إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جدارية الموت - 9 - المستشار:حماد الحسن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جدارية الموت - 9 - المستشار:حماد الحسن

    حماد الحسن



    _المستشار:حماد الحسن - جدارية الموت -9

    هيَ الرّغباتُ التي تموتُ أَوّلاً، أَمّا الأَحلامُ فتتأَخّرُ كثيراً، لكنّها تَسْلكُ دروباً جديدةً، لا تعبرُ كعادتِها بصمتٍ، تَتَشكّلُ فجْأَةً كالعاصفةِ، تُدَوّمُ بِشَكلٍ حلزونيٍ، تَرْتَفِعُ بي إلى الأَعلى، وتَأْخذُ في ممرّها كلَّ ما تعلّمتُهُ من مهاراتٍ في إدارَتِها، وَوَسْطَ دَوّامتِها تَعبرني صورُ منْ أُحبّهم، تَعْبرُني بسرْعةٍ، لا أَجدُ مُتّسعاً لترْجمةِ ملامحهمْ، تَخْتَلِطُ الملامحُ علي، ابتسامةُ ابنتي لَمَحْتُ طَيْفَها على شفتَيْ والدي، وتضيعُ الصّوَرُ، زَهْرَةُ بَنَفْسَجٍ كانتْ تَدنو حلّقتْ بسرْعةٍ الى الفَضاءِ، لم يبقَ منها الاّ خيطاً لوْنَهُ بنَفسجٌ، بعضُ الحروفِ تَدورُ وتدورُ تَكادُ تُشكّلُ عبارةً، لم أَتمكن من فكِّ كلماتها، فجْأَةً تَتَوقّفُ الصورة، ويغلبُ عليها لونٌ ترابيٌ مصفرٌ، صورةٌ ثابتةٌ لزوْبَعةٍ تَمْتَدُّ إلى السّماءِ، فوجئتُ بأَنّي لا أَزَالُ قادراً على التّحرّكِ وَسْطَها، وبَدَأْتُ أُحلّقُ ضمنَ الصّورةِ، يدفَعني الفضولُ فأَمُدُّ أَصابعي أَتَلمّسُ بعضَ الصورِ، كلّ النساءِ في الصّورةِ لهنّ نفسُ الملْمسِ والعطرُ ذاتهُ، حلّقتُ بسرعةٍ مكْتَئِباً من برودَةِ الابتساماتِ الملْتَصقةِ على الشّفاه، كلّما ازْدَدتُ ارتفاعاً في فضاءِ العاصفةِ ازداد الغموضُ في التّفاصيلِ، واختلطتْ عليّ الرؤى، نظَرتُ الى الأَسفلِ نحوَ مركزِ الدوّامةِ، أَرْعبني أَنّ مركزها كانَ ضيّقاً جداً بالكادِ أَحاط بقبري، لمحْتُ شاهدةَ القبرِ وقدْ دُوَّنتْ عليها بعْضُ العباراتِ، قرَأْتُها برويّةٍ، عبارةٌ واحدةٌ فقطْ مكْتوبةٌ بخطٍ ردئٍ، ( ...يرقدُ هنا الغريب، عاشَ وماتَ غريباً...)، حلَّقْتُ بعيداً بلا أدنى شعورٍ، كانت يديّ تَحْتَضِنُ الرّيحَ، والترابُ يزربُ جافاً من حلقي، وعيناي فارغتان، وفي أَوّلِ الصّمتِ تنهيدةُ أُنثى، والغيابُ سفرٌ أبديٌ لا عودةَ منهُ، في لجَّةِ خوفي انتبِهُ أَنّ العاصِفةَ لها جسدُ أُنثى، عيناها في عيني، وأَناملُها تعبقُ بالغيْمِ، وخاصرتها شاطىء رمليٌ، ونهْديها صباحٌ أَبيضُ كالثلْجِ النقيِّ، أُوّاهُ كمْ كنتُ متْرَفاً بالموْتِ، عندما سقطَتْ عبارَتُها على عتبةِ الرّوحِ :
    _ إلى أَينَ أَخذْتَني بدَأْتُ أَخشى الكلمات؟!!! سأُغادرُ الشّابكةَ أَنا متخمةٌ بعطرِكَ الذي لا يُبارحني هذا الصّباح.

يعمل...
X