Announcement

Collapse
No announcement yet.

تغير مفهوم الحروب التقليدية إلى الأبد بثورة تقنية المعلومات

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • تغير مفهوم الحروب التقليدية إلى الأبد بثورة تقنية المعلومات

    حرب الفضاء تستخدم البيانات مباشرة حتى حافة ساحة المعركة

    ثورة تقنية المعلومات تغير مفهوم الحروب التقليدية إلى الأبد




    دانيال دومبي وجيمس بليتز، وبتير شبيجيل
    إنها على مسار أن تصبح إحدى الصور الملازمة لرئاسة باراك أوباما. ويحتشد في غرفة العمليات في البيت الأبيض، الرئيس ووزير دفاعه، ورؤساء الاستخبارات والسياسة الخارجية، وهم يحملقون في شاشات تظهر تفاصيل عملية قتل أسامة بن لادن على بعد آلاف الأميال في باكستان. وتبدو تعبيرات القلق شديدة للغاية. وفي حين لم يكن الفيديو نسخة للزمن الفعلي لعملية اغتيال زعيم القاعدة، إلا أن من المحتمل أن يبقى رمز نهاية أكبر عملية مطاردة لرجل في التاريخ. في أعقاب ذلك مباشرة، كان العالم يركز على التداعيات بالنسبة إلى الجهاد العالمي، والعلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان، وتحسين موقف أوباما على الصعيد المحلي.

    غير أن أهمية العملية تمتد إلى أبعد من نطاق هذه العوامل، حيث إن هذا يمثل توضيحإ، وأحد أكثر التوضيحات لفتإ للنظر حتى تاريخنا هذا، للكيفية التي تشترك بها الولايات المتحدة في شكل من الحرب متطور على نحو متزايد - شكل يغضب وكالات الاستخبارات، والمختصين العسكريين المتطورين بدرجة عالية. وتم إجراؤها بواسطة الجواسيس إلى حد كبير، إضافة إلى القوات الخاصة، والضربات المدوية في أرض المعارك مثل باكستان، واليمن. يقول جون ناجل، خبير مكافحة التمرد، والعقيد السابق في الجيش الأمريكي، ويرأس مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن: ''كان هناك تغيير مدهش في طبيعة الحرب. وفي الوقت الذي تواصل فيه التقنية تطورها، ويستخدم أشخاص مثل أفراد القاعدة تلك التقنية ضدنا، فإنه يتوجب على نظام أمن قومي كان مصمما لمواجهة دول أخرى أن يتأقلم بشكل متزايد وفقاً لعالم تعتبر فيه أقصى التهديدات الموجهة إلينا على الأرجح من جانب ممثلين ليسوا دولا – أفرادا ومجموعات صغيرة''. يكمن في قلب هذه الحرب الجديدة تعاون عالي التقنية بين وكالات الاستخبارات، والجيش، حسبما قال أحد مسؤولي الدفاع في الولايات المتحدة، حيث ''تستخدم ثورة تقنية المعلومات لزيادة القدرة على استخدام البيانات مباشرة حتى حافة ساحة المعركة''. ويركز الأسلوب الجديد على استخدام كميات هائلة من المعلومات التي تجمعها مركبات غير مأهولة، أو طائرات لاسلكية بلا طيار، وإشارات استخباراتية من الأقمار الصناعية. ويتمثل أحد الأهداف في إعداد حسابات تسمح بتحديد وجه أو موقع إرهابي مشتبه به، تماما مثلما يحدد الآي باد نغمة معينة. ويقول المسؤول في هذا الصدد: ''لا أحتاج إلى غرفة مليئة بالمحللين، بل إنني في حاجة إلى نظام بيانات جيد، وسريع، وكبير على نحو كافٍ يمكن استخدامه من قبل شخص ما في الميدان. وقد حظينا بعشر سنوات من تعلم كيف يمكننا تنفيذ الأمور على نحو أفضل في الحروب في الوقت الذي كانت تتقدم فيه التقنية سريعا، بتطور مذهل في سرعة المعالجة''. في الوقت الذي تلوح فيه التخفيضات على ميزانية الدفاع في الأفق في الولايات المتحدة وباقي العالم، فإن أحد الأسئلة الكبيرة المطروحة هو ما إذا كان التأكيد على الحرب عالية التقنية ضد ممثلين من غير الدول ستوفر في نهاية المطاف طريقة أكثر اقتصادية التكاليف للمحافظة على الأمن الأمريكي. لكن على الرغم من أن الأساليب القديمة يمكن أن تبدو محبطة بالمقارنة - ما زال نحو 140 ألف شخص من قوات حلف شمال الأطلسي ''الناتو'' يحاربون عدوا مراوغا في أفغانستان - إلا أن قوانين النوع الجديد من الصراع ما زالت غير واضحة إلى حد بعيد. يقول مايكل كلارك، مدير معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن، وهو يشير إلى التقنية المتقدمة التي أحاطت بالغارة على مخبأ بن لادن في مدينة أبوت أباد الباكستانية: ''إننا نقترب من حالة أشبه بمشهد في هوليود، يمكن خلاله أن يكون رئيس الولايات المتحدة في موقع يوجه منه عملية بأسلوب تكتيكي عند أدنى المستويات. وحينما اصطدمت إحدى طائرات الهليكوبتر بالحائط، وتوقفت عن الحركة، مضت العملية قدما. ولكن بإمكانك أن تتخيل حالة ليست في المستقبل البعيد، يمكن خلالها أن يلتفت فيها شخص ما إلى الرئيس في لحظة مثل هذه ويسأل: ’هل نتخلى عن هذا الأمر؟‘''. إضافة إلى ذلك، ما زال ينبغي اتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبيرة المتعلقة بكيفية مواصلة الصراعات الحالية. وخلال الأسابيع المقبلة، من المقرر أن تتخذ إدارة أوباما قرارا حول مدى سرعة تخفيض عدد الجنود في أفغانستان - وما إذا كان يجب التركيز بشكل أكبر على القوات الخاصة - الغارات التي يتم تنفيذها على طالبان، وليس على الجهود التي تتطلب عملا مكثفا للمحافظة على المناطق التي تم الاستيلاء عليها من المتمردين. يشكل هذا الأمر أحدث فصل في جدل يدور منذ فترة طويلة بين مؤيدي مذهب كولين باول، وزير الخارجية السابق، المتمثل في استخدام قوة ساحقة، ووجهة نظر دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع السابق، المتمثلة في أنه يجب على الولايات المتحدة تسخير القوات الخاصة والتقنية لتنفيذ المزيد بأقل الموارد. بطبيعة الحال، فإن الواقع أكثر تشويشا مما يسمح به أي مذهب يتم اختياره. وأثناء تحليلهم لعملية أبوت أباد، يقول بعض الخبراء: كانت مهمة وحدة سيلز، فريق قوة العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية - إضافة إلى كلب - مباشرة نسبيا في واقع الأمر. ويقول كلارك: ''كانت هذه مهمة سهلة للغاية من حيث العمليات الخاصة. وفي أفغانستان، تنفذ القوات الخاصة في كل ليلة من ليالي الأسبوع مهمات أصعب من هذه بكثير... وكان لديهم الكثير من الوقت للاستعداد لما ينبغي تنفيذه''. بدلا من ذلك، فإن الأمر الذي يذهل الغرباء هو التعاون العميق بين وكالات الاستخبارات والقوات الخاصة الذي مكنها من تنفيذ العمل جماعيا. ولسنوات عدة، كانت توجه الانتقادات إلى الولايات المتحدة؛ لأن لديها العديد للغاية من الوكالات العسكرية ووكالات الاستخبارات التي تعمل كل منها بشكل مستقل عن الأخرى. وأعطى فشل وكالات الاستخبارات في اكتشاف مؤامرة من قبل أتباع القاعدة لإسقاط طائرة فوق ديترويت في يوم عيد الميلاد عام 2009 مثالا ساطعا تحديدا على هذه المشكلة. على أية حال، كانت العملية الأخيرة في أبوت أباد بمثابة نجاح قاطع على التعاون. وتم تحديد مخبأ بن لادن بعد ثماني سنوات من العمل الذي كان ينطوي على جمع المعلومات من قبل عناصر بشرية في خليج جوانتانامو، وتسجيلات لمشاهد صورتها طائرات بلا طيار، والأقمار الصناعية. وكانت وحدة سيلز الذي نفذ الغارة على بن لادن رسميا تحت قيادة وكالة الاستخبارات المركزية، ''سي آي إيه''. كما أن هناك مؤشرات أكثر عمقا على الكيفية التي تعمل بها وزارة الدفاع الأمريكية، ووكالات الاستخبارات معا. وعلاوة على ذلك، قبل ثلاثة أيام فقط من العملية، قام أوباما بترشيح ليون بانيتا، مدير ''سي آي أيه''، لمنصب وزير الدفاع، والجنرال ديفيد بتريوس، قائد القوات في أفغانستان، ليكون خلفا لـ بانيتا. تقول إحدى الشخصيات رفيعة المنصب في وزارة الدفاع البريطانية: ''يمثل تعيين بتريوس كرئيس لوكالة الاستخبارات المركزية، مؤشرا مهما على أن الولايات المتحدة تريد دمج الاستخبارات والجيش. وأحد التعبيرات المفضلة لبتريوس هو ضرورة أن يحصل القادة على المزيد من نقل البيانات. وتتمحور وجهة نظره حول ضرورة أن يحصل القادة على المزيد من المعلومات الاستخباراتية، ومشاركتها فيما بينهم بأقصى قدر ممكن. وهذه وجهة نظر جنرال لا يساوره القلق بشأن نقص الأسلحة، وإنما بشأن نقص المعلومات''. أوضحت إدارة أوباما، أن الطائرات بلا طيار عالية التقنية، وضربات الصواريخ من السفن أسلوب مفضل لشن الحرب. وهذه هي الطريقة التي تنفذ بواسطتها وكالة الاستخبارات المركزية، جهودها ضد القاعدة في الأراضي الحدودية في باكستان، والكيفية التي يحارب بواسطتها الجيش الأمريكي ميليشيات القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وحذر روبرت جيتس، وزير الدفاع الذي يستعد لمغادرة إدارة أوباما، من أن أي ''وزير دفاع مستقبلي ينصح الرئيس بإرسال جيش بري أمريكي كبير إلى آسيا، أو الشرق الأوسط، أو إفريقيا، يجب فحص عقله''. أوضح جيتس كذلك أن هدف أوباما الذي أعلنه حديثاً المتمثل في إجراء تخفيضات على ميزانية الدفاع بحوالي 400 مليار دولار خلال الأعوام الاثني عشر المقبلة ستكون له عواقب كبيرة على هيكل القوة، وأعداد الموظفين العسكريين - حافز محتمل آخر لتطوير قوة قتال أصغر، وأكثر تركيزا. من المقرر أن يقوم البنتاجون بتحديث سياسة الشراء التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة. وعلى الأرجح أن يعني ذلك تطوير طريقة ثالثة للإنفاق، خارج نطاق العملية البطيئة الاعتيادية بالنسبة إلى المشاريع الرئيسة، والمشتريات السريعة التي تنفذ لتلبية الاحتياجات الفورية. لكن هناك حدودا للأسلوب الجديد، ولم تتم بعد تسوية مسألة مدى إمكانية تطبيقه. ويبدو أنه لم تتم الموافقة على مذهب رامسفيلد بسبب الجيشين في العراق وأفغانستان. وفي الحالتين، بعد سنوات من القتال، اعتبرت الولايات المتحدة أن هناك حاجة إلى عشرات الآلاف من الجنود الإضافيين. وحتى أن التوترات بشأن ما إذا كان يجب مواصلة استراتيجية مكافحة الإرهاب عالية التقنية، وبقيادة الفرق العسكرية الخاصة، تخللت قوات العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي بحد ذاتها. ضمن نطاق الحزمة الصغيرة لمنفذي العمليات الخاصة، كان هناك نزاع يزداد سخونة منذ أشهر بين مؤيدي مثل هذا الإجراء المباشر، وأولئك الذين يحثون على التركيز على الأعمال المملة نسبيا المتمثلة في تدريب القوات العسكرية المحلية للسيطرة على الملاجئ الآمنة، والتي يجادلون بالقول إن لها تأثيرا أكثر استدامة على قدرة المتطرفين على تجنيد العناصر. يقول أحد المسؤولين العسكريين المشتركين في هذه النقاشات الداخلية: ''إن قتل بن لادن، حسب المخطط الكبير للأمور، سيكون كبيرا للغاية. ولكن الهدف هو، بسبب إثارة وتشويق الموضوع، أن هذا هو ما يريد الجميع تنفيذه. ويجب أن تذهب الأموال إلى مسألة جعل المجتمع يستخدم موارده لكي يغير بفعالية البيئة التي ينشأ فيها الجيل التالي من الإرهابيين''. على نحو يدعو إلى المفارقة، فإن وحدة العمليات الخاصة الأمريكية الأكبر حجما، والتي تعتبر رمزا، على نحو أكثر، قوات الجيش الخاصة - المعروفة باسم ''ججرين بيرية'' (أو القبعات الخضر) هي التي تتولى مهمات التدريب طويل الأجل، وهي أقوى مؤيديها. وتشير إلى فعاليتها في تنفيذ المهمات في ملاجئ الإرهابيين مثل جنوب الفلبين خلال الأشهر التي أعقبت هجمات القاعدة الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 أيلول (سبتمبر) 2001. في غضون ذلك، ما زال ينبغي توضيح جوانب أخرى من حروب المستقبل. وأصبحت حرب الفضاء الإلكترونية أكثر أهمية على الإطلاق، وخصوصا في ضوء فيروس ستوكسنيت الذي انتشر العام الماضي، والذي تم النظر إليه على نطاق واسع على أنه هجمة غربية على برنامج إيران النووي. وقام البنتاجون (وزارة الدفاع) بإنشاء قيادة للفضاء الإلكتروني. ومع ذلك يعترف المسؤولون العسكريون بأن المجال غير مؤكد بشكل عميق، ولا يوجد مذهب عسكري متفق عليه، وهنالك صعوبات ناتجة من ذلك في إعاقة الأعداء المحتملين. ازداد اعتماد الولايات المتحدة على الطائرات بلا طيار من أجل الحصول على معلومات، وتنفيذ ضربات جوية، إلى المرحلة التي يطالب فيها كل مسرح عمليات بالمزيد من ذلك. وفي ليبيا، تستخدم أمريكا الطائرات بلا طيار على مدار 24 ساعة في اليوم، وهذا أمر مستحيل بالطائرات التي يقودها بنو البشر. ويشير بعض المسؤولين إلى أنها أكثر قدرة على المناورة، وأرخص ثمنا من الطائرات المقاتلة النفاثة، ويتقلص التأخير بين إصدار الأمر، وتنفيذه، مع مرور الوقت. في الأحوال كافة، قرر العديد من مسؤولي البنتاجون، منذ فترة طويلة، أنه ليس بإمكانهم الفوز بأي حرب باستخدام القوة الجوية فقط. ويحذر آخرون من أنها ''عرضة للتطفل''، ويجادلون بالقول إن ثمة مخاطر - أخلاقية، وعملية كذلك - تتعلق بالصراعات التي يتم خوضها بأجهزة التحكم عن بعد. على وجه الخصوص، تعتمد الضربات في باكستان على التعاون مع إسلام أباد التي تجعل طائرات بريديتور بلا طيار تنطلق من أراضيها. وتعتمد عملية جمع الاستخبارات برمتها على عوامل سياسية قابلة للتغيير. ويظهر رد الفعل الغاضب من جانب باكستان على الغارة على بن لادن أنه لا يمكن الاعتماد على دعمها، مثلما هي حقيقة أن زعيم القاعدة كان يختبئ بالقرب من أكاديمية عسكرية مهمة. يجادل بعض المحللين بالقول إن الأعوام العشرة الماضية كانت بمثابة تشتيت للانتباه مقارنة بالقلق الاستراتيجي الفعلي من جانب أمريكا - نهضة الصين، المنافس البارز على مركز القوة العظمى. وعلى الرغم من أن حرب المستقبل وصلت فعليا، إلا أن القتال التقليدي ليس أمرا من الماضي بعد. ويقول ناجل في هذا الصدد: ''إن التحدي المركزي الذي يواجهه الجيش الأمريكي في العقد المقبل هو إيجاد التوازن الصحيح بين القدرات التقليدية - القوات الجوية والبحرية إلى حد كبير، والتي تركز على المنطقة الغربية من المحيط الهادئ، وإيجاد القدرات لتنفيذ أطول حرب تخوضها أمريكا ضد المتطرفين - قوات برية إلى حد كبير، وقوات خاصة في الشرق الأوسط''. ويضيف ناجل: ''يجب علينا أن نكون قادرين على تنفيذ الأمرين. وينبغي لنا أن نكون القوة العظمى التي بإمكانها أن تمشي، وتمضغ العلكة في الوقت ذاته''.

    فاينانشال تايمز
Working...
X