إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دان براون في الرمز الضائع نبوءة بانتهاء العالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دان براون في الرمز الضائع نبوءة بانتهاء العالم



    في "الرمز الضائع " لدان براون نبوءة بانتهاء العالم
    التنبؤ بنهاية العالم
    العرب أونلاين - أبو بكر العيادي
    مع اقتراب الثالث والعشرين من ديسمبر- كانون الأول 2012 " وليس الحادي والعشرين كما هو شائع "، تجتاح المجتمعات الغربية حمى نبوءة شعوب المايا بقيام الساعة في ذلك التاريخ الذي يقال إنه حدّد في تقويمهم منذ القدم، ولا يكاد يمضي يوم دون صدور كتب تتوقف عند هذه الكارثة التي ستحيق بالبشرية، سواء باستحضار أصولها التاريخية، أو بتأكيدها استنادا إلى الاكتشافات العلمية والفلكية الحديثة، أو بتناولها كظاهرة مجتمعية يحتد حولها الاختلاف.
    اجتاحت هذه الحمى الأوساط الأدبية والسينمائية والفنية والإعلامية، حيث ظهرت مئات الكتب لعل أشهرها رواية دان بروان "الرمز الضائع" وخصوصا رواية ستيف ألتين "نبوءة المايا"، وعشرات الأفلام أهمها "2012" لرولاند أمريش و"ميلنخوليا" للارس فون ترير، ومئات الأغاني أنجحها جماهيريا "بانتظار نهاية العالم" لبريتني سبيرس، علاوة عن الأشرطة الوثائقية في قنوات جادة مثل ديسكفري شانيل وهيستوري شانيل.
    ليس غريبا أن يركب أولئك جميعا الموجة لأغراض تجارية، على غرار المكسيك الذي يستغلها لإنقاذ موسم سياحي مما أحدثته معارك عصابات المخدرات، فإن الغريب حقا أن تعتنق تلك الفكرةَ فئات عريضة من المجتمعات الغربية المتقدمة، سواء في أمريكا حيث المكالمات تتهاطل على وكالة "الناسا" لمعرفة سبل النجاة إذا حمّ القضاء في اليوم الموعود، وفي أوروبا حيث يقدَم الناس في فرنسا أفواجا منذ سنين على قرية جبلية بمقاطعة أود تدعى بوغاراش، إذ يسود اعتقاد بأن في جوف جبلها مسلكا يؤدي إلى قاعدة لسكان الكواكب الأخرى، أو مدينة مخفية كانت ملجأ للأطلنت الغابرين، يشاع أنها الملاذ الوحيد في العالم إذا أزفت الساعة.
    وإذا كان الإنسان قد وقف من الظواهر الطبيعية موقف ضعف وخوف منذ القدم، ونشد معونة الآلهة منذ طوفان بلاد ما بين النهرين حتى الآن، ورأى في كل كارثة وشك نهاية العالم، فإن نبوءة المايا هي مجرد أسطورة نشأت من تأويل خاطئ لتقويم تلك الحضارة البائدة.
    فالحقيقة كما يشرحها المؤرخ المكسيكي إريك فلاسكيز أن تاريخ الثالث والعشرين من شهر ديسمبر من العام الحالي يمثل نهاية الـ"باكتون" الثالث عشر" والباكتون هو وحدة زمنية تعادل مائة وأربعة وأربعين ألف يوم " الذي انطلق بداية من 13 أغسطس / آب عام 3114 قبل الميلاد، يبدأ بعدها "باكتون" جديد، لاعتماد المايا على نظام الدورات cycles في حساب الزمن.
    هذا الخطأ بدأ في مطلع القرن العشرين يوم عُثر في موقع موكوسبانا الأثري من ولاية تابَسكو بالمكسيك على نقوش بمسلة مايوية كبيرة يرجع عهدها إلى في منتصف القرن السابع الميلادي، فسرها علماء الآثار بكونها تقويما ينتهي بنهاية العام 2012، وفسرها غيرهم ممن يميل بهم طبعهم إلى تأويل العلامات للنفاذ إلى بواطنها الخافية بأنها علامة تشير إلى نهاية العالم، وبنوا على ذلك أوهامهم. والحال، كما يقول عالم الآثار المكسيكي خوسي روميرو، أن ما يحويه ذلك المعلم الأثري ليس تاريخا ولا نبوءة ولا إشارة لنهاية العالم، وإنما هي نقوش تروي حياة سيد من سادة الجهة وتخلد معاركه ومآثره، و"باكتون" ينتهي بنهاية هذا العام موذنا بـ'باكتون" جديد.
    وإذا كان عالم الحفريات الفلكية archéoastronomie أنتوني أفيني يعزو تلك التأويلات اللاحقة إلى أتباع "العهد الجديد" New Age الذين يعتبرهم نتاج مجتمع منفصل، حيث قادهم عجزهم عن إيجاد أجوبة روحية لأسئلة الحياة الكبرى إلى البحث عن كيانات بعيدة في الفضاء وفي الزمن قد يكون لها معارف أسمى، فإن الفيلسوف الفرنسي ميخائيل فوسل، في كتابه "نقد الفكر الكارثي" ، يذهب أبعد من ذلك، حيث يقول : "حتى لو بحثنا عن وشاح إيديولوجي لدى المايا، فإن المسألة تتمثل خصوصا في ظاهرة غربية، وربما أوروبية حسب، توافق شعورًا بالانحطاط خاصًّا بنا.
    لدينا إحساس بأننا خرجنا من عجلة التاريخ، ونحن شاهدون على نهاية عالمنا الذي كان قائما على قيم التقدم والتطور والنمو الاقتصادي… ولو ألقينا نظرة على التعبير السياسي لذلك الخطاب، لاكتشفنا أن علاقتنا بالزمن لم يعد يتصدرها التقدم. بالعكس، صارت شرعية الساسة مستمدة من بدَهية الكارثة الوشيكة. هم يقولون : ينبغي إنقاذ… ينبغي الحفاظ… ينبغي الحُؤول… وبذلك تغدو القيامة في خدمة المصالح السياسية العقلانية. الجديد في المسألة هو نقطة التقاء تخيل نهاية العالم، وعقلانية الأداء، إذ صرنا نشهد اليوم عقلنة ما كان يبدو منذ وقت قريب صورة مثلى عن اللاعقلاني، أي الخوف من نهاية الأزمنة."
    أما نحن، فإن كنا نعلم علم اليقين أن الساعة آتية لا ريب فيها، فإننا نعلم أيضا أن أوانها في علم الغيب.
    يقول المبرّد إمام العربية في بغداد في القرن الثالث الهجريّ :
    لا يعلم المرء ليــلا ما يصبّحه إلا كواذب ما يجري به الفالُ
    والفالُ والزّجر والكهّان كلُّهم مضلّلونَ ودون الغيب أقفال".
يعمل...
X