إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الروائي ( سليم عبود ) : الأديب الحقيقي هو المنتمي إلى مجتمعه ومعاناته ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الروائي ( سليم عبود ) : الأديب الحقيقي هو المنتمي إلى مجتمعه ومعاناته ..

    سليم عبود: الأديب الحقيقي هو المنتمي إلى مجتمعه ومعاناته



    اللاذقية -سانا
    لا يمكن للأديب أن يستورد أفكاره من بيئات لم يعرفها أو يختبرها أو من معاناة لم يتفاعل معها.. فالأديب الحقيقي هو المنتمي إلى مجتمعه ومعاناته ومكوناته الأخلاقية والثقافية وهذه المكونات تتفاعل في روحه وكلما كان قادرا على انتاج هذه المفاهيم وهذه المعاناة القائمة بينه وبين مجتمعه كلما كان هذا الإنتاج الأدبي قريبا من مجتمعه وواقعه.
    ومن هنا نرى التمايز بين عمل ادبي وآخر لدى هذا الكاتب او ذاك فالشاعر والكاتب سليم عبود تأثر هذه المسألة فجميع الروايات التي كتبها عكست بشكل شفاف وواقعي الحياة التي عاشها في مجتمعه فهي تعبر عن انتمائه الحقيقي الفكري والثقافي والسياسي.
    فمثلا رواية "وشم إمرأة" تصور الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة بين عام 1975 إبان أحداث الأخوان المسلمين والتطورات السياسية الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت في سورية حتى عام 2010، كما أن رواية "النو" تعبر عن المخاضات الاجتماعية والثقافية في الساحل السوري وفي مدينة جبلة تحديدا وجميع هذه الروايات تم تناولها بالنقد في مجلات وجرائد بعضها سوري وآخر عربي.
    والطبيعة عنصر أساسي متجل بقوة في روايات الأديب عبود لأنها وحسب تعبيره جزء من حركة العمل الروائي وتقدم مشهدا يمكن أن يكون الخلفية الحقيقية لأبطال الرواية باعتبارها تقوم على عناصر زمانية ومكانية.
    ومن يقرأ كتاباته يكتشف البحر وشجرة الصنوبر والسفح والتل والجبل والطريق المعبد والطريق الترابية والبيت الريفي الطيني وحقل البرتقال وصياد السمك والموج البحري والصخر الشاطئي الصيف .. الخريف .. الشتاء ..وفيضان النبع والنهر.
    والأديب عبود ترعرع وكبر مع ابناء جيله وسط جو يهتم بالثقافة والمطالعة والقضايا السياسية وتأثر بكتاب وشعراء كثر وكان للثقافة عنده قيمة اجتماعية وأدبية وأخلاقية لذلك كان مدفوعا دائما الى تنمية امكاناته الثقافية وتطويرها وتحويلها إلى منتج ثقافي ، ويمكن القول أن المدرسة ساعدت في تسليط الضوء عليه وعلى أبناء جيله فكان التشجيع من قبل المدرسة على كتابة المواضيع الادبية والثقافية.
    درس الشاعر والكاتب سليم عبود المرحلتين الاعدادية والثانوية في دار المعلمين بحلب وتلقى تعليمه فيها على يد أفضل المدرسين والمعلمين والمثقفين والكتاب والشعراء والنقاد الذين يعملون في صناعة النقد والرواية والقصة وتأليف الكتب المدرسية واللغة أمثال خليل الهنداوي، سليمان العيسى، جورج سالم وغيرهم، وكان على تماس مباشر معهم ونفحوا فيه روح الأدب، بالاضافة إلى أنه كان ملازما لدار الكتب الوطنية وهي مكتبة صخمة جدا وتشكل منارة ثقافية و مخزونا للكتب التراثية والثقافية وكان بإمكان روادها الاطلاع على جميع محتوياتها.
    وخلال وجوده في الخدمة الالزامية عمل بالصحافة وكتب في مجلة جيش الشعب ، وعام 1971 نشر مجموعته القصصية الاولى وهي عبارة عن قصص تهتم بقضايا المواجهة مع العدو الاسرائيلي بعد نكسة حزيران وعلاقة المواطن بالمجتمع وخاصة في المجتمعات الريفية وعلاقة المثقف الريفي بالمدينة الحديثة.
    ثم تنقل بين مجموعة من الأعمال السياسية والاجتماعية وغيرها وفي هذه الفترة توقف نتاجه الادبي نتيجة انشغاله بأعمال اخرى وفي عام 1969انتسب الى اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وأصدر رواية سنديان الذاكرة التي تتحدث عن شاب ريفي اوائل فترة الخمسينيات جاء الى المدينة واكتشف عالما جديدا على كل الاصعدة السياسية والثقافية فكان هناك مجموعة من التناقضات التي أدت إلى تكوين بطل الرواية والى تصادمات بينه وبين المجتمع الجديد وخاصة الطبقة الارستقراطية وتصل الرواية في النهاية الى بطل مصدوم واقعيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا.
    وكتب الأديب عبود على مدى سنوات طويلة زوايا في صحف عربية وسورية مثل جريدة المحرر العربي والسفير والبعث والثورة والوحدة وفي جميع هذه الزوايا كتب حول الازمة في سورية والعدوان الممارس عليها والتحديات التي تواجهها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا والتآمر الاقليمي ، كما قام بتحليل مستجدات الحرب على سورية بكل تشعباتها وقدمها.
    وعن الحركة الثقافية في المحافظة اوضح عبود في حديث خاص لـ سانا إن محافظة اللاذقية هي في الأساس محافظة متقدمة تعليميا وبالتالي فان حجم الوعي فيها متنام وفيها مختلف اطياف التنوعات البيئية كما فيها ايضا جميع التنوعات الثقافية والسياسية وهذا الامر خلق وضعا متطورا على كل الاصعدة فأنتج فعلا ثقافيا متطورا على صعيد الشعر والرواية والأدب عامة وقدم مثقفين متألقين في العمل السياسي والفكري والاجتماعي.
    وحسب تعبير الأديب عبود فانه في السنوات الاخيرة أصبح هذا الفعل الثقافي يحبو قليلا نتيجة الانصراف عن الثقافة وربما الحياة الجديدة اخذت الناس باتجاهات أخرى وهنا يمكن القول أن مجموعة من الجهات ساهمت في ذلك ابتداء من المنزل الى المدرسة والجامعة انتهاء بالأحزاب السياسية.
    وبين عبود بأننا بتنا اليوم نفتقر إلى الكوادر المتقدمة ثقافيا في مواقع العمل الثقافية والاجتماعية رغم ان الدولة قدمت بنية تحتية يمكن ان تشكل قاعدة لانطلاقة ثقافية متطورة فمثلا نحن لدينا في المحافظة مركز اذاعي وتلفزيوني وجريدة محلية ومراكز ثقافية متعددة ولكن هذا الامر لم يستثمر ثقافيا كما ينبغي.
    والأديب عبود ليس مع مصطلح الفعل الأدبي النسوي لأن المرأة وحسب تعبيره عنصر مهم في هذا المجتمع وتعيش في نفس الظروف التي يعيشها الرجل لذلك جاء انتاج الاديبات في الساحل متشابها مع إنتاج الادباء الذكور وليس لإنتاج النساء سمات معينة تميزه عن إنتاج الرجل في هذه المحافظة ، وقد نقرأ في بعض الاعمال تمايزا في أعمال المرأة لكننا لا نسميه أدبا نسويا.
    وتابع عبود.. برزت أسماء مجموعة من الأديبات الشاعرات والكاتبات والروائيات في المحافظة على امتداد عقود طويلة ونقرأ في انتاجهن ادبا متكاملا اجتماعيا وثقافيا في كل أبناء المجتمع وهذا يتشابه مع ما يكتبه الرجل.. فالمرأة الأديبة في الساحل السوري كتبت عن الظلم الاجتماعي الذي وقع على الرجل والمرأة وكتبت عن معاناة الانسان الريفي وفي المدينة وعن طموحات الفقراء وعن المرأة والرجل اللذين يحلمان بفجر جديد.
    والأدب بالنسبة له رسالة يجب أن يحملها الأديب إلى الناس ولكن ليس باللغة المباشرة الصريحة التي نجدها في المقالة أوالخطاب السياسي.. لأن الأدب يصور الواقع تصويرا شفافا ودقيقا ولكن ليس بالشكل التشجيعي وكأننا امام صورة فوتوغرافية وفي جواب عن سؤال حول إمكانية الأدب احداث تغيير في المجتمع بين الأديب عبود أن الأدب هو من يدخل في جزئياتنا فيقدمها بطريقة أدبية وكثيرا ما يضفي على انتاجه الكثير من القوة التخيلية التي قد تنبئ بالقادم أو تضع الواقع في صورة إبداعية يتمازج فيها الواقع والخيال وكلما كان الادب قائما على هذا التمازج كلما كان أكثر قدرة على الوصول إلى مشاعر ووجدان القارئ وكلما كان قادرا على احداث تغييرات مرئية او غير مرئية احيانا في الفعل الثقافي والسياسي والاجتماعي في المجتمع من هنا يمكن القول ان الادب يخلق فعلا تغييرا في المجتمع وكلما كان هذا الادب واعيا كلما انتجنا فعلا واعيا مرتبطا بوعي الناس وتطلعاتهم وتشكل لدينا الاديب القائد والأدب القائد أي من يمسك بدفة التغيير والحركة.
    وعن إشكالية العلاقة مابين المرأة والرجل وكيف تناولها في اعماله اوضح عبود ان الاديب لا يستطيع صنع علاقة جديدة مابين المرأة والرجل لان هذه العلاقة مرت بمراحل متطورة .. فكل مرحلة وكل بيئة وكل طبقة انتجت علاقة مابين الرجل والمرأة وكلما تطور الواقع ثقافيا واجتماعيا وسياسيا كلما تطورت العلاقة ما بين الرجل والمرأة.
    وتابع... تاريخيا المرأة والرجل عانيا من سطوة التخلف الثقافي والاجتماعي وفي فترة الستينيات بدأت هذه المعاناة تخف تدريجيا بوصول المرأة والرجل الى المدرسة والجامعة ومفاصل المجتمع فالعلاقة في ظل هذا الواقع الجديد باتت اكثر نضوجا وقدرة على انتاج مجتمع فعال ومتطور وقادر ان يتحرك باتجاه اهدافه مثلا الشباب الذين يتحركون اليوم في سورية دفاعا عن سمائها ومائها وترابها وياسمينها هم نتاج علاقة صحيحة لأسرة صحيحة عمادها الرجل والمرأة.
    وعن الأزمة والعدوان الذي تتعرض له بلادنا بين عبود أن سورية اليوم تتعرض لحرب شرسة تشارك فيها اطراف داخلية وإقليمية ودولية .. وهذه الحرب العدوانية هي نتيجة تمسكها بثوابتها الوطنية والقومية ولو انها تخلت عن ثوابتها وعن القضية الفلسطينية وعن نهج المقاومة وانتظمت تحت الخيمة الاميركية كما انتظم الاخرون ولو انها استسلمت للمشاريع الاميركية والصهيونية كما استسلم الاخرون لما واجهت هذه الحرب العدوانية.
    وتابع .. كانوا يعتقدون ان سورية ستسقط في ظرف أسبوع أو أسبوعين أو شهر منذ بداية الحرب لكن الخصوصية الوطنية والقومية للشعب السوري وبسالة القوات المسلحة وحكمة القيادة السورية ومواقف الاصدقاء في العالم اكدت ان سورية هي الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها كل المؤامرات ولا تتحطم ولم يكن يعتقد الاميركيون ان سورية الدولة بالمفهوم السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والعسكري ستصمد في وجه سطوة الحرب الدموية الحاقدة التي تشن عليها من اطراف كثيرة وبأساليب وحشية وتكون الدولة السورية بكافة مكوناتها الجيش والشعب والثقافة والروح القومية المقاومة قد سقطت وعلى هذا الاعتقاد رسموا حساباتهم او مشاريعهم لكن سورية فاجأتهم بصمودها واستمرت قوية تتحرك فيها الحياة بشكل تصاعدي داخليا وإقليميا ودوليا.
    يذكر أن الأديب سليم عبود من مواليد قرية عين شقاق بريف مدينة جبلة عام 1946حاصل على إجازة في الأدب العربي انتسب إلى اتحاد الكتاب العرب عام 1971 بدمشق وعمل رئيسا لتحرير جريدة الوحدة في اللاذقية 1969وللأديب الاصدارات التالية رواية سنديان الذاكرة 1969 ورواية البيدق عام 2000 ورواية النو عام 2001 ورواية أوراق الغرفة 67 عام 2004 ورواية وشم امرأة عام 2011 وكتاب سياسي بعنوان سكاكين وجسد عام 2012 وكان عضوا في مجلس الشعب من عام 2007 حتى 2012.
    بشرى سليمان

يعمل...
X