Announcement

Collapse
No announcement yet.

تكشف مسرحية أزمة الثورة التونسية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • تكشف مسرحية أزمة الثورة التونسية

    مسرحية تكشف أزمة الثورة التونسية





    وجيهة الجندوبي تحكي ضبابية الواقع التونسي ما بعد الثورة
    شـادي زريـبي
    «حياك بابا حياك»، بهذه الأغنية التي اشتهرت في تونس بعد أن أداها المناضل السياسي الفقيد شكري بلعيد قبل اغتياله بسويعات، تبدأ مسرحية الوان مان شو «العفشة مون أمور» (العفشة حبيبتي) للممثلة التونسية وجيهة الجندوبي. المسرحية ستجوب عديد العواصم الأوروبية خلال شهر مايو الجاري، على أن تكون حاضرة في موسم الصيف في كثير من المهرجانات التونسية.
    مسرحية «العفشة مون أمور» لوجيهة الجندوبي التي أخرجها الشاذلي العرفاوي، هي حلقة أخرى من حلقات النقد الساخر للواقع التونسي بعد ثورة 14 يناير، وإن حاولت الجندوبي تقديم وجه آخر من خلال التركيز على الأحداث السياسية التي لفتت الانتباه كاغتيال شكري بلعيد وتخبط الحكومة في دوامة من المآزق، أثرت بشكل جليّ على الواقع التونسي المعيش.
    والـ»عفشة» في العامية التونسية تعني المرأة قبيحة الشكل التي تكون خفيفة الروح طيّبة الأخلاق. وهي في المسرحيّة تحيل إلى شخصية أنثى فقدت توازنها النفسيّ بسبب بعض الاختلالات الفيزيولوجية، وهو ما جعل سلوكها الاجتماعي يتعارض مع منظومة الأعراف السائدة، ومن ثمة تقع تحت رغبة إعادة بناء عديد التصوّرات المتصلة بالواقع المعيش.
    لم تتوان وجيهة الجندوبي عن نقد الساسة والحكومة التونسية وأدائها الباهت في أول عرض لمسرحيتها بقاعة الحمراء (الزفير) بالمرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية)، حتى أن الكثير من المتفجرين عبروا عن تفاعلهم مع المواقف التي أدّتها الجندوبي.
    والمسرحية من نوع الكوميديا السوداء وظّفت فيها وجيهة الجندوبي أسلوب السخرية لكشف المستور وفضح عديد المواضيع التي حاولت الحكومة إخفاءها كتفشي ظاهرة السلفية المتشددة التي باتت – حسب رأيها- تهدّد أمن البلاد ومستقبلها خصوصا في ظل تنامي عقلية التكفير والصدامات مع أهل الإبداع والفن والثقافة.
    وتونس التي لم تبرأ إلى الآن من آثار الثورة، خصوصا على الصعيد السياسي شهدت عديد الأحداث التي جعلت من الشارع التونسي يزداد تشاؤما حول مصير البلاد، أمام صمت رهيب من الحكومة وتغاضيها عن أعمال عنف شكلت تهديدا حقيقيا لأمن المواطن التونسي الذي كان محور اهتمام مسرحية» العفشة مون أمور»، في مشاهد دامت قرابة الساعة ونصف الساعة من الاسترسال الحكائي الساخر في مشاهد ناقدة وبلهجة لاذعة.
    الممثلة وجيهة الجندوبي أطلقت النار على الحكومة بعبارات جريئة وتعاليق مباشرة أذهلت الحاضرين ومسّت سلطات الإشراف، رغم أن الجندوبي لم تتقيد بفترات زمنية معينة، أي أنها تنتقل من حادثة إلى أخرى دون ربط أحيانا، فالمهمّ بالنسبة إليها إيصال الفكرة بطريقة فكاهية إلى المتلقي دون حاجة إلى ترميز أو إيحاءات قد تدخلها في متاهة التفكك السردي لبنية المشاهد أو اللوحات المسرحية.
    لم يشذّ العرض عن قاعدة العفوية والمباشراتية وهما عاملان لاحظناهما يتكرران في جلّ الأعمال المسرحية التونسية بعد الثورة، مثل «الزمقري» لمحمد علي النهدي و»كروسة» لسماح الدشراوي و»عربي ونص» للعربي المازني، وغيرها.
    اللغة في المسرحية كانت مفهومة وتميل إلى الدارجة، وجاءت طيّعة وظفتها الجندوبي خير توظيف للتعبير عن شواغل المواطن التونسي من غلاء الأسعار وغياب الأمن وعدم الاستقرار السياسي، وذلك أمام احتدام الأزمات الخارجية ذات الصلة بهذه الشواغل وكل هذا يعيشه التونسي اليوم مع «جرعة» قوية وفاعلة من «التحاليل السياسية» و»المناظرات التلفزية» التي أرقت حياته وجعلته رهين ظرف يتسم بالقلق النفسي والحيرة الوجودية وعدم القدرة على الخروج من «أزمة الثورة».
    وتتساءل وجيهة الجندوبي عن الأسباب التي جعلت حياة التونسي تتغير تغيرا جذريا وعلى جميع الأصعدة. التونسي المعروف بالضحك والابتسامة وحب أجواء المرح، صار عبوسا يبحث عن فرصة لسماع «نكتة» أو موقف طريف ينسيه تعب «السياسة» والبحث عن «لقمة العيش».
    ولم يغب القالب الكوميدي عن أداء الجندوبي، التي عرفت بإتقانها لفن الإضحاك في عديد الأعمال المسرحية أو التلفزية السابقة، حيث صورت مختلف مشاهد عرضها بطريقة فنية كاريكاتيرية سخّرتها لنقد الأوضاع التونسية الراهنة التي ازدادت سوءا ولم تتحسن، بل وتسير نحو الأسوأ.
Working...
X