الله وحطم التمثال وأحرقه حتى استحال رمادا" وأرغمهم على شربه بعد إذابته بالماء ووقف يوبخهم على نكث العهد مع الله وببر هارون فعلته بقوله أن الناس حملوه على ما فعل وهذا النوع من الإنحراف نراه كثيرا" في تاريخ العبرانيين اللاحق
وصعد من جديد موسى للجبل معتذرا" أمام يهوه ولما عاد إلى السفح وعد شعبه بعد ما أعاد له الثقة بإلهه أن يقوده إلى أرض كنعان {أرض الميعاد}
وكان اليهود بدوا"لا يملكون أرضا" لكنهم تذكروا أن إبراهيم عاش يوما" على تخوم كنعان وراقهم ذلك الوعد
وعندما أطلقوا أعنة الرحيل واجهتهم مشكلة جديدة أين ممكن أن يخاطبهم الله إن إبتعدوا عن الجبل
وكان الجواب تأمين مكان يجتمع فيه الله مع شعبه وهو خيمة إجتماع صار يحملها العبرانيون أينما يرحلوا وهي أساس المجمع
الذي نشأ لاحقا"ووسط الصمت داخل الخيمة كان موسى يصغي إلى يهوه وهو يكلمه وهو لذلك سمي { كليم الله}
وقصر استعمال الخيمة على تلك الغاية المقدسة ولم يكن ينصبها سوى قوم من اللاويين الذين أتى الكهنة منهم
ومع الوقت تكونت الطقوص لدى العبرانيين وقبل خروجهم من مصر بدؤوا يكرسون يوم السبت من كل اسبوع على اسم الرب ثم وجدوا فيه رمزا" لليوم الذي فيه استراح الله من أعماله في خلق العالم
وتبنوا عيد الفصح السنوي المعروف عند الساميين وعدلوه ليرمز إلى فرارهم من العبودية في مصر وكان يجري ليلة إكتمال بدر الربيع فتأكل كل عائلة خروف من الغروب حتى الفجر وتمسح بدمه مداخل الخيمه أو المنزل ومن طقوسهم القديمة الإحتفال بظهور القمر وجز الغنم وختان الذكور
وبعد أربعين سنة في القفر شعرالعبرانيون الذين خرجوا من مصر بالقوة الكافية لغزو كنعان
ونقرأ قصة الغزو الدامي في سفري يشوع والقضاة في الكتاب المقدس حيث صور يهوه كإله حرب أجاز قتل الكنعانيين من غير شفقة وكان موسى قد مات في تلك الأحداث فخلفه يشوع الذي قاد المحاربين عبرنهر الأردن وكانت معركة أريحا أقسى المعارك والواقع أن غزو تلك البلاد قد استغرق طويلا" ولم يكن بالأمر السهل
فالكنعانيون كانوا قد أقاموا جدرانا" قوية مرتفعة حول مدنهم وقراهم وكانوا يملكون اسلحة وعربات ليس لبني إسرائيل مثلها
وقاومت أور شليم وباقي المدن المجاورة التي تقوم على تلة مرتفعة يسكنها اليبوسيون
غزو العبرانيون دام قرنين وكان الفلسطينيون يبدون مقاومة شرسة مريرة
وانتحر الملك شاول حين هزموه على جبل جلباع لكن خلفه داؤود قضى على شوكتهم ثم استولى على مدينة أور شليم وجعلها عاصمة له وصمم بناء هيكل يوضع فيه تابوت العهد الذي يحمل الوصايا إلا أن داؤود لم يعمر كي ينفذ خطتة فأكملها ابنه سليمان
خلال ذلك كله عرف دين يهوه تبدلات عدة منها ما كان مرتبطا" بالإنتقال من حياة البداوة إلى الحياة الزراعية والمدنية
فقد وجد العبرانيون أنفسهم وسط قوم ذوي حضارة عريقة من مظاهرها الدين الراقي وتعلموا منها الكثير
والكنعانيون من مؤلهي الطبيعة وهذا ليس غريبا" في بيئة زراعية وقد أطلقوا اسم البعل على الإله ومعناه مالك الأرض وكانت كل أرض مدينة بخصوبتها لبعل نظر إليه كسيد إقطاعي ضمن تخومه وكممثل لإله سماوي
كما نظر لدورة النبات كتجسيد لولادة البعل نفسه وحياته وموته وإنبعاثه
وفي تذكار موته كان الناس ينوحون وفي مولده أو إنبعاثه يبتحجون ويحتفلون
وقد بنت كل بلدة معبدا" للبعل الخاص بها وفي المعابد كانوا يقدمون الثمار وأو الحيوانات ثم يأكلون معا" من تلك التقدمات
فتتشدد الروابط بين الرب وعبيده وخاصته
ومن أهم الآلهة عشتروت{ عشتار} عند البابليين وهي آلهة الخصب و{ عشيرة }البعل الدائمة العذرية وكان دورها يبرز في الأعياد
وقد تبنى العبرانيون ولا سيما أهل الشمال المخصب إي قبائل إسرائيل العشر تلك الآلهة وإن لم يهجروا يهوه فيما ظل أهل مقاطعة اليهود ية الصخرية وجلهم رعاة اقل إنحرافا" عن ديانة يهوه ومع الوقت ظهرت الفكرة القائلة أن يهوه هو إله الأرض أيضا" وإنه في الكل وفوق الكل
وظهر الأنبياء ليقاموا الإنحراف عن خط يهوه القويم
ولئن تميزت مرحلة موسى على الصعيد الديني بإكتشاف الإله الواحد فقد تميزت مرحلة الأنبياء بالعودة للإله الواحد
****************وللحديث بقية
Comment