إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لنتذكرالفنان صالح كاظم = زخارف لعبة مسرحية بالنصوص - حازم كمال الدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لنتذكرالفنان صالح كاظم = زخارف لعبة مسرحية بالنصوص - حازم كمال الدين

    الفنان صالح كاظم.. وداعاً!
    قحطان السعيدي
    أثار الموت التراجيدي للفنان المسرحي المغترب صالح كاظم العديد من الاحزان والمواجع، خصوصاً وان (ستارة) الاسبوع الماضي قد كرست نحواً من ملف هذا الفنان الراحل بقلم الزميل لطيف الحبيب. اذ طالبنا الفنان المسرحي د.فاضل سوداني بنسخة من الصفحة المذكورة، طالما ان سفرته الثانية الى مدينة العمارة، قد عرقلت قراءة هذه الصفحة، وهو المتنقل حالياً بين (كوبنهاكن) الدنيمارك وبين جامعة دهوك في كردستان العراق.
    في الوقت نفسه، وجدنا من المخرج المسرحي المغترب الفنان اسماعيل خليل عتباً صريحاً، لما يموت من المسرحيين العراقيين في خارج الوطن، محملاً صفحة (ستارة) العديد من التساؤلات والشكوك والانثيالات الوطنية التي تخص عراقنا الوطني الدستوري الجديد، فضلاً عن العشرات من رسائل الاحتجاج التي حملتها مواقع الـ (FaceBook) و (تويتر) وكلها تحمل الاعلام العراقي الراهن مسؤولية الصمت او الإهمال لموت الفنان صالح كاظم خارج الوطن.
    الحق، انني احترم هذه الدعوات جميعاً، على الرغم من اختلافي او ائتلافي معها. والسؤال، ماذا قدم المسرحيون العراقيون لنا في الخارج؟.. ماذا فعلوا، وماذا تنابزوا عليه في بيروت واليمن وسوريا، وبلدان الغربة الاوربية؟
    ربما، وحده عوني كرومي الذي من حاول ان يضع مسرحاً عراقياً مغترباً في البلدان التي استوطنها، بفاعلية وطنيته المعروفه، وبشهامته الاكاديمية. والا ماذا نقول عن الفنان الراحل قاسم محمد طيلة اكثر من عشر سنين قضاها في الشارقة، وهو يداري اميرها في نصوصه التاريخية السقيمة، وبوصايا هذا الامير التي تحرم عليه فعل التجريب والحداثة المسرحية، وهو المخرج المعتاد دوماً على آليات الانفلات المسرحي، من دون قيد او شرط؟!
    كذا الامر، بالنسبة للمخرج جواد الاسدي، الذي صنعت منه منظمات التحرير الفلسطينية مخرجاً عالمياً، وهو الذي فشل بشكل معلن في تقديم معاناة نساء العراق من خلال آسيا كمال وشذى سالم وسهى سالم في عرض مسرحي فقير، حال عودته الى العراق..!!.. والجميع يجمع بأنه عاد الى اغترابه، كما فعل دوماً، لأن مثل هذا العرض لم يلق بشخصه وكرامته الاخراجية، التي لاتكاد تنافس او تتمحن مع المخرجين المسرحيين الراهنين، امثال: سامي عبد الحميد، صلاح القصب، عقيل مهدي، فاضل خليل، عزيز خيون، كاظم النصار، جبار المشهداني، وآخرين..
    ربما عاش فناننا الراحل صالح كاظم ذات المحنة في غربته الطويلة خارج الوطن. والذين لايعرفون هذا الفنان عن قرب، نقول انه فنان متعدد المواهب والاهتمامات، بعد دراسته المسرحية والادب العالمي في جامعة لايبزغ الالمانية اوائل السبعينيات، وحصل على شهادة الدكتوراه في علوم المسرح، وقد عمل مترجماً وقاصاً في العديد من المنافذ الادبية والفنية. ومن اشهر اعماله المسرحيه اعداده لمسرحيه (العميان) لموريس مترلنك باخراج الفنان الراحل عوني كرومي، واخراجه نص كافكا (تقرير الاكاديمية) بتمثيل عوني كروني وآخرين.
    الرحمة والمجد لهذا الفنان الذي شيع مؤخراً من قبل الجالية العراقية في برلين ليدفن هناك في مقابر الغرباء.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

    زخارف لعبة مسرحية بالنصوص وأدوات التعبير الالكترونية
    صالح كاظم في عمل مسرحي جديد
    حازم كمال الدين
    برلين 22 حزيران 2006 مسرح روما Roma - Aether - Klub - Theater (مسرح مقهى). المخرج والدراماتورغ العراقي صالح كاظم في عمل جديد من اخراجه وتوليفه ودراماتورغي شتيفن شتيغلش: (زخارف).
    صالة أو باحة مقهى أحالها المخرج فضاءً لعرض متنوع الوسائل: فن عرض أو (لايف پرفورمانس). ذلك أن فنون العرض، ومنذ تسعينات القرن الماضي، بدأت تلتقي من جديد، بعد قطيعة، لتؤسس مفهوما يتنكر للحدود المفتعلة بين مختلف (أنواع) الفنون ومختلف وسائل الاتصال رابطها المركزي حدث جديد: التكنولوجيا الالكترونية.

    پرفورمانس تلتقي فيه فنون الكاميرا (التوثيقية، الروائية، الكلِپ) وفنون الصوت والموسيقى الى جانب فنون التمثيل والرقص: جسد، القاء، حوار، معايشة.. بمختلف اشكالها وبالنهاية خطوط او سياقات تربط هذه العناصر مع بعض. سياقات درامية أحيانا، لونية أحيانا، شعرية أحيانا، زادها الموضوع أو التنكر للاشكال والمفاهيم السائدة أو التأكيد على النشازات كسخرية من الهارموني...
    پروجيكتور (جهاز عرض سلايدات). بيمر (جهاز عرض فيديو). شاشة عرض. جلسة مرتجلة مثلما يرتجل الغجر. طالب حسن، الفنان التشكيلي العراقي، يعتني بالاضاءة. سهير صالح الممثلة الألمانية من أصل مصري تقرأ (تلعب؟) تحت أضواء غجرية شريكها في ذلك الممثل الألماني شتيفن شتيغلز (مسرح تريبونة في برلين).
    يعتمد العمل المينيماليزم minimalism اسلوبا للعرض.
    والمينيماليزم أساسها حركة فنية وظاهرة تشكيلية تطورت في الولايات المتحدة ابان ستينات وسبعينات القرن الماضي. ويمكن للقاريء أن يستشف من الاسم أن هذا التيار يحاول اختزال الأشياء إلى حدودها القصوى: من ناحية اللون والخط والنص في الفن التشكيلي، ويركز على الخلاصات أو الاساسيات أو النقاء " بعض تجسيداته في المسرح هي اللا فعل عند بيكيت، الصفاء عند بوب ويلسون، الاختزال والتصفية عند پيتر بروك، الحذف عند گروتوفسكي" وهو غالبا يترك الشيء بشكل موضوعي وغير شخصي او مجهول بدون تدخل من الفنان بالمادة الفنية.
    هذا الأسلوب يندهش به صالح كاظم منذ زمن طويل. في مسرحيته السابقة (تقرير لأكاديمية) تأليف فرانز كافكا وضع الممثل على منصة اعتراف أو منبر خطابة واختزل كل شيء: فضاء خالي ونقطة مضيئة فقط هي الممثل. وكاد الممثل أن لا يأتي بحركة واحدة طوال العرض. الممثل هو جزء من النص ولعبة الصمت والإضاءة كما يراه المخرج. الممثل هو ناقل للنص أو حامل لا يتدخل في آلياته الداخلية، تماما كما يفعل بوب ويلسون مع اللون الازرق الصافي حين يغسل به المسرح او كما يفعل يان دو كورته الذي اختزل ماكبث واحالها الى اولياتها الاساسية تاركا الزوائد والانشاء. صالح لا يحب الثرثرة والماكسيماليزم ليس أكثر من ثرثرة بالنسبة له.
    يعتمد العرض على مقاطع مسرحية (ليس مشاهد) ونصوص غير مسرحية لمختلف الكتاب: من الاندلس، من المانيا ومن العراق. كذلك يعتمد العمل على توليفة زخرفية أندلسية عراقية المانية (سلايدات مأخوذة من فلم قصير للفنانة الألمانية ديبورا فيليب) يرافقها احيانا ممثل حي او ممثل موثّق في كاميرا.
    الموسيقى تعود لملحنين عراقيين ذوي جذور دينية مختلفة وكذلك لكل من الأسباني باكو دي لوتشيا والأمريكي لو ريد. الموسيقى مزيج من الحان عراقية تلغي الحواجز التي خلقتها الملكية حين رمت اليهود خارج العراق قسرا والتي خلقتها الثقافة القومية الشوفينية التي اتهمت درّة من درر العراق المرحوم سمير نقاش بالصهيونية. منير بشير وسليم النور يحضران لاضاءة موسيقى العراق.
    العرض اذن هو شيء من اللا حركة!
    المقطع الاول من كتاب ابن حزم الاندلسي طوق الحمامة "باب من أحب صفة" يتحدث عن تعلق البشر بصفات لا تخضع لمقاييس ثقافتنا الاستهلاكية المعاصرة لدى الحبيب او الحبيبة. "منهم فتى كان في محبوبه وقص (أي رقبته قصيرة) كأنما الغيد في عينيه جنّانا وكان منبسطا في فضل خيرته بحجة حقّها في القول تبيان. وهذا شكل عربي قديم للحديث خارج اطار الجماليات التقليدية السائدة ألقاها بالتبادل كل من شتيفن شتيغلش وسهير صالح كل بتأوليه المحايد! الصورة ليس سوى صورة توثيقية. تاريخ ولادة ومعلومات باردة بخط أسود على شاشة بيضاء.
    والمقطع الثاني من رواية حي إبن يقظان لابن طفيل الفصل الخاص بنشوء وطفولة بطل الرواية الذي تختلف الروايات حول نشأته وتطوره اللاحق. قراءة صافية وحياد ميت مع النص خلفيته نص اخباري ثابت عن المؤلف.
    أما المقطع الثالث ڤيديو "رجل في مصعد" نص لهاينر موللر مأخوذ عن مسرحية "المهمة". والفيلم (سيناريو واخراج صالح كاظم) يدور عن شخص ذاهب إلى مدير دائرته ليجد نفسه فجأة في بلاد الپيرو. الشخص يصف كيف يلتقي انسان بشكل مفاجيء مع محيط غريب.. سكاكين ومخاوف وهواجس.. الممثل في حياد توثيقي تتخلله ظلال فيلم قديم اعاد المخرج منتجة بعض من مقاطعه.
    وفي المقطع الرابع المعتمد على مسرحية لسنغ "ناثان الحكيم" حول التعايش بين الديانات التوحيدية، ينقل المخرج المشاهد بشكل مفاجيء من سكون المينيماليزم الى حركة مباغتة وحوار في مقهى يتحول أثناءه المشاهد أيضا الى ممثل. يبدو ناثان في هذا المشهد وكأنه جالس خلف البار يتناول القهوة بينما يواجهه صلاح الدين الايوبي من جهة المقهى الأخرى بالاسئلة. أسئلة من المسرحية الاصلية يلقيها صلاح الدين الذي ظهر لنا في هيئة صبي لعبته الممثلة المعروفة في مسرح دريسدن الوطني أعوام الثمانينات سهير صالح، بينما ناثان رجل حكيم وهاديء يتناول القهوة وهو يروي حكاية الخاتم المعروفة.
    بعد تلك الحركة المفاجئة والوحيدة تقريبا في العرض يعود السكون: نص لموسى بن ميمون الذي يعتبره سبينوزا معلما له حول امراض النفس. وحتى حين ظهرت أوكسانا شي، راقصة ألمانية، وقدمت رقصة تعبيرية تعتمد الموسيقى الشرقية وتعارضها او تجابهها بتعبيرية اوربية تميل الى التجريد، لم يتغير السكون. كانت الرقصة، أكاد أقول، خالية من الحركة!
    طقوس اليوم كانت هي الحدث الأخير في الپرفورمانس. نصوص من مجموعة كتبها المخرج بالألمانية تحت عنوان "مدينة إفتراضية". وصف للمدينة بشكل خليط بين آلان روب گرييه أيام الرواية الفرنسية الجديدة وبودلير والحنين الشخصي: عند مدخل زقاق يؤدي الى النهر هناك جيف لكلاب فطست بسبب الحر أو قتلت ببنادق صيادي الكلاب السائبة، تتجمع حولها الغربان التي تغطي السماء غير مكترثة بالطقس. تحت ظلال الشناشيل تنتشر روائح المأكولات التي يجري إعدادها خلف أبواب البيوت. وبين وقت وآخر يطل من أحد الأبواب رأس امرأة، تصب سطلا من الماء على الإسفلت، ثم يختفي.
    لعب المخرج على التوتر بين عناصر العرض المختلفة: تفجّر النص مقابل سكون الممثل، روحانية المحتوى مقابل دنيوية الموسيقى والفيديو وان خانته هنا وهناك المعابر بين مقطع وآخر الذي كان من الممكن ان يكون لتمطيطه ان يصبح اسلوبا يستكمل المينيماليزم.
    عمل المخرج على تنوع النص في سياق واحد: سياق القول بحيث اصبح النص قوة قائمة بذاتها ولا دخل للممثل فيها (إذا صحّ التعبير) سوى دور الوسيط. رأينا النص مرة لوحده ومرة تأويلا مع صورة وثالثة تصادما مع موسيقى ورابعة تمردا على تأويل وهكذا تصاربت النصوص مع الموسيقى او التقت. ما كان يهم المخرج هو اضاءة المحتوى بطرق مختلفة.
    آدورنو كان حاضرا بشكل ما اذن!
    صالح كاظم عمل في سبعينات وثمانينات القرن الماضي مع المسرحي الالماني هاينر ميللر (المذبحة، ماكبث، هاملت) وقبلها مع المخرج السويسري وتلميذ بريشت بينو بيسون (الانسان الطيب من ستسوان) في الڤولكس بونه كما قام بترجمة عدد كبير من اعمال هاينر ميللر الى العربية. قبلها وفي السبعينات اشتغل في مسرح مدينة هاله في شرق المانيا كدراماتورغ. قام باخراج مسرحية واعداد تقرير لاكاديمية تمثيل المرحوم عوني كرومي. واعاد اخراجها مع الممثل الالماني تيو بادرسون واحد من ممثلي مسرح الدولة في بوتسدام. كما قام بالتعاون مع اسماعيل خليل في تحقيق مهرجان المسرح العراقي في المنفى الدورة الثانية عام 2001.

    زخارف
    (نصوص لموسى بن ميمون و أبو بكر إبن طفيل وعلي إبن حزم الأندلسي وإبن عربي ولسنغ وهاينر ملر)
    أوكسانا شي (رقص تعبيري)، ديبورا فيليب (سلايدات)، سهير صالح (قراءة مسرحية)، شتيفن شتيغلش (قراءة مسرحية، دراماتورغي)، صالح كاظم (اخراج، نصوص وفيديو) وطالب حسين (تصميم الضوء).


يعمل...
X