Announcement

Collapse
No announcement yet.

الطاهر بوصبع الشاعر الجزائري - حاورته : خالدة مختار بوريجي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الطاهر بوصبع الشاعر الجزائري - حاورته : خالدة مختار بوريجي

    الشاعر الجزائري الطاهر بوصبع
    آلينا على أنفسنا أن نؤسس لفعل ثقافي في ولاية ميلة.. وابحث في شعري عن الإنسان الغائب
    حاورته : خالدة مختار بوريجي



    قال الشاعر الجزائري طاهر بوصبع ان الحملة الانتخابية قد تسببت في إغلاق دار الثقافة أبوابها على نشاطات النادي الأدبي "أحمد الغوالمي"، على الرغم من كون الأمسيات مبرمجة في غير القاعة التي تقام بها التجمعات، وأشار إلى انه على وشك طبع ديوانه الشعري الجديد الذي سبق وان احتفى به الروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار، وانتوى طبعه في الجاحظية، وهو الديوان الذي سيرى النور بعد انتظار طويل..



    لقد ساهمت الحملة الانتخابية في تعطيل نشاطات النادي الأدبي "احمد الغوالمي" الذي تديرونه بمجهوداتكم الخاصة في ميلة، لماذا.؟


    قبل 15 يوما، جاء أحد المترشحين إلى المدينة للقيام بحملته الانتخابية في قاعة العرض الكبرى، ومع ان أمسيتنا كانت في قاعة العرض الصغرى فقد ألغيت وأقفلت دار الثقافة كلها.. كان من المزمع ان نقيم أمسية فكرية أدبية موضوعها "حديث في الشعر وقضاياه"، وكنت قد اتصلت بالأستاذ الشاعر ربيع سعداوي لتنشط الأمسية بمداخلة ودعوت أساتذة جامعيين من جامعة ميلة، ودعونا الكثير من الناس والمثقفين، لنفاجأ في آخر لحظة بإلغاء الأمسية بسبب تزامنها مع وصول المترشح لأجل حملته الانتخابية، فعاد ضيوفنا الكثر الذي تجشموا عناء المجيء في يوم عطلتهم (السبت) خائبين.


    انه ناد صغير، لكن نشاطاته كبيرة، ذاع صيتها..


    في الحقيقة هذا النادي تم تأسيسه من طرف أدباء شباب من ولاية ميلة على هامش الملتقى الأدبي الأول الذي أقيم في دار الثقافة لولاية ميلة سنة2009، وقد خصصت لنا دار الثقافة فضاء للعمل، وبرغم أننا متطوعون واغلبنا بطال إلا اننا آلينا على أنفسنا أن نؤسس لفعل ثقافي في ولاية ميلة التي كان يطبعها جمود ثقافي رهيب برغم مجهودات البعض. لقد قمنا بعدة نشاطات أدبية راقية، أهم النشاطات التي قام بها -إذا لم تخني الذاكرة- هي: تنظيم أمسية أدبية عربية كبيرة سنة 2009، حيث استضفنا قافلة "إنانا" الإبداعية المشكلة من كثير من الشعراء من: اليمن والأردن وفلسطين وتونس والمغرب وليبيا ومصر. قام النادي أيضا بإنجاح أول ملتقى وطني للنوادي الأدبية، الذي أقمناه في نوفمبر2010، وشاركت فيه نواد من جيجل وباتنة وقسنطينة وسطيف، بالإضافة إلى النادي الأدبي احمد الغوالمي، فضلا عن الكثير من الأمسيات الأدبية الراقية التي استضفنا فيها العديد من الأدباء والشعراء من مختلف مناطق ولاية ميلة ومختلف مناطق الوطن، منهم: الأستاذة القاصة زكية علال من ميلة، الأستاذ الشاعر عبد الحليم مخالفة من قالمة، الشاعر نوار شحلاط من ميلة، الشاعر الكبير عاشور بوكلوة والأستاذ ناصر معماش وغيرهم كثر، بالإضافة إلى نشاطات الورشات الأدبية مع الأدباء المبتدئين، وحتى مع الأطفال والتي كانت تشرف عليهم الأستاذة حكيمة عبد المؤمن، الرئيسة الثانية للنادي.


    ولكن مشاكله كثيرة أيضا..


    والحقيقة ان النادي الأدبي احمد الغوالمي صار حاليا يتخبط في بعض الركود والمشاكل بسبب تدخل إدارة دار الثقافة في عمل النادي، ما جعل الكثيرين من المؤسسين ينسحبون، فضلا عن سوء البرمجة التي تأثر على سمعة النادي، حيث نتجشم مشقة التنظيم والاتصال بمعارفنا من الكتاب والأساتذة وندعو الجمهور، وفي آخر لحظة نفاجأ بإلغاء الأمسية. والنادي الآن يعمل بدون رئيس ولا أعضاء فاعلين، ومع هذا مازلنا نساهم من حين إلى آخر، لأجل تفعيل العمل الثقافي في ولايتنا


    ومن يضم؟


    كان النادي يضم ثلة من الأدباء الشباب، منهم أول رئيس للنادي الشاعر: سعيد بوشبورة، والشاعر نبيل مجوج، والشاعرة حكيمة عبد المؤمن، والشاعر الطاهر بوصبع، والإعلامية أحلام زواغي.. وغيرهم


    أنت أعطيت الشعر في ميلة كل نفسك، ونسيت نفسك، فلم تنشر ولم تقرر النشر إلا مؤخرا.. لماذا؟


    في الحقيقة أنا جمعت شتات قصائدي أول مرة سنة2003واخذتها إلى جمعية الجاحظية وقد استقبلني الأستاذ المرحوم الطاهر وطار استقبالا كبيرا وجميلا لن أنساه ما حيت، ووعدني ان يساعدني على طبع باكورة أعمالي، ولكن لم يفعل ولم ألح عليه كثيرا.. كان متواضعا جدا وذا نكتة رائعة، كان رحمه الله يناديني عمي الطاهر، وأنا أناديه عمي الطاهر.. ثم أودعت نفس الديوان لدى جمعية أدباء المدينة لقسنطينة في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية سنة2007 ولم ير النور أيضا برغم انه كان مقبولا من لجنة القراءة في العاصمة. المهم ومؤخرا طلب مني مدير الثقافة لولاية ميلة الأستاذ محمد زتيلي بعضا من قصائدي ليطبع لي ولثلة من المبدعين دواوين شعر ومجموعات قصصية ونحن ننتظر رتوشاتها الأخيرة بشغف، إنني لا ألح على الطبع، ان جاء فمرحبا وإذا لم يجئ فلن اكترث، لأني بصراحة من خلال قصائدي اكتب ذاتي وابحث عن ذلك الإنسان الغائب عنا وأبحر من جرحي لأرسو إلى جراح الآخرين.. إنها مليئة بالجراح والوجع.. انه الألم المفضي إلى الأمل.
    عرف كما شئت الوجعْ
    من برجك العاجي الجميلْ
    واطرق جميع الشبكات..سيدي
    واقرأ جميع الكتب..
    من يوم ميلاد الوجعْ
    فلست تدركْ..كنهــهُ
    ولست تدرك..سيدي..معنى الشقاءْ
    .. تلك فلسفة الوجع لديّ..


    قصائدك تنبض بالإنسان وتبدأ منه وتنتهي إليه، ومن يقرأ أشعارك يجد ان الحب والوجع هما منطلقك في الكتابة..


    تقول الأسطورة: العصفور لم يكن مغردا، كان صامتا، إلى ان وجد عصفورة بقربه، أحبها، وما ان لمسه الحب حتى غرد بعمق.. ويقال: القصيدة تخرج من رحم الوجع والمعاناة، والشاعر لن يكون صادقا ولن يكون شاعرا إلا إذا لمسه الوجع ولمسه الحب، فما منطلق اغلب الشعراء في رحلة البوح والبياض.. اقصد فهما منطلق اغلب الشعراء في رحلة البوح والبياض، أقول: الكتابة عموما هي بحث مستمر في فضاء لا محدود من المعاني، انطلاقا من الذات، وما يجول بدواخلها، إلى آفاق جديدة عامرة بالإيحاءات والدلالات لبلوغ الآخر واكتشاف عوالمه، ومن خلال قصائدي أحاول ببساطة أن أبحث عن تخوم جديدة للذات، هناك بعيدا بعيد في بساتين الأعماق، أحاول أن أبحث عن مساحات عذراء في أقاصي الروح، كيما أقول ذاتي.. وجعي.. خيباتي.. وأحاول أن أمسك بالغياب، أو لأقل محاولة الإمساك بالكمال المستحيل، هاجسي المركزي في ذلك هو البحث عن الإنسان فينا، في زمن سيطرت فيه المادية بمعناها الواسع، في ظل تدني قيمة الإنسان التائه في أتون من الفقد، والتيه، والاغتراب


    للقضايا الإنسانية مكان في شعرك، خاصة مأساة فلسطين ومحنة الأقصى، وأنت القائل: " شمس البــراءة في الأقصـى مصـــادرة.. والكــون صمت وأسمـــاع الورى صمـمُ"..


    أكتب عن جراح الأمة، عن انكسار الذات العربية الإسلامية، في مواجهة هذا التكالب "الصهصليبي" من خلال العديد من القصائد (صحوة الغضب، فجيعة الشرف المحاصر)، عن جرح بلدي الجزائر حيث بدأت الكتابة سنة 1993 والجزائر ترزح تحت نير مرحلة مظلمة من تاريخها، فكانت محركي الأول لحمل القلم ومقارعة البياض، أكتب عن المستضعفين في الأرض، عن فئة ذوي ذوي الإعاقة الخ. أكتب لحظات الحياة الناذرة، دهشة الأطفال فينا، ورغبتنا دائما في البوح لنقاوم انكسار أرواحنا المتعبة، ومن خلال كل هذا أحاول أن أوفق بين الذاتية المتأججة في أقاصي الروح، وبين هذا الفضاء الخارجي المتأزم الذي أحاول التعامل معه بموضوعية، أي أقف في المنطقة الوسطى، أو البرزخ-على حد تعبير الصوفيين- باحثا عن اليقين الجازم، وطارحا أسئلة وجودية، بلغة أقرب إلى اللغة الصوفية من حيث المفردات المستعملة في صياغة معظم قصائدي الإنسانية، ولكنها لغة بسيطة تحاول الاقتراب من هيئات المشاعر المتدفقة، وتجسد حجمي الحزن والاغتراب الذين أعيش تفاصيلهما بمرارة.


    أنت شاعر صوفي إلى حد ما، وتترقب دوما الحب الذي يهدهد موطنك.. وتقتفي درب الفلاح..


    أنا قرأت الكثير للشاعر الجزائري الكبير ذو النزعة الصوفية مصطفى محمد الغماري، أحاول ان أصل إلى ينابيع الروح الصافية الرابضة في أقاصي كل منا، من خلال حروف منتزعة من غيهب الألم الذي يسكنني منذ أول الحكاية، لقد استفدت من الصوفية على مستوى اللغة، ولو أنها لغة بسيطة جدا لا تصل إلى لغة الصوفيين المعقدة ذات الدلالات الكثيرة والعميقة


    وهل للأمير تأثيره الصوفي عليك؟


    أكيد، الأمير عبد القادر هو رمز الفروسية والصوفية والجهاد والإنسانية، وقد درست سيرته ومسيرة حياته الحافلة بتنوع كبير فهو فارس السيف والقلم، وقصائده القليلة جميلة جدا، خاصة قصيدته أم البنين التي تجسد وفاءه لزوجته و-قليل من الشعراء -من يكتب عن زوجته، وأيضا يبرر لها إهماله لها بسبب جهاده والذوذ عن الحمى والأعارض وهي مهمة نبيلة ملقاة على عاتقه.


    أنت شاعر يقف بين الإنسان والأشياء.. ليقول الفكرة والشعور.. كيف تستطيع ان تفعل ذلك في هذا الزمن العاصف بالمصالح والأهواء؟


    القصيدة الناجحة والمؤثرة برأيي هي تلك القصيدة التي تقترب فيها هيئات المشاعر المتأججة بهيئات التعابير الموحية الجميلة، وأنا أقف كما قلت في المنطقة الوسطى بين ما يتأجج في دخيلة روحي(الذاتية) وبين هذا العلم الخارجي المتأزم العاصف، هذا العالم الذي أتعامل معه بموضوعية.


    هل توظف الحداثة الشعرية ؟ إلى أي مدى؟ ولماذا كل هذا الوفاء للقصيدة العمودية؟


    القصيدة كما أقول دائما تولد ولا تصنع، بمعنى أنها كعلاقة المولود بوالدته، تبدأ بمخاض عسير، وحين يولد الطفل يصبح إنسانا آخر مستقلا له مورثات والدته ولكنه إنسان آخر مستقل بذاته، الحداثة كل يعرفها كما يشاء، هناك من يعرفها من خلال الشكل وهناك من يعرفها من خلال الموضوع، وأظن بان الحداثة هي استحداث وإبداع صور أدبية جديدة تناسب العصر الذي نعيش فيه، بغض النظر عن شكل القصيدة أكان عموديا أم شعر تفعيلة، أو ما يسمى بالقصيدة النثرية وغيرها. وفي قصائدي أنا متأثر بالقصيدة العمودية حتى في قصائدي الحرة لأنها المبتدأ والبداية، ولا اكتب قصيدة النثر التي لها حق الوجود ولنا حق نقدها كما يقول الشاعر محمد عبد المعطي حجازي.


    ما هي أمنياتك كشاعر جزائري؟ وكطاهر بوصبع؟


    أمنياتي كشاعر هي أن أكتب يوما القصيدة المستحيلة التي تربض في دخيلة روحي وتأبى ان تسكب على مساحات البياض، القصيدة الأجمل والأرقى، وان حصل وان كتبتها سأعتزل الكتابة، أيضا آمل أن أطبع كتاباتي القليلة في ديوان شعر أضعه تحت وسادتي واقرأ ذاتي كلما تيسر ذلك أو أعيد قراءتها أتمنى ان يعم الأمن والأمان ربوع وطننا العربي الإسلامي الذي يراد له تدميرا ذاتيا كيما يعاودوا استدماره مرة أخرى، وأتمنى أيضا ان استقر ماديا وعائليا حتى استطيع مواصلة رحلة الإبداع بأكثر قوة.


    وهل تنوي ان تكتب في غير الشعر؟ أم ان للشعر عندك وفاء خاصا؟


    أنا من حين إلى آخر أكتب نثرا وهي عبارة عن نصوص نثرية مفتوحة تعبر عن ذاتي وعن فلسفتي في الحياة، وآمل أن ألج يوما عالم القصة القصيرة والرواية، ولكن إلى حين لا ادري متى؟


    ما هي مشاكل الأدباء في ميلة يا طاهر؟


    مشاكل الأدباء نفسها في الجزائر، ربما أهم مشاكل الأدباء هي البطالة وعدم الاستقرار والتمييز المتعمد أو التهميش للكثير من الأدباء والمفكرين، بعدم دعوتهم للنشاطات الثقافية، أو دعوتهم وتحديد ما يجب وما لا يجب ان يقال، فضلا عن اختيار وجوه محددة دائما للمشاركة في الأسابيع الثقافية، حيث يختارون في كل مرة الوجوه نفسها.


    هل تريد إضافة شيء آخر؟

    أخيرا أختتم بهذا المقطع الشعري من قصيدتي(كالي يوغا):
    ساذج حلمنا الأخضرُ
    أسود عمرنا السادرُ
    غاشم جرحنا الممتد إلى آخر الأمنيات الممكنهْ
    وطويل حبل غوايتنا
    ها نمخر بحرا من عطش
    ها نصنع عمرا من أفــن
    ونرتل آيات الشيطـــــــــــانْ
    ونغوصُ.. نغوصُ بلا معنى
    وبلا هدف.. وبلا عنـــــوانْ
    نتساءل عن سر الليل
    نتساءل عن ملح الروح
    نتساءل عن معنى الإنسان..
Working...
X