إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم : هيام محى الدين - فلسطين .. الجرح والكارثة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم : هيام محى الدين - فلسطين .. الجرح والكارثة

    " فلسطين .. الجرح والكارثة "
    بقلم : هيام محى الدين


    " فلسطين .. الجرح والكارثة "
    ..لم يشهد العرب منذ نهاية الحروب الصليبية في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي خطرا يهدد وجودهم كأمة مثل الخطر الصهيوني الاستيطاني في فلسطين الذي نجح في إنشاء دولة يهودية الديانة عنصرية الفكر في نهاية النصف الأول من القرن العشرين باستخدام أحط وسائل الإرهاب والتطهير العرقي واقتلاع شعب من قراه ومدنه وتحويلها إلى لاجئين في دول الجوار ثم التحول إلى قوة ردع لخدمة مصالح القوى العظمى في المنطقة مقابل التسليح والتأييد وضمان الأمن واستمرارية الوجود. وترجع فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين إلى أواخر القرن الثامن عشر بعد ظهور وتمكن الدولة المدنية الحديثة ، وتتطلع أوربا إلى ممتلكات الدولة العثمانية التي بلغت حدا كبيرا من الضعف والانهيار ورغبة أوروبا بالتخلص من سكانها اليهود ، حيث نوقش الأمر خلال الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت 1798/ 1801 ، ولكن عداء انجلترا الشديد لنابليون وفرنسا حال دون نجاح حملة نابليون على الشام وفلسطين ، فاتجهت الدعوة الصهيونية إلى دعم الفكرة والدعوة إليها بين أثرياء يهود أوربا مثل البارون روتشيلد في فرنسا ودزرائيلي السياسي البريطاني اليهودي الذي وصل إلى رئاسة الوزراء ونجحوا في عقد مؤتمر ضم غلاة الصهاينة والمتعاطفين معهم برئاسة تيودور هرتزل في مدينة بازل بسويسرا عام 1898 وضعت خلاله مجموعة من الخطط للوصول إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين العربية وبدءوا بمحاولة إغراء السلطان عبد الحميد الثاني بالأموال اليهودية وسداد ديون الدولة العثمانية ليسمح له باستيطان مناطق في فلسطين العربية وكان رفضه قاطعاً ، لكن انضمام الدولة العثمانية إلى ألمانيا والنمسا ضد بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى 1914 : 1918 أعطى اليهود الفرصة للحصول على وعد من بريطانيا بالمساعدة على تحقيق حلمهم أصدره اللورد بلفور وزير خارجية بريطانيا سنة 1917 فيما عرف بوعد بلفور ، في أعقاب دخول القائد العسكري البريطاني " لورد اللنبي " الشام منتصرا على الأتراك، وبإعطاء بريطانيا حق الانتداب على فلسطين من خلال تقسيم العالم بين المنتصرين في الحرب في مؤتمر فرساى سنة1918 ، أصبح تحقيق المشروع الصهيوني ممكنا بعد أن كان مستحيلاً فقد أصبحت بريطانيا مطالبة بتنفيذ وعدها عن طريق السماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين وشراء الأراضي والعقارات ولإقامة المستعمرات الاستيطانية فيها وانفجرت الهجرات اليهودية لفلسطين مع وصول هتلر إلى الحكم وتطبيقه لفلسفته النازية التي كان من أهدافها إخلاء أوربا من اليهود بكل الطرق وكان اضطهاد اليهود والاندفاع العسكري الألماني في الحرب العالمية الثانية 1939 : 1945 الذي شمل معظم دول أوربا دافعاً إلى هجرات يهودية ضخمة لفلسطين هرباً من اضطهاد النازي ومحرقته الشهيرة " الهولوكست " التي قتل خلالها ألوف اليهود فكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني هي الملاذ وبدأت العصابات الصهيونية عمليات الإرهاب ليس ضد العرب فقط وإنما ضد كل من يعارض إرهابهم ويكشف جرائمهم من أي جنسية كان فاغتالوا اللورد موين الوزير البريطاني في القاهرة والكونت برنادوت الوسيط الدولي السويدي في فلسطين ، وعادت الجماعات المسلحة اليهودية التي كانت تقاتل في صفوف الحلفاء إلى فلسطين لتشكل عصابات إرهابية ارتكبت أبشع المذابح لإجبار السكان العرب على الفرار من فلسطين وأشهرها مذبحة دير ياسين ، ورغم عمليات الكفاح التي قام بها الفلسطينيون والعرب فقد أعلن دافيد بن جوريون قيام دولة إسرائيل في 15 مايو 1948 وكلنا يعلم النهاية التي انتهت حرب فلسطين واتفاقات الهدنة 1949 ثم اعتداءات إسرائيل المتكررة على جيرانها 1950 ، 1956 ، 1967 وأخيراً حرب أكتوبر 1973 التي انطلقت بعدها إسرائيل رغم هزيمتها العسكرية إلى تحقيق حلم الدولة الأقوى في المنطقة معتمدة على تأييد شامل لا حدود له من الولايات المتحدة التي تسيطر على الرأي العام فيها منظمات الإعلام الصهيونية ، وانتهى المطاف بالعرب إلى حالة من التشرذم والتفتت وسقطت دعوة القومية والوحدة العربية بوفاة عبد الناصر وأصبحنا اليوم نرضى بفتات الفتات من فلسطين العربية ومنتهى آمالنا إقامة دولة فلسطينية مشوهة جغرافياً وأمنياً في الضفة وقطاع غزة اللذين انقسما بدورهما نتيجة لخطة التفتيت الأمريكية للعالم العربي وصعود التيارات الدينية وسيطرتها على أجزاء متنافرة متعادية من أرض العرب من خلال تيارات التأسلم السياسي والتعصب المذهبي .
    أن الأمة العربية تملك من عناصر القوة الكثير والذي يتفوق بمراحل على ما يملكه أعداؤها ولكنها لا تحسن استغلال ما تملكه من عناصر القوة وتستهلكه في خلافاتها السياسية والدينية والمذهبية تاركة لعدوها الفرصة ليزداد قوة وعتوا وظلماً وتجبراً ، فقد تمادى الصهاينة واستفحلوا بمشروعهم الاستيطاني حيث صادروا مساحات كبيرة من أراضي الضفة كما أطلقوا العنان للمتطرفين المستوطنين ليسرحوا ويمرحوا في مدينة القدس ويدنسوا باحات المسجد الأقصى الشريف يوم بعد يوم بغطاء امني من قوات الاحتلال فقد هدموا بيوت السكان الفلسطينيين بالقدس بحجة عدم الترخيص او بحجة دخول هذه البيوت ضمن خرائط جديدة لشوارع وهمية وطردوا سكانها عنوةً حتى أن الأسماء العربية لشوارع مدينة القدس قد تم تغييبها واستبدالها بأسماء يهودية على أنها أسماء تاريخية وفق برنامج معد مسبقاً لتهويد المدينة المقدسة لتقويض الدولة الفلسطينية وتعقيد عملية التفاوض الميتة إن تم ضخ دماء التفاوض فيها من جديد.
    ولكن انشغال العرب بمشاكلهم الداخلية نتيجة مفرزات الربيع العربي أتاحت لاسرائيل الفرصة بمضاعفة تعنتها ورفضها وقف الاستيطان للعودة للمفاوضات مع الفلسطينيين من جديد والتخاذل الذي تضاعف لدعم القضية الفلسطينية


    فيوم تتحد هذه الأمة ذات الحضارة الشامخة وتستخدم ثرواتها البشرية والمالية وموقعها الجغرافي وقدراتها العلمية والمادية في خلق رأي عام عالمي يرفض الظلم ويؤيد الحق فسوف تستطيع أن تتخلص من هذا الكيان السرطاني الذي احتل جزءاً مهما من أرضها وزرع الإرهاب والترويع والتفرقة في ربوعها .. إن ملاذنا في وحدة عربية حقيقية تلقي بالخلافات المذهبية والدينية والسياسية خلف ظهرها لتعيد بناء الحضارة بالوحدة والعلم والإيمان والتضحية في سبيل العدل والسلام واستعادة الحق والأرض وبدون ذلك فإن العرب سيصبحون – كما يتنبأ المتشائمون – جنسا منقرضا كان موجود يوما ما ، فهل آن الآوان لنفيق أم سنظل في غيابه الجهل والغباء ؛ إني متفائلة بطبعي أن وراء هذا الظلام الكثيف فجر سوف يأتي حاملاً للعرب شمس الكرامة والحضارة واستعادة المجد.
    هيام محي الدين
يعمل...
X