إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا «نحب نغني» الآن وهنا؟ ... علاج نفسي لشعب خائف من عصا الأصولية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا «نحب نغني» الآن وهنا؟ ... علاج نفسي لشعب خائف من عصا الأصولية

    «نحب نغني» علاج نفسي لشعب خائف من عصا الأصولية


    مسرح — 28 March 2013

    فريق مسرحية «نحب نغني» يتجاوز مخاوفه ومخاوف الشعب
    عبد الدائم السلامي
    يشارك في أدوار مسرحية «نحب نغنّي» نخبة من الممثلين التونسيين الشباب نذكر منهم هدى بن عمر وعبد الستار عمامو وأمين بن صميدة ونور الدين البوسالمي. يريد هذا العرض أن يكون ظاهره الهزل الكثير وباطنه الجد الأكثر. ولئن بدا مراوحة بين الكلمة واللحن والأغنية التونسية بالأساس.، فإنه يناقش بطرف خفيّ مشكلات المعيش التونسي ويطرح ما يتصل به من أسئلة.
    لماذا «نحب نغني» الآن وهنا؟
    لا شكّ في أنّ ما تعيشه تونس من تخمة في الأحداث السياسية والاجتماعية جعلت التونسي يعيش الاختناق السياسي والضغط النفسي، ما يجوز معهما وصف حال الشعب بالـ»آنغست»، وهي كلمة لها معنيان: الأول فلسفي يقارب ما صار يعرف بالقلق الوجودي والمصطلح يعود إلى كيركغارد حيث تعني الكلمة الخوف والتوجس وميل الناس إلى الارتياب من كلّ شيء.
    وثاني المعاني سياسيّ، حيث تُستخدم الكلمة للتعبير عن الحالة المزرية للشعب الألماني قبل الحرب العالمية الثانية حين بدت الأمور سوداء ولا ضوء باديا في نهاية نفق واقعهم.
    ويبد أن في حالة تونس تفيد لفظة الآنغست مزيجا من القلق المعهود أو التوجس بسبب أن البلاد دخلت نفقا مظلما تزداد قتامته بفعل ظهور التيارات الأصولية التي ظهرت بعد الثورة. وفيه أيضا قلق مطمور من كون المواطن، وبسبب ما يردد على مسامعه من إنذارات دينية، صار خائفا من أن يتمّ تكفيره فتكون نهايته الجحيم.
    والخشية، في حالة الآنغست التونسية، هي إمكانية أن يدفع خوف الناس إلى استسلامهم لما يُفرض عليهم من سياسات متطرّفة كما حصل في المانيا مع انتخاب هتلر.
    وتبعا لهذا، اختارت مسرحية «نحب نغني» الابتعاد كل البعد عن الأجواء السياسية المشحونة بالتهديد والوعيد، لتقدم مادة فنية في علاقة متينة بالتونسي وبمخيلته وبماضيه وبحاضره كمحاولة منها لحفزه على البحث عن الذات وتغذية روح التونسة فيه .
    وجعلنا من الضحك دواءً
    «نحب نغنّي» محاولة لاسترجاع روح الدعابة والذهن الخالي من المشاغل المسقطة على كلٌ تونسي… أليس الضحك هو وسيلة للتطبيب والشفاء حتى نتمكن من اجتياز هذه المرحلة العسيرة؟
    وعليه، تنهض أحداث هذه المسرحية على أسلوب هزلي بالأساس في شكله الخارجي وجِدّي في محتواه الأعمق، حيث تذكر مخرجته هدى بن عمر أن»القراءة الأولى للعرض تصنفه في خانة العروض الخفيفة غير أن القراءة الأعمق ترى فيه نقدا بناء لعلاقة التونسي بالموسيقى ومن خلالها علاقته بتاريخه ومجتمعه وبمآلات ذاته في هذا الراهن السياسي والاجتماعي المتشنّج».
    ومن ثمة فإنّ الآن وهنا لا يمكن التغاضي عنهما، فتونس اليوم موجودة بين الأسطر وخلف الكلمات وجميع الأحداث تأخذنا إليها الإشارات الواقعية الموحية بها.
    حكاية هذا العرض المسرحي، وفق ما تقوله هدى بن عمر، تأتي «في إطار جمعية الرفق بالموسيقى التونسية حيث يبدأ عبد الستار عمامو في تقديم محاضرته حول الموسيقى التونسية ونشأة الرشيدية، وإذا بامرأة مغمورة فنيا تقتحم الركح هي ورجل آخر تدّعي أنه أخوها والذي يحمل معظم الآلات الموسيقية على ظهره وبين يديه.
    وتتدخل هذه المرأة المغرمة بالفن التونسي حسب ما تدعيه هي في مسار المسامرة بإعطاء معلومات مغلوطة أو صحيحة عن تاريخ الموسيقى التونسية وأحيانا ترقص أو تغنّي».
    وتضيف «بين المحاضر وجديته والمرأة واندفاعها وشغفها (وتهميشها) وذوقها الفني المتدني في بعض الأحيان، يكون التصادم بين الاثنين، فلا يملك الأخ الموسيقار إلا أن يواصل عزفه على العديد من الآلات في سعي منه إلى دعم مواقف أخته وتدخلاتها الغنائية».
    «يا مداوين الناس فينو دوايا»
    وتهدف مسرحية «نحب نغنّي» إلى التعريف بأهم محطات الموسيقى التونسية منذ أواخر القرن السابع عشر وإلى حدود حاضرنا من خلال أمثلة قلّ أن تُعرف من قبل الجمهور. فمن منا يعرف أو يذكر أن الراشدية تحمل اسم الأمير محمد الرشيد باي الأمير الشاعر (ق 18) الذي اختار الابتعاد عن دواليب الحكم قصد الاهتمام بتهذيب سفاين المالوف التونسي. وقد يتذكر البعض من مشيخة الحاضرة أن نوع من المتسوّلات كنٌ يجبن أزقة المدينة ويقدّمن بعض الأغاني الترفيهية للراغبات من المتساكنين في سقائف بيوتهن مقابل مبلغ مالي بسيط.
    وكان الأهالي يطلقون عليهن اسم «كرية الكار». وللتذكير أيضا فإن أغنية «لمت نرجى فيك ومرسولك مجاش بالله يا العازبة قلي وقتاش» كتبها شاعر الطبيعة مصطفى آغا الذي كان لا يتكلم غير الفصيح فناهيك عن الكتابة إلاٌ أنه إكراما لفتحية خيري قد تنازل عن الفصحى للملحون.
    يشار إلى أنه عام 1958 وتونس حديثة عهد بالاستقلال أمر الرئيس الحبيب بورقيبة بتنظيم مؤتمر عالمي لأطباء القلب بتونس ويطلب أن توضع أغنية بالمناسبة فيكتب الشاعر « أحمد خير الدين» أغنية « يا مداوين الناس فينو دوايا/ قلبي عدم وما لقيت شفايا» ويلحنها صالح المهدي مستعملا نبضات القلب ودقاته كإيقاع للأغنية التي أدتها الفنانة الراحلة «عليٌة».
يعمل...
X