إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

– د. فاروق ماميش – د. سليمان حريتاني - أحمد دحبور – علاء الدين عبد المولى – مصطفى خضر – ع : هاني شموط - خالد السباعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • – د. فاروق ماميش – د. سليمان حريتاني - أحمد دحبور – علاء الدين عبد المولى – مصطفى خضر – ع : هاني شموط - خالد السباعي



    حين شاهدت هذه الصورة على صفحة صديقي الحمصي خالد السباعي، لم أتمكن من ضبط دموعي التي كانت قد هربت مني وعبرت عن اللحظة. قلت له سوف أكتب عن الصورة. ولكني تأخرت في الكتابة. حتى سمعت يوم أمس برحيل د. فاروق ماميش... فتذكرت أنه في هذه الصورة. فاروق ماميش رجل من رجالات حمص الذين يفتخر بهم الإنسان سواء أكان أديبا أم ناقدا أم طبيبا أم ناشطا قانونيا أم صديقا. رجلٌ بمعنى الكلمة. معرفتي به قبل أن ألتقيه بسنوات. لأنه شخصية عامة يقال عنها ما يقال ويتناقل الناس أخبارها ومواقفها. معرفتي به تضمنت أنه إنسان كبير. طبيباً ومواطنا ومثقفا قارئاً. مما فرض علي احترامه تلقائيا من غير سبب شخصيّ.
    حين التقيته في هذا المكان في الصورة، كنا نعرف بعضنا ونحترم بعضنا من قبل. الصورة هي مكانٌ له قصة في حمص. مكان هو مستودع الكتب الضخم العائد لصاحبه الصديق خالد السباعي (أبو ياسين). ومن لا يعرف أبو ياسين من مثقفي حمص فهو حكماً ناقص الثقافة. أبو ياسين هذا وجدناه فجأة بائعا للكتب بطريقة مغايرة لبائعي الكتب الآخرين. فهو يبيعك الكتاب بنسخته الأصلية أو بنسخة مصورة عنه، خاصة الكتب التي لم تكن متوفرة في مكتبات حمص أو سوريا، أو تلك التي تباع نسختها الأصلية بسعر عال جدا، تجدها عنده بنسختها المصورة بنصف الثمن... لذلك كان أبو ياسين مصدرا أساسيا للكتب بكل أنواعها لدى قراء ومثقفي وكتاب حمص... والرجل تعرض في أكثر من مرة لمساءلات أمنية حول بعض العناوين التي يبيعها ويصورها. وقد يتدخل الأمن في منع كتاب ما من البيع... ومن يعرفه يعرف صحة هذا الكلام.
    أمام مستودعه الذي كان يفتتحه يوم الجمعة بعدد من الأصدقاء القريبين، كان هناك لقاء أسبوعي صار طقساً مطلوبا لدى هؤلاء الأصدقاء. وقد بدأت أتردد على هذا الطقس متأخرا وداومت عليه تقريبا حتى ما قبل خروجي من حمص.
    في أسبوعه هذا نجتمع نحن مصطفى خضر وأحمد دحبور ونجاتي طيارة وهاني شموط وسليمان حريتاني وفاروق ماميش... وغيرهم طبعاً.
    كانت جلسة مفتوحة بكل عفويتها، بكل حرارتها، كنا أحيانا أيام البرد الشديد لا ننقطع عن اللقاء، فثمة ما هو مغرٍ في القصة. حوارات سريعة أو مرتجلة أو مركزة وخلافات وذكريات ومواقف وحريات ووو... الخ.
    فاروق ماميش الدكتور الذي نتحدث عنه هنا، كان في تلك الفترة مصابا بالسرطان. وكان أي شخص مصاب بالسرطان بالنسبة لي شخصا صديقا متألماً نبيلا. فاروق ماميش تغلب على السرطان. وصرت أستشيره في شؤون تخص سرطان زوجتي. كان يجيبني بصوت قوي واضح واثق ليس فقط إجابة طبية، بل إجابة المنتصر على السرطان. ويرسل رسائل التشجيع والأمل معي إلى زوجتي الممددة في سرير الألم. حين كنت أنقل إليها كلامه، تبتسم، فهي تعرف من هو فاروق ماميش...
    في جلساتنا الأخيرة، قبل سفري، كنت مضطربا كثيرا دون أن أعلن ذلك. لأنني أضمر في نفسي لوعة الفقدان لهؤلاء الأصدقاء. أضمر كل هذا الشوق المسبق لهذه الجلسة التي اختفت بالنسبة لي. وهي الآن اختفت بسبب وضع حمص وسوريا.
    أمس قرأت عند الأصدقاء خبر وفاة فاروق ماميش، فبكيت لكل هذه الذكريات، لكل هذه الرجولة الحقيقية فيه، لكل هذا الأمل الذي انتصر معه، ثم غلبه الموت والقهر وما يجري حوله الآن...
    عليك الرحمة يا صديقي. ولكل من يعرفه العزاء. ولأهله ولحمص... التي ما من يعزيها.
    في الصورة: من اليمين الشاعر أحمد دحبور – علاء الدين عبد المولى – الشاعر مصطفى خضر – د. فاروق ماميش – د. سليمان حريتاني.
    تصوير الفنان الفلسطيني والباحث: هاني شموط.
    نقلأ عن صفحة سهف عبد الرحمن - علاء الدين عبد المولى
يعمل...
X