تويت
لا وجود لشعر يخرج من دون جذور
عيد الخميسي: الناقد ينازع الشاعر في ذاتي
العرب أونلاين - جوان تتر
للشاعر السعودي عيد الخميسي صلة بالمفردات تصل حدّ التماهي. يكتب هادئا متكئا على الذاكرة. كتب ما كتب بروحه. عيد الخميسي أصدر أربعة كتب شعرية هي:"كنا""دار الجديد -بيروت- 1998" و"البوادي" "طوى للإعلام والنشر- لندن- 2007" و"جملة لاتناسب القياس"" النادي الأدبي بالرياض- المركز الثقافي العربي- بيروت 2008" و"تعبير" "نادي حائل الأدبي- مؤسسة الانتشار العربي- بيروت 2010". كما أنه يشرف على إدارة موقع "سين" الإبداعي عبر الشبكة العنكبوتية عن الشعر والمكان. عيد الخميسي كان معه هذا الحوار.
*الشاعر عيد الخميسي، لماذا العبارة التالية: عيد الخميسي .. تقريباً هو شاعر من "السعودية" ؟ هل المكان له صلة بكتابة القصيدة؟
- العبارة كتعريف كتبتها على صفحتي في "الفيسبوك"، وهي للخروج من لبس ما يخص جنسيتي لا أكثر، ولكون أصدقائي مختلطين من كافة البلدان العربية. هذا من جهة ومن جهة ثانية فالمكان له صلة بالتأكيد بكتابة القصيدة. لا وجود لشعر يخرج هكذا دون جذور تشده إلى واقعه وإلى حياة منتجه. دون أن يعني ذلك أن مجرد المكان سيضيف قيمة ما لأي نص.
* كيف تنظر إلى تجربتك الشعريَة بعين النَاقد؟
- لا أعرف، أعتقد أن الناقد المتوافر لديّ يشتغل داخل نصوصي وحسب، هو من ينتبه إلى الأنساق التي أعمل عليها، وإلى محاولاتي. ينازعني وينتزع مني أحيانا. لست ميالا إلى التقديمات والمؤثرات التنظيرية التي يبرع فيها بعض الأصدقاء. تجربتي التي بدأتها نهاية الثمانينات يكفيني بها القارئ الصديق والناقد القارئ. إنني مجرد شاعر يحاول التماس ذاته ولحظته.
* وسط زيف العالم الراهن، إلى أين وصل الشعر برأيك؟
- وهل هناك تقرير نهائي بزيف هذا العالم الراهن؟، وأيّ عالم؟ هل هو عالم الشعر أم عالم السياسة أم عالم الصحافة؟ إننا لا نعيش في عالم واحد كما تعرف، نعيش عوالم متعددة تشترك في لحظة واحدة، وهذه العوالم قد لا تلتقي أبداً. هناك عوالم مازالت تعيش لحظة متأخرة أيضاً. الشعر والفن بالعموم إن لم يسبق لحظته وزمنه فهو غير متحقق. شرط تحقق الشعر هو هذا الاستباق وفرادة الإشارة. من ثمَّ ففي كل هذه الطبقات المتراصة مما يدعى بالعالم الذي نعيشه تبقى إشارة الشعر متواجدة وحاضرة بقوة إن نحن دققنا النظر جيداً، وكنا في أمس الحاجة لها. إن لم نشعر بهذه الحاجة الشديدة التي لا يشبع جوعها سوى "الشعر" فمن الطبيعي ألا نجده.
* غالباً ما تكون لحظات الكتابة مقترنة بطقوس معيّنة، الشاعر عيد الخميسي، هل من طقوس كتابيّة خاصة لديك؟
- لا، إنني أكتب عند الحاجة فقط. وبالطبع وقتها لن ألتفت لأي طقس. أوقات كثيرة وحين أكون بعيداً عن الكتابة أكون سعيداً ومرتاح البال.
* الشاعر عيد الخميسي أنت من ضمن الشعراء الذين آمنوا بدور النشر الإلكتروني. وتدير موقع " سين " الإبداعي على الشبكة العنكبوتيَّة، برأيك هل يأتي زمن ما ينتهي فيه دور الورق والنشر الورقي ؟ وبرأيك هل هي حالة صحية ؟
- "سين" هو حصيلة جهد مشترك رفقة أصدقاء وصديقات يؤمنون بأهمية الانترنت وتواجد الكتابة الجديدة من خلاله وهي مشروع قابل للنمو والإضافة. أعتقد أن تعزيز تواجد الإبداع سيؤدي إلى اكتساب الكتاب والنشر الورقي نسبة حضور أكبر، وما زيادة مبيعات الكتب في معرض "الرياض" مثلا سوى تأكيد على أهمية تواجد النص الإبداعي عبر الشبكة، فالانترنت كان الباب الذي فتح أمام الجمهور القارئ هنا وتعرف من خلاله على نماذج الكتابة المعاصرة.
باعتقادي أن السنوات القادمة ستشهد طفرات أكثر تأثيراً في مجال النشر الالكتروني وكل هذا صحي بالطبع لأنه سيقود إلى مزيد من التفاعل والقراءة.
*ماهي علاقتك بالذكريات وإلى أي مدى يمكن أن تكون الذكريات حافزا على الكتابة الشعريَّة لديك؟
-الذاكرة هي مكون أساس من مكونات الذات، تجاربك وخساراتك، سنواتك التي انقضت ولن تعود وثانيتك التي تبخرت قبل قليل ولن تعود أيضاً. لا يمكنك أن تكتب نصاً ينبع من ذاتك دون أن يمرر على تلك المناطق ولو بشكل لا واع.. بصورة ما "نحن ما نتذكر" كما أننا أيضاً "كيف نتذكر؟"
* هناك نصوص تكتب تحت مسمَّى " نصّ حديث "، برأيك كيف يمكن فرز نص ما على أنه حديث؟ وكيف تنظر إلى التصنيفات في الشعر؟
- لنتجاوز التسمية ولندقق في بواعثها. فالباعث الأساس كما يبدو لي من مثل هذه المسميات هو الإيمان بوجود نصوص يمكن أن تكتب في لحظة زمنية واحدة دون أن تتزامن في هذه اللحظة. ومثل هذا القلق مبرر كثيرا برأيي، فكما ترى ما تزال نصوص شتى تكتب بروح الستينات على سبيل المثال "إن في الأسلوب أو المضامين". ارتباط الشعر والفن بلحظته وزمنه وقدرته على تجاوز القراءات السابقة لها أمر لا يتحقق في نسبة كثيرة من الإبداع العربي اليوم.