إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تواجه الدراما السورية الأزمة وتطل على الواقع بجرأة فنية واجتماعية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تواجه الدراما السورية الأزمة وتطل على الواقع بجرأة فنية واجتماعية

    الدراما السورية تواجه الأزمة وتطل على الواقع بجرأة فنية واجتماعية

    دمشق-سانا
    تخطت الدراما السورية لهذا العام توقعات خصومها وأصدقائها في آنٍ معاً متجاوزةً ظروفها الذاتية والموضوعية من حيث مصادر الإنتاج والتوزيع والتسويق ومواقع التصوير في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد لتقدم ما يقارب ثلاثين عملاً درامياً تنوعت بين الدرامي والكوميدي والاجتماعي الساخر مكتسحةً بذلك سوق العرض العربية لتقف وجهاً لوجه في المنافسة مع أعمال مصرية ولبنانية وخليجية.
    وتصدت مجمل الأعمال الدرامية هذا الموسم للأزمة في سورية سواء على صعيد سوسيولوجي اجتماعي أو حتى على المستوى الإنساني وتأثيرات ما يحدث على امتداد الأرض السورية وانعكاسه على الأسرة كما هو الحال في مسلسل "سنعود بعد قليل" لمخرجه الليث حجو وكاتبه رافي وهبي حيث استطاع هذا العمل أن يجذب شرائح واسعة من المشاهدين محققاً رؤيا توافقية على حتمية الانتماء للوطن والتمسك به حتى النهاية كضامن لوحدة السوريين ورمزاً لوجودهم كحقيقة حضارية بزغت منذ عشرة آلاف عام.
    وتمكن الليث حجو من إدارة كاميرته في بيروت ودمشق وفق حلول نصية قاربت الأزمة وظروفها القاسية على المهجرين السوريين وبإطلالة على واقع الأسرة السورية وانعكاسات الأزمة حتى بين أفراد الأسرة الواحدة فاستطاع صاحب "ضيعة ضايعة" التعامل مع شروط المكان مطوعاً إياها لصالح مواقع تصويره على عكس ما قام به البعض من عدم الانتباه لصعوبة تقليد الأمكنة السورية متناسياً أهم عوامل نجاح الدراما.

    واتخذت الدراما السورية لموسم رمضان 2013 شكل الصبغة التوثيقية في مسلسل "حدث في دمشق" عن رواية "وداد من حلب" للكاتب قحطان مهنا سيناريو عدنان عودة فهذا ما رآه المخرج باسل الخطيب في حديثه لسانا قائلا.. "العمل محاولة لتقديم صورة مختلفة لدمشق والمجتمع الدمشقي في فترة الأربعينات ومطلع الألفية الثالثة فأنا لا أحب إعادة تأطير عملي ضمن إطار فكري وأيديولوجي معين لكن أي عمل ليس له علاقة بالراهن وما يحدث اليوم سيفقد الكثير من ألقه وقدرته في التواصل مع الجمهور" مبيناً أن هذا المسلسل كما أعماله السابقة يتصل بما يحدث اليوم في سورية عبر إشارات ودلالات واضحة لن تخفى على الجمهور السوري.
    وعن الصعوبات التي اعترضت الخطيب أثناء التصوير وكيفية التغلب عليها قال صاحب مسلسل "نزار قباني".. بعد غيابي لسنتين عن الدراما السورية ورغم الظروف الصعبة التي نحقق فيها هذا المسلسل كنت حريصاً على تقديم عمل يليق بسمعة الدراما السورية فكان هناك حماسة مع من معي من كادر العمل جعلتنا نتغلب على أي صعوبة كانت تواجهنا.
    الفنانة سلاف فواخرجي تحدثت عن المسؤولية الكبيرة الواقعة على عاتق صناع الدراما تجاه المشاهد في كيفية تقديم التاريخ والحدث السياسي قائلة.. لتقديم الحدث السياسي درامياً هناك مراجع ومصادر تاريخية بعضها مكتوب أو مسموع حتى أنه يمكن اللجوء إلى مقاربات درامية وفنية يحققها المسلسل التلفزيوني فيساهم في صياغة الرأي العام وإشاعة الوعي في ظل هجمات الإعلام وتزويره للحقائق والأحداث والتحريض اليومي على الدم فالعمل الدرامي حتى إن لم يسع للتوثيق لكن الخلفية السياسية فيه هي خلفية للحدث الاجتماعي وفي الدراما من الطبيعي وجود مساحات كبيرة للخيال والأفق البعيد وهي ضرورة لتقديم العمل بشكل جميل.
    في "حدث في دمشق" كما تراه فواخرجي تسمع التاريخ من عدة وجهات نظر إلا أنك تتعرف إلى الآراء السياسية عبر عدة أحزاب وشرائح وهذا يساعد في فهم المجتمع بشكل أفضل وبينت النجمة السورية..أنه "في العمل تكتشف أن السوري ملتصق بالسياسة دائما والشبه بين حدث في دمشق والراهن السوري كبير جداً.. لا شك أن الحياة اختلفت لكن المواطن وإن كان يهتم بلقمة العيش لكنها لا تنفصل عن السياسة أبداً فتاريخنا أجبرنا على ذلك وهو يعيد نفسه باستمرار".
    بدورها قالت الفنانة ديمة قندلفت التي تقدم شخصية "ربيعة" في المسلسل.. "ان الفن بمختلف أشكاله يقدم شيئا من الأحداث والظروف السياسية عبر انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع وفي الدراما يمكن أن تنعكس على نوع الفكرة بالمقابل من الطبيعي ألا تتجه كل أشكال الفن نحو السياسة أو التعبير سياسياً فهناك فنون تذهب باتجاهات أخرى".

    "تحت سماء الوطن" أيضاً يتعرض للأزمة الراهنة وعنها يقول المخرج نجدت إسماعيل أنزور.. "فضلت أن نقدم عملاً من عشر ثلاثيات يتعرض للأزمة في سورية يكون حقيقياً وملامساً للوجدان السوري الجمعي لكي نقدم مرآة للناس في هذه الأزمة.. فالعمل نوع من الترميم الاجتماعي وليس هجوما على طرف ضد طرف إطلاقاً.. وليس مداعبة لطرف على حساب آخر فنحن مع الإنسان السوري في هذه الثلاثيات".
    ويوضح صاحب فيلم "ملك الرمال" أن هناك خمسة كتاب شاركوا في تأليف المسلسل وهكذا تتنوع الرؤى التي تطل جميعها على ما يحدث في سورية اليوم لكن إلى أي حد تستطيع الدراما اليوم أن تصيغ رأياً عاماً في مواجهة سطوة نشرات الأخبار والبرامج السياسية... يجيب أنزور..الدراما قادرة على صياغة الرأي العام فمسلسل مثل "ما ملكت أيمانكم" استشرف وجود التطرف في المجتمعات العربية مشيراً إليه بكل جرأة وتجرد أيضاً ثلاثيات "تحت سماء الوطن" سيكون لها دور كبير في صياغة وتكوين آراء أعتقد أنها ستكون مدوية في الشارع السوري خصوصاً عند المرأة السورية لاسيما أن تلك الثلاثيات تتعرض في جانب منها لما تعرضت له النساء السوريات في مخيمات التهجير القسري عن الوطن والفتاوى التي صدرت بحقهن وكيف تم بيعهن خارج أوطانهن كما يكشف الدور السعودي في المتاجرة بهن.
    السيناريست عبد المجيد حيدر له رأي آخر في قراءة الأزمة درامياً حيث رأى أنه في الأزمات الشبيهة بأزمتنا والتي تظهر فيها تداخلات إقليمية وعالمية كثيرة سيكون هناك خلط كبير في الأوراق ناهيك عن الأثر الاجتماعي الكبير موضحاً أن الفن أصلا ليس فعلا سياسيا فالسياسة شغل يومي متغير ويفترض بالفن ثباته
    لذا لا يأخذ الفنان أو الأديب موقفا تاريخيا عادة إضافة إلى أن الدراما أصلا لا يمكن أن تستوي إلا إذا كان لها أساس إنساني وكل ما تبقى مجرد رتوش.
    ويوضح الكاتب حيدر أننا "نستطيع تقديم دراما بظروف إنسانية حتى إن الظروف المحيطة تساعدنا على تنشيط الحدث وتحريكه لكن يجب أن ننتبه إلى أن هذا ليس موقفا فالكاتب الآن لا يستطيع أن يسجل موقفا للتاريخ سوى موقف عام وإنساني ومن هنا يمكن له ككاتب أن يتناول هذا الجانب وأي شيء آخر سياسي هو مهمة السياسيين".

    بدوره الكاتب والسيناريست فادي قوشقجي الذي كتب ثلاثيتين من مسلسل "تحت سماء الوطن" للمخرج أنزور يرى أن "الإحاطة بالواقع في عمل درامي هي دوماً إحاطة جزئية وتتخذ لنفسها زاوية ما تنظر من خلالها إلى الواقع وفي حالة كالتي نمر بها يصبح الفارق أكبر بين الواقع وبين أقصى ما يمكن أن يقدمه عمل درامي أو أدبي فالواقع كما يصنفه صاحب "عن الخوف والعزلة" في اللحظة السورية الراهنة شديد التعقيد وهو متغير بين ساعة وأخرى بشكل دراماتيكي ناهيك عن أن كل حادثة تروى بعشرات الطرق".
    أما الكاتب هاني السعدي فقال عن مواجهة الدراما لتفاصيل الحدث السوري.. "في نتائج الأزمة اجتماعيا درجة من الأهمية لا يمكن تجاهلها ويمكن تقديمها في انتظار أن تنتهي الأزمة ويمكننا الحديث عن كل هذا لأننا نعيشه ببساطة" حيث يحقق السعدي عملاً درامياً يطرح فيه قصة عاطفية في أحد الأرياف وقد اختار ريف إدلب مسرحاً للأحداث كونه متاخماً للحدود التركية ويشير من خلالها إلى عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات إلى سورية عبر بعض من حرس الحدود أصحاب النفوس الرخيصة.
    الكاتب أسامة كوكش الذي كتب مسلسل "حائرات" لمخرجه سمير حسين قال إن "الحديث عن الدراما هو حكما حديث عن الواقع فإذا لم تعكس هذه الدراما واقعها فهي لن تكون جديرة بتسميتها كدراما معاصرة وانطلاقاً من ذلك يجب أن يكون الكاتب لسان حال الناس مهما اختلفت صنوفهم وآراؤهم ومواقفهم أي يجب أن يعزل نفسه ومواقفه إلى حد ما ليفسح المجال ليقدم مواقف الآخرين وآراءهم طالما أننا نفترض أن العمل الدرامي يقدم الواقع وتحديداً اللحظة الساخنة منه".
    موقف يشاطره فيه السيناريست عبد المجيد حيدر قائلاً.. "إن موقفي في الكتابة عما يجري لن يتغير كونه يرتبط بالهم الإنساني أولا وأخيرا فأنا كنت وسأبقى ضد ما يسمى الدراما التاريخية وأرفض فكرة بعض كتاب الدراما بإعادة صياغة التاريخ عبر مشروع حضاري فهذه أيضا ليست وظيفة الدراما بل وظيفة المؤرخين" مضيفا .. "ان أمام الدراما السورية مساحة من الحرية بالتالي هي ليست مضطرة للرجوع إلى التاريخ لتقول من خلاله أفكارا معينة عما يحدث اليوم أما الأسئلة الدائمة كيف صرنا هنا ومن الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه فهي أسئلة عقيمة وبالتالي يجب أن يكون التفكير منحصرا حول كيفية الاستمرار في تفوق الدراما السورية عبر مساحة عالية من الحرية الممنوحة لصناعها".
    كما يبدو الموضوع مرتبطا بطبيعة الحدث ومدى استمراريته يوضح الكاتب فادي قوشقجي.. "لكن في الغالب وطالما أننا في جميع الأحوال نمسك بزاوية واحدة من زوايا الحدث فلا شيء يمنع من الكتابة عن هذه الزوايا والجزئيات خلال الحدث" مشيرا إلى أنه أراد في عمله ثلاثية "الحميدية" أن يضع الإنسان السوري في مركز الحدث والرؤية وأن يقول إن كل نقطة دم تسيل منه أهم من كل الأيديولوجيات والصراعات والاستقطابات محاولا النظر إلى الجانب المضيء في هذا الإنسان وجمع تلك الجوانب المضيئة لدى أفراد ينتمون إلى طرفي الصراع ليراقب والمشاهد معا كيف أن اللقاء بينها ليس مستحيلاً.
    ويرصد مسلسل "حائرات" من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني حال المهجرين الذين هربوا من بيوتهم أو فقدوها تماما وعن ذلك يقول كاتب العمل أسامة كوكش.. "هم أناس يفترشون الأرصفة والمدارس بلا أدنى أمل أو علم بالمصير الذي ينتظرهم هؤلاء الناس أحد أهم مكونات الأزمة الحالية والأزمة
    القادمة لذا حاولت في "حائرات" التحدث عن واقع هؤلاء من الجانب الإنساني والاجتماعي لعل ذلك يكون وثيقة صغيرة لتأريخ هذه الحرب حتى لا يتسرب النسيان إلى ذاكرتنا يوما ما".
    من جانبه يرى الفنان سمير حسين مخرج مسلسل "حائرات" أنه.. "من المبكر جداً طرح أي قضايا أو معضلات سياسية في أي عمل فني إلا إذا ذهبنا باتجاه وجهة نظر واحدة مدافعين عنها ومع إمكانية حدوث هذا فهو يبدو إشكاليا بحد ذاته".. مشيراً إلى أن "مرحلة تقديم عمل متوازن برؤية سياسية لم تحن بعد ففي حائرات تحضر نتائج ومفرزات الأزمة اجتماعياً واقتصاديا على شخوص العمل".
    وأوضح صاحب "قاع المدينة" أنه "يوجد دائما شرط درامي للتعبير عن قضايا شائكة وملحة وربما حساسة لكن ليس كما تطرح حقيقة وهنا يوجد شرط فني أيضا فالفن يستلهم من الواقع لكن لا يماثله أو يطابقه بدقة بالتالي كل ما سيقدمه العمل من قضايا حساسة يراعي ما يحدث الآن في سورية ويراعي كذلك طبيعة مجتمعنا المحافظ عموماً".
    وفاجأت الدراما السورية جمهورها لهذا العام بالمسلسل الكوميدي الساخر "وطن حاف" لكاتبه كميل نصراوي والذي تقاسم إخراجه كل من المخرجين محمد فردوس أتاسي ومهند قطيش فعبر ثلاثين حلقة متصلة منفصلة تدور معظمها في فلك الراهن السوري وفي مسببات ونتائج الأزمة على الإنسان السوري نشاهد حلقات هذه السلسلة الكوميدية الساخرة عن بيوت طالتها النيران ونازحين وأشخاص أطاحت الأزمة بأعمالهم وأحلامهم.
    سامر إسماعيل
يعمل...
X