وفاء طفلة لقيطة ؟!!
لم تكن تتصور للحظة واحدة ... أن تكون مكافأة نهاية خدمتها هي، إيداعها في إحدى دور رعاية المسنين الخيرية.. على يد من ضحت ، وسهرت الليالي ، وتعبت من أجلهم.. تدهورت صحتها من جراء الحزن الدفين ، الذي كان يقطع أعماقها .. ويكوى قلبها الذي أحبهم .. باتت ليلها حزينة باكية على عمرها الذي غادرها، ولن يعود .. وصحتها التي أفنتها في خدمة، الجحود ، ونكران الجميل ...أغمضت عينيها ، وراحت تبكى على وسادتها التي تحولت إلى نهر، تجرى فيه دموعها كسيل يجرفها إلى الهاوية ، تترنح ، وتتخبط في جدران الزمن الغادر ، فيزداد ألمها، وهى تستعيد شريط ذكرياتها ، وتنقب في ذاكرتها عن شئ واحد فعلته معهم ، يبرر لهم جحودهم بأمهم .. فلم تجد ثغرة تنفذ منها، كي تبيح لهم ما فعلوه ، أو تلوم عليها نفسها ، أو تلتمس لهم العذر على فعلتهم الدنيئة، والتي برروها بانشغالهم الدائم، وعدم تفرغهم لها .. بعد أن وضعت أجمل أيام عمرها تحت أقدامهم ، منذ أن مات أبوهم وتركهم أمانة في عنقها .. صانتها وتحملت مسؤوليتها .. فداسوها بلا رحمة ، حتى أموالها أخذوها .. وتركوا لها الذل والحرمان .. وفجأة شعرت بيدها تجفف دموعها وتحتضنها.. وترفعها من الهم لتقوم ، وتقف على قدميها من جديد ، فترى نور الحياة في وجهها الملائكي البرئ .. واستها وقبلت يدها .. قائلة : لاتحزني يا أمي ..فلقد تعرضت من قبلك للجحود ... فأنا الطفلة اللقيطة التي كفلتيها فى مهدها .. عندما أنكرني أهلي ، وألقوا بي في ملجأ الأيتام ، وهم على قيد الحياة.. تكفلتي بي دون أن تفصحي عن شخصك الكريم ، ولما كبرت ، وصرت طبيبة بفضل الله ، ثم بفضلك ، طلبت أن أعرف اليد الكريمة التي حنت علىّ ،لأقبلها ، وأضم القلب الكبير ، الذى ضمني ، وأنا في أشد ضعفي ..بحثت عنك ، حتىعرفت أنك نلت مالا تستحقين.. أنا نتاج عملك الطيب الصالح يا أمي .... أخذتها لتعيش معها، ترعاها وتتكفل بها ، باقي أيام حياتها .. لتثبت لها أن هناك من يقدر المعروف،ويعترف بالجميل .... ربما لم يكن من الذين أنجبناهم من أصلابنا، ويكون في وفاء طفلة لقيطة ؟!
بقلم / سحر فوزى / كاتبة وقاصة مصرية / 7 /2/2013
لم تكن تتصور للحظة واحدة ... أن تكون مكافأة نهاية خدمتها هي، إيداعها في إحدى دور رعاية المسنين الخيرية.. على يد من ضحت ، وسهرت الليالي ، وتعبت من أجلهم.. تدهورت صحتها من جراء الحزن الدفين ، الذي كان يقطع أعماقها .. ويكوى قلبها الذي أحبهم .. باتت ليلها حزينة باكية على عمرها الذي غادرها، ولن يعود .. وصحتها التي أفنتها في خدمة، الجحود ، ونكران الجميل ...أغمضت عينيها ، وراحت تبكى على وسادتها التي تحولت إلى نهر، تجرى فيه دموعها كسيل يجرفها إلى الهاوية ، تترنح ، وتتخبط في جدران الزمن الغادر ، فيزداد ألمها، وهى تستعيد شريط ذكرياتها ، وتنقب في ذاكرتها عن شئ واحد فعلته معهم ، يبرر لهم جحودهم بأمهم .. فلم تجد ثغرة تنفذ منها، كي تبيح لهم ما فعلوه ، أو تلوم عليها نفسها ، أو تلتمس لهم العذر على فعلتهم الدنيئة، والتي برروها بانشغالهم الدائم، وعدم تفرغهم لها .. بعد أن وضعت أجمل أيام عمرها تحت أقدامهم ، منذ أن مات أبوهم وتركهم أمانة في عنقها .. صانتها وتحملت مسؤوليتها .. فداسوها بلا رحمة ، حتى أموالها أخذوها .. وتركوا لها الذل والحرمان .. وفجأة شعرت بيدها تجفف دموعها وتحتضنها.. وترفعها من الهم لتقوم ، وتقف على قدميها من جديد ، فترى نور الحياة في وجهها الملائكي البرئ .. واستها وقبلت يدها .. قائلة : لاتحزني يا أمي ..فلقد تعرضت من قبلك للجحود ... فأنا الطفلة اللقيطة التي كفلتيها فى مهدها .. عندما أنكرني أهلي ، وألقوا بي في ملجأ الأيتام ، وهم على قيد الحياة.. تكفلتي بي دون أن تفصحي عن شخصك الكريم ، ولما كبرت ، وصرت طبيبة بفضل الله ، ثم بفضلك ، طلبت أن أعرف اليد الكريمة التي حنت علىّ ،لأقبلها ، وأضم القلب الكبير ، الذى ضمني ، وأنا في أشد ضعفي ..بحثت عنك ، حتىعرفت أنك نلت مالا تستحقين.. أنا نتاج عملك الطيب الصالح يا أمي .... أخذتها لتعيش معها، ترعاها وتتكفل بها ، باقي أيام حياتها .. لتثبت لها أن هناك من يقدر المعروف،ويعترف بالجميل .... ربما لم يكن من الذين أنجبناهم من أصلابنا، ويكون في وفاء طفلة لقيطة ؟!
بقلم / سحر فوزى / كاتبة وقاصة مصرية / 7 /2/2013
تعليق