إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعريف بشجرة الزيتون من خلال القرآن وبحوث العلماء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعريف بشجرة الزيتون من خلال القرآن وبحوث العلماء



    الشجرة المباركة من خلال يقين القرآن وبحوث العلماء
    - منقول -
    مقدمة

    ما خلق الله سبحانه وتعالى الكون إلا لحكمة يعلمها، ولغاية بريدها، وقد خلق كل شيء بتدقيق وحساب كما يقول سبحانه في سورة القمر "إنا كل شيء خلقناه بقدر" ولم يأت القرآن مخالفا للسنن الكونية، بل كل السنن الشرعية توافق قوانين السنن الكونية. ولم ينزل القرآن ليهلك الناس وإنما رحمة من الله كما يقول العزيز جل جلاله في سورة طه "طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى" فلا يمكن أن يشقى الناس بالقرآن، ولبيان ذلك ارتأينا في بحثنا هذا أن نتناول موضوع التغذية في القرآن الكريم، واخترنا لذلك مادة غذائية جعلها الله غذاء ودواء ووقى بها أجسامنا من الأمراض العديدة. فلا يجب أن نفعل مثل ما فعل بنو اسرائيل مع المن والسلوى، ونستبدل هذه المادة بمواد أخرى فنشقى في أبداننا بالأمراض وفي أموالنا بشراء الأدوية الكيماوية لعلاجها. سنتكلم بعون الله عن زيت الزيتون وعن هذه الشجرة المباركة ونقف عند المزايا التي تبينت علميا في ميدان التغذية والطب الوقائي. لكن تبقى هناك حقائق لن تقدر العلوم على تبيانها، فهل ننتظر العلوم أم نرجح حقائق القرآن ؟.
    ولعل أهم ما تناوله القرآن بالنسبة لموضوع الصحة هو الطب الغذائي، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن نتبع هذا الطب لنتجنب كل ما سقطت فيه البشرية حاليا. فالأمراض الناتجة عن التغذية أخطر بكثير من الأمراض الناتجة عن الجراثيم. وهناك مجال شاسع في القرآن الكريم يخص الطب الغذائي، والذي يصعب تناوله في الوقت الحاضر بعدما تعود الناس على استهلاك ونمط معين، وليس هناك حل دون الرجوع إلى الطب الغذائي، ولو أن الأمر أصبح مستحيلا نظرا لعدم وجود أصحاب التخصص، لأن الطب الغذائي يتطلب علم التغذية، وهذا الأخير يتطلب دراسة الأغذية قبل التغذية. وسنرى في هذا البحث ما مدى خطورة الأخطاء الناتجة عن عدم التخصص. فعلم التغذية لا ينحصر في المكونات الغذائية وإنما يتسع إلى الأساليب الصناعية وتقنيات الإنتاج وقد أصبح يشمل الآن الهندسة الوراثية ولذلك ننصح الأطباء بالابتعاد من علم التغذية وإلا كانت الكارثة لأنهم سينصحون الناس بتناول بعض المواد الغذائية التي يجهلونها جهلا تاما.
    جاء ذكر الزيتون باللفظ في خمس آيات قرآنية كريم، منها إتنثان في سورة الأنعام حيث يقول الجليل: وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) وقوله سبحانه وتعالى من نفس السورة: وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين (144). وآية في سورة النحل لقوله وسبحانه وتعالى: يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11). وقوله تعالى في سورة عبس: وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وقوله تعالى في سورة التين: والتين والزيتون، وجاء في هذه الآية قسم بالتين والزيتون والله سبحانه وتعالى لا يقسم إلا بعظيم خلقه وقد أقسم سبحانه وتعالى بالزيتون وبالطور في آية أخرى والزيتون كانت نشأته في جبل الطور كما جاء قوله تعالى في سورة المؤمنون وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ (20)، وهي الآية السادسة التي يذكر فيه الزيتون لكن هذه المرة ليس باللفظ وإنما بالتعريف العلمي كما سنبين. والحديث في هذه الآية لا يخص التغذية وإنما يخص العلاج. ونلاحظ أن شجرة الزيتون تجتمع فيها آيات عديدة خصها الله سبحانه وتعالى بها ومنها قسمه بالزيتون وقسمه بالطور وهو أصل شجرة الزيتون وبارك فيها لقوله تعالى في سورة الإسراء سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير، وجاء التعبير بباركنا حوله وليس باركنا فيه ليبقى كل ما حول المسجد الأقصى مبارك فيه وقد كان حوله كما لا يزال أشجار الزيتون.
    وقبل أن نخوض في الحديث عن الزيتون لا بد أن نشير إلى أن كل المكونات التي خلقها الله وسخرها لبني الإنسان تحتوي على مواد مغذية وهي البروتينات والدهون والسكريات إلى جانب الأملاح المعدنية والفايتمينات وكذلك على مواد طبية وهي المواد التي لا يتكلم عنها أصحاب الميدان وهي المواد المانعة للأكسدة والمواد المسهلة للاستقلاب والهرمونات الطبيعية والمضادات الطبيعية والمنشطات والمسترخيات. وهذه المواد يجهلها الأطباء لأنها ليست من اختصاصهم، ولذلك نرى أن كل من يتكلم عن التغذية يتكلم عن السعر الحراري والفايتمينات وبعض المكونات الأخرى.
    تعريف شجرة الزيتون
    جاءت شجرة الزيتون في سورة المؤمنون بالتعريف العلمي وليس باللفظ وجاءت في آية مستقلة عن الأشجار الأخرى، وجاء شيء عجيب في هذه الآية الكريمة لا يعلمه إلا الله وهو الصبغ، وهذه هي الأهمية القصوى التي تبين وجه الإعجاز القرآني، ولا نريد أن نكرر القول السائد الشائع: لقد بين القرآن حقيقة كدا مند أزيد من أربعة عشر قرنا والعلوم تبين الآن كدا وكدا، فلو كنا واثقين من أنفسنا لكنا بينا ذلك للناس من قبل لكننا أصبحنا مدبدبين وشاكين في قوتنا، فالقرآن يقول عن الصبغ أنه للآكلين والعلوم تقول أنه ماء ملوث يجب معالجته، وكل البلدان المنتجة للزيتون تصرف أموالا طائلة في معالجة مياه اعتصار الزيتون. إنه لعار حقا على أمة لديها القرآن وتشك في نفسها.
    وشجرة الزيتون تكاد تكون الشجرة المثمرة الوحيدة التي لا تفسد التربة ولا تحتاج إلى ماء بكثرة ولا تفسد المزروعات إذ يمكن زراعة ما تحت وما بين أشجار الزيتون وتنبت في التربة الوعرة إما صخرية كالجبال أو كلسية أو تربة فقيرة بها حصى ورمل. وتعيش شجرة الزيتون أزيد من 1400 سنة بدون نقصان في الإنتاج خصوصا إذا كانت الأغراس طبيعية والعناية بها جيدة. وشجرة الزيتون لا تلقي بأوراقها في فصل الخريف، ولا تؤثر فيها العوامل البيئية القاسية مثلما هو الشأن بالنسبة للأشجار الأخرى، ولنعلم أن شجرة الزيتون لو تموت وتنقرض تماما ثم يبقى عرق صغير في الأرض يمكن أن ينبث ويعطي شجرة كما كانت.
    فإذا تأملنا هذه الآية الكريمة من حيث كلماتها وألفاظها، نجدها سهلة التعبير ومفهومة المعنى، ولا تكاد تخفي شيئا وراء كلماتها من الناحية اللغوية، فكل أطرافها معهودة، وكل ألفاظها مألوفة. وجاءت هذه الآية الكريمة في سورة المؤمنون بعد ذكر الأشجار الأخرى كالنخيل والأعناب حيث يقول الباري سبحانه : َأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19).
    وذكر النخيل والأعناب في هذه الآية يخص الأكل، لأن الصيغة جاءت بكلمة تأكلون، وفي آية أخرى من سورة النحل نجد نفس الثمار لكنها ذكرت للشراب حيث يقول سبحانه: وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .(67) وكل هذه التدقيقات التي جاءت في كتاب الله عز وجل لا ننتبه إليها حقا ليكون التفسير علميا بالنسبة للآيات التي تخص العلوم ولغويا بالنسبة للآيات التي تخص الشرع والعقيدة، وربما يكون التفسير العلمي مجسدا لمعجزة القرآن في بعض المواقف أكثر من التفسير اللغوي.
    وحسب ما جاء في الآية الكريمة التي تخص الزيتون فإن الزيت يصنف مع الأكل، لقوله تعالى للآكلين، والصيغة واضحة باللفظ. ومن عظمة القرآن الكريم، اليسر في الفهم كما قال سبحانه في سورة القمر: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ(17)، وقد يفهم كل إنسان هذه الآية على قدر مستواه من الإدراك، فقد يفهمها العالم باللغة على مستواه من البلاغة، أو قد يفهمها العالم الكوني على مستواه من العلم، فيظل كلام الله سبحانه وتعالى يساير العصور بتقدمها وبإنجازاتها العلمية المختلفة، لكن رغم كل هذه المستويات، لا نجد تفسيرا نهائيا لكل الحقائق العلمية، لتظل معجزة القرآن قائمة وثابتة، بينما تظل الحقائق العلمية نسبية ومتغيرة.
    ونفهم بقدر علمنا أن الشجرة التي جاءت في الآية هي شجرة الزيتون، كما ثبت عند علماء التفسير بالإجماع. وتبين الآية الكريمة منشأ أو أصل هذه الشجرة التي تخرج من طور سيناء، وهو الجبل الذي كلم الله عليه سيدنا موسى عليه السلام. وهذه النقطة الدقيقة في بيان أصل شجرة الزيتون ثابت في العلوم الأحيائية، وهو أن أصل الأنواع والأصناف في عالم النبات ينحدر من المنطقة الممتدة من فلسطين إلى شمال إيران. وأغلب الأنواع وجد في المنطقة الممتدة حاليا بين فلسطين والأردن ولبنان وسوريا. وهي المنطقة التي أخذ منها المسلمون الأغراس إلى المغرب العربي والأندلس. وكلمة شجرة في الآية أتت نكرة تامة، بمعنى أي شجرة إذ اقتصر التعبيرعلى ذكرها دون نعتها، لكنها معرفة تعريفا علميا، من حيث أن الأصل لهذه الشجرة هو جبل طور سيناء، وهو الموقع الأصلي لعدة أشجار أخرى أيضا، فقد تكون شجرة أخرى لها نفس الأصل كشجرة التين مثلا، لكن الصفة الثانية، وهي الإنبات بالدهن، يجعل المعنى يقتصر على الأشجار الزيتية، ومنها كذلك اللوز والجور وما إلى ذلك، لكن هذه الأشجار تعطي الدهن دون الصبغ، فكانت كلمة الصبغ التي جاءت في الآية هي التي تعرف شجرة الزيتون تعريفا دقيقا، لأنها هي الشجرة الوحيدة التي تعطي الدهن والصبغ دون غيرها، فالإشارة إلى شجرة الزيتون دون ذكرها إشارة بلاغية من حيث المعنى، وإشارة علمية كذلك لأن الخصائص العلمية التي تبين أن هذه الشجرة هي شجرة الزيتون، هي خصائص ثابتة، وتخص النوع وهو الأساس التي ترتكز عليه العلوم الوراثية لتصنف الأنواع والأصناف على خصائصها الوراثية الثابتة، ولو اقتصرنا على المعنى اللغوي لبقيت الأمور مبهمة يسودها الشك، وقد تعصف بها التأويلات اللغوية إلى ما لا يمكن حصره بالعين.
    ونقف عند هذه الكلمة البسيطة، التي جاءت في هذه الآية، والتي لم تلفت نظر العلماء المسلمين طوال القرون العديدة التي مرت، هي كلمة "الصبغ" وكان على الباحثين المسلمين أن يأخذوا بحقيقة القرآن حتى لا ينزلقوا مع بعض مفاهيم البحث العلمي الصرفة. والصبغ يعرفه المزارع الذي يهتم بزراعة الزيتون وجني ثمارها واعتصارها ويعرفه الباحثون في الميدان أو أصحاب التخصص.
    ولماذا يجب أن نقف عند هذه الكلمة وهي كلمة الصبغ؟ لأن هناك معجزة علمية لو أدركها العلماء من قبل لكان خيرا للبشرية جمعاء. فالقراءة اليسيرة للآية هي أن هذه الشجرة المباركة، أو شجرة الزيتون، تنبت بالدهن، وهي المادة الدسمة السائلة التي نسميها الزيت، لكن الدهن يعني الزيت ومواد أخرى، كما نقول في علوم التغذية (Lipid)، فكان الوصف بالدهن وليس بالزيت، لأن الدهن يشمل الزيت وكل المواد الأخرى التي تمر أثناء العصر، وهنا نجد أن التفسير الذي جاء به العلماء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، يجعل الصبغ يدخل مع الدهن، وهو ما لا يتفق مع العلوم، لأن الدهن فيه زيت وصبغ، لكن الصبغ الذي جاء في الآية ليس الصبغ الذي يدخل في الدهن، ولذلك يظهر حسب تقديرنا أن هناك قصور في فهم الآية من الناحية العلمية، فلم ينتبه الباحثون إلى هذه الخاصية، الشيء الذي أدى إلى ضياع كبير في الميدان الغذائي والطبي، وهذا القصور أو الجهل جعلنا لا نستفيد من الصبغ الذي يفصل عن الزيت أثناء استخراجه، وهو شيء نافع للإنسان، كما قد اتضح في الميدان الطبي في السنوات الأخيرة. ولا تزال الأبحاث سارية حول الموضوع، لتقترب من الوحي فيستفيد الناس من الصبغ لأغراض طبية واستشفائية محضة.
    ونعود لنأخذ بالتفصيل كل ما تنطوي عليه الآية الكريمة من حقائق علمية في ميدان علم الأحياء على الخصوص. ونفصل الآية حسب مجيئها في التعبير القرآني، حيث يقول الجليل جل جلاله "وشجرة تخرج من طور سيناء" فجاء التعبير عن خروج هذه الشجرة من طور سيناء، وقد يعني التعبير هنا شيئين في الزمان والمكان.
    أولا: ربما يعني خروج شجرة الزيتون من جبل الطور لأول مرة، ومعنى فعل "خرج" هنا "ظهر".
    ثانيا: قد يعني الخروج الإنبات، وهو ظهور الشجرة من الشتائل التي تزرع أو تنبت في الأرض، وهذا المعنى هو المفهوم من الآية عند عامة الناس، وكذلك هو ما يصرف إليه التفكير عند قراءة الآية. لكن لما نتمعن في التعبير القرآني نجد أن الله سبحانه وتعالى وصف طورين مختلفين بكلمتين بسيطتين، حيث استعمل كلمة تخرج، ثم تنبت، ولم يعطف جملة "تنبت" على جملة "تخرج" حيث يقول سبحانه: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِين َ (20).
    فنرى أن هناك طوران: الأول خروج الشجرة والثاني الإنبات، وهما حدثان يفصلهما وقت طويل، ولذلك وصف الحق سبحانه مرحلتين في علم غراسة الأشجار، فشجرة الزيتون لا تعطي ثمارا أو دهنا مباشرة بعد إنباتها، وإنما تخرج أولا بمعنى تظهر بإخراج الأوراق والأغصان ثم تنمو وتشتد، وهي المرحلة التي عبر عنها القرآن ب"تخرج"، ثم تعطي ثمارا وهي المرحلة الثانية التي عبر عنها القرآن ب' تنبت' بالدهن، وقد تستغرق المرحلة الأولى من أربع إلى ست سنوات قبل أن تنتج الشجرة زيتونا بمردودية مقبولة.
    لو جاء التعبير القرآني بالعطف لكانت المرحلتان تشتملان على نفس الأهمية الغذائية أو الصحية، ذلك أن خروج الشجر ليس فيه أهمية غذائية، لكن خروج الثمار فيه أهمية غذائية وصحية من حيث تعطي زيت وصبغ. والعطف يعني حدثين بنفس الأهمية كما يفصل الجملتين، إذ تتوقف كل جملة على إفادة، فالأولى تعني الخروج بأهمية مستقلة عن الإنبات بالزيت والصبغ، والثانية تعني الإنبات بالدهن والصبغ بأهمية مستقلة عن الخروج.
    ولما جاء التعبير بدون عطف، يستفاد من التعبير القرآني، أن الأهمية في خروج الشجرة واشتدادها ووصولها إلى طور الثمار، ليست له أهمية لكن الإفادة في إخراج الثمار، أو بمعنى آخر، لا يكون لشجرة الزيتون أهمية إلا لما تخرج الثمار التي تستهلك كما هي بعد التخمر أو يستخرج منها الزيت والصبغ، وهكذا جاء التعبير القرآني دالا لغويا على حقائق علمية ثابتة، تفهم من السياق اللغوي في مرحلة سادت فيها اللغة، وتفهم من الطرح العلمي في مرحلة يسود فيها العلم.
    الفوائد الصحية
    ولعل مادة الدهن التي يتغذى عليها الإنسان، تشتمل على مزايا صحية وغذائية هائلة ونافعة. وكل الناس يعلمون هذه الحقيقة التي أكدتها العلوم في العصر الحاضر، ولا تزال الأبحاث جارية بشأن المزايا الصحية والاستشفائية والغذائية لزيت الزيتون. أما القراءة العلمية للآية فتجعلنا نذهب إلى حد بعيد لنفهم أكثر ونستفيد أكثر. فكلمة دهن جاءت معرفة معرفة تامة، وعطفت عليها كلمة صبغ وهي نكرة تامة. وهذا التعبير بهذه الصورة، واستعمال هذا النسق اللغوي، يجب أن يحضى بالاهتمام البالغ، لاكتشاف الغاية والحكمة، ماذا تعني كلمة الصبغ ولماذا جاءت في الآية على تلك الحال؟ وكيف نفهمها؟.
    ولا يمكن أن نحصي الأبحاث التي أجريت على زيت الزيتون، وكذلك بعض المستخلصات من أوراق الزيتون، لكن هناك ما يستحق الذكر لأغراض نافعة للبشرية، فاستعمال كلمة دهن بدل زيت في هذه الآية له كذلك دلالة علمية، وغاية طبية هائلة، فالتعبير القرآني جد مدقق لأنه الدليل الإنساني، الذي سيبقى مع الإنسان إلى قيام الساعة، ولذلك جاء بحقائق لا تتغير، ونجد في آية أخرى من سورة النور، أن الله عبر بكلمة "زيت"، بدل الدهن.
    لقوله تعالى "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) "
    إن الخوض في هذه الآية أمر صعب من الناحية العلمية، وقد جاءت بعض التفسيرات الأدبية في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي والتي تبين بطريقة إيمانية معنى السياق العام للآية، لكن هناك حقائق علمية محضة تنطوي عليها الآية الكريمة، فنقف عند الوصف الواضح من الناحية اللغوية بمجيء شجرة الزيتون باللفظ "شجرة مباركة زيتونة" وقد وصفت هذه الشجرة بالمباركة وقد يتسع معنى هذا الوصف ليشمل المزايا الزراعية والبيئية والغذائية والطبية لشجرة الزيتون، ذلك أن شجرة الزيتون لا تفسد التربة من حيث يمكن زراعة ما بين الأشجار بمزروعات أخرى كالحبوب، وهي لا تضيع الفرشة المائية، وهي ترطب الجو وتحتوي في أوراقها على مكونات صحية و طبية كما سنتطرق لذلك فيما بعد. ويصعب جدا التطرق إلى ما جاء في الآية الكريمة لاشرقية ولا غربية ونحن نعلم في العلم الزراعة أن الأشجار التي تكون معرضة لشروق الشمس وهي التلول المعرضة للشرق، تأخذ الطاقة لمدة قصيرة لأن أشعة الشمس لا تكون مسلطة بقوة ولا تتسلط لمدة طويلة، وهو ما يعوق التمثيل الضوئي عند الأشجار أو النباتات بصفة عامة، وكذلك الأشجار المعرضة لغروب الشمس فهي لا تتعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة وبقوة. وكل الأشجار التي توجد في المناطق ما بين الشرق والغرب وهي غالبا أشجار الجبال والمرتفعات. وتكون خصائص الزيت المستخرجة من ثمار هذه الأشجار بلون ذهبي وضاء، وكأنما يعطي ضوءا بدون اشتعال، والتعبير الذي جاء في الآية يخص الجودة العالية لزيت الأشجار التي تنبت في الجبال، وكلما كان الزيت نقيا كلما أعطى ضوءا وهاجا.
    ونقف كذلك عند "يكاد زيتها يضيء" فالوصف هنا جاء لجودة الزيت التي تستعمل للضوء لصفائها. فالزيت التي تحترق يجب أن تكون خالصة، فإذا كانت فيها نسبة المياه عالية أو إذا كانت فيها المركبات الأخرى العضوية غير الذهنية بنسبة مرتفعة فلا تحرق جيدا، ولا تعطي ضوءا كثيرا بل تعطي دخانا. والتعبير عن النقاوة للإضاءة جاء بالزيت يعني أن تكون الدهنيات خالصة. أما التعبير عن الأكل وهو ما يهم صحة الإنسان فجاء بالدهن. وجاء التعبير بالزيت بدل الدهن في هذه الآية الكريمة لأن الزيت ذكر للاستضاءة، وهذه العملية تستعمل اشتعال الزيت، ويجب أن يكون خالصا ليكون الاحتراق أو الاشتعال جيدا، بينما الدهن جاء للأكل وهو أمر صحي، ويجب أن لا يكون مصفى، ليستفيد الجسم من المواد الموجودة كالدسم والفيتامينات والبوليفينولات والمواد الأخرى، ونقف على هذه الحقيقة، لنبين أن العلوم الحديثة قد تكون أفسدت أكثر ما أصلحت في الميدان الغذائي على الخصوص، ولنستعرض بعض الأساليب الصناعية الحديثة.
    والأساليب الحديثة المستعملة لاستخراج زيت الزيتون أصبحت تعتمد على تصفية زيت الزيتون Refining، وهو أسلوب غير صائب بالنسبة لهذا الزيت، لأن التصفية والتكرير يجب أن يطبق على زيوت أخرى، كالزيوت النباتية من الصويا والفول السوداني ونوار الشمس وما إلى ذلك، لكن زيت الزيتون يجب أن لا يصفى حتى لا تضيع المكونات الصحية. وزيت الزيتون ليس مادة غذائية صرفة بل مادة طبية أيضا والقسط الطبي يتمثل في المركبات الكيماوية التي يزيلها الأسلوب الحديث بالطرد المحوري والتصفية.
    فهذا النهج جاء تحت ستار التقدم العلمي، وبذريعة تحسين المنتوج والتحكم في الصناعة، لكن سرعان ما تبين أن الحقيقة غير ذلك، خصوصا مع التحول الواقع الآن في هذا الميدان، والقاضي بالرجوع إلى المواد الطبيعية. فجل الأساليب الصناعية المستعملة في البلدان العربية مستوردة وليس المعدات فحسب وإنما الفكر والأسلوب كذلك ونكاد نأتي على خطأ جل هذه الأساليب من الطحين الذي أصبح يغربل إلى الزيتون والمنتوجات الحيوانية والبحرية والنباتية. فنخشى أن نكون انزلقنا إلى الأخذ بمفاهيم خاطئة من الناحية العلمية، ونوصي كل الباحثين المسلمين أن يبينوا بعض القواعد الغذائية الإسلامية ولا ينجذبوا بظاهر البحث العلمي الغربي فجله موضوع ليستجيب لحاجيات مجتمعات أخرى. ويظهر جليا أن الباحثين المسلمين أصبحوا يتعاملون مع البحث العلمي بنفس الطريقة التي يتعامل بها العلمانيين، ولا يدركون أنهم يسيروا في نفس الاتجاه الذي يسير فيه هؤلاء. وكان ذلك نتيجة العقدة التي تربت عند كل أو جل الباحثين من البلدان الاسلامية الذين تكونوا في البلدان الغربية فأصبحوا يؤمنون بالعلوم بطريقة عمياء، ولا يزال كثير منهم يؤمن بهذه العلوم التي تسقط كل يوم والتي تتلاشى كل يوم. فالتقنيات التي نهجها الغرب في الإنتاج كلها طرق خاطئة، وكل التقنيات المستعملة الآن في الميدان الغذائي لا تخلو من الخطر، ومعالجة الزيتون بالصودا الكاوية يعتبر كارثة وليس أسلوب صناعي، بل حتى استخراج الزيت باستعمال الطرد المحوري يعتبر ضياع كبير، ورمي مياه اعتصار الزيتون مع النفايات السائلة تخلف وجهل لأن هذا المكون يجب أن يستهلك ويجب علينا أن نعيد النظر في هذه الأشياء وإلا ضحك علينا التاريخ لأن الأجيال المقبلة ستعود للطبيعة، ومع ذلك فكل الدول المنتجة للزيتون تشتكي من ماء اعتصار الزيتون وتحسب له ألف حساب لأنها تعتبره ملوثا للمياه.
    جزيئة الأولوروبين oleuropein
    فالزيتون أصبح يعالج بالصودا قبل تخمره، وربما لا يخمر، والمعالجة بالصودا تهدم البوليفينولات، ومنها مكون الأولوروبيين Oleuropein النافع، وقد جاءت هذه التقنيات لإزالة المرورة، وهناك العديد من المكونات الأخرى التي تهدمها الصودا، فأصبح الزيتون لا ينفع صحيا، وقد يكون خطيرا إذا ما لم يتمكن الصناع من إزالة الصودا من حبوب الزيتون نهائيا، وقد يصعب ذلك أو يستحيل. وإذا أزلنا مكون الألوروبيين فالزيتون لا يصلح لشيء لأنه أصبح تبنا أو أقل من ذلك. ومادة الألوروبيين إلى جانب مواد صابغة أخرى هي التي يتكلم عنها القرآن بالقول وصبغ للآكلين، فهل يقدر عالم أو باحث على نصح الناس باستهلاك هذه المادة؟ وهل سيجرؤ أي شخص على القول بذلك؟ فالدول الغربية تعتبر أن هذه المياه جد ملوثة ولا يجوز ولا يصح استهلاكها والله سبحانه وتعالى يقول أن هذا الماء للآكلين، ترى هل نصدق البشر وعلومه أم نصدق الخالق ووحييه؟ وهذا هو الإعجاز بالمعنى الحقيقي لأنه يطرح الواقع ويتحداه، وربما اقتنع علماء الغرب ولن يقتنع علماء العرب.

  • #2
    رد: تعريف بشجرة الزيتون من خلال القرآن وبحوث العلماء

    شجرة مبااااركة....

    شكرا لك سيدي هذا التقرير الرائع...

    يسعد مساااااك...

    تعليق

    يعمل...
    X