إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يجعل عنف التلفزيون الأطفال الأسوياء مجرمين...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يجعل عنف التلفزيون الأطفال الأسوياء مجرمين...

    عنف التلفزيون يجعل الأطفال الأسوياء مجرمين





    برامج التلفزيون تخاطب أكثر من حاسة من حواس الأطفال
    يمينة حمدي
    اكتسب التلفزيون ووسائل الإعلام والاتصال الحديثة أهمية خاصة من بين وسائل الإعلام المختلفة في حياة المجتمعات والشعوب، وباتت هذه الوسائل تلعب دورا كبيرا في العملية التربوية والتنشئة الاجتماعية للأطفال حالها حال العائلة والمدرسة، بل وتتفوق عليهما إذا أخذنا في الاعتبار الوقت الذي يقضيه كل طفل أمام هذه الوسائل، وما تبثه من برامج يمكن أن يكون لها أثر كبير على حياتهم وتصرفاتهم في حاضرهم وفي مستقبلهم، نظرا لأنها تخاطب أكثر من حاسة من حواسهم.
    وتشير الدراسات إلى تعاظم مكانة التلفزيون عند الأطفال خاصة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 و16 سنة، وأغلب هؤلاء يشاهدون التلفزيون ما يقارب الست ساعات يومياً، ولا يقتصر الأطفال عادة على مشاهدة البرامج التلفزيونية المعدة لهم، بل يقبلون على مشاهدة البرامج المعدة أيضا للكبار إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك وغابت الرقابة العائلية.
    وبات التلفزيون اليوم يلعب دورا مهما في بث العنف، ويتعرض الأطفال إلى كم هائل من الرسائل العنيفة عبر وسائل الإعلام سواء عن طريق الأفلام أو الإعلانات أو ألعاب الفيديو.
    وتؤكد عديد الدراسات أن التعرض للعنف بكثرة يمكن أن يؤدي إلى تقليد العنف وتعلمه، فالأطفال الذين يتعرضون لمضامين عنيفة يظهر بها العنف على أنه سلوك مقبول ومرغوب فيه يتعلمون التصرف بعنف، خصوصا عند تعلقهم بشخصية معينة مثل شخصية البطل، بينما الأطفال الذين يتعرضون لمضامين يكون فيها العنف أمرا غير مقبول ويوجب العقاب لمستخدميه يتعلمون رفض مثل تلك التصرفات العنيفة.
    ويختلف تأثير العنف المتلفز على الأطفال حسب عدة متغيرات، ويرتبط هذا التأثير بعوامل مختلفة منها عدد الساعات التي يقضيها الطفل في مشاهدة البرامج التلفزية بمفرده أو برفقة عائلته، وسن الطفل وجنسه وشخصيته.
    وبينت دراسة كندية أن أفلام الكرتون تحتوي على أكثر مشاهد عنف بخمس مرات من البرامج العادية، وأن الأطفال يصابون بالخوف أمام المشاهد الحقيقية للعنف إلا أن مشاهدة أفلام الكرتون تجعلهم أكثر ممارسة للعنف في لعبهم.
    وأشارت بعض الأبحاث إلى أن العنف التلفزي يؤثر سلبا على الأطفال والمراهقين ويمكن أن يؤثر بشكل دائم على حياتهم.
    وحذرت دراسة اجتماعية أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة في الأردن حول البرامج الموجهة للأطفال العرب في الفضائيات العربية من أثار العنف المتلفز في شخصياتهم ومستقبلهم وفي أمن واستقرار مجتمعاتهم.
    ودعت الدراسة التي نفذتها الباحثتان في وحدة الطفولة التابعة للمجلس أماني تفاحة ولارا حسين إلى إنشاء مؤسسة عربية لإنتاج أفلام كرتون تركز على أمجاد الأمة العربية ومستوحاة من بيئتها، معتبرة العنف “إذا تجاوز السوية في السلوك سينعكس سلبا على أمن المجتمعات واستقرار وفرص التنمية والازدهار الاقتصادي”.
    وأشار البروفيسور في مدرسة الصحة العامة بجامعة هارفارد الأميركية، أن الصغار الذين شاهدوا برامج المصارعة أكثر عرضة لتبني العنف بما في ذلك حمل الأسلحة والعراك عند الخروج مع الأصدقاء نتيجة الخبرات التي يتعرضون لها.
    وبين أن 63 بالمئة من الذكور و35 بالمئة من الإناث شاهدوا برامج المصارعة خلال الفترات التي أجري فيها الاستطلاع، وأن 25 بالمئة من الذكور و9 بالمئة من الإناث شاهدوا هذه البرامج ست مرات أو أكثر.
    ووجد أن عدد مرات المشاهدة كانت مرتبطة بمشاكل سلوكية، وأن المراهقين يتأثرون بما يشاهدونه في مشاجراتهم مع الأصدقاء، وأن الأشكال الأخرى من العنف تزيد عندما يزيد التعرض للعنف.
    ويقول الخبير النفسي بنيامين سبوك “إن الطفل الذي يتعرض لمشاهد العنف في لعبة المصارعة غالباً ما يقلد العنف الواقعي، وليس العنف الخيالي، فالعنف الذي يمكن أن يقع في حياة الناس اليومية، كالمشاجرات واستخدام الأسلحة مثل الآلات الحادة والمسدسات، إضافة إلى المطاردات التي تستخدم فيها السيارات وغيرها من أنواع العنف الواقعي، هو الذي أثبتت الدراسات أن النسبة الكبرى من الجمهور تتعلمه، وتميل إلى تقليده، أما العنف الذي تعرضه بعض قصص الخيال العلمي وحرب النجوم، وغيره من أنواع العنف الذي هو من صنع خيال الإنسان، ولم يشاهد مثله في الواقع، فإن نسبة من يعمد إلى تقليده من الجمهور قليلة جداً”.
    ويضيف: “الطفل في عامه الأول أو الثاني نجده يميل كثيراً إلى أسلوب “العض”، مع أول هجوم عليه للدفاع عن نفسه، خاصة مع الأكبر منه سناً، كما أنه يحاول أن يضرب الخصم بأي شيء ثقيل أو يوقعه على الأرض. لكن عندما يصل الطفل إلى عامه الثالث أو الرابع فإننا نستطيع أن نلاحظ أن الطفل ينحو بأسلوبه العدواني منحًى آخر، ويبدو أكثر نضجاً، فالطفل طيب القلب ذو المشاعر الرقيقة لا يرد العدوان فوراً إنما يحاول من البداية أن يستفسر وأن يحتج، وقد يرد العدوان بعد ذلك”.
    ويوضح: “الدراسات التربوية والمعطيات السلوكية تشير إلى أن الطفل الذي لم يبلغ الثالثة من العمر لا يملك نزعة عدوانية تجاه غيره، ولا يميل إلى القسوة أو الأذى إلا إذا علمه أحد المحيطين به هذا اللون من السلوك وشجعه عليه”.
    كما تبين دراسة للأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم أن الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية بدوا خلال بلوغهم مرحلة الرشد أقل تركيزا في عملهم، وقلما تزوجوا، وعلاقاتهم الاجتماعية أقل استقرارا من الآخرين.
    وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” من الانعكاسات السلبية لمشاهد العنف التي تتضمنها النشرات الإخبارية على الأطفال، مشيرة إلى أن الطفل قبل بلوغه 18 من عمره يقضي أمام التلفزيون 22 ألف ساعة مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة خلال المرحلة نفسها، موضحة أنه مع بدء القرن الـ 21 زاد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات و20 دقيقة يوميا إلى خمس ساعات و50 دقيقة، نتيجة الانتشار الواسع للفضائيات التلفزيونية.
    ودعا المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توماس ماكديرمت إلى انتاج مواد إعلامية للأطفال تحترم حقوق الأطفال وتدعو إلى حمايتهم من الإساءة بجميع أشكالها بما في ذلك تعرضهم للعنف في وسائل الإعلام.
    وأوضحت آن فينمان، المديرة التنفيذية لليونيسيف أن العنف لا يترك أثرًا دائمًا على الأطفال وأسرهم فحسب، وإنما أيضًا على المجتمعات والدول.
يعمل...
X