Announcement

Collapse
No announcement yet.

القاص (( صالح القاسم )) والأديب والروائي الأردني

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • القاص (( صالح القاسم )) والأديب والروائي الأردني

    صالح القاسم
    ولد صالح القاسم في إربد عام 1959، حصل على بكالوريوس علوم مكتبات ومعلومات من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1981 وعلى ماجستير علوم سياسية تخصص علاقات دولية من جامعة آل البيت عام 1998 عمل خلال السنوات 1981-1983 أمين مكتبة عسكرية، وخلال السنوات 1983-1985 أمين مكتبة كلية جامعية متوسطة، 1986-1987 عمل أمين مكتبة مركز معلومات، وخلال السنوات 1987-1999 عمل أخصائياً في مكتبة جامعة اليرموك، وخلال السنوات 1999-2001 عمل أمين مكتبة لمدرسة دولية، ويعمل منذ عام 2001 وحتى الآن أخصائياً في مكتبة جامعة اليرموك.
    وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو جمعية المكتبات الأردنية، وعضو جمعية المترجمين الأردنيين.
    مؤلفاته:
    1. بابا والبطيخ (قصص قصيرة) دار الكرمل، عمان، 1994.
    2. ملك الموت (مجموعة قصصية مترجمة)، (د.ن)، دمشق، 1994.
    3. الديمقراطية والحرب في الشرق الأوسط خلال الفترة 1945-1989، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبو ظبي، 1999.
    مخطوطات:
    1. شمّة هواء (قصص قصيرة).
    2. مساء هادئ سيدة آن (مجموعة قصصية مترجمة).

    بابا والبطيخ
    قصة: صالح القاسم
    اشتهر الرجل بين قومه بقدرته الخارقة للعادة على معرفة خبايا وأسرار البطيخ، مهما كان الأمر تافهاً أو عظيماً. فما من بطيخة سئل عنها إلا صال وجال في معرفة دقائقها وأسرارها. حتى أن أجوبته تذهل المرء السامع وتوقعه في حيرة وارتباك وتساءل: أنّى هذا الرجل كل هذه المعرفة والذكاء؟!!
    يضع البطيخة في حضنه، يمسّد عليها، ويدحّيها بأنامله، يلقبها عدة تقليبات، ويخبط يضع خبطات. يدحرجها على الأرض مسافة قصيرة جداً، ثم يحكي عنها العجب العجاب:
    ما ولنها من الداخل، وما مذاقها: العسل الشهد، أو السكر الصناعي. دالعة الحلاوة، أو قريبة من الملوحة... إلى غير ذلك من صفات مذاقات البطيخ المختلفة.
    وكم بذرة فيها، وما لون البذور: سوداء، أو قريبة من السواد، كبيرة الحجم أو صغيرة أو متوسطة. وكم بذرة سوداء وكبيرة، وكم بذرة سوداء ومتوسطة الحجم، وحتى كم بذرة ما زالت بيضاء طرية ولم تنضج بعد.
    بعض السائلين يسأل أسئلة يحاول الإيقاع بالرجل، فيسأل مثلاً عن مكان زراعة البطيخة، وأين، وما وزنها؟
    كان الرجل لا يحدد وزن البطيخة بدقة متناهية تماماً مثل الميزان الألكتروني وحسب. لكنه يستطيع أن يحدد نوع التربة التي نشأت بها وترعرعت، وفي أي أرض توجد. وإن أراد زيادة معرفة يحدد له عمرها بالضبط.
    خبرة هذا الرجل كانت غريبة من نوعها وفريدة حيّرت العلماء والدارسين. وكان الناس عادة يلجؤون إليه لدى عزمهم شراء بطيخة أو أكثر. ولم يكن يأخذ منهم أي شيء مقابل تعب المسير أو الاستشارة. وإذا سأله أحدهم: لماذا لا تستغل معرفتك وعلمك في تحقيق غنى يمكن أن يكون أطناناً من الذهب في زمن قصير؟ فيجيب "إني مالك العرش ورب العري والفرش. إني أخاف الله وأحبه وأتمنى أن يعرف إخواني ما أ‘رفه. إن ذهابي معهم إلى أكوام البطيخ ليس من باب استعراض الفضل والنفيخ. ولكن لأعلمهم ما أسميته علم البطيخ. ستعلمون بالتجربة والاحتكاك سيتعلمون وليس ببعيد وقت ويعرفون. هوذا غاية مرادي يا عبادي".
    ما أن يقف على رأس كومة البطيخ مهما عظم ارتفاعها واتسعت قاعدتها، يأخذه أحدهم ليختار له من بينهم بطيخة ترضي جيبه وتفرح مذاقه إلا ونجح. يقلب عدداً من البطيخات، يمسّدها ويدحّيها، يخبط خبطات خفيفة ثم يقرر واحدة بعينها أو أكثر، حسب رغبة السائل المشتري.
    عائداً إلى بيته. لا ينتظر شكراً أو حمداً، أو أجراً، أو حتى صنيع معروف: بإعادته إلى البيت مثلاً، أو نحو ذلك. وإذا ألحَّ أحدهم وطلب أن يشاركه البطيخة على الأقل شكره بلباقة قائلاً: لا أحب البطيخ. وقد زاد سلوكه هذا من شهرته حتى هانقت الآفاق: خبير وعالم البطيخ لا يحب البطيخ!!؟؟
    في سنة جدب وقحط فرغت الأسواق من البطيخ، ولحق الرجل من الجوع والعناء ما لحق الناس والعبيد. فلم يجد من طريقة للتقوت وسدّ الرمق إلا اللجوء إلى البطيخ. فاضطر مكرهاً وعرج على أحد الأكوام الكثيرة التي تناثرت هنا وهناك في كل أنحاء المدينة. وما أن تناول واحدة حتى حلف له صاحب الكومة بأغلظ الأيمان أنه لم يأخذ ثمنها وإلا حرمت عليه جميع النساء والجواري. فانصاع الرجل للأمر واستجاب لتوسلات التاجر وأيمانه.
    حملها على خاصرته، وقصد بيته، وفي البيت فرح أهله لرؤيتهم البطيخة ورقصوا، وعبروا عن ذلك بكثير من الحمد والقفز والتقبيل، فهذه أول مرة يدخل دارهم البطيخ، منذ تسلم رجلهم ناصية الحكم وزمام علم البطيخ.
    هرعوا جميعاً إلى المطبخ يبحثون عن أجمل سكينة وأحدِّها. عاثوا في أدوات المطبخ وأوانية، وحولوا المكان إلى فوضى لم يعهدوها من قبل. وبعد أخذ ورد، وجدل ونقاش، وحدّوا كلمتهم، واتفقوا على أن أية سكينة يمكن أن تؤدي الغرض. المهم أن يأكلوا البطيخ.
    حمل أكبرهم السكينة ووضعها فوق رأسه وراح يميس بها ويتبختر، وبين كل خطوتين يتقدم بهما باتجاه والده، يقف هازّاً وسطه نشوان فرحاً، وحوله بقية أهل البيت على شكل دائرة متحركة يغنون ويرقصون كأنهم في زفّة.
    تناول الأب السكين. أحكم قبضتها، وغمد طرفها الدقيق في بطن البطيخة من أعلى جهة العنق وحزّ محدثاً فتحة دائرية يمكن من خلالها رؤية لون البطيخة. نظر فإذا البطيخة بيضاء كلون الحليب. استغرب الرجل وذهل. عاد وقطع جزءاً آخر أسفل الفتحة بقليل لكنه صفع بنفس النتيجة. انزعج لذلك وغضب. حاول أهله تهدئته، وأن الأمر عادي غير مهم، وكثيراً ما يتكرر في البطيخ. لكنه لم يهدأ ولم تسكن ثورته. أقسم بالعلي العظيم أنه لن يأكل منها إلا إذا عرف السبب. ترك أهله متحلقين حوله ينتظرون قراره بالسماح لهم بأكل البطيخة، وشرد يفكر في طريقة تمكنه من معرفة سبب إخفاقه هذه المرة.
    ... بعد لحظة، نهض من مكانه شاهراً السكين، وأمر أن يحضروا له حصانه على وجه السرعة ودون تردد.
    تفقد حذوات الحصان، وأنها مثبتة في مكانها الصحيح. مسّد على عرفه ومسح. طبع قبلة حانية على جبينه، ثم أمر بالسرج. أحكم وضعه على ظهر الحصان، وقفز راكباً.
    رجع بظهره إلى الوراء قليلاً شامخاً وهو يهتف: بعد قليل سآتيكم بالخبز اليقين، ولماذا هذه الملعونة بنت الملعونة لم تكن حمراء.
    أخذ خطام الحصان بكلتا يديه، ثم همره في بطنه بغضب، فصها وقأقأ. شدّه من الخظم يأمره القفز إلى جوف البطيخة.
    في البداية، لم يستطع الحصان السباحة بسهولة ويسر. بكن كثرة الهمر والوخز جعلته يعدو حتى اعتاد، وصار يتجول بتؤدة وتمهل في أرجاء البطيخة. وكما يشاء صاحبه.
    عدّ الرجل بذرات البطيخة كانت صحيحة. عدّ البذرات الصغيرة، وكانت صحيحة، وكذلك البذرات الكبيرة، والمتوسطة الحجم. كل شيء كما حسبه وتوقعه بالضبط دون نقصان أو زيادة. لحس بأصبعة الماء الحليبي كان حلواً أيضا. تحيّر الرجل وتعجب!! ولو لم يكن يعرف أنه بكامل قدراته العقلية لشك في نفسه، وعلمه. فهذه أول مرة يخفق في الحكم على بطيخة.
    مدّ أصبعه مرة أخرى يريد أن يلحس ماء البطيخة ليتأكد من حلاوتها ثانية. لكن أصبعه لم يلامس شيئاً. استغرب لذلك ونظر يستطلع الأمر. وسّع حدقتي عينيه. وإذا به يرى أهله ما زالوا ينتظرون، يتأتون وهم يرتعدون فرقاً ويرتجفون: الحمد لله على السلامة بابا.
    كانت السكين ما زالت بيده. ترجل عن الحصان وشرع يطعنه بعنف وجنون وهو يهتف ويصرخ: "أيها الناس، لم تعد له فائدة، لم تعد له فائدة".
    تناثرت الدماء على الملابس... وغطت أرض الدار، وراحت قطراته تتجمع، وتعلو حتى ملأت البيت وأغرقت جميع من فيه.
    صالح القاسم
    إربد: أغسطس 1991م

  • #2
    رد: القاص (( صالح القاسم )) والأديب والروائي الأردني

    تسلم ايدك سيدتي,,,

    عالسيرة الذاتية و القصة,,,

    Comment

    Working...
    X