إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان عادل السيوي التشكيلي المصري ..أنا مع التورط الكامل في الوجود جسديا وروحيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان عادل السيوي التشكيلي المصري ..أنا مع التورط الكامل في الوجود جسديا وروحيا

    عادل السيوي: أنا مع التورط الكامل في الوجود جسديا وروحيا





    عادل السيوي يبعث بريشته الحياة في رموز الفن المصري
    خالد حماد
    يبدو أن الفنان التشكيلي المصري عادل السيوي يشارك أبناء جيله نفس الأفكار والمبادئ التي تشبع بها أبناء الستينات من القرن الماضي، وهو الرسام الذي أعاد إلى عمالقة الفن والسينما الأضواء بعد أن اختص في رسم البورتريهات التي ذكرتنا بالزمن الجميل.
    عادل السيوي تأثر بصعود صوت الشباب في الستينات وميلاد أول جيل عالمي بالفعل لا يمكن أن يتخلص من انحيازه للهموم العامة. ولديه ربما غريزة تضامنية وهذا هو حال الفنان عادل السيوي، غير ذلك تتملكه حساسية مفرطة تجاه البرامج النضالية، والشعارات الثورية والحشود وهو في كل ذلك لا ينجذب للصوت العام.
    ظلمة الكهف تجربة استثنائية
    كان حديث السيوي المفضل عن الالتزام ولاشيء آخر سواه، وأدرك مبكراً أن هذا لا يضمن وحده إنجاز أشياء رائعة. فقد التزم بالعمل وفقا لنفس الآليات التي عمل بها إنسان الكهف. وقبل موروثها الثقيل.
    يقول السيوي: «إن الرسم فى ظلمة الكهف تجربة استثنائية، ولا أعرف كيف تمكن هذا الجدّ العاري والبعيد المرعوب من العالم والمراقب الدقيق للتفاصيل من صنع هذه المشاهدة المدهشة، قبل الكتابة وربما قبل الكلام».
    مازال السيوي يلتزم بصناعة اللوحة ويدرك أنها لم تعد القاطرة، بل ربما أصبحت منتجاً قديما يتحرج من حضوره، كشيخ مسن يقف في دسكوتيك (ملهى ليلي) صاخب.
    رغم كل هذا مازال الالتزام باللوحة وبصناعة الرسام لكل الأشكال الأخرى هي توابع لذلك الانحياز الكبير لصناعة مشهد ما بالقلب واليد معاً.
    السيوي: غنائية الروح الإيطالية ما تزال مسيطرة علي إلى الآن
    الهوية والموروث
    وفي مسألة الهوية والموروث، يقول السيوي: «إنني لا أرى أن هذه المفردات تقدم أيّ ضمانة لقيم إيجابية، ولا أعتقد أن ثمة هوية رائقة، أو ثابتة أو شاملة للكل ولا أظن في وجود هوية ستساعد في حل أيّ أسئلة تواجهنا.
    عندما وضع «هارولدوسكر» عنوان مسرحية «انظر خلفك في غضب» وهو على هذا العنوان رغم تقديره الكبير لفعل الذاكرة، ذاكرة الجماعة وذاكرته الذاتية كفرد ينظر لما يمكن صناعتة وإضافته إلى التاريخ من أساطير وحكايات ومشاهد في الأيام القادمة هو ما قد يحررنا من الجانب المقيد في العلاقة بما تم إنجازه».
    يطرح السيوي تساؤلات حول الموروث والهوية والتقاليد العربية والقيم الثابتة وما إذا كانت هذه الأبعاد إيجابية. فكيف لم تمنعنا من التردي والانهيار إلى ما نحن عليه الآن؟ ولماذا تقودنا محاولات تمثل الذات إلى مفتتح العداوة والعنف والإقصاء تجاه الآخر أو المغاير؟ ثم لماذا هويتنا دفاعية دائماً وعدائية؟ في عالم اللوحة كل إنجاز إنساني كبير هو جزء من تراث كل فنان معاصر ذلك بغض النظر عن مكان إنجازه وزمانه.
    ويعتقد السيوي أن الأصالة لا تخلق بصفتها مدا للخطوط التي تم وصفها في الماضي على أرض الحاضر. فالأصالة هى أيضاً استجابة آنية وصادقة لما تأتي به اللحظة الراهنة من طرح لأسئلة واستحقاقات على حد قول الساسة.
    التجربة الشخصية وحدود المغامرة
    يرى السيوي نفسه أنه مع التورط الكامل في الوجود جسدياً وروحياً، فالغرائز والمخاوف والأحزان العميقة، إلى جانب الأفكار والبهجة وهدايا الروح ومفاجآت الخيال.
    مع كل هذا يدرك أن ما يبنيه حول ذاته من تصورات يشكل أحيانا جدرانا تعوق انصهاره ودخوله الكامل في المغامرة. يؤكد السيوي أن تجربته الحقيقية مع الشكل فى الأساس هي مع اللون والضوء والملمس والخط والسطح والعمق فهو لايعرف إذا كان إقليدس أو فيثاغورس هو من قال: «إن الهندسة فن العميان» ولكن يوافقه في أن الهندسة تقتل التفاصيل وتورطها في الكل.
    أليس انتزاع الشكل من جسده هو فعلنا البصري العظيم، وهو مجيء العالم إلينا أيضا خفيفاً ومتحرراً من ثقله ومن مكانه ومن تفاصيله المقيدة لحركته.
    وهنا يتساءل السيوي: «أليس شكل القلب الذي اخترعناه وقبلناه كلنا كان أجمل من القلب الحقيقي». أحياناً اختزال الشكل فعل من السحر وإعادة الاكتشاف. يقول السيوي: «إذا أردت أن أتحدث عن التجربة الشخصية فإن الأفعال والأقوال تسكن في الجسد كذاكرة حواس وخبرات ومهارات. وبعد أن أغرق فى الأفكار وابتعد عن الحضور الحاسم للجسد، أعاود دائماً الاستجابة لهذا الأصل الملموس فتكتسب الروائح والملامس والأضواء والنسمات قوتها وقدرتها على التحضير للعمل، الجسد هو الذي يجعلني أشعر بأنني والعالم من طينة واحدة وأجمل ما في الرسم هو ذلك التواصل المادي الملموس بينك وبين ماتصنعه هو امتداد لجسدك بالفعل».
    إيطاليا والتجربة الفريدة
    يري السيوي أن انتقاله إلى إيطاليا والحياة بها لمدة عشر سنوات كان فعلا حاسماً وتحولا فى حياته. في ميلانو كانت الأوتار مشدودة. متوسطيون ولكن روحهم وسط أوروبية، عمليون لكنهم ساخرون ومتشككون يفكرون كثيراً ويحسبون كثيراً ولكنهم ينحازون للجمال في النهاية. يقول السيوي: «وصلت إلى إيطاليا بقليل من الخبرات والقدرات، وبمعارف خشنة وناقصة. أفكار تسيطر عليها روح أيديولوجية غاضبة».
    ويضيف قائلا:«حتى الرسم لم أكن قطعت فيه رحلة تمكنني من الحوار مع نظيري من شمال المتوسط، اكتشفت صعوبة المسائل ولكن على يد الإيطاليين حدثت النقلة الكبيرة في حياتي، تفتحت على أسئلة أخرى وعلى شكل آخر للاقتراب من اللوحة. وعلى نظرة أكثر ذكاء للعالم لا تربص فيها ومازالت تلك الغنائية المسيطرة على الروح الإيطالية تفعل فعلها فيّ رغم عودتي منذ أكثر من عشرين عاماً إلى وسط القاهرة».
    التأثر بالمكان وبالمحلية
    يقول السيوي: «لا أعرف كيف يتبدى الفعل الأكيد لكوني مصري قاهري في الأعمال، وكل ما أدركه أن ثمة مستويين للفاعلية، مستوى بصري ومستوى آخر أوسع من البصر يتعلق بالخبرات والعلاقات والثقافة السائدة».
    السيوي ابن القاهرة ولاريب أن القاهرة ورطة كبرى فهي القانون ونقيضه معاً، والبؤس والبهجة في تجاور محير، هذا التجاور بين الفوضى الشاملة ومحاولات فرض منطق أوهندسة ما لا جدال أنه يؤثر في اختياره لبناء أو إنشاء أي عمل وهو غالباً حالة من التساكن بين التشظي والتوقف وفي الوقت ذاتة رغبة في التعامل وفي التماسك والرسوخ، فلا يمكنه تفادي العدوى المصرية فشعبها صاحب الحكاية الأطول بين البشر. شعب يقدس الحياة ولا يؤمن بتأجيل الفرحة حتى يتحقق النجاح، وهذه الروح لم تتركه وشأنه وتحمل أعماله هذا التزوع إلى الاحتفال باليومي والعابر وكل ما يسعى إليه طوال الوقت هو إضافة صلابة ما للحضور.
    قد تكون بطولة أو اغترار أو رغبة في التماسك ويبدو أن هذا البعد قديم متوارث من الأجداد الذين تركونا لمصيرنا البائس.
    يقول السيوي: «إنني مفتون بذاكرة الجماعة المصرية وكأنها ديوان البراءة، وجه إسماعيل ياسين ودلع سعاد حسني وغواية هند رستم وتمكن كاريوكا وشطارة نعيمة عاكف ورقة فاتن حمامة وارستقراطية صالح سليم وصوت عبد الحليم، كل هذا في الذاكرة الجماعية يكتسب براءة ما وهالة خاصة وكأنه سراب عصر ذهبي نتباعد عنه بسرعة ولا نعرف لماذا؟» انشغل السيوي بمحاولة الاقتراب والنبش داخل الوجوه التي شكلت هذا النوع من الذاكرة مثل استيفان روستي وزينات صدقي وعبد الفتاح القصري والنابلسي في سلسلة لا تنتهي من المبدعين شكلوا معاً وجه مصري مازال يبدل ملامحه.
    غواية الشعر
    يبدو أن فضول السيوي تجاه التفاصيل يزداد اتساعا وفهما ومع الوقت وتقدم العمر يتلصص بدرجة أكثر ويتورط بدرجة أقل. فالخبرات التي اكتسبها والذكريات تجعلان من نظرته أكثر نفاذاً، ويقلل الحماس بعض الشيء تجاه كل ما يراه. فقد كانت دراسته للطب والسنوات الطويلة التي قضاها في تأمل الجسد البشري قد تركت داخله شيئاً ما عميقاً لأي مكان للفكاك منه ولكنه وحتى الآن لم يضع يده عليه.
    الشعر أحد أهم الروافد في تجربة السيوي كرسام وهو ماقاده إلى ترجمة الأعمال الشعرية الكاملة لجوزيبي أو نغاريتي من الإيطالية إلى العربية. يقول السيوي: «أحببت شعره لأنه كان يحذف كل ما يستطيع حذفه وصولاً إليه كلمة كلمة أوجملة قادرة على التحرك في اتجاه ما وكأنه يبني صورة بلا أماكن أو أبطال أو أشياء».
    وأخيراً يقول السيوي: «أكثر ما يشدني في الناس هو قدرتهم على صياغة الحكايات الحقيقية والزائفة أيضاً، وأنا تحملت في حياتي صحبة أرذال البشر ومن لا يمكن تحملهم فقط لأنهم كانوا حكائين بارعين. أنا أسير أية حكاية جيدة وفي رأيي أن الحكايات هي أفضل ما أنتجناه كبشر».
يعمل...
X