إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

للأديبة السورية ناديا خوست - قصة نفيسة -المصور هشام زعويط

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للأديبة السورية ناديا خوست - قصة نفيسة -المصور هشام زعويط

    Hisham Zaweet




    " كانت صغيرة لاتصل إِلى سقّّاطة الباب إِلا على رؤوس أصابعها يوم وقفت أمام أبيها وأعلنت له : لن أذهب إِلى الخوجة ! سألها ساخراً : ختمت عندها القرآن في أسبوع؟ أجابته في هدوء : سأتعلم كما يتعلم أخي يوسف ! لم يكن أبوها قد ضربها أبداً . لكنه رأى أن واجبه يفرض عليه أن يؤدبها فرفع يده ... فهربت . لم يلحقها لكنها اختفت. بعد زمن فتش عنها. لم يجدها. فتشت عنها أمها في اليوك وفي الخزائن وخلف لفائف السجاد، في السلال والخوابي الكبيرة، على السطح وحتى على عريشة العنب، خلف الأشجار وحتى على الأغصان، في بيت الحمام على السطح، في بيت الفحم تحت الدرج. اختفت البنت ! تساءل أبوها هل يبحث عنها خارج البيت؟ عندئذ سمع صوت مؤذن الشامية، فتذكر المكان الوحيد الذي نسيه : الضريح ! ونهض إِليه وحده.
    رفع أبوها الفانوس ../ ... / ناداها بهدوء : نفسية ! لم تجبه . انتظر برهة، وناداها مرة أخرى، وهو ينتبه إِلى معنى اسمها ويشعر بأنها حقاً نفسية، ويلوم نفسه لأنه لم ينتبه إِلى ذلك حتى اليوم: نفّوس ! مسّتها لهجته الحنون، وتحركت لكي يعرف أنها سمعته، ويفهم أنها تريده أن يأتي ويرفع هو الغطاء عنها وينهضها. تردد برهة وتقدم من الضريح ورفع الغطاء الأخضر عنه، ورآها مستلقية قرب الأمير الولي، مستقيمة الجسم ليست مكورة من الخوف ! وكاد يبكي من أساه ومن فرحه . سألها وهو يجثو قربها: ألا تخافين من الولي؟ قالت له في هدوء : خفت منك ! فابتلع دموعه . / ... / رغب في أن يحملها على ذراعيه، فرفعها بيد وحمل بالأخرى الفانوس لكنها قالت له : أنزلني فأنزلها. فهم أنه يستطيع أن يكون رقيق الصوت، لطيفاً، لكنه يجب أن يعاملها كأنها في عمره . / ... / ودخلا إِلى البيت، كفه في كفها، وفي يده الأخرى الفانوس. لم يقل كلمة عن المكان الذي وجدها فيه وعما جرى بينهما. وكان قراره الذي لا رجعة عنه أنها مثل أخيها تماماً، لا أقل منه. وفهم أهل البيت الذين كانوا يبحثون عنها في الأمكنة الصغيرة التي يلجأ لها الأولاد، أنهم يجب ألا يسألوا أين وجدها أبوها، وأن يتجاهلوا ما حدث. وانتبهوا إِلى أنها دخلت وهي تمشي إِلى جانب أبيها، أو وهو يمشي إِلى جانبها، لا تتأخر عنه. وفهموا معنى ذلك . منذ ذلك اليوم سجلت نفيسة مكانها الواسع.
    في اليوم التالي قصد أبوها الأموي، واتفق مع شيخ صار يعلمها القراءة والكتابة والشعر والأدب والتاريخ. ثم ألزم أخاها يوسف وقت صار يدرس في المدارس الرشدية والاعدادية أن ينقل إِليها مايتعلمه في المدرسة، فكانت نفيسة ترافقه كل يوم وهو يكتب وظائفه فتكتبها مثله، بل أحسن منه .
    ناديا خوست



يعمل...
X