إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخيال في الفكر الإسلامي : إخوان الصفا - ابن سينا - الفارابي - إعداد عبد الكريم سليم علي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخيال في الفكر الإسلامي : إخوان الصفا - ابن سينا - الفارابي - إعداد عبد الكريم سليم علي

    الخيال والابتكار

    إعداد عبد الكريم سليم علي
    الخيال في الفكر الإسلامي :
    الفارابي
    هو ابو نصر محمد الفارابي " المعلم الثاني " ( 870 – 950 م ) ولد في مدينة فاراب ، درس في مسقط وبغداد ، مات في دمشق ابوه فارسي وامه تركية له العديد من الكتابات منها اراء اهل المدينة الفاضلة ، يرى الفارابي ان الخيال قوة تحفظ صور المحسوسات ، بمعنى ان في الانسان قوة يحفظ بها ما ارتسم في نفسه من المحسوسات بعد غيابها عن مشاهدة الحواس لها ، بهذه القوة تُركب المحسوسات بعضها الى بعض وتنفصل بعضها عن بعض ، هي بمثابة مستودع لكل الصور الحسية التي تدركها الحواس . و الفرق بين هذه المتخيلة و القوة الحاسة ، هو أن إدراك هذه الأخيرة للشيء متآن مع مثول ذلك الشيء أمامها ، أما المتخيلة فتتلقى صور المحسوسات من قبل القوة الحاسة و تحتفظ بها منعزلة عن تجسداتها الأصلية مما يجعلها تلعب دورا هاما في التجريد النسبي للصور الحسية عن ارتباطها بالمادة ، حيث تقوم بتنقية المحسوسات و تصفيتها نسبيا من علائقها الحسية و عوارضها المشخصة.
    إن الحديث عن الخيال عند الفارابي نجده ـ في جل نصوصه ـ مقترنا بالقوة المتخيلة ، و لعل دلالة هذا أن الفارابي بصدد حديثه عن الخيال لا يعتبره مفهوما مجردا عن كل تعيين ، بل يربطه بتصوره البيولوجي و السيكولوجي للإنسان ، كما أنه لا يورد كلمة (قوة ) أو (قوى ) أثناء حديثه عن الموجودات الإلهية أو الأجسام السماوية ، بل يتحدث في هذا المجال عن (نفوس ) أو (عقول ) أما ذكره لكلمة قوة فيأتي حين حديثه عن الأجسام الهيولانية في مستواها البيولوجي و السيكولوجي ، ولعل دلالة هذا التميز هو أن هذه القوى محايثة للمادة و غير مفارقة لها . لقد وصف الفارابي انواع متعددة لقوى الإنسان ، وأنواع معرفة النفس وأدواتها ، وصف ( القوة المتخيلة ) على انها قوة تحفظ صور المحسوسات ، ووصف الحس المشترك الذي تبقى فيه الصور الحسية محفوظة رغن غياب الحس عنها ، وعند غياب الحس تعمل المخيلة في فصل بعض الصور المحفوظة او تركيب صور الى بعضها . والحس المشترك يعمل بين الحواس الظاهرة ( الحواس الخمسة ) والقوى الباطنة ، انه يتلقى معلومات الحواس الخمسة وأخبارها وعندما تتم عنده هذه المعلومات يؤديها بدوره الى المتخيلة ويحصل ذلك في النوم او اليقظة مما يجعل المحسوسات تبدو كما لو كانت في الواقع .
    ويمكن أن نميز بين لحظتين في عمل القوة المتخيلة :
    لحظة أولى تكون فيها القوة المتخيلة منفعلة بما تتقبله من الصور المحسوسة من طرف القوة الحاسة ، حيث تعمل على حفظها و اختزانها ، و تتميز الصور المتخيلة أثناء هذه اللحظة بمطابقتها و موافقتها للمحسوسات و تخضع لنفس الشروط التي تحكم عالم المحسوسات ، و بذلك تتميز هذه الصور الخيالية بالصدق .
    و لحظة ثانية تتميز فيها المتخيلة بالخلق و الإبداع ، حيث تقوم بعمليتي فصل أو تركيب الصور الحسية المختزنة لديها ، فتنتج صورا خيالية غير مطابقة لوجود المحسوسات كأن نتخيل إنسانا ذا جناحين ، و القوة المتخيلة في هذه اللحظة غير محكومة بنفس القوانين التي تنتظم العالم الحسي ، كما أنها لا تخضع بالضرورة لقانون السببية الذي يفترض وجود ترابط ضروري بين الأسباب و المسببات ، و بذلك تخترق المتخيلة كل الحدود التي تفصل الممكن عن المستحيل و الصواب عن الخطأ .
    ابن سينا :

    هو ابو علي بن عبد الله بن سينا الملقب " بالشيخ الرئيس " ولد في قرية قرب بخارى ، اشتهر كطبيب ، وله 276 كتابا ورسالة . يرى ابن سينا ان الخيال يبرئ الصورة المنزوعة عن المادة أي يحاول الخلاص منها ، فاذا غابت المادة تبقى الصورة ثابتة الوجود في الخيال ، والخيال عند ابن سينا قوة فعالة في عملية استعادة الصور الحسية والعقلية من خزين الذاكرة والقيام بعمليات التفريق والتقسيم والتصنيف ومن ثم تركيب وبناء في ضوء الدوافع والحاجات
    والمعرفة عند ابن سينا انواع ، اول المعرفات : المعرفة بالتجريد ، وثاني المعرفات بالحدس ، وثالث المعرفات : المعرفة بالاشراق او العرفان ، والمعرفة بالتجريد تتم عن طريق اكتساب المعقولات وهي تكون بتجريد الصور عن المادة ، اما انواع التجريد فتتدرج من المحسوس الى المعقول اما بنزع المادة كلها ، او بعضها ، او بنزعها كاملة بتجريد المعنى عن المادة وهذه وظيفة الادراك الحسي والادراك الخيالي والادراك الوهمي والادراك العقلي ، بتفصيل :
    الادراك الحسي : الحس المشترك يأخذ الصورة عن المادة بكل مافيها : ( الكم ، الكيف ، الاين ) ، فهو لا ينتزع الصورة عن المادة مئة بالمئة ، بل لايزال يحتاج الى المادة ليكون الصورة ، أي تبقى الصورة معلقة بموادها .
    الادراك الخيالي : الخيال هنا يبرئ الصورة المنزوعة من المادة بشكل اقوى من الادراك الحسي ، ويحاول الخلاص منها ، فاذا غابت تبقى الصورة ثابتة الوجود في الخيال اذ قد تم تجريدها عن المادة بشكل تام ، ولكن لاتزال لواحق المادة عالقة بها .
    الإدراك الوهمي : الوهم ارفع من الخيال قليلاً من ناحية التجريد فهو ينال المعاني التي ليست مادية بذاتها ولكنه لايجرد الصورة عن لواحق المادة ، لانه لايزال على صعيد الجزئيات ، ولايزال يصنف الصور حسب المادة تلو المادة ، ولايزال متعلقا بلواحق المادة ويشارك الخيال بذلك .
    الادراك العقلي : العقل يأخذ الصورة مجردة عن المادة وعلائقها كصورة الانسان مثلاً يفرزها عن الكم والكيف والاين فتقال الكلمة على جميع الناس ، ولابن سينا بوصفه طبيب محاولات لربط الخيال بمواقع محددة بالدماغ .

    إخوان الصفا :
    ظهرت جماعة اخوان الصفا في العصر العباسي ، يرى اخوان الصفا ان النفس ثلاث : نباتية تسكن الكبد ، وحيوانية تسكن القلب ، وناطقة تسكن الدماغ ، وهذه النفوس الثلاث ليست " متفرقات ، متباينات بعضها من بعض ، ولكنها كلها كالفروع من اصل واحد ، متصلات بذات واحدة كاتصال ثلاثة اغصان من شجرة واحدة " ، النفس واحدة ، انما تعددت الاسماء لتباين الافعال : ان فعلت في الجسم ، الغذاء والنمو ، سميت نباتية ، وان فعلت فيه ، الحس والحركة سميت حيوانية ، وان فعلت الفكر والتمييز سميت ناطقة . وقد ترقى هذه النفس الناطقة فتصبح نفساً ملكية في الفيلسوف ، ونفساً قدسية في النبي . اما قوى المعرفة فهي :
    1. الحواس الخمس : فيها تنطبع رسوم المحسوسات
    2. المتخيلة : تتناول رسوم المحسوسات ، وتجمعها ، وتؤديها الى المفكرة .
    3. المفكرة : تميز بعض الرسوم عن بعض " وتعرف الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ ، والنافع من الضار ، ثم تؤديها الى القوى الحافظة " .
    4. الحافظة : تحفظ رسوم المحسوسات الى وقت الحاجة والتذكار .
    5. الناطقة : تتناول الرسوم المحفوظة ، وتنتزع منها جميع المعاني ، ثم تعبر عنها باللسان .
    يصف اخوان الصفا القوى المتخيلة كواحدة من القوى ويحددون بان مسكنها الدماغ ويرون بان لهذه القوة خواص عجيبة وافعال ظريفة فمنها تناول رسوم سائر المحسوسات جميعا وتخيلها بعد غيبة المحسوسات عن مشاهدة الحواس لها . ومنها ايظاً انها تتخيل او تتوهم ما حقيقة له وما لاحقيقة له ، فالانسان يمكن ان يتخيل جملاً على رأسه نخلة او نخلة نابتة على رأس جمل ، او فرساً له جناحان او حماراً له راس انسان . ومن خاصة هذه القوة انها تعجز عن تخيل شيء لم تؤد اليه حاسة من الحواس ، ويؤكد اخوان الصفا على الفروق الفردية بين الناس في هذه القوة .

    عبير
    :p
يعمل...
X