إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الجمع بين الانطباعية والموضة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجمع بين الانطباعية والموضة

    الانطباعية والموضة





    علاقة تكاملية بين الموضة والانطباعية في لوحة مونيه
    أبو بكر العيادي
    باريس- لم يكن الجمع بين الانطباعية والموضة اعتباطا، وإنما نظرا للعلاقة التي تربط بينهما منذ النشأة. فالمعروف أنهما ظهرتا تقريبا في الفترة نفسها، أي مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأحدثتا ثورة على السائد والمألوف. ففي ميدان الفنون التشكيلية، التقى جمع من الشباب الرافضين للانخراط في الفن الأكاديمي القائم، وأحدثوا قطيعة مع من سبقهم على ثلاثة مستويات: المستوى الجمالي، حيث أعربوا عن رغبتهم في التعبير عن جمال الطبيعة وعن حياة معاصريهم الأشد بساطة، والمستوى الاجتماعي، إذ ناهضوا الذائقة الارستقراطية المهيمنة بوصفهم منحدرين في أغلبهم من أوساط شعبية، والمستوى الجغرافي، حيث سعوا في الأرض بحثا عن المواقع التي لم تلوثها الثورة الصناعية.
    أما في مجال الموضة، فقد شهدت باريس في تلك الفترة ظهور دور الموضة ومحلات الملابس الجاهزة كاللوفر ولوبون مارشي ومدينة سان دوني، وابتكار نموذج الصنع patron الذي مهد لإنتاج الفساتين على نطاق واسع، ورافق ذلك صدور مجلات متخصصة استمالت عددا من كبار الكتاب أمثال إميل زولا وتيوفيل غوتيي وبودلير ومالارمي الذي كان يوقع مقالاته باسم مستعار «ميس ساتان».
    ويفسر رئيس المتحف غي كوجيفال تلك العلاقة بروح الثورة التي كانت تسكن الطرفين، فقد خلد الانطباعيون في أعمال كثيرة مظاهر التجديد في فن الحياكة الرفيعة من خلال اقتناص اللحظة، كما يفعل المصورون اليوم وإن بأدوات مختلفة، في أماكن عديدة من باريس الجديدة بعد تهيئتها من قبل المحافظ جورج أوجين هوسمان وفق ما أراد نابليون الثالث. نجد ذلك في لوحات «نساء في حديقة» لكلود مونيه، و»في البورصة» لإدغار دوغا، و»مدام شربانتييه وأطفالها» لرونوار، و»المرأة صاحبة الببغاء» لإدوار ماني على سبيل المثال، حيث تبرز «اللمسة الخاصة للإنسان المعاصر» على حد تعبير ناقد الفنون لويس إدوار دورانتي عام 1870، أو ما يسميه شباب اليوم بـ «لوك look».
    ذلك أن الانطباعيين، وإن اهتموا برسم المناظر الطبيعية الخلابة في حدائق العاصمة الفرنسية وضواحيها وفي غابة فانسان وفونتينبلو وسواهما، مما حدا بزولا إلى القول: «إن موني نقل باريس إلى الريف»، فإنهم اهتموا أيضا برصد ملامح الحداثة في مجتمع مدينيّ متحول، بأسلوب يختلف عن أساليب سابقيهم، وهو ما أثار ضدهم حفيظة رموز الإمبراطورية الثانية (1852 1870-) وأكاديمية الفنون الجميلة ولجنة تحكيم الصالون، وكانت توصد أبوابها دونهم، مثلما أثار عموم عشاق الفن الذين لم يألفوا تلك المقاربة الفنية التي سعى أصحابها إلى تثبيت لحظة ما بوسائل فنية مستحدثة، من حيث طريقة مزج الألوان ورسم الملامح واستغلال عنصر الضوء، دون الاستناد إلى أية خلفية، دينية كانت أم أيديولوجية، مما عدّوه نوعا من التفسخ والاستهتار في وقت كان الساسة يلحّون خلاله على ضرورة إبراز عظمة فرنسا، ولم يألفوه إلا بعد أعوام طويلة.
    ومن المفارقة أن يركز بعض أعلام الانطباعية على رسم صور من حياة الميسورين – كما هو الشأن لدى جيمس تيسو، حيث التقط لحظة من حياة عشرة رجال من الطبقة الارستقراطية يلتقون في واحد من أجمل المواقع الباريسية – والحال أن أغلبهم يعاني الخصاصة، أو هو من أصول شعبية فقيرة.
يعمل...
X