إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جزء من التراث قطاف الزيتون وطقوس اجتماعية مفعمة بالخير والتعاون في طرطوس..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جزء من التراث قطاف الزيتون وطقوس اجتماعية مفعمة بالخير والتعاون في طرطوس..

    قطاف الزيتون في طرطوس.. طقوس اجتماعية مفعمة بالخير والتعاون وجزء من التراث

    طرطوس-سانا
    لاتزال طقوس قطاف الزيتون في محافظة طرطوس تحافظ على بعض مفرداتها التي اكتسبتها على مر السنين حيث يتحول موسم القطاف إلى مناسبة يجتمع فيها الأهل والأقارب للتعاون على جني المحصول وسط احاديث وأغاني تعيد المجتمعين إلى تفاصيل دقيقة من عقود خلت عاشها الآباء والأجداد يتحدثون عن أهمية وخصوصية هذه الشجرة المباركة وهو ما جعل من هذه الطقوس الاجتماعية بامتياز تصبح جزءا لا يتجزأ من التراث الشعبي للمحافظة.
    ورغم قصر مدة موسم القطاف والجهد الذي يبذله المزارعون أثناء عملية جمع الثمار التي تتم بطرق بدائية وفق المزارع يوسف سلامة من أبناء منطقة الشيخ بدر فإنه يعد بمثابة نزهة في أحضان الطبيعة تلم شمل الأسرة في جو يسوده الود والألفة بالتشارك مع العاملين ممن يستقدمون للقيام بأعمال القطاف إذ يقوم وأسرته في بداية كل موسم بجمع ما يلزمهم من اللباس والأدوات والمؤونة تمهيدا للتوجه إلى حقل الزيتون بغية الإقامة فيه طيلة فترة القطاف.

    وتبدأ عملية القطاف عادة مع أول هطل مطري حيث تزداد نسبة الزيت في الثمرة بعد أشهر الصيف الحارة وتتم الاستعانة خلالها بنوعين من العصي الأولى عصا قصيرة وصلبة تستخدم لجني الثمار التي تطالها اليد في حين أن الثانية عصا طويلة مرنة تستخدم لقطف الثمار من أعالي الشجرة التي لا تطالها الأيادي.
    ويلجأ المزارعون أثناء عملية القطاف أيضا إلى استخدام أقمشة ذات مساحات مختلفة تفرش تحت شجرة الزيتون لتسقط الثمار المتطايرة عليها تسهيلا لجمعها فيما بعد إضافة إلى استخدام قطعة بلاستيكية تشبه المشط تسمى الشفاطة مع العلم أن كبار السن لا يفضلونها باعتبارها تضعف بنية الشجرة وتؤثر على انتاجية المحصول في الموسم التالي على حد رأيهم.
    أما المزارع أكرم مهنا فيرى أن معظم أنواع الزيتون متوفرة في قرى وأرياف المحافظة عازيا ذلك إلى اتساع المساحات المزروعة بأنواع الزيتون وأشهرها " التمراني أو الدعيبلي" حيث يختلف الاسم من منطقة إلى أخرى وهذا النوع يعد الأكثر انتشارا يليه (الخضراوي) وهو صغير الحجم طولاني الشكل ثم (الصفراوي) الذي يتميز بارتفاع نسبة الزيت فيه.
    ومع نهاية كل يوم من أيام القطاف حسب المزارع مهنا تنقل الأكياس المملؤة بثمار الزيتون إلى المنزل ليصار الى تنظيفها من بقايا الأوراق من خلال غربال معدني مخصص لهذه الغاية لتنقل بعد ذلك إلى معاصر الزيتون مضيفا أن المعاصر القديمة لاتزال مزدحمة كسابق عهدها رغم انتشار المعاصر الحديثة.
    ويرى العديد من كبار السن في الزيت الذي تنتجه الآلات القديمة أنه ألذ بكثير من الذي تنتجه الحديثة حيث يقتطع صاحب المعصرة أجره بكمية من الزيت متفق عليها كما يقوم أيضا بإدارة عملية بيع وشراء الزيت داخل المعصرة بين المزارعين وتجار الزيت المتواجدين بشكل دائم في المعاصر للتعاقد مع المزارعين لشراء الزيت منهم.
    أما منيرة زوج المزارع اكرم فتقوم خلال موسم القطاف بإعداد الطعام او(الزوادة) لزوجها وأبنائها وتتكون من منتجات الحقل والمزرعة كالبطاطا المسلوقة والبيض والجبنة والبرغل معتبرة موسم القطاف موسم خير وعطاء يتم انتظاره كل عام بفارغ الصبر ولاسيما أن الأسرة تعتمد في معيشتها على إنتاج هذه الأشجار التي تعتبر من الأنواع الأساسية في الساحل السوري بعد الحمضيات ما يؤكد على ضرورة إنشاء مصنع لاستقبال الإنتاج وبيع زيت الزيتون الذي تنتجه المحافظة.
    وتعد ثمرة الخضراوي من الثمار المفضلة للتخزين وفق السيدة منيرة كونها تقاوم الاهتراء وكذلك الدعيبلي الذي يخزن لشهرين او ثلاثة فقط بينما يعتبر (أبو شوكي) من أكثر الأنواع طلبا وخاصة في المطاعم نظرا لتميزه بكبر الحجم وذات الأمر بالنسبة لثمرة الشامي التي تتميز أيضا بكبر الحجم والطعم الشهي وغالبا ما تحشى بالفليفلة والزيت ومن ثم تخزن.
    وبعد الانتهاء من موسم قطف الزيتون تبدأ الزيارات بين المزارعين والمباركات وتقوم نساء القرية بتجهيز الحلويات بينما يقوم الرجال بالشواء في الطبيعة وسط الأغاني والأحاديث مستذكرين أيام القطاف واللحظات المتميزة فيه.
    كما أن العديد من الأدوات المستخدمة في القطاف والتحضيرات التي يجريها المزارعون قبيل الموسم لا تزال شائعة إلى يومنا هذا وفق الباحث في شؤون التراث حسن اسماعيل حيث يتجه كبار السن إلى حقولهم التي تبعد عن منازلهم ويقيمون فيها طيلة فترة القطاف ففي الصباح والظهر يكون العمل بكل جد ونشاط وفي المساء يشعلون الحطب من أجل التدفئة ويرددون الأغاني الشعبية مثل (الدلعونا والميجانا).
    وتحتل شجرة الزيتون المرتبة الأولى بين الأشجار المثمرة في المحافظة اذ تتربع على مساحة(72) ألفا و(653) هكتارا كما يرى رئيس شعبة الزيتون في مديرية زراعة طرطوس فيصل حسن اذ يعتمد نحو (85 ) بالمئة من سكان المحافظة على هذه الشجرة مضيفا أن التقديرات الأولية للموسم لهذا العام تبلغ (108) آلاف و(572) طنا من ثمار الزيتون يخزن منها ما يعادل 15 بالمئة للمونة فيما يعصر ما تبقى.
    وتتواجد في محافظة طرطوس نحو (253) معصرة زيتون منها (108) تعمل وفق الطرد المركزي والباقي تعمل بمكابس قديمة.
    أعد التقرير: عادل عيسى
يعمل...
X