إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشبان لم يشكلوا تياراً - الرواية الجديدة رواية المدينة والإنترنت - تحقيق: إسكندر حبش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشبان لم يشكلوا تياراً - الرواية الجديدة رواية المدينة والإنترنت - تحقيق: إسكندر حبش

    الروائيون الشبان أفراد لم يشكلوا تياراً


    الرواية الجديدة رواية المدينة والإنترنت


    طباعة ع-ع+

    اسكندر حبش

    غالبا ما تطرح الرواية اللبنانية أسئلتها المتعددة، على الأقل من حيث "كمية" إنتاجها، قبل أن ندخل في أسئلة السرد والقص، أي في السؤال الأدبي الأهم. وسؤال الإنتاج هذا، غالبا ما لاحقنا، إذ لفترة قريبة مضت، كان القول الأوضح، أن ليس هناك روائيون كثر في لبنان، وأن الرواية اللبنانية غالبا ما تعود إلى نقطة البداية، بمعنى أن كل جيل يأتي وكأنه يستعيد شروط الكتابة الروائية من البداية.
    بعد مرحلة التأسيس إذا جاز التعبير، التي قرأنا فيها توفيق يوسف عواد وفؤاد كنعان وإميلي نصر الله وليلى عسيران ويوسف حبشي الأشقر وبلقيس حوماني، إلى آخرين، انطلق مع سبعينيات القرن المنصرم جيل كبير، وكأنه أسس فعلا لبداية الرواية اللبنانية. أسماء مثل الياس خوري وحسن داوود وجبور الدويهي ورشيد الضعيف وهدى بركات ونجوى بركات وأحمد علي الزين ومحمد أبي سمرا وغيرهم، وفي مرحلة ثانية ربيع جابر.
    من هنا، يبدو السؤال الذي يطرح نفسه: هل "ثمة جيل" روائي شاب وجديد يبدأ بالحضور على الساحة الكتابية؟ بالرغم من التردد في الإجابة التي قد تعتري البعض، لا بدّ من أن نذهب فعلا إلى اعتبار أن جيلا جديدا بدأ يحفر مكانته، وإن بدا كل كاتب يحضر في طريقة متفاوتة عن الآخر.
    من أوائل الأسماء التي تطالعنا، جنى الحسن، التي استطاعت مع روايتها الأولى "أنا هي والأخريات" أن تسجل حضورا لافتا قادها إلى الوصول إلى اللائحة القصيرة لجائزة "بوكر العربية". بهذا المعنى لا يبدو كتابها هذا كرواية أولى، إذ إنه على كثير من النضج إن في الطرح وإن في الأسلوب الذي ترسم فيه صورة عن العلاقات الاجتماعية "الفاشلة" التي تتحكم بنا، من خلال "سيرة" امرأة في صعودها وانحدارها لغاية أن تصل إلى الانتحار.
    في أي حال، تعتبر الحسن أن هناك "رواية جديدة في لبنان بدأ أثرها يظهر من خلال بعض الكتّاب الجدد. هذه الرواية يكتبها جيل ما بعد الحرب لأنّ نظرته إلى الماضي مختلفة عن الجيل الذي عايش الأحداث اللبنانية وكان جزءاً منها بشكل أو بآخر. كما أنّ المتغيّرات الاجتماعية والبيئية والسياسية اللبنانية المتطوّرة بشكل سريع ستنتج أدباً يستلّ بعض خيوطه من هذه التغيّرات. هناك أيضاً أزمة الهوية والرغبة في التخلّص من هذا المجتمع العائلي بحثاً عن الفردية وهذه أزمة شباب العصر سواءً في لبنان أم في مختلف الدول العربية".
    هذه المتغيرات نجدها في روايتي ألكسندرا شريتح "دايما كوكا كولا" و"علي وأمه الروسية"، اللتين تأخذاننا إلى رغبة الكاتبة في التعبير عن هواجسها وأرقها، في عرض هذه الشذرات الحياتية التي عرفتها. وعبر هذه الشذرات، ثمة جرأة تتمتع بها الكاتبة، إذ تدخلنا إلى "قضيتين" كبيرتين: التحول في العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع في الرواية الأولى، وحرب تموز 2006، في الرواية الثانية.
    ثمة سؤال للذاكرة نقع عليه في روايتَي شريتح تماما كالسؤال الذي يقترحه محمد الحجيري في "طيور الرغبة"، إذ يسترجع فيها يومياته وذكرياته، لكن المفارقة انه يصور رجلا يقترب كثيرا من نهاية الحياة والعمر. بهذا المعنى، تبدو الرواية كأنها آتية أكثر من قراءات الكاتب، من الأدب، أكثر من كونها تأتي من واقع معيش، بمعنى ثمة مساحة أكبر للمتخيل و"للكتب" التي مرت عليه.
    لا يحبذ هلال شومان تسمية "رواية شابة" أو "رواية جديدة"، إذ يعتبر أنها "توصيف سابق لمحتوى المنتَج الأدبي يفترض تراكمًا أثبت نفسه، فيما التسمية ترتبط فعليًا بكون الكاتب وافدًا جديدًا إلى الساحة الأدبية. فلنقل عن هذه الروايات روايات أولى أو روايات لكتاب جدد. حتى مصطلح "الجيل" يحتاج إلى وقت وتراكم إنتاج ليتمظهر، ولا أستطيع القول إننا وصلنا لهذا. إن أكثر من نشر من الوجوه الجديدة لم يراكم أكثر من روايتين أو ثلاث، ومن فعل ذلك عددهم بعدد أصابع اليد. هناك من كتب رواية وحيدة ولم يكمل. النظر إلى الروايات المنتَجة حديثًا يُظهر، للوهلة الأولى، أنّها تحتوي مثلًا على صعود لأنماط شخصيات شابة غير ملتزمة سياسيًا. ليس ان هذه الشخصيات غير مهمومة سياسيًا. الأمر يشبه تحوّل "مناضل" الأمس إلى "ناشط" اليوم، أو يماثل العبور من الحرب إلى السلم الأهلي. ومع هذا التحول، تبدو الهموم في الخلفية لا في المقدمة. إنها هموم خفيفة أو مرتجعة، لأن شيئًا تغيّر ربما في الشكل فقط"...
    ثمة صدى لكلام شومان مع كلام عائشة عجينة التي أصدرت مؤخرا روايتها الأولى "أنا حالة مستعصية" إذ ترى أن مصطلح "رواية شابة"، مصطلح غريب "بعض الشيء، كأن تقول إنها شابة اليوم... الحقيقي يبقى شابا، أما المصطنع فهو عجوز حتى ولو كان حديث الوﻻدة. الرواية بشكل عام وليدة عصرها، تخفي بين طياتها نواة طازجة عن سردية المكان والزمان والحدث، والجيد منها يبقى دائما جديدا ومطلوبا... باﻻحرى ﻻ يشيخ. ثمة روائيون شباب، يكتبون لحظتهم، غير مرتبطين كثيرا بالبناء الكلاسيكي للرواية، متخففين من البلاغة والوصف، ومسلطين الضوء على تفاصيل قد تكون دقيقة أو حتى دخيلة على حياتنا الممزوجة بالتكنولوجيا الذكية، والطافحة بالأحداث التي ﻻ تذكر. الرواية اللبنانية الشابة - إن صح التخصيص - هي طرح يتماشى وزماننا كما تماشت سابقا مع زمانها واعتبرت وقتها جديدة".
    الكلام عن عدم الالتزام السياسي الذي يتحدث عنه شومان، قد ينطبق على رواية رشا الأطرش الأولى "صابون"، وهي أيضا أول رواية خرجت من محترف الكتابة الروائية الذي تشرف عليه نجوى بركات. فالمكان هو "الشخصية" الفعلية في الرواية عبر تحولاته اليومية التي تنتج "درامية" العمل والكتابة.
    المدينة أيضا تحضر بقوة في روايات الزميلة سحر مندور: "سأرسم نجمة على جبين فيينا" و"حب بيروتي" و"32" و"مينا" على الرغم من انها تنحو إلى رسم تفاصيل علاقات إنسانية متفرقة، لكن إحدى القراءات الممكنة لنصها، هي تأثير هذا المكان في الشخصيات بتشعبها، وكأنها بذلك تخضع للشرط الجغرافي الذي عاشت فيه، أكان مثلا في "حب بيروتي" أو في باريس التي تهاجر إليها إحدى شخصيات روايتها الرابعة "مينا".
    آخر "الوافدات" إلى نادي الروائيين الشبان، إن جاز القول، مايا الحاج مع رواية "بوركيني" (كلمة مشتقة من برقع وبكيني). ربما العنوان نفسه جدير بأن يخبرنا عن جو الرواية التي تحاول ان تصور هذين القطبين بما يحملان من تناقضات هي تناقضات المجتمع الحالي. في أي حال، يبدو أن اختيارها الكتابة الروائية يأتي من قولها: "إن الكتّاب الشباب أدركوا حقيقة أننا نعيش اليوم عصر الرواية، فأخذوا يتجاهلون الشعر متجهين بمعظمهم صوب الرواية. هكذا شهدت الساحة الثقافية اللبنانية خلال السنوات الأخيرة ولادة روائيين شباب نجح بعضهم في أن يُحقّق حضوراً لافتاً منذ العمل الأول. ويُمكن لمن يتابع الحركة الروائية اللبنانية أن يلحظ صعود أسماء روائية شابة في معرض بيروت للكتاب". ولا تنفي الحاج أن الروائيين الشبان يقدمون "أعمالاً تتفاوت من حيث الجودة، لكنّها تعكس في شكل عام حساسية جديدة تجاه موضوعات لم يتناولها الجيل السابق من الروائيين. فالرواية اللبنانية التي كتبها - ويكتبها - روائيون مكرسون في الكتابة الإبداعية، تطرح تيمات متقاربة في جوّها، وقد شكلّت الحرب الأهلية مثلاً محوراً رئيساً من محاور رواياتهم على مدى عقدين أو أكثر. أمّا الروايات الجديدة فتتميّز بنوع من اللامبالاة تجاه القضايا الوطنية الكبرى والأفكار الإيديولوجية التي شغلت من سبقهم، بحيث أنّ ثمة اتجاهاً نحو مواضيع غير مطروحة، ومنها ثقافة الانترنت التي بدأت تدخل إلى الرواية الشابة في لبنان والعالم العربي أيضاً".
    ومع ذلك تعتبر "أنّه من المبكر الحديث عن رواية لبنانية جديدة في لبنان. فالروائيون الشباب لم يُشكلّوا حتى الآن تياراً خاصا بهم، كما أنّ الأعمال الشابة تبقى في إطار المحاولات التي قد تُشكّل لاحقاً نمطا جديداً في الرواية اللبنانية. وما علينا إلاّ الانتظار".
    تحقيق: إسكندر حبش
يعمل...
X