إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدكتور حسن حسن - رسالة شهيدٍ إلى والده

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدكتور حسن حسن - رسالة شهيدٍ إلى والده

    ثمة تساؤلات عدة قد تخطر على الذهن لمعرفة المشاعر الحقيقية التي يعيشها المرء لحظة صعود الروح إلى باريها؛ وهل يتشابه الجميع عند خلع رداء هذه الحياة الفانية، أم أن الأمر يختلف وبخاصة عند الشهداء الذين يفتدون أوطانهم بأرواحهم؟ وما الذي يمكن أن يكتبه الشهيد لأمه.. لأبيه.. لأطفاله، ولرفاق دربه؟ وكيف سيرد هؤلاء على ما يكتبه الشهيد لحظة بلوغ الشهادة؟

    تساؤلاتٌ عدة قد تبدو خارج إطار التداول، لكن سأبيح لذاتي تقمص حالة الشهيد، وأتخيل ما الذي يمكن للشهيد أن يكتبه في بضع ثوانٍ قد تمتد لتكون دهراً وهي تروي الإحساس بمتعة التضحية التي لا يعرفها إلا أشرف شرفاء الأمة.
    رسالة شهيدٍ إلى والده
    بقلم : الباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور حسن حسن
    والدي العزيز! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    كم أتمنى لو أني أستطيع الآن تقبيل يديك الطاهرتين اللتين لطالما أحاطتاني بالرعاية والعطف والحنان... كم أتمنى أن تشفع لي عندك أيها الأب الغالي هذه الدماء التي تنزف من جسدي في هذه اللحظة فتروي ثرى الوطن، وأن تكون سلماً أرتقي درجاته لألقي برأسي في حضنك العامر بالمحبة والإيمان بالله والوطن... وقد يمتد بي الحلم لأطمح بأن أحتضن رأسك المرفوع دائماً وأهمس في تلافيف دماغك قائلاً: قرَّ عيناً والدي الكريم، فها أنتَ قد أصبحت ممن يحق لهم أن يفخروا بأن أبناءهم شهداء... القرية الوادعة الآمنة المطمئنة المتربعة في سفح هذا الجبل أو عند ذاك السهل، أو بالقرب من وادٍ لطالما أذاق المستعمرين ويلات صمود أبناء الوطن وإصرارهم على أن يبقى هذا الثرى الطاهر أبياً عصياً على المتآمرين وأدواتهم التنفيذية... هذه القرية الوادعة يحق لها أن تتباهى كغيرها من قرى سورية الأبية، وأن تضيف إلى سجل هذه المدينة أو تلك اسماً جديداً ضحى بروحه ليعيش أبناء الوطن بأمنٍ وسلام وسكينةٍ وطمأنينة، فها هو ابنكَ الذي ربيته قد كبر وصلب عوده وأضحى مقاتلاً في صفوف الجيش العربي السوري البطل، وها هو اليوم يؤدي واجبه في الدفاع عن أمن الوطن وضمان مستقبل أبنائه.

    قرَّ عيناً والدي الكريم فالقسم الذي أقسمه ابنك مع رفاقه في القوات المسلحة الباسلة سيبقى قسماً مبروراً، ولن يَحْنُثَ به أبداً... قرَّ عيناً يا رمز الرجولة، فالوردة التي سقيتَها بعرقك ها هي اليوم تغدو خميلةَ ورودٍ ومروجَ أقحوانٍ يعطّر سماء الوطن وأرضه، ويضيف اسماً جديداً إلى سجل الخالدين...

    لطالما ربيتني على الشجاعة والرجولة والوفاء والإقدام، ولطالما أذكيت في أعماقي حب التضحية والشهادة والفداء، وكفاني فخراً أنني تلميذٌ نجيب تتلمذ على يديك، وسار إلى جانبك في مدرسة حب الوطن والاستماتة في سبيله.

    لطالما قلت لي أن الوطن لا يكبر إلا بأبنائه، وأنه أحوج ما يكون إلى الرجال الذين يجسدون الرجولة بأسمى معانيها وأروع صورها وهم الشهداء... لطالما همستَ في أذني في كل مرةٍ أكون فيها في القرية، وقبل أن أعود إلى مكان خدمتي العسكرية قائلاً لي: إنك تأمل أن يكرِّمك الله بإحدى الحسنيين: إما أن تبلغ الشهادة وإما أن تكون والد شهيد، وها أنا أحقق لك هذا الحلم ويحق لي أن أفخر بأنني ألج في هذه اللحظات باب الشهادة لأصبح شهيداً وشقيق شهيد، فافخر أيها الأب العظيم بأنك والد الشهيدين.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    منقول عن موقع البيرق المقاوم

يعمل...
X