تويت
حماد الحسن المستشار: حماد الحسن - جدارية الموت -2
*************************
صريرُ بابٍ معدنيٍّ ثقيلٍ، اختفتْ بعد إغلاقهِ كلَّ الأصْوات، دويُّ الصمتِ يراودُني في أعْماق الرأسِ كصوت قطارٍ بعيدٍ، جسدي باردٌ ويزيدُ في برودتهِ الطّاولةُ المعدنيّةُ التي مدّدتُ عليها، سخونةٌ نازفةٌ من صدري تسيلُ واصلةً تحت إبْطي، تتجمّعُ السّخونةُ تحت ظهري وتلتصقُ بي، يُؤْلمني العجزُ الكاملُ عن الحركةِ، تنهيدةٌ تستقرُّ في حَنْجرتي تكبرُ وتكبرُ وترفضُ الخروج، دمعةٌ واحدةٌ تسيلُ من عينيَ اليمنى، أتوق للنشيجِ، وتهرشني اصبعُ قدميَ اليسرى حدَّ الوجعِ، لكنَّ جسدي صخرةً فولاذيةً ثقيلةً جداً، وسط ذهوليَ الأَصْفرَ بدأتْ يدٌ باردةٌ تقلّبني، وعادتِ الأَصواتُ كلّها فجأةً، شخصٌ يصفُ إصابتي على الأرجحِ، يغمسُ إصبعه في مواجعي ويقولُ :
_طلقةٌ واحدةٌ في الصَّدرِ من الناحيةِ اليُسْرى، فوَّهةُ الخروجِ بجانبِ العمودِ الفقاريّ من النّاحيةِ اليُمنى ...
ترتفعُ وتيرةُ الأصْوات، يبدو أنّهُ يوجدُ أَكْثرَ من شخصٍ بجانبي، اجْتاحني قنوطٌ من التّحرّكِ، أَوِ التّنهّدِ، فَبَدَأتُ أتابعُ الأيْدي التي تتلمس جسدي وتقلِّبَهُ بخشونةٍٍ، كلّها غريبةٌ عنّي لمْ أَعتدْ علَيْها، غيْبوبةٌ زرقاءُ تَأْخُذَني بينَ ساعديْها بعيداً، رجلٌ عند بوابةِ الغيابِ قال بقسوة :
_الله يساعد أهلهُ...