إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلوى جرّاح الروائية الفلسطينية في العراق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلوى جرّاح الروائية الفلسطينية في العراق

    سلوى جراح: نهر دجلة يجري بلا شطآن


    سلوى تعود إلى أمها العراق “بلا شطآن”
    عدنان حسين أحمد
    مؤسسة الحوار الإنساني بلندن استضافت الروائية الفلسطينية سلوى جرّاح التي اختارت أن تكون عراقية بإرادتها لأنها عاشت ردحاً من الزمن في العراق وأحبّته، وهي لا تمتلك وطناً سواه، وفق ما تؤكّده في كل مناسبة على الرغم من حصولها على الجنسية البريطانية التي تتيح لها أن تزور وطنها الأول فلسطين كلما شدّها الشوق أو دفعها الحنين إلى عبق النبع الأول، ورائحة الأهل والأحبّة والأصدقاء.
    توقفت سلوى جرّاح في هذه الاستضافة عند روايتها الأخيرة «بلا شطآن» الصادرة أوائل عام 2012 التي تتمحور حول ست شخصيات أساسية هي «جمانة»، المرأة الفلسطينية التي تتزوج من العراقي رضا الكاتب، وبلقيس التي ترتبط بعبد القادر الحلاوي، وخلود التي تقترن بعادل النعماني، ولكن حين تموت هذه الأخيرة بعبوة لاصقة في العراق تحفّز بقية الشخصيات على العودة إلى العراق لمواراتها الثرى فيكتشفون أن «دجلة» كان يجري «بلا شطآن» في إشارة واضحة إلى أن كل شيء قد تغيّر في هذا البلد الذي تمحضه شخصياته الست الرئيسة، وبقيــــــة الشخصيات المؤازرة حُباً من نوع خاص.
    إشكالية العلاقة بالوطن
    ومن هذه النقطة بالذات تطرح الروائية سؤالاً استفهامياً واضحاً مفاده: أين هو الوطن؟ هل هو المكان الذي كُنّا نعيش فيه، أم هو الصورة المُت خيلة التي نحملها في أذهاننا عن المكان الذي ولِدنا فيه، وترعرعنا بين جوانحه، لكننا غادرناه قسراً أو اختيارا؟
    حاولت جرّاح أن تسلّط الضوء على شخصياتها الرئيسة كي تحيط المتلقين الذين حضروا أمسيتها علماً بثيمة النص الروائي، وبشخصياته الست الرئيسة من جهة، وببعض الرموز التي تتعلق بعنوان الرواية من جهة أخرى. ولكي لا نخوض في التفاصيل الدقيقة للنص الروائي نقول إن «جمانة» قد واجهت موت زوجها رضا الكاتب في منفاه البريطاني، بينما واجهت بلقيس موت ولدها «علي» في العراق قبل أن تغادره أو «تهجّ» منه على حد وصفها، فيما يواجه عادل النعماني الموت المفجع لزوجته «خلود» التي عادت إلى العراق لتواجه مصيرها المحتوم بشظية عبوة لاصقة.
    لا شك في أن جرّاح تتعاطف مع شخصياتها جميعاً، لكن هذا التعاطف يتجسّد بقوة مع «جمانة» التي تحمل العديد من مواصفات الكاتبة نفسها وخصائصها الفردية فكلتاهما تتزوج من عراقي، وتصبح عراقية باختيارها الشخصي. تجدر الإشارة إلى أن جرّاح معجبة جداً بشخصية عادل النعماني الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة، فهو محامٍ معروف، وسليل أسرة إقطاعية عريقة، لكنه سوف يقارع مفاهيمها الاستعبادية مناصراً الطبقة الفقيرة في المجتمع العراقي، وربما يكون زواجه من «خلود» التي تنتمي إلى هذه الطبقة هو خير أنموذج لما نذهب إليه حيث ترك الأهل متخلياً عن الحسب والنسب، وغادر العراق إلى لندن بغية إنعاش هذا الحُب الصادق.
    «بلا شطآن» والاغتراب الروحي
    لابد من الانتباه إلى ثنائية الغربة والحنين إلى الوطن، لكن المفارقة هنا أن «جمانة» على وجه التحديد كانت تلوم أبويها اللذين هاجرا من فلسطين وبدءا يبكيان عليها، لكنهما جعلاها تمر بالتجربة نفسها حيث تهاجر من العراق ثم تبكيه، فهي لم تكن تبكي على فلسطين، وإنما كانت تبكي على العراق بوصفه وطناً أصيلاً لها، وليس بديلاً عن الوطن الأول، وحينما تعود فإنها لا تجد الأشياء التي تبحث عنها. وفي ما يتعلق ببلقيس فإنها كانت تبكي على خسارتها الشخصية الموجعة لـ «علي» تارة، وللعراق تارة أخرى. أما «خلود» فقد كانت علاقتها بالوطن إشكالية لأنها لم تشبع من بغداد حينما عادت إليها، وفارقتها قبل الأوان حين عاجلها الموت وخطفها من أحضان الأهل لتخلد في تراب العراق الذي أحبته وأخلصت لرائحته المتفردة التي لم تجدها في أي مكان آخر من العالم.
    إذاً، يأخذ الحنين إلى الوطن في رواية «بلا شطآن» أشكالاً مختلفة، ولعل من المفيد هنا أن نذكِّر القارئ بأن جرّاح قد أنهت هذه الرواية بشكلٍ مكثف نختصره بالجُمل الآتية: «هنّ ثلاث نساء عراقيات، واحدة فقدت الوطن، والثانية لم تعد راغبة فيه، والثالثة لم تعد تعرف إن كان موجوداً أو غير موجود». تطرقت جرّاح إلى روايتها السابقة «أرقٌ على أرق» لتشير إلى موضوع الوطن أيضاً، وغربة المواطن الفلسطيني، لكنها حاولت التفريق بين غربة العراقي وغربة الفلسطيني، فالعراق ما يزال موجوداً ويستطيع المغتربون العراقيون أن يعودوا إليه متى شاؤوا، أما فلسطين فهي مغتصبة ولم تستطع أن تزورها إلاّ بجواز سفر بريطاني! و«آية» التي انتهكت حرمتها من قبل عبد المنعم صبري وصبيح الشريف هي رمز لفلسطين ومعادل موضوعي لها على الرغم من أنها لاذت في خاتمة المطاف بالدكتور حسين الخياط لأنها وجدت عنده الحماية والأمان.
    ذكرت جرّاح بأن شخصيات الروايتين السابقتين تتخذان من لندن مكاناً للغربة، وربما هي مكان للاغتراب الروحي والذهني في آن معا، وهي تغازل وطنها، وتغضب عليه، وتعاتبه، وتشتاق إليه بهذه التقنية الإبداعية الخارقة.
يعمل...
X