إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكاتب فارس الطويل ( الغربة بين الوطن والمنفى )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكاتب فارس الطويل ( الغربة بين الوطن والمنفى )

    كاتب الموضوع: فارس الطويل
    الغربة بين الوطن والمنفى

    فارس الطويل
    ( 1 )
    إذا كان أغرب الغرباء ، من كان غريباً في وطنـه ، على رأي فيلسوف الأدباء ( أبي حيان التوحيدي ) ..
    فلماذا ينوح هذا الغريب ، إذن ، على الوطن ، عندما يقرّر أن يرحل عنه ؟.
    ولماذا تظلّ لوعة الحنين ، وجمرة الشوق ، تزعق في أنفاسه ؟.
    فهل الغربة داخل الوطن ، أكثر رحمة ، من الغربة في المنفى ؟.
    وهل الحياة في المنفى ، أكثر قسوة ، من الموت في الوطن ؟.
    وهل لذة العبودية والذل ، في الوطن ، أجمل ، من عذاب الحرية في المنفى ؟.
    ( 2 )
    هل يوجد فرق ، بين المنفى في الوطن ، والمنفى في الغربة ؟
    أليس المنفى ، هو المنفى ؟ ..
    والغربة في الوطن ، هي ذاتها الغربة في المنفى ؟.
    ألم يكـن الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي ، على حق ، عندما أعلن : ( أن المنفى هو ، المنفى في الوطن ، المنفى في الغربة ) ، وهذا يعني أنّ كل ( العالم منفى ) ، وأنّ ( الوطن قد يأخذ أحيانا مكان المنفى ، والمنفى مكان الوطن ) ، وأنَّ ( أقنعة الوطن والمنفى ، تتغير باستمرار ، وتدفع الشاعر إلى منفى جديد ، وهو المنفى الذي لا يستطيع فيه العودة لا إلى المنفى ولا إلى الوطن ) * ، أي أن يبقى عائماً ، في مجرى النهر ، نهر ( أنكسيمندريس ) ** ، الذي يتغيّر ، ويتجدّد ، دوماً ، أثناء حركته ، فيتغيّر معه كل شيء ، وتتبدّل الأزمنة ، والأمكنة ، والموجودات ، باستمرار ، إلى أخرى قد لاتشبهها ، أو تكون نقيضاً لها .
    فالوطن ، وفق رؤية الشاعر ، قد يكون منفىً ، والمنفى قد يُصبح وطناً ، والمنفى قد يقود إلى منفى آخر ، جديد ( المنفى في المنفى ) ، وهكذا تستمر لعبة الحركة ، والتغيـّر ، والتناقض ، والصراع بين الأضـداد ، حيث تتحوّل الأشياء ، والمفاهيم ، والصور ، إلى أخرى جديدة ، تختلف عن هويتها القديمة ، وهكذا ..
    وهذا يعني أنّ الوطن الجديـد ، سيكون منفىً ، أيضاً ، وأنّ عناء الغربة ، ولعنة الرحيل ، ستستمر من وطن إلى منفى ، ومن منفى إلى وطن ، حتى تنتهي إلى منفى ، لايتمكـّن الغريب فيه ، من العودة إلى منفى ، أو إلى وطـن ( غربة دائمة ) .
    فإذا كان الأمر ، هو كذلك ، فلماذا يستمريء الإنسان ، إذن ، هذه اللعنة ، وهذا العنـاء ؟.
    ولمَ يصرُّ على استبدال منفى ، بآخر ، وغربة ، بأخـرى ، وعذاب ، بعذاب آخـر ، مادام أنـّـه ، في نهاية المطاف ، لن يصل إلى ما يسعى إليه من خلاص ؟.
    ( 3 )
    عن ماذا ، يبحث الغريب ؟
    هل يبحث عن وطنٍ – منفى ( جديد ) ، ومرفأ آخر ( بديل ) ، للغربة ، أو اللعنة ، أم عن وطنٍ – منفى ( مؤقت ) ، يغسل روحه ، من أدران الحزن ، واليأس ، والقلق ، وغبار العتمة ، والوحدة ؟
    وهل يسعى إلى لذة إكتشاف سر ، أو سحر ، أو عذاب المنفى ، الآخر ، خارج أسوار الوطن - المنفى ، الذي يقبع فيه ؟
    أم أنّ القضية هي ، أبسط من ذلك ، وأوضح ، مما يقوله بعض الشعراء ، والفلاسفـة ، وأنـّها لاتعدو أن تكون غير ( رغبة ) مشروعة ، لعناق الأمان ، والحرية ، والمعرفة ، والتسامح ، وأشياء أخرى ، يصعب الحصول عليها في الوطن ، خصوصاً عندما يتفشى فيه ، القهر ، والقمع ، والطغيان ، والقتل ، والجوع ، والتوحش ، والتبلّد ، والتخلّف ، والتزمّت .. ؟

    وهل تحقيق مثل هذه الرغبة ، يبرّر للإنسان المُهجَّر ، أو المهاجـِر ، أن يكره وطنه ، أو أن يجعل منه ، مجرّد محطة قديمة ، عابرة ، مفعمة بذكريات الطفولة ، والأهل ، والأصدقاء ، فقـط ، يستطيع بعد أول رحلة ، أن يركنها في زاوية مهملة ، من زوايا الذاكـرة ؟
    أو أن يتقمّص ، هذا الإنسان ، دور الجلاّد ، أو الشهيد ، فيزعم أنه قد نسيَ هذا الوطن ، أو يريد أن ينساه ، ولايريد أن يعود إليه ؟
    أو أن يتمادى في قسوته ، فيعلن موت الوطن ، في عقله ، وضميره ؟.
    أو أن يحاول البعض ، ممَّن كان الوطن ، هو عبير أغنياتهم ، ووهج قصائدهم ، أن يطعنوه ، بتبرؤهم من الإنتساب إليه ، بقولهم أنّ الوطن ، ( لم يعـد لهم وطناً ) ، وأنـّه صار ( وطناً ملغىً ) ، بالنسبة لهم ، كما صرّحَ بذلك ، أخيراً ، الشاعر ( سعدي يوسف ) ، حتى وإن كان هذا القول من وراء قلبه ، لدرجة ، أنّه أعلنَ عن عدم رغبته في ( أن يدعوه أحد بالشاعر العراقي ) ، بينما كانت سلسلة ذهبية ، تتدلى من رقبته ، في وسطها خارطة صغيرة للعراق *** !! .
    - ألمانيا
    [email protected]
    * حوار مع الشاعر البياتي ، أجراه ( فراس عبد المجيد ) في المغرب – موقع الكاتب العراقي
    ** فيلسوف يوناني قديم ، عاش قبل سقراط
    *** حوار مع الشاعر سعدي يوسف ، أجراه ( محمد شعير ) في مصر – موقع الحوار المتمدن

  • #2
    رد: الكاتب فارس الطويل ( الغربة بين الوطن والمنفى )

    شكرا رحاب دائما مميزة مواضيعك و معلوماتك...

    تسلم ايدك...

    تعليق

    يعمل...
    X