إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخط العربي من أهم وسائل التقدم والعمران التي شهدها عالمنا العربي من مشرقه إلى مغربه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخط العربي من أهم وسائل التقدم والعمران التي شهدها عالمنا العربي من مشرقه إلى مغربه





    اعتبر الباحثون أن الخط العربي من أهم وسائل التقدم والعمران التي شهدها عالمنا العربي من مشرقه إلى مغربه، ومن ثم امتداده وانتشاره في الآفاق، واتخاذ هذا الخط من أهم وسائل التعبير لدى كثير من الأمم والشعوب.


    فهذا الخط من أدق الفنون الجميلة وأحسن الأشكال الهندسية وهو مظهر يفرضه التطور الحضاري فالكلام سبق الكتابة، والكتابة تسجيل للكلام ونقله من الصوت إلى الحرف.
    وقد ورث الخط العربي، قبل أن يأخذ شكله الحالي جملة خطوط، ويمكن أن نميز في سلسلة الخط العربي ثلاث حلقات، هي حلقة الخط المصري القديم بأنواعه الهيروغليفي والهيراطيقي والديموطيفي، وحلقة الخط الفينيقي وأخيراً حلقة الخط الآرامي.

    وهناك من يذهب إلى أن الخط العربي «النسخي» أخذ عن الأنباط، وأصل هذا الخط النبطي من السرياني الذي انشق عنه الخط المسند الحميري في اليمن، فالخط العربي والحال هذه، تحول من صورته النبطية إلى الصورة العربية المعروفة، وقد جرى هذا التحول خلال الفترة الواقعة بين منتصف القرن الثالث للميلاد ونهاية القرن السادس للميلاد.
    ويمكن القول إن الأنموذج الكوفي للخط العربي انفرد بشخصية متميزة وإذا نسب هذا الخط إلى مدينة الكوفة بالعراق فإن هنالك أنماطاً أو نماذج أخرى للخطوط تنسب إلى هذه المدينة أو تلك ومن ذلك الخط الحمري نسبة إلى مدينة الحيرة وكذلك الأنباري والبصري، وقد جرى الإفادة من الخط الكوفي على المساجد والقصور كونه كثير الزخرفة والتزيين وكان الأوائل يدونون الكتابة حيثما اتفق، من اليمين أو اليسار، ومن الأعلى إلى الأسفل وبالعكس، ولعل اتباع هذه الطريقة أو تلك في التدوين يعود إلى سهولة قراءة الكتابة على الأغلب، ذلك أن صورة كل حرف في الكتابة العربية هي غير صورة الحرف الآخر، ولذلك فإن القلم يتحرك في جميع الجهات، ثم إن الحروف العربية لها رأس وعقب فيقع الرأس من جهة اليمين والعقب في جهة اليسار ما عدا أحرف: (ا، ج، ح، خ، ع، غ) فرؤوسها إلى أعلى وعقبها إلى أسفل والكتابة تبدأ برأس الحرف أولاً، ومن الجهة اليمنى ثم إلى عقب الحرف جهة اليسار، وكل كلمة مركبة من أحرف تكتب مرتبة من اليمين إلى (بحسب النطق) إلى اليسار، وبذلك تكون القراءة من اليمين.

    مسيرة الخط العربي
    مرّ الخط العربي بتطورات مهمة حتى أخذ شكله الحالي، وكان من أهم هذه المراحل ما كان قبل الإسلام على يد عرب الحجاز وما كان خلال العهود الإسلامية.

    دور عرب الحجاز
    فقد كانت اللغة العربية قبل الإسلام محصورة في شبه الجزيرة العربية وكان لعرب الحجاز دور كبير في مسيرة الخط العربي، بما أصاب هذا الخط على يدهم من التطور والتميز.. من خلال حياتهم التجارية المزدهرة وهذه التجارة جعلتهم يأخذون الخط المعيني، ثم ما لبثوا أن طوروا خطوطهم بما يتناسب مع معطيات حياتهم التجارية بين بلاد العرب السعيدة (اليمن) جنوباً وبلاد الشام شمالاً.
    ولما ظهرت دولة الأنباط في بلاد الشام الجنوبية، وامتد نفوذها إلى العراق واليمن، استخدم الأنباط الخط الآرامي، وقاربوه مع خطوطهم، ثم نشروه على طريق القوافل التجارية.. وما لبث عرب الحجاز أن استخدموا هذا الخط النبطي مستحدثين فيه ضروباً من التطوير، وبالتالي أخذ هذا الخط بالانتشار على طول الدروب التي كانت تسلكها قوافل المكيين التجارية.

    الخط العربي في عهود الإسلام
    ففي صدر الإسلام جعل المسلمون اللغة العربية لغة الدين والدولة فانتشرت في البلاد التي ساد فيها العرب، أو دخلها الإسلام، وأصبحت الكتابة بالخط العربي عامة بين المسلمين الذين يقرؤون القرآن الكريم، وقد ساير الخط العربي انتشار اللغة العربية، ثم ما لبث أن تجاوزها وسار مع الإسلام بعد أن كان محصوراً في قلة من أهل شبه جزيرة العرب وإذ نجح العرب في نشر اللغة العربية في الأقاليم التي تكونت منها الدولة الإسلامية، فقد رافق ذلك النجاح تحويل لغات البلدان الإسلامية التي اعتنقت الإسلام من غير العرب إلى الخط العربي، ورافق ذلك تطور الخط العربي نوعاً وشكلاً، كما رافق ذلك تغير في أسلوب الكتابة، فظهر الخط الدارج في الحجاز الذي تفرع عنه الخط النسخي فيما بعد.
    ومن جهة أخرى، فقد رافق هذا الانتشار للخط العربي بين الشعوب الأعجمية بخاصة، رافق ذلك شيوع في اللحن والإعجام، فكان لابد من معالجة ذلك حفاظاً على كيان العربية ولسانها، فوضعوا أبواباً في اللحن وابتكروا الشكل والإعجام.
    كان الشكل بضبط الكلمة بالحركات التي تؤدي المعنى المقصود، وأول من وضع الشكل والنحو هو أبو الأسود الدؤلي، كان ذلك باتباع أسلوب التنقيط، وتلاه نصر بن عاصم بن يعمر.. وكان ذلك الشكل بلون مغاير للون الكتابة، ولما أتى الفراهيدي أوجد الحركات المعروفة الآن.
    ويراد بالإعجام تمييز ما يتشابه من الحروف عن بعضها بوضع النقاط عليها، وقد بدأ هذا العمل قبل الإسلام.. فلما كان زمن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي جرى وضع النقط لتمييز الحروف المتشابهة في الرسم.. ومن ثم نحا الخطاطون نحواً خاصاً في وضع التشكيل والإعجام سعياً وراء إظهار جمال الخط وحسن منظره.

    مراكز تجويد الخط العربي
    جرى تجويد الخط العربي على مراحل وفي مراكز متعددة، وكان أول العناية في الحجاز، وذلك لشدة لزوم الكتابة في تدوين القرآن الكريم. كما كانت الكوفة من هذه المراكز، وإليها ينسب خط كتبت به المصاحف الأولى وقد بقي هذا الخط الكوفي إلى أواخر القرن الرابع للهجرة عندما غلبه الخط النسخي.
    وبانتقال الخلافة إلى دمشق زمن الأمويين، أصبحت دمشق مركز العناية بالكتابة العربية.. وقد برع الخطاطون زمن الأمويين في إتقان الخط، وكان من أشهر الخطاطين زمن الوليد بن عبد الملك الخطاط قطبة الذي كان أكتب أهل زمانه وهو الذي جعل الخط الكوفي في أربعة أنماط أو أنواع وهي: الجليل والطومار والثلث والثلثين.
    أما هندسة الحروف وتجويدها فتعود إلى الفترة الأولى من العهد العباسي وتنسب إلى رجلين من أهل الشام هما: الضحاك بن عجلان، واسحق ابن حماد.. كانا يخطان الجليل والطومار، وقد بلغ عدد الأقلام زمنهما إثني عشر قلماً، وقد انتقلت إمامة الخط العربي في سنة 300 من الهجرة إلى محمد بن مقلة، وهو أديب وشاعر ووزير.. وهو أول من وضع للخط معايير ومقاييس وهندسة للحروف.
    كما تميزت أيام الفاطميين بجودة الخط، فكانت في أيامهم مدرسة سهرت على تحسين الخط وترقيته، وكان أساتذة هذه المدرسة وأمثالها يعلمون الخط بعناية وتدبير.

    خطوط بلاد الشام
    بقيت بلاد الشام المعين الذي يرفد العالم الإسلامي بأجمل الخطوط، وكان الخط العربي في هذه البلاد يرقى ويتطور ويأخذ قيمة جمالية فقد كان لهذا الخط في شمال بلاد الشام نصيب من التجويد منذ أواخر القرن الخامس للهجرة بظهور صورتين جديدتين لهذا الخط، وقد اعتبرت إحداهما تطوراً لخطوط النساخ التي خطت بها المخطوطات، ونعني بذلك خط النسخ الذي حذق به الخطاطون والصورة الثانية كانت لخط مستدير حل محل الخطوط الكوفية ذات الزوايا في النقش على المواد الصلبة. ومنذ ذلك الحين سادت الخطوط اللينة.
    وإذ بلغ الخط في أيام المماليك درجة عالية من الجمال الفني وحسن التذوق والزركشة بإجادة ووضوح، فقد كبُر شأن هذا الخط على يد الخطاطين زمن الدولة العثمانية، فوصل الخط في أيام العثمانيين إلى قمة المجد والجمال والحسن وكان لهذا الخط مدارس تقوم على تعليمه كما قامت مدارس أخرى للخط العربي في أماكن أخرى كالقاهرة والإسكندرية، وقد برع شيخ الخطاطين زمن العثمانيين الشيخ حمد الله في خطي الثلث والنسخ، وجاء بعد الشيخ حمد الله الخطاط عثمان سيد خط النسخ بلا منازع، فضلا عن ذلك كان من السلاطين من تتلمذ على أيدي خطاطي العصر، ومنهم السلطان عبد المجيد الثاني والسلطان خان الثاني. حتى إن السلاطين استخدموا الخط كنمط من أنماط تواقيعهم في ما يُعرف بخط الصفراء.. كما ظهرت أيام العثمانيين أنماط أخرى لم تكن معروفة مثل خط الرقعة والديواني والسيافت.

    التجريد في الخط العربي
    أبدع الخطاطون في زخرفة الكتابة العربية غاية الإبداع وبمهارة يعجز عنها الوصف، حتى إن المرء لا يكاد «في كثير من الأعمال» يستطيع أن يميز العنصر الكتابي عن تلك الزخارف، كما كانت عليه الخطوط من زخارف وترابط موزون.. حتى إن من الممكن القول إن فن الزخرفة في الكتابة العربية فن رائد يرقى إلى نوع من التجريد غايته التعبير عن أفكار مبدع هذا الخط أو ذاك بأسلوب يكره الفراغ وينشد التوازن والتكامل، حتى لكأن هذا الخط جزء متمم للزخرفة وليست الزخرفة متممة للخط وهذا الغنى بالإمكانات الفنية والتعبيرية للخط العربي أمر جدير بالاهتمام ولا يمكن التقليل من شأنه لكونه واحداً من صفي الفنون.
    وإذ تجسدت عبقرية فن الزخرفة العربية في أعمال الخط العربي فقد كان لجمال الحرف العربي إفراداً وتركيباً وطبيعة هذا الخط المرنة المطواعة للمد والمط والاستمداد والرجع أيد فنانة ممارسة مطواع يواكبها ذهن متوقد بالابتكار خصب بالعطاء والتجديد.
    ونظرة متأنية إلى فن الزخرفة العربي تؤكد جنوح هذا الفن إلى تجريد يكره الفراغ ويتوق إلى الإبداع ولولا قابلية الحرف في الاستمداد والانثناء والرجع لإملاء الفراغ على المهاد لما كان للحرف العربي ذلك الدور الزخرفي، وبالتالي ما كان للمبدع الخطاط أن يبدع ويُشغل الفراغات التي تتركها حركات الحرف أو انتصابه في نوع من التوازي الزخرفي.
    وقد كان من محاسن الحرف العربي شدة حيويته الناشئة عن قدرته على التطاوع بالاستدارة والانحناء وفقاً لأصول هندسية وقواعد رياضية ثابتة، فأصل الحروف العربية حرف الألف، الذي هو خط مستقيم فجعلوا منه قطراً لدائرة، أما بقية الحروف فهي أجزاء من الدائرة المحيطة بهذا القطر.. ولو أعيدت الحروف إلى التسطيح وأزيل تقوسها لكان جميعها من الألف بنسبة معينة ثابتة وعلى أية حال فإن الخط العربي يكتب بأقلام أساسية سبعة هي: الثلث والنسخي والإجازة والرقعة والديواني والفارسي فضلاً عن القلم الكوفي.

    1 – خط الثلث:
    يعد هذا الخط أصل الخطوط، كونه أجمل الخطوط الموروثة وأصعبها، فلا يكون الخطاط خطاطاً ما لم يتقن خط الثلث، ولد خط الثلث في بلاد الشام زمن بني أمية، وقد وضع قواعده وبرع فيه ابن البواب وكذلك ياقوت المستعصمي الذي أدخل عليه التعديلات في أوزانه.. وكان ممن برع فيه في دمشق الخطاط ممدوح والخطاط بدوي الديراني ولهذا الخط شكلان هما المحقق والمطلق.

    2 – الخط النسخي
    وقد أطلق عليه اسم البديع لجماله وحُسنه وروعته ثم عرف باسم خط النسخ لأن الوراقين كانوا ينسخون به المصاحف، فخط النسخ والحال هذه إنما هو حصيلة التجويد الذي أصاب الخط العربي في بلاد الشام وقد أسهم ابن فضلة في وضع قواعده.. ثم عمل الخطاطون فيما بعد على تحسين هذا الخط وتعديل قواعد ابن فضلة حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.

    3 – خط الإجازة
    وهو بين خط الثلث والنسخي، وعرف قديماً باسم الخط المدور الكبير، وقد وضع قواعده يوسف الشجري زمن الخليفة العباسي المأمون، وكانت تحرر به كتب الخلافة فعرف بالخط الرياسي.

    4 – خط الرقعة
    هذا الخط جميل سهل التركيب، ويعود إلى زمن السلطان العثماني محمد الفاتح، ووضع قواعده الخطاط ممتاز بك زمن السلطان عبد المجيد الثاني، بعد أن كان مزيجاً من الخط الديواني وخط سياقت الذي كان يستخدم في الدفاتر والبراءات وقد انتشر خط الرقعة في أرجاء الدولة العثمانية انتشاراً واسعاً حتى إنه حل محل خط النسخ، الذي أصبح خطاً مقدساً لاختصاصه بكتابة المصاحف.

    5 – الخط الديواني
    وهو خط جميل يعتمد على المرونة والانسياب، ويُحسن كتابته من أحسن كتابة خط الرقعة، وظهر هذا الخط زمن السلطان العثماني محمد الفاتح وابنه بياز بعد فتح القسطنطينية، وقد أبدعه إدريس البدليسي وهو خطاط ماهر كان مرجعاً في جميع أنواع الخطوط، فكان رئيساً لمشيخة الخط في الدولة العثمانية وكانت تكتب بهذا الخط الفرمانات (المراسيم) والانعامات السلطانية، فأصبح الخط الخاص في الديوان السلطاني، لذلك عُرف بالخط الهمايوني، ولهذا الخط قسم يُدعى بديواني الرقعة وهو خالي الشكل والزخرفة وسطوره مستقيمة من الأسفل، وقسم آخر يُدعى: الديواني الجليّ، ويتميز بتداخل حروفه بأوضاع متناسقة متوازنة، ومن هذا الديواني الجلي: ما يعرف بالريحاني أو الغزلاني نسبة للخطاط مصطفى غزلان. وكان خط الديواني خاصاً بكتابات القصور الثعمانية، ثم انتشر بفضل مدرسة الخطوط العربية في مصر وقد تصدر الخط الديواني فنون الخط على يد الخطاط الدمشقي بدوي الديراني.

    6 – الخط الفارسي
    حمل المسلمون لما فتحوا بلاد فارس الخط والكتابة العربية فأصبحت الكتابة العربية كتابة الفرس الرسمية، والخط الفارسي من ثلاثة أنواع، أكثرها انتشار وشيوعاً خط نستعليق، وأساسه من الخط النسخي، فهو من خط النسخ والتعليق، وقد استنبط خط التعليق الخطاط حسن من أقلام خط النسخ والرقعة والثلث، أما قواعد خط نستعليق، فقد استنبطها الخطاط علي الشيرازي من أجزاء البط والطيور.

    7 – الخط الكوفي
    فضلاً عما أشرنا إليه عن الخط الكوفي في سياق هذا البحث، فيمكن القول إن هذا الخط من أقدم الخطوط، وكان سائداً في عرب الشمال، وقد اشتقه أهل الحيرة من الخط النبطي، ووصل إلى الحجاز في شكلين: هما الكوفي المقور والكوفي المبسوط. بلغ الخط الكوفي منزلة كبيرة في العصر العباسي وقد تفننوا في رسمه وشكله وأدخلوا عليه الكثير من فنون الزخرفة، ومن جهة أخرى، فقد تفرع عن الخط الكوفي القديم الخط المغربي وكانت الكتابة به على المصاحف، وبعض الزخارف الخطية المزينة للعمارة في المساجد خاصة.
    المصدر :جريدة الوطن السورية

    قيمة المرء ما يحسنه
يعمل...
X