إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة قصيرة - أغنية البنفسج - الأديبة حسنة محمود‏

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة قصيرة - أغنية البنفسج - الأديبة حسنة محمود‏

    قصة قصيرة - أغنية البنفسج
    حسنة محمود‏
    اعترتنا كوابيس الظلمة وبات عشق القهر يثقل أجسادنا التي راحت تتلاشى على مفترق السنوات 0 تهنا ولم نعد نعرف من منا الأسير أو الشهيد ، من منا القاتل أو القتيل ، كدت أغوص في تغضنات ذاكرتي أفتح في جدار الزمن ثقباً صغيراً يدخل منه شعاع الأمل لأرسم أحلامي على مساحة الفضاء 0
    انطلقت راكضة كعصفور نجا من موت محتم ، لكن أوراق سنواتي كانت تتطاير على كل الدروب وفي كل الاتجاهات حتى توقفت عند الخمسين فشعرت أن الوقت قد يتأخر فتستفيق الزنابق بعيد المطر ولهى ، رحت استرجع تفاصيل تلك القصة التي لم تكتمل ولم يتسنى لي الوقت لأضع لها نهاية مناسبة 0 حين كانت البطلة تشعر أن لحظات الغرام التي تعيشها معه تلسعها بجمر الشهوة ، تدفئها حيناً فتشعر بالنشوة يغمرها الفرح لسلوكها الإنساني هذا ، فقد اجتاحتها مشاعر إنسانية رائعة جاءت كومضة أنارت مكنونات نفسها ، فتمنت ألا يطول انتظارها لسيد الحكاية الذي سيأتي سراً يستتر خلف قناع قبل أن تستنزف بريقها في محطات انتظارها هذه 0 آه كم رغبت حينها أن أسجن البطل في ثنايا الزمن الصعب فيصبح كالراقص في ضباب الصباح عارياً تلاحقه الأعين ، لكني اكتشفت أنني أنا من سيّجه الماضي وكان حارسه الحاضر 0 وحين طوّقني الصمت بكت الغرفة والشرفات ونزل الماضي دموعاً مالحةً ، وإذ بي كأوراق الخريف أسبح في الفضاء ليلقى بي في مكان بعيد عن مكان ولادتي عن موطن طفولتي ، بعد أن أثقلني المطر 0 وما إن وصل المساء حتى غطّت الطبيعة في نوم عميق فأسدلت ستائر غرفتي وتوغلت ثانية في أزقة الذاكرة المعتمة أنبّش فيها وأبحث في عتمة الزوايا عن قصة تعيد إلى أنوار الشارع فرحها واستئناسها وتستبدل نسيج الخوف بأغنية البنفسج توشي أغاني الملاحم البطولية ولأكتشف عمق الخراب والتشوه والضياع الذي امتد إلى أجسادنا التي فقدت صخبها ، ودفء فراشها الذي لوّن أحلامنا بزهر الليلك وشقائق النعمان ذات وجد 0 وحين أمعنت النظر جيداً في مرآتي التي اعتراها الصدأ قليلاً في مطارح عدة أدهشتني تجاعيد سنواتي الخمسين ، وكأنني أقرأ كتاب تاريخ إنساني مكنني من فك طلاسم ذلك الإنسان الذي عاش في الطبيعة ومعها ، انفعل وتفاعل عبر صباحاتها وسهرات الشتاء مع التين والزبيب والبلوط المشوي في مدفأة الحطب 0 فتحت الباب 0000 مشيت في الممر الذي امتلأ برائحة الخريف لأصل في نهايته إلى غرفة نومي التي استرخت هناك وكأنها صممت لتراقب أو بمعنى آخر لتتجسس على كل من يعبر هذا الممر ، كنت أصغي إلى وشوشات مبهمة دون أن أحدّد مصدرها ، تساءلت وأنا مأخوذة باللحظة وغرابتها : ماذا تقول هذه الجدران 00؟ وعلى من تتهامس 00 ؟ ومع من 00؟ هل شاهدت عريي ذات غفلة وأنا أبدل ملابسي أو أتفقد التغيرات التي داهمت هذا الجسد الذي أثقله القهر وأسخنه الحرمان 00 ؟ أم ضبطتني وأنا أوزع القبل ولحظات الشوق لحبيب مفترض أني التقيته ذات غرام ، أو ربما خنت البطلة والتقيته في تلك القصة التي لم يتسنّ لي الوقت لأضع نهاية مناسبة لها ، حين تواعدنا في ذلك المساء الخريفي الدافع تنعشنا فيه زخات المطر المتسللة من تلك الغيمة الرمادية التي شتتت الريح أجزاء منها ، وكان حيّنا يأخذ فيه قيلولة من نهار اتشح بالشقاء وتعثر خطوات المارة 0‏
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    قصة قصيرة - أغنية البنفسج - الأديبة حسنة محمود‏
يعمل...
X