Announcement

Collapse
No announcement yet.

المسرح الشامل و جويل بوميرا

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • المسرح الشامل و جويل بوميرا

    جويل بوميرا والمسرح الشامل






    حكاية «بينوكيو» الخيالية تتحول مع بوميرا إلى عمل مسرحي
    أبو بكر العيادي
    باريس – يتميز مسرح بوميرا بالشمول، حيث لا يحتل أدب القول فيه المكانة الأولى، بل يمتزج بالفيديو والفنون التشكيلية وتصميم الرقص، تمثلا لتصور أنطونان أرطو ( 1896 – 1948) الذي يدعو إلى نبذ الأشكال التقليدية واقتراح مسرح شامل. يقول بوميرا : «لا أصوغ نصوصا مسرحية بل مشاهد فرجوية، ما يشغلني ليس النص، بل الكلمة واللوحة التي سوف تُسمَعُ فيها». وهو في ذلك ثائر على ما يسميه الفهم الأرستقراطي للمسرح، على المسرح المتحف، ويطمح إلى مسرح أقل فخامة وأناقة، ربما، ولكن أكثر قربا من الواقع، ومن حياة الناس. فالحياة الحق، كما يقول، تزعج النظام البرجوازي، لأنها تلقي الضوء على كل التناقضات التي لا يرغب في رؤيتها. النظام البرجوازي يقوم على المظاهر، والمسرح يقوّض كل ذلك.
    مسرحيته الأخيرة تندرج في هذا الإطار، وهي أشبه بمجموعة قصصية، حيث تحوي عشرين لوحة لا صلة لإحداها بالأخرى إلا من حيث التيمة العامة، وهي الصعوبات التي تواجه كائنين للتواصل والتفاهم، ومن ثَمّ كان اختياره للعنوان مستمدا من العلاقات المتوترة بين دولتين، هما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، تلتقيان في العرق والتاريخ والأرض واللغة، وتكنان برغم ذلك لبعضهما بعضا كرها وعداوة، مثلما كان توضيبه لحضور الجمهور بشكل متناظر حيث يقوم الركح في الوسط كالممر الطويل يقسم المتفرجين إلى فوجين، يرمق الفوج الفوج الآخر، مثل حرس الحدود في البلدين المتعاديين، ويختلف الديكور والموسيقى باختلاف المشاهد، باعتماد تقنيات الفيديو ( المسلاط ).
    عشرون «لحظة» أو «قطعة فسيفساء» أو «قصة قصيرة» تعرض تباعا، مع فواصل تتراوح بين العبوس والكآبة تحت زخات مطر خريفي، والبهجة الغامرة بظهور عازف مجنون يهرف بكلام كالحجاء في حركات مسرحية مضحكة، يروي لفيف الممثلين والممثلات من خلالها حكايات طلاق معلن، وفراقٍ عنيف، وقصةِ حبّ قديم مستعادة، وزواجٍ مجهض، وانحرافِ أزواج، و شذوذِ جنسي غير ثابت، وعودة الزوج المحبوب، وخيانة متبادلة، وتحرش جنسي مقبول، وبغاء متستر، وصداقة منتهية، وجنون سعيد… حكايات الحبّ تلك تمثل لحظات درامية جارحة حينا، ولحظات مرح وانشراح حينا آخر، ومواقف مثيرة للضحك والسخرية في أغلب الأحيان.
    الوضعيات تنطلق دائما من لحظة تأزم، حين يتقوض كل قائم ولا يرتجى بعدها تسوية ولا عودة، لحظة يزول فيها الستر عما خفي، وتتفجر الحقيقة بشكل لا يملك المرء حق نكرانها. نعبر تلك اللحظة من حياة فرد أو أفراد إلى حكاية أخرى وفي البال أن النهاية، بالنظر إلى ما شاهدناه في الحلقة السابقة، ستكون مؤلمة أو أشد إيلاما، فإذا هي انفراج مؤقت في وضعية أخرى ستؤول بدورها إلى تأزم.
    وبالرغم من أن النصوص في مجملها إضمارية elliptique، كأنها ناقصة أو هي بصدد التكون، كمن يعيد صياغة حكاية أو ماض أو مستقبل قد يأتي، وأن الحوارات تنهل من قاموس الواقع المعيش، والأحداث غير منطقية أحيانا، أو مبالغا فيها، فإن الجمهور يبدو متعاطفا مع تلك الشرائح المجتمعية في تراجيدياتها البسيطة بساطة حياتها اليومية. طوال ما يقارب الساعتين، تعتري المتفرج أحاسيس متباينة، فيمر من الضحك إلى العبوس، ومن الغبطة إلى الضيق، إذ يظل مأخوذا بمشاهد من الحياة اليومية، قريبة مما يعيشه أو يكابده، وهو أقصى ما يطمح إليه بوميرا، حيث يقول : « لم يعد الناس يذهبون إلى المسرح كأداء واجب أو رفع كلفة بل أصبحوا يقصدونه بوله وفضول ولذة اكتشاف».
    وبرغم ما في العمل من مواضيع جارحة، كالخيانة والانتحار والذهاب إلى جبهة القتال ومواضيع أخرى أشدّ حدّة، استطاع بوميرا أن يحوز بسمة المتفرج، وله في ذلك تفسير: «ميزة العمل التخييلي، يقول بوميرا، أننا نستطيع بفضله أن نقف على مسافة من الأحداث التراجيدية، بل يمكن حتى إيجاد نوع من الهزل داخل التراجيديا. أنا أرفض الفصل بين الهزلي والدرامي. بالمزج بينهما نلامس بحق الواقع البشري».

  • #2
    رد: المسرح الشامل و جويل بوميرا

    جزيل الشكر على هذه المقالة التعريفية الهامة حول المسرح الشامل.
    كانت للمسرحيّ المغربيّ "عبدالكريم برشيد" تجربة مشابهة سماها بالمسرح الاحتفالي
    لم يعد فيها القول وحيدا بل امتزج بكلّ أشكال الفرجة كالغناء و الرقص و الموسيقى..
    من مسرحياته"عرس الاطلس" "ابن الرومي في مدن الصفيح" "امرؤ القيس في باريس"..
    تحياتي ،أستاذة "وفاء أحمد الزين"

    Comment

    Working...
    X