إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

للناقد أحمد دلباني دراسة أعمال عبد الله بوخالفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للناقد أحمد دلباني دراسة أعمال عبد الله بوخالفة

    "فجيعة التروبادور: سقوط سارق النار" تأريخ لعبد الله بوخالفة
    [COLOR=#000099"]عبد الله بوخالفة: من إعادة خلق الطبيعة إلى أنسنتها

    [/COLOR]

    صدرت مؤخرا للناقد أحمد دلباني دراسة حول أعمال الشاعر الجزائري الشاب الراحل عبد الله بوخالفة الذي انتهت حياته بالانتحار الفاجع بين سكتي قطار قبل أن يكمل عامه الرابع والعشرين. ويحمل هذا الكتاب عنوان "فجيعة التروبادور: سقوط سارق النار" وفيه تأريخ لحياة هذا الشاعر وبحث في نصوصه الفنيّة.

    أزراج عمر

    إلى جانب كتابه حول أعمال الشاعر الجزائري الراحل عبد الله بوخالفة، فقد صدرت للناقد أحمد دلباني الذي يعتبر من الأسماء المثقفة في الساحة الفكرية الجزائرية عدة كتب منها: "مأدبة المتاهة – 2006" و "مقام التحول" سنة: دراسة في أعمال أدونيس – 2009" و"سفر الخروج: دراسة في الثقافة العربية – 2010م" و"موت التاريخ : منحى العدمية في أعمال محمود درويش الأخيرة – 2010".

    أرى أن دراسة دلباني المشفوعة بشهادته الحية والموضوعية على هذا الشاعر الراحل الذي رافقه عندما كان حيا إلى جانب المنتخبات الشعرية التي ضمها إلى دفتي هذه الدراسة عملا نقديا وتوثيقيا جديراً بالتنويه.منذ البداية يصنف الناقد دلباني الشاعر عبد الله بوخالفة، الذي ترك مخطوطين شعريين وهما: "رحلة التروبادور إلى جبل بومنقوش" و"حيزيات مدرسة البخاري" فضلا عن نصوص نقدية منشورة في الصحف الجزائرية، ضمن الشعراء الحداثيين الموهوبين في مشهد الحركة الشعرية الجزائرية لمرحلة ما بعد الاستقلال، ويرى أنه يمثل بحق "إحدى أبرز قاماتنا الأدبية والشعرية في جزائر الثمانينات، وسؤالا مغروزا في جسد الكتابة الجزائرية المستيقظة على قلق الوجود وظمأ الكينونة المعذبة في توقها إلى الامتلاء الوجودي والإنساني وانفتاحها على مغامرة الحداثة في أعتى اختراقاتها: حداثة الرؤية وحداثة الكتابة". يلاحظ أحمد دلباني أن الشاعر الراحل عبد الله بوخالفة يتميز باستقلالية صوته الشعري المسلح بالجماليات والحساسية الجديدة والقبض على اللحظة التاريخية.

    إن الشاعر عبد الله بوخالفة كما يوضح الناقد دلباني في كتابه هذا يختلف عن شعراء جيله إبان الثمانينات من القرن العشرين في كونه يغمس قصائده في الفكر والفلسفة دون أن يغرق في الأيديولوجيا أويتنازل عن الصدق الفني وعن الخصوصية الجمالية التي تحول الفكر والفلسفة إلى طاقة إبداعية.

    فالناقد دلباني لا يكتفي بالحديث عن سيرة هذا الشاعر وقوته الإبداعية ضمن أفق الصدق الفني والتشكيل الجمالي للقصائد بل فإنه يخصص في كتابه هذا فضاءً للتحليل التطبيقي لقصائد الشاعر عبد الله بوخالفة التي جمعها له، وهكذا نجده يقف أمام هذه المقاطع مبرزا أنها بمنزلة "سريان نار الثورة في جسد العالم الذي ظل تمثالا من الملح": إنني الشيخ البصير/ أفطم العصر/ وأجري فوق أشواك الحضارات بلا خوف/ ومن بحر إلى بحر أنزل الظلماء معصوب الجبين/ أذبح الأشباح/ أجلوصرخة الدمع/ أدل الناس والقلب على جيش وأبقى في متاهاتي/ أطوف القلعة السوداء.

    والشاعر عبد الله بوخالفة مرتبط ارتباطا وثيقا بالأرض ويتجلى هذا الارتباط في إعادة خلقه لـــ"جبل بومنقوش" شعريا في داخل كيانه وهكذا ينزع عنه صفة الجماد ويمنحه وجودا إنسيا. ويلاحظ هنا أن الشاعر بوخالفة يعانق فكرة حلول الطبيعة في الإنساني: مجنون أصيح فوق بومنقوش مجنون أصيح/ أخرجي أيتها الأرض من العرق النباتي الذبيح/ أيتها الأرض أخرجي مني.

    إن دعوة الشاعر بوخالفة للأرض أن تخرج لا تعني أنه ينشد التخلص منها وإنما يريد أن يتأمل نفسه في مرايا طينها الذي هومصنوع منها وبمعنى آخر فإنه يريد أن يرى تكوينـه الإنساني من خــلال تأمل تربة الجبل المتغلغلة في لحمه وكريات دمه.

    إن الشاعر عبد الله بوخالفة يبتكر صورا عن طريق جعل المفردات تخرج من طبيعتها القاموسية ثمَ بالإيحاءات التي تدفع بها لتسكن المخيال الذي يعيد خلق علاقة جديدة بين الطبيعة وبين الإنسان كما في هذا المقطع: أنا الظمأ/ النهار ملابسي/ معناي ليس له حدود/ معناي مزمار الحجر/ معناي في روح السفن.
    في هذا المقطع الجميل يوظف الشاعر عبد الله بوخلفه التراث الديني على نحوعكسي ليخلق الدهشة "النهار ملابسي" وهي الجملة التي تذكرنا بالآية القرآنية: "وخلقنا النهار معاشا والليل لباسا".

    إن القراءة الداخلية الهادئة للقصائد التي اختارها الناقد أحمد دلباني للشاعر عبد الله بوخالفة وثبتها في هذا الكتاب تكشف عن شاعر موهوب يملك مفاتيح اللعبة الشعرية مثل جعل اللغة تقول السر والاستثنائي والهارب منا وكذلك اللامرئي. لنتأمل قصيدة "رمضان حمود قبل اقتحامه مدينة الخروب" فندرك أن عبد الله بوخالفة في عنفوان النضج الفني والقدرة على ترويض حصان الشعر الجموح.
يعمل...
X