إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

للشاعر / محمود درويش/ قصيدة / حليب إنانا / - لَكِ التَوْأمانِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للشاعر / محمود درويش/ قصيدة / حليب إنانا / - لَكِ التَوْأمانِ


    نادي حمص الثقافي الاجتماعي‏ مع ‏‎Diaa Younes‎‏
    /حليب إنانا/ محمود درويش/حليب إنانا
    لَكِ التَوْأمانِ : لَكِ النثرُ والشعرُ يَتَّحدان , وأَنتِ
    تطيرين من زَمَنٍ نحو آخَرَ , سالمةً كاملةْ
    على هَوْدَجٍ من كواكب قَتْلاَكِ – حُرَّاسِكِ الطّيبين
    وَهُمْ يحملون سماواتِكِ السَبْعَ قافلةً قافلةْ .
    رُعاةُ خُيُولِكِ بين نخيلِ يَدَيْكِ ونَهْرَيْكِ يقتربون
    مِنَ الماء ((أُولى الإلهات أكثرُهُنَّ اُمتلاءً
    بنا)) خالِقٌ عاشِقٌ يَتَأمَّلُ أَفعالَه , فيُجَنُّ
    بها ويَحِنُّ إليها : أَأَفعالُ ثانيةً ما فَعَلْتُ ؟
    وكُتّابُ بَرْقِكِ يحترقون بحِبْر السماء , وأَحفادُهُمْ
    يَنْشُرون السنونو على مَوْكب السُومريّة....
    صاعدةً كانتِ السومريّة , أَمْ نازلة
    لَكِ , أَنتِ المَديدَة في البَهْوِ
    ذاتِ القميص المُشَجَّر , والبنطلونِ
    الرماديِّ , لا لمجازك , أوقظُ
    برِّيَتي , وأَقولُ لنفسي : سيطلع
    من عَتْمتي قَمَرُ...
    دَعِي الماءَ ينزلْ من الأفُق السومريّ
    علينا , كما في الأَساطير . إنْ كانَ
    قلبي صحيحاً كهذا الزجاج المحيطِ بنا
    فامْلئِيِه بغيمكِ حتى يَعُودَ إلى أَهله غائماً حالماً كصلاة الفقيرِ .
    وإنْ كانَ قلبي جريحاً فلا تَطْعَنيه بقَرْنِ الغزال ,
    فلم تَبْقَ حول الفُرَات زهورٌ طبيعيَّةٌ
    لحُلُول دمي في الشقائق بعد الحروب.
    ولم تَبْقَ في معبدي جَرَّةٌ لنبيذ الإلهاتِ
    في سُومَرَ الأبديَّة , في سُومَرَ الزائلةْ
    لَكِ , أَنت الرشيقة في البَهْوِ
    ذاتِ اليَدَيْنِ الحَرِيرِيَّتَيْنِ
    وحاضرة اللَهْوِ ,
    لا لرموزك ,
    أُوقظُ بريَّتي’ وأَقول:
    سأستلُّ هذي الغزالَةَ من سِرْبها
    وأَطعن نفسي... بها!
    لا أُريد لأُغنيَّة أَن تكون سريرك ,
    فليَصْقُلِ الثورُ, ثور العراقِ
    المُجَنَّحُ قَرْنَيْهِ بالدهْر والهيْكَل المُتَصَدِّعِ
    في فضّة الفجرِ . وليَحْمِلِ الموتُ آلَتَهُ
    المعدنيَّةَ في جَوْقة المنشدين القُدامى
    لشمس نَبُوخَذ نَصَّر . أَما أَنا , المتحدِّر
    من غير هذ الزمان , فلا بُدَّ لي
    من حِصَانٍ يُلائم هذا الزفاف . وإنْ كانَ
    لا بُدَّ من قَمَرٍ فَليكُنْ عالياً... عالياً
    ومن صُنْعِ بَغْداد , لا عربيّاً ولا فارسياً
    ولا تدَّعِيهِ الإلهاتُ من حولنا . وليَكُنْ خالياً
    من الذكريات وَخَمْرِ المَلُوك القدامى ,
    لِنُكْمِلَ هذا الزفافَ المُقَدَّسَ’ نكملُهُ يا اُبْنَةَ
    القمر الأبديَّ هنا في المكان الذي نَزَّلَتْهُ
    يداكِ على طَرَفِ الأرض من شُرْفَة الجنَّة الآفلة !..
    الجريدةَ في البَهْو ,
    أَنتِ المُصَابِة بالأنفلونزا
    أَقولُ : خُذي حَبَّتيْ ((أسبرين))
    ليهدأ فيكِ حليبُ إِنانا ,
    ونعرفَ ما الزَمَنُ الآن
    في مُلْتَقَى الرافِدَيْن!
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
    /محمود درويش- من ديوان "سرير الغريبة"/
    (اللوحة للفنان الإسباني المعاصر Vicente Romero Redondo)






    إلغاء إعجابي
يعمل...
X