إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حركة ماكيايولي Macchiaioli 1855 في إيطاليا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حركة ماكيايولي Macchiaioli 1855 في إيطاليا




    الماكيالولية وجه آخر للانطباعية الثائرة على السائد
    أبو بكر العيادي
    في إطار سعيه للتعريف بإشعاع فن التصوير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، يقيم متحف «لورانجري» بباريس (من 10 أبريل إلى 22 يوليو 2013) بالتعاون مع وزارة الثقافة الإيطالية، معرضا فنيا لأعمال حركة من أكثر الحركات شاعرية في تلك الفترة، تعرف بـ»ماكيايولي» Macchiaioli، وتشبه في كثير من جوانبها الحركة الانطباعية التي ظهرت في فرنسا.
    باريس- ظهرت هذه الحركة في جنوب إيطاليا خلال خمسينات القرن التاسع عشر (1855)، وتميزت بأسلوب يقطع مع الرومانسية والكلاسيكية الجديدة اللتين كانتا سائدتين في ذلك الوقت، وقد قوبلت أعمالها التي لم يألفها الذوق العام باستخفاف النقاد، حتى أن أحدهم نعت أعضاءها عام 1862 في مقال له بـ»لا غازيتا ديل بوبُلو» (جريدة الشعب) بـ»ماكيايولي» أي المبقّعين، فالتصقت بهم تلك التسمية، وصاروا لا يُعرفون إلاّ بها.
    إنهم اختاروا الرسم بطريقة خاصة تميزت بلمسات خفيفة يُجاور بعضها بعضا، مركزين على تباين الألوان والضوء الخافت، المتدرج بين الضياء والظلمة، للاقتراب أكثر مما يسمونه «الحقيقيّ»، مثلما تميزوا بإقبالهم على رسم المناظر الطبيعية واقتناص مظاهر الحياة اليومية، وإن كانوا قد حافظوا على التوازن الشكلي وشفافية الألوان التي ميّزت «الكواتروتشنتو» في القرن الخامس عشر.
    مبقعون طليان
    ينحدر مؤسسو هذه الحركة من مقاطعة توسكانا، وأشهرهم جوفاني فاتوري وسيلفسترو ليغا وتليماكو سنيوري، قبل أن يلتحق بهم رسامون آخرون قادمين خاصة من نابولي والبندقية مثل سيرافينو دي تيفولي وأوجينيو تشيكوني ونيكولو كانيتشي. وكانوا يلتقون إمّا في مقهى ميكل أنجلو بفلورنسا، أو في بيت راعيهم الناقد دييغو مارتيلّي في المدينة نفسها. وقد عرفوا بالتزامهم بقضايا وطنهم وتمردهم على السائد. الأعمال المعروضة تقدم المشهد الإيطالي في القرن التاسع عشر، مثل «دواب في المرعى» لفاتوري و«الزيارة» لليغا، و«سانتا ماريا ديل باردي» لسنيوري، وتصوّر في جانب منها حرب التحرير التي قادها جوزيبي غاريبالدي (1807 – 1882) من 1848 إلى 1859 ضد جيوش الإمبراطورية النمساوية لتحقيق الوحدة الإيطالية، وتصوّر في جانب آخر البورجوازية التوسكانية الصاعدة، وهي الثيمات التي كان الـ«ماكيايولّي» يرغبون في تمثّلها.
    وقد حمل المعرض عنوانا جاء في شكل سؤال: «هل ينتمي الـ«ماكيايولي» إلى الانطباعية؟»، ذلك أن رفضهم أساليب أساتذتهم الأكاديمية ورومانسية معاصريهم، وكذلك إيثارهم مغادرة المشغل لالتقاط نبض الحياة في المناظر الطبيعية في الهواء الطلق فيهما شبه كبير بمسار الحركة الانطباعية في فرنسا (موني وموريزو ورونوار…)، التي قوبلت هي الأخرى بالرفض نفسه والاستخفاف ذاته، منذ أول معرض لها في باريس. وإذا كانت الإجابة بنعم، فأي الطرفين أثّر في الآخر، خصوصا وأن التقنيات التي استخدمها جيمس تيسّو وغوستاف مورو وإدغار دوغا تشبه إلى حدّ ما تلك التي يتوخاها المبقّعون الطليان؟
    ائتلاف واختلاف
    إجابة عن هذا السؤال، تقول إيزابيل جوليا، محافظة التراث والمندوبة المساعدة للمعرض إن الحركتين، الإيطالية والفرنسية، تتعاقبان دون أن تلتقيا، فلا أحد من الطرفين زار الآخر أو اطّلع على أعماله الفنية، وإن كان ثمّة تماثل وتشابه فعن طريق الصدفة. حتى الفنان الوحيد الذي زار إيطاليا في تلك الحقبة، أي إدغار دوغا، فقد التقى بالمبقّعين في مقهى مايكل أنجلو خلال رحلته الأولى من 1856 إلى 1860، أي في الفترة التي كانوا يقبلون فيها على رسم المعارك الدائرة بين القوات الإيطالية والجيوش النمساوية، بعد أن التحقوا بحركة التجديد السياسي Risorgimento، مثلما كانوا يخلدون بورتريهات الزعيم غاريبالدي أحد بناة الوحدة الإيطالية مع كاميلّو كافور وفكتور عمانويل الثاني وجوزيبي مازّيني، إلى جانب سلسلة لوحات أقرب إلى الواقعية تخلد المعارك التي خاضها. كما أنهم كانوا يرسمون للتأثيث، أي للصالونات، ومن ثمّ أظهروا -ولو بشكل غير مباشر- ملامح من الحياة البورجوازية في تلك الفترة. شيء آخر يميّزهم عن أتباع الحركة الانطباعية يتمثل في استعمالهم الخشب كسند لألواح صغيرة لا تفارقهم في تنقلهم، يرسمون عليه مشاهد شاملة الرؤية، ما جعل النقاد يعتبرونها قد سبقت الـ»سينماسكوب» بقرن على الأقل. وأيا ما تكن أوجه الائتلاف والاختلاف، فإن «ماكيايولي» استطاعت أن تفرض نفسها كحركة قائمة بذاتها، مهّدت لظهور الفن الإيطالي المعاصر الذي يُدين لها أعلامه بالريادة والتأسيس، وأثرت تأثيرا كبيرا على جانب من السينمائيين الإيطاليين مثل لوكينو فيسكونتي وماورو بولونييني اللذين استلهما منها لغة جديدة لفن الصورة.
يعمل...
X