Announcement

Collapse
No announcement yet.

العالم محمد سعيد بن أحمد العرفي - مفتي محافظة الفرات - بقلم: محمد علي شاهين

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • العالم محمد سعيد بن أحمد العرفي - مفتي محافظة الفرات - بقلم: محمد علي شاهين

    محمد سعيد بن أحمد العرفي

    بقلم: محمد علي شاهين
    منقول - عن الغرباء
    حارب الاستعمار والإلحاد والجمود والتعصّب
    ودعا إلى جمع شمل المسلمين

    (1314/1896 ـ 1375/1956)

    عالم، أديب، مؤرّخ، مفتي محافظة الفرات 1358/1939 خلفاً للشيخ حسين الأزهري، ونائبها في البرلمان السوري 1355/1936، وعضو المجمع العلمي العربي بدمشق 1361/1942، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى في سوريّة 1369/1950.
    ولد في مدينة دير الزور، تلقّى علومه الدينيّة واللغويّة على علماء بلده، وقرأ كتب الفقه، واللغة، ونال إجازة علماء الشام وفي مقدمتهم
    محمد سعيد العرفي
    الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ حسين الأزهري العزاوي، وأجاد التركيّة إجادة كاملة، وألمّ بالفارسيّة والهنديّة، وسافر إلى مصر، وقرأ على علماء الديار المصريّة، وأجازه بها شيخ الشافعيّة محمد السحيمي الشرقاوي.
    التحق بالجيش التركي، ورقي إلى رتبة ضابط، واتصل بالقسم الطبي بالجيش. وساهم في الثورة العربيّة الكبرى بعد استلاء الطورانيّين على مقدّرات الدولة، وفرض التتريك على العرب داخل الإمبراطوريّة العثمانيّة.
    حارب الفرنسيّين المستعمرين حرباً لا هوادة فيها، فسجنوه وصادروا أملاكه، وحالوا بينه وبين كتبه، ثم نفوه إلى إنطاكية، وكانت تابعة لسوريّة، وأبعدوه إلى مصر بين عامي (1922-1931) وكان أديباً فاضلاً، مؤرّخاً، راوية للمنظوم والمنثور، حلو الحديث، لطيف المعشر، حاضر البديهة، متقشفاً.
    اتصل عند إقامته في مصر بالإمام حسن البنا، وأفاد من صحبته، ووصفه الإمام بقوله:
    "الأخ المفضال العالم الفاضل المجاهد الشيخ محمد سعيد العرفي عالم دير الزور ونائبها السابق في مجلس النواب السوري، وثائرها على الظلم والاحتلال الفرنسي.. وقد صادر الفرنسيون أملاكه وكتبه وحكموا عليه بالنفي، فحضر إلى مصر، واستأجر حجرة متواضعة في زقاق ابن يونس بالسيدة عائشة بحي القلعة بالقاهرة أسماه القصر العالي، وتعرفنا إلى الرجل فعرفنا فيه صدق الدين وقوة اليقين، والعلم الواسع في المعقول والمنقول والشجاعة والنجدة، وعلو الهمة، فهو عالم وطبيب وضابط وعابد معا، تلقى العلم على شيوخه الأجلاء، والتحق بالجيش التركي، فرقي إلى ضابط، واتصل بالقسم الطبي بالجيش، فأفاد علم الطب، وكان رامية يرمي فيصيب عشرة في عشرة، وكان مع ذلك أديباً مؤرخاً، راوياً للمنظوم والمنثور، حلو الحديث، حسن الدعابة فكه المحضر، حاضر البديهة، صوفيا في تعبده وتقشفه، فيلسوفا في تفكيره ونظراته، وقد أفدنا من صحبته الكثير، وزار الإسماعيلية فقضى معنا فيها أياما كانت من أجمل الأيام وأسعدها".
    وكان يحثّ الإمام على أن لا يتحرج أبداً من أن يضم إلى الدعوة المقصرين في الطاعات المقبلين على بعض المعاصي الحسيّة، مادم يعرف منهم خوف الله، واحترام النظام، وحسن الطاعة، فإن هؤلاء سيتوبون من قريب، وإنما الدعوة مستشفى فيه الطبيب للدواء، وفيه المريض للاستشفاء، ويقول له مخاطباً: لا تغلق الباب في وجه هؤلاء، بل إن استطعت أن تجتذبهم بكل الوسائل فافعل، لأن هذه هي مهمة الدعوة الأولى، ولكن احذر من صنفين حذراً شديداً ولا تلحقهما بصفوف الدعوة أبداً: الأوّل: الملحد الذي لا عقيدة له، وإن تظاهر بالصلاح فإنه لا أمل في إصلاحه وهو بعيد عنكم بأصل العقيدة، فماذا ترجو منه؟، والثاني: الصالح الذي لا يحترم النظام، ولا يقدر معنى الطاعة، فإن هذا ينفع منفرداً، وينتج في العمل وحده، ولكنه يفسد نفوس الجماعة: يغريها بصلاحه، ويفرقها بخلافه، فإن استطعت أن تستفيد منه وهو بعيد عن الصفوف فافعل، وإلا فسد الصف واضطرب، والناس إذا رأوا واحداً خارج الصف لا يقولون خرج واحد.. ولكن يقولون صف أعوج، فاحترس من هذا كل الاحتراس.
    وكان أبيّاً، عزوفاً، كريماً، جواداً، عفيفاً، آثر أن يشتغل بتصحيح الكتب طوال إقامته في مصر، وأكل من عمل يده، فلما عاد إلى سورية اختير نائباً عن دير الزور، وحارب البدع، والخرافات، والطرق الصوفيّة، والتعصّب المذهبي، ودعا إلى تحرير الفكر الإسلامي.
    وكان عالماً عاملاً مجاهداً مخلصاً حارب الاستعمار والإلحاد والجمود والتعصّب، ودعا إلى جمع شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم.
    رأى أن أسباب تأخّر المسلمين وتفريق كلمتهم تعود إلى: اليهوديّة التي كان لها اليد الطولى في تمزيق شمل المسلمين وانقسامهم إلى شيع ومذاهب مختلفة.
    وحمّل الملوك والسلاطين مسؤوليّة إثارة النعرات المذهبيّة لتثبيت عروشهم، واتهم دوائر الاستعلامات الأجنبيّة بزرع شجرة الفتنة بين صفوف المسلمين.
    وعدم كفاية العلماء الحقيقيين في بلاد المسلمين الشاسعة.
    وقال: إن علماء السوء شوّهوا جمال الشريعة بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، وأن فقهاءنا أصبحوا بين مقلّد جامد لا يفهم إلا العبارة التي قرأها في كتابه، ولا يدري إلاّ ما تعلّمه عن شيخه، ولا يناقش إلاّ الألفاظ، ولا يتقن إلاّ تكفير مخالف معتقده، وتطليق زوجه أو شتمه في الأقل، ومتساهل ساقه ضغط الجامدين إلى الانقلاب فسار في تيه الحيرة لا يدري أين يذهب.
    وانتقد ضآلة رواتب أرباب الوظائف العلميّة الإسلاميّة، واستيلاء الحكومات على أموال الوقف، واصطناعها الخطباء المنافقين، وطريقة اختيارها المفتين، وإحالة وظيفة الوعظ والإرشاد إلى القصّاصين، وتدخّلها في تعيين وعزل أصحاب المناصب الدينيّة، وتوريثها الإمامة والخطابة للأبناء الجهلاء.
    وأشار إلى الأضرار الناتجة عن فساد القضاء، والقول بصحة نكاح المكره وطلاقه دون سائر تصرّفاته.
    ونفى صحّة حديث (صلّوا خلف كل برّ وفاجر) لمناقضته القرآن، واعتبره من اختلاق الدول التي لم تستند في تثبيت عروشها على العدل والتقوى، بقول دعاتها: إذا كان الله يرضى الفاسق رئيساً لديننا إماماً لنا في الصلاة، أفلا نرضاه إماماً لدنيانا كي يكون ملكاً وأميراً، ونسوا قول رسول الله (ص): إن الله لا يقبل صلاة إمام جائر.
    ومن آرائه: عدم جواز اختيار الفتوى التي توافق المصلحة والهوى، وعدم جواز تعدّد الجمع بدون ضرورة، وأنكر تفسير آية ( عليكم أنفسكم) بأنّها دعوة للعزلة، وأجاز تفسير القرآن، ولم يجز ترجمته، وأنّ (الصلاة خير من النوم ليست من الأذان الشرعي).
    ودعا إلى مقاطعة أهل الأهواء والالتفاف حول الصالحين، وطالب المسلمين بالقيام بتأسيس أحزاب متكاتفة، وجمعيّات متضامنة، لأن قوّتهم في رابطتهم.
    ألّف كتباً كثيرةً منها: (سرّ انحلال الأمّة العربيّة ووهن المسلمين) 1351/1931 و(مبادئ الفقه الإسلامي، العبادات) 1354/1935 و(موجز سيرة خالد بن الوليد) 1354/1935 و(المقالات الدينيّة) 1403/1982 و(هتلر والعرب والمسلمون) 1392/1972.
    وله مجموعة محاضرات مطبوعة، وكتب مخطوطة كثيرة فقد أكثرها عندما كان منفيّاً في مصر منها: ( تفسير القرآن الكريم) و(الموسوعة الدينيّة) و(النقد الصريح لترجمة البخاري والصحيح) و(تقمّص الخوارج في المذاهب الإسلاميّة) و(وسائل الاستعباد ودسائس الأوروبيّين).
    توفي بمدينة دير الزور ورثاه معاصره الشاعر الفراتي قائلاً :‏
    قلت يوماً وكنت عدلاً سوياً لا تخف أن تموت ما دمت حياً‏

    صدق الزعم ثم مت أمامي فاطو دوني مراحل الخلد طياً

    كتب في سيرته: عبد الباسط أبو كامل (العلامة الشيخ: محمد سعيد العرفي ـ حياته وآثاره).‏

    _______________________________
    (1) مذكرات الدعوة والداعية ص 93 حسن البنا. (2) حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية ص 126 عباس السيسي. (3) سر انحلال الأمة العربية ووهن المسلمين. سيرة مؤلف الكتاب. (4) مجلّة التوحيد، مقال: الدعوة إلى تقدم المسلمين ووحدتهم من خلال مؤلّفات المرحوم العلاّمة محمد سعيد العرفي، لحيدر محمد سعيد العرفي.
    أعلام الصحوة الإسلاميّة...................... تأليف: محمد علي شاهين.


Working...
X