تويت
- قرية الدالية.. جنة بين قمم الجبال مسكونة بالتاريخ عامرة بالعلم و الثقافة
اللاذقية-سانا
تتميز قرية الدالية في محافظة اللاذقية بطبيعتها الساحرة وجمالها الآخاذ حتى تكاد تكون جنة وسط الجبال نظرا لوقوعها في منطقة الجبال الساحلية و تتبع إداريا لمنطقة جبلة و هي على مسافة واحدة من كل من محافظات اللاذقية و طرطوس و حماة إذ تبعد عن كل منها تقريبا مسافة 70 كيلو مترا وتتوضع على السفح الجنوبي لجبل جوفين كما تمتد على مساحة متباينة الإرتفاع عن سطح البحر تتراوح بين 800 متر و 1150 مترا.
وذكر عيسى أبو علوش الباحث في الثراث الشعبي الساحلي أن المقصود بالدالية هو عريشة العنب التي تتسلق الأشجار أو التي تزرع في الأرض وتمتد أغصانها و ينسب الاسم إلى الجد الأكبر لسكانها و الذي كانت لديه دالية عنب تتسلق شجرة سنديان ضخمة وكان قد جهز تحتها مصطبة يفرشها ويحافظ على نظافتها دائما ليقضي معظم أوقاته فيها يتعبد الله ويكثر من القراءة كما يستقبل ضيوفه في أفيائها ومع مرور الزمن غاب الاسم الأصلي للقرية و هو البحصة و حل مكانه اسم الدالية.
وأضاف أبو علوش: تكثر في أراضي الدالية مواقع القمم الجبلية التي تدل على العلو و الإرتفاع مثل قمة رأس الأسود التي سميت كذلك نسبة لحجارتها سوداء اللون وتربتها البركانية وهناك رأس الورد الذي عرف بهذا الاسم نظرا لكثرة وجود ورود النباتات البرية فيه بالإضافة إلى رأس الزعيتر الذي يثرى بوجود نبات الزعتر البري فيه و هناك أيضا قمة رأس الحصان التي يشبه شكلها رأس الحصان الأصيل.
وتابع: هناك أيضا رأس المقرقعة وسمي كذلك لوجود الحجارة الرقيقة الواسعة و التي تحدث صوت قرقعة مستمر لدى السير فوقها إلى جانب رويسة الغزلان وسميت كذلك لكثرة وجود الغزلان البرية فيها قديما و رويسة المحلب تيمنا بشجر المحلب الذي ينتشر فيها على نطاق واسع و يفوح شذاه في الأجواء.
وأشار إلى أن أبناء القرية عملوا على ربطها طرقيا بجميع القرى المحيطة بها من جميع الاتجاهات ما جعلها مركزا استراتيجيا تتقاطع فيه الطرق المؤدية إلى قرى ومدن محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة فمن جهة الغرب ترتبط قرية الدالية بمدن الساحل السوري جميعها و قراها عبر محاور وادي القلع الدالية و دوير بعبدة الدالية و بيت العلوني الدالية كما ترتبط من الشمال بقرى محور حمام القراحلة و خرايب سالم و ايضا بمحور اوتستراد جبلة و بيت ياشوط و الغاب و من جهة الشرق تنفتح الدالية على المنطقة الوسطى في سورية عبر محاور الدالية أبو قبيس و حماة ومن الجنوب تتصل بقرى جرد عنازة في بانياس وجرد القدموس.
وأوضح أن قرية الدالية تقع على سفح شديد الانحدار و لذلك فإن أراضيها تأخذ شكل مدرجات يسمى كل منها بالحاكورة أو الحارة او العزقة ويبنى لكل واحدة منها جدار يسمى الرمية ليحفظ تربتها من الانجراف أما مناخها فهو معتدل على مدار العام كما تتميز بغزارة امطارها خلال الشتاء و تعتبر نسبة هطول الأمطار فيها من اعلى النسب في سورية حيث يصل معدل امطارها إلى 1100مم.
وأضاف: رغم أن أمطارها حاليا تتركز في فصل الشتاء و في فصلي الربيع والخريف إلا أن قرية الدالية كانت تشهد في ما سبق وقبل التغيرات المناخية التي طرأت على العالم عددا من الريات زخات المطر في مواقيت محددة خلال الصيف و قليلا ما كانت هذه الريات تخلف مواعيدها مثل رية المكادس التي تأتي في موعد درس الحصيدة و رية المساطح التي كانت تغرق مساطح التين اليابس خلال الصيف بالاضافة إلى ريات أخرى.
وأضاف أبو علوش: أن الثلوج تهطل بكميات كبيرة في فصل الشتاء وربما تقطع الطرق المؤدية للقرية لايام عديدة و كانت هذه الثلوج في الماضي تمنع المواشي من الذهاب إلى مراعيها وخاصة انها كانت تستمر بالهطول خلال الشتاء وصولا إلى شهر آذار وما بعده حتى أن هناك مثلا شعبيا اعتاد أهالي القرية سابقا على ترديده حيث يقول لاتستغربوا الثلج في آذار.. ياما نفضناه عن الغمار أي أنه كان يهطل حتى في شهر حزيران خلال فصل الصيف وهو شهر الحصاد والغمار.
وأوضح.. كان الثلج الكثيف يخفي معالم القرى بأكملها بحيث يصبح التمييز بين البيوت وغيرها من الأراضي والحواكير مستحيلا لأن سماكته تتجاوز ارتفاع جدران البيوت و يخبرنا المعمرون و تتناقل الأجيال كيف أن كثيرا من البيوت الترابية كانت تتهدم فوق رؤوس ساكنيها و أصحابها و مواشيهم بسبب سوء الأحوال الجوية وكثرة تساقط الثلوج فيموت العديد منهم دون أن يشعر بهم أحد أو يتمكن من انقاذهم لأن السكان الباقين يكونون محاصرين داخل منازلهم أيضا.
وحول لباسهم التقليدي أوضح أن الرجل في الدالية اعتاد على ارتداء القنباز الحريري المقلم يدنوه ثوب قماشي أبيض اللون يصل إلى الركبتين و معه شروال أبيض و جاكيت ذو لون غامق أماغطاء الرأس للرجال فهو الشملة البيضاء التقليدية و فوقها البريم العقال أما لباس المرأة فيتكون من الفستان المزركش بكمين طويلين حيث يغطي جسمها من الرقبة حتى القدمين و تحته ثوب ملون اخر بكمين طويلين يغطي من الرقبة إلى ماتحت الركبتين وتحتها سروال أحمر مكشكش من الأسفل و مربوط بما يعرف بـ التكة أو تكة المغيط أو المطاط و تلبس المرأة فوق هذه الملابس ما يسمى ب المحزم الملون أما لباس الرأس فيبدأ بعرقية بيضاء قبعة توضع على الشعر مباشرة أو طربوش أحمر واطىء يثبت على الرأس وتلف فوقه الحطاطة الحريرية السوداء ثم المنديل الحريري المصنوع محليا ويسمى المسلوبة.
وحول تاريخها البعيد اوضح الباحث أبو علوش ان تموضع الدالية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط جعلها تقع في قلب العالم القديم و لذلك فهي مأهولة منذ بداية وجود الانسان على هذه الأرض و يؤكد على هذا الأمر وجود مجموعة كبيرة من الآثار ضمن أراضيها الحالية في مواقع عامودي و الزيتونة و رأس الأسود والدرجة و جوفين وكذلك وجود قلعة المنيقة قريبا جدا منها حتى ان بعض الأهالي و أثناء حفر أراضيهم كانوا يكتشفون قبورا محفورة على غير اتجاه القبور الإسلامية كما يجدون الكثير من العملات النقدية و الخواتم و أيضا الجرار الفخارية ذات النقوش غير المفهومة و التي تعود ربما إلى ما يسبق العصر الروماني.
وحاليا يقترب عدد سكانها المسجلين رسميا من خمسة عشر ألف نسمة حيث تعتبر الثقافة و التعليم من أبرز اهتماماتهم ومساعيهم كما قال أبو علوش إذ ينطلق أبناؤها إلى مدارسهم وجامعاتهم بشغف داخل سورية وخارجها موضحا ان أولى الأجيال الدراسية من تلاميذ القرية قد تخرجت في العام 1948 أما اول اعدادية رسمية تجهيز فيها فقد تأسست في العام 1964 حيث عاد أبناء الدالية والطلاب اليها من ثانوية البنين التجهيز في مدينة جبلة وكانت الثانوية تضم المرحلتين الاعدادية والثانوية معا حيث اعتبرت الأخيرة هي الثانوية الوحيدة للذكور في منطقة جبلة وريفها.
واختتم بالاشارة إلى أن سكان القرية يداومون على أعمالهم اليومية في مختلف مجالات الحياة بهمة و نشاط لا سيما في مجال الزراعة الذي يؤمن مصدر رزق للغالبية العظمى منهم حيث ينكبون على العمل في حقولهم و بساتينهم وفق حكمة شعبية يتداولونها و تقول لا تضحك على الارض فتضحك عليك و لاتكذب على الارض فتكذب عليك فعلى مقدار الكد و التعب تأتي المواسم الخيرة.
رنا رفعت
تتميز قرية الدالية في محافظة اللاذقية بطبيعتها الساحرة وجمالها الآخاذ حتى تكاد تكون جنة وسط الجبال نظرا لوقوعها في منطقة الجبال الساحلية و تتبع إداريا لمنطقة جبلة و هي على مسافة واحدة من كل من محافظات اللاذقية و طرطوس و حماة إذ تبعد عن كل منها تقريبا مسافة 70 كيلو مترا وتتوضع على السفح الجنوبي لجبل جوفين كما تمتد على مساحة متباينة الإرتفاع عن سطح البحر تتراوح بين 800 متر و 1150 مترا.
وذكر عيسى أبو علوش الباحث في الثراث الشعبي الساحلي أن المقصود بالدالية هو عريشة العنب التي تتسلق الأشجار أو التي تزرع في الأرض وتمتد أغصانها و ينسب الاسم إلى الجد الأكبر لسكانها و الذي كانت لديه دالية عنب تتسلق شجرة سنديان ضخمة وكان قد جهز تحتها مصطبة يفرشها ويحافظ على نظافتها دائما ليقضي معظم أوقاته فيها يتعبد الله ويكثر من القراءة كما يستقبل ضيوفه في أفيائها ومع مرور الزمن غاب الاسم الأصلي للقرية و هو البحصة و حل مكانه اسم الدالية.
وأضاف أبو علوش: تكثر في أراضي الدالية مواقع القمم الجبلية التي تدل على العلو و الإرتفاع مثل قمة رأس الأسود التي سميت كذلك نسبة لحجارتها سوداء اللون وتربتها البركانية وهناك رأس الورد الذي عرف بهذا الاسم نظرا لكثرة وجود ورود النباتات البرية فيه بالإضافة إلى رأس الزعيتر الذي يثرى بوجود نبات الزعتر البري فيه و هناك أيضا قمة رأس الحصان التي يشبه شكلها رأس الحصان الأصيل.
وتابع: هناك أيضا رأس المقرقعة وسمي كذلك لوجود الحجارة الرقيقة الواسعة و التي تحدث صوت قرقعة مستمر لدى السير فوقها إلى جانب رويسة الغزلان وسميت كذلك لكثرة وجود الغزلان البرية فيها قديما و رويسة المحلب تيمنا بشجر المحلب الذي ينتشر فيها على نطاق واسع و يفوح شذاه في الأجواء.
وأشار إلى أن أبناء القرية عملوا على ربطها طرقيا بجميع القرى المحيطة بها من جميع الاتجاهات ما جعلها مركزا استراتيجيا تتقاطع فيه الطرق المؤدية إلى قرى ومدن محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة فمن جهة الغرب ترتبط قرية الدالية بمدن الساحل السوري جميعها و قراها عبر محاور وادي القلع الدالية و دوير بعبدة الدالية و بيت العلوني الدالية كما ترتبط من الشمال بقرى محور حمام القراحلة و خرايب سالم و ايضا بمحور اوتستراد جبلة و بيت ياشوط و الغاب و من جهة الشرق تنفتح الدالية على المنطقة الوسطى في سورية عبر محاور الدالية أبو قبيس و حماة ومن الجنوب تتصل بقرى جرد عنازة في بانياس وجرد القدموس.
وأوضح أن قرية الدالية تقع على سفح شديد الانحدار و لذلك فإن أراضيها تأخذ شكل مدرجات يسمى كل منها بالحاكورة أو الحارة او العزقة ويبنى لكل واحدة منها جدار يسمى الرمية ليحفظ تربتها من الانجراف أما مناخها فهو معتدل على مدار العام كما تتميز بغزارة امطارها خلال الشتاء و تعتبر نسبة هطول الأمطار فيها من اعلى النسب في سورية حيث يصل معدل امطارها إلى 1100مم.
وأضاف: رغم أن أمطارها حاليا تتركز في فصل الشتاء و في فصلي الربيع والخريف إلا أن قرية الدالية كانت تشهد في ما سبق وقبل التغيرات المناخية التي طرأت على العالم عددا من الريات زخات المطر في مواقيت محددة خلال الصيف و قليلا ما كانت هذه الريات تخلف مواعيدها مثل رية المكادس التي تأتي في موعد درس الحصيدة و رية المساطح التي كانت تغرق مساطح التين اليابس خلال الصيف بالاضافة إلى ريات أخرى.
وأضاف أبو علوش: أن الثلوج تهطل بكميات كبيرة في فصل الشتاء وربما تقطع الطرق المؤدية للقرية لايام عديدة و كانت هذه الثلوج في الماضي تمنع المواشي من الذهاب إلى مراعيها وخاصة انها كانت تستمر بالهطول خلال الشتاء وصولا إلى شهر آذار وما بعده حتى أن هناك مثلا شعبيا اعتاد أهالي القرية سابقا على ترديده حيث يقول لاتستغربوا الثلج في آذار.. ياما نفضناه عن الغمار أي أنه كان يهطل حتى في شهر حزيران خلال فصل الصيف وهو شهر الحصاد والغمار.
وأوضح.. كان الثلج الكثيف يخفي معالم القرى بأكملها بحيث يصبح التمييز بين البيوت وغيرها من الأراضي والحواكير مستحيلا لأن سماكته تتجاوز ارتفاع جدران البيوت و يخبرنا المعمرون و تتناقل الأجيال كيف أن كثيرا من البيوت الترابية كانت تتهدم فوق رؤوس ساكنيها و أصحابها و مواشيهم بسبب سوء الأحوال الجوية وكثرة تساقط الثلوج فيموت العديد منهم دون أن يشعر بهم أحد أو يتمكن من انقاذهم لأن السكان الباقين يكونون محاصرين داخل منازلهم أيضا.
وحول لباسهم التقليدي أوضح أن الرجل في الدالية اعتاد على ارتداء القنباز الحريري المقلم يدنوه ثوب قماشي أبيض اللون يصل إلى الركبتين و معه شروال أبيض و جاكيت ذو لون غامق أماغطاء الرأس للرجال فهو الشملة البيضاء التقليدية و فوقها البريم العقال أما لباس المرأة فيتكون من الفستان المزركش بكمين طويلين حيث يغطي جسمها من الرقبة حتى القدمين و تحته ثوب ملون اخر بكمين طويلين يغطي من الرقبة إلى ماتحت الركبتين وتحتها سروال أحمر مكشكش من الأسفل و مربوط بما يعرف بـ التكة أو تكة المغيط أو المطاط و تلبس المرأة فوق هذه الملابس ما يسمى ب المحزم الملون أما لباس الرأس فيبدأ بعرقية بيضاء قبعة توضع على الشعر مباشرة أو طربوش أحمر واطىء يثبت على الرأس وتلف فوقه الحطاطة الحريرية السوداء ثم المنديل الحريري المصنوع محليا ويسمى المسلوبة.
وحول تاريخها البعيد اوضح الباحث أبو علوش ان تموضع الدالية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط جعلها تقع في قلب العالم القديم و لذلك فهي مأهولة منذ بداية وجود الانسان على هذه الأرض و يؤكد على هذا الأمر وجود مجموعة كبيرة من الآثار ضمن أراضيها الحالية في مواقع عامودي و الزيتونة و رأس الأسود والدرجة و جوفين وكذلك وجود قلعة المنيقة قريبا جدا منها حتى ان بعض الأهالي و أثناء حفر أراضيهم كانوا يكتشفون قبورا محفورة على غير اتجاه القبور الإسلامية كما يجدون الكثير من العملات النقدية و الخواتم و أيضا الجرار الفخارية ذات النقوش غير المفهومة و التي تعود ربما إلى ما يسبق العصر الروماني.
وحاليا يقترب عدد سكانها المسجلين رسميا من خمسة عشر ألف نسمة حيث تعتبر الثقافة و التعليم من أبرز اهتماماتهم ومساعيهم كما قال أبو علوش إذ ينطلق أبناؤها إلى مدارسهم وجامعاتهم بشغف داخل سورية وخارجها موضحا ان أولى الأجيال الدراسية من تلاميذ القرية قد تخرجت في العام 1948 أما اول اعدادية رسمية تجهيز فيها فقد تأسست في العام 1964 حيث عاد أبناء الدالية والطلاب اليها من ثانوية البنين التجهيز في مدينة جبلة وكانت الثانوية تضم المرحلتين الاعدادية والثانوية معا حيث اعتبرت الأخيرة هي الثانوية الوحيدة للذكور في منطقة جبلة وريفها.
واختتم بالاشارة إلى أن سكان القرية يداومون على أعمالهم اليومية في مختلف مجالات الحياة بهمة و نشاط لا سيما في مجال الزراعة الذي يؤمن مصدر رزق للغالبية العظمى منهم حيث ينكبون على العمل في حقولهم و بساتينهم وفق حكمة شعبية يتداولونها و تقول لا تضحك على الارض فتضحك عليك و لاتكذب على الارض فتكذب عليك فعلى مقدار الكد و التعب تأتي المواسم الخيرة.
رنا رفعت