إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم : حافظ علياني - الكاتب والناقد الجزائري جمال غلاب لعرابيا : يجب تحرير الثقافة من السياسة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم : حافظ علياني - الكاتب والناقد الجزائري جمال غلاب لعرابيا : يجب تحرير الثقافة من السياسة

    الكاتب والناقد الجزائري جمال غلاب لعرابيا : يجب تحرير الثقافة من السياسة
    بقلم : حافظ علياني




    الكاتب والناقد الجزائري جمال غلاب له العديد من الكتابات في السيرة الإبداعية أبرزها كتاب "مقاربات في جمالية النص الجزائري" ، كتاب "لسيرة سرفانتس " . كذلك كتب الرواية فنشر "لعنة الكسكسي" ، كما له عدة بحوث أهمها "السيرة الإبداعية لأرتير رامبو" الشاعر الفرنسي الكبير وعدة مؤلفات أخرى.
    إبن ولاية مسيلة الجزائرية وهي مسقط رأس إبن رشيق القيرواني ، كتب كذلك الشعر والقصة وشارك في العديد من التظاهرات الدولية . إلتقيناه على هامش الملتقى المغاربي للشعر بتونس. وعن الكتابة بمختلف أجناسها الأدبية سألناه و كذلك عن واقع الثقافة العربية الراهن تحدث لنا عضو المجلس الوطني لإتحاد الكتاب الجزائريين


    • شاركت مؤخرا في المهرجان المغاربي بتونس تحت شعار "الثورة وبعد". كيف كانت المشاركة ، و ما هو تقييمك لهذه الدورة وشعارها ؟

    وجهت لي الدعوة من منظمي المهرجان ، للمشاركة في المهرجان الشعري المغاربي . وقد تخللت هذه الدعوة فتح نقاشات حول الراهن التونسي. بالتوازي مع هذه الفاعلية نظمت أمسيات شعرية يصب مضمون قصائدها في شعار الدورة المتضمن "الثورة وبعد" ، وبخصوص المداخلات الشعرية فقد كان حاضرا شعراء من المغرب ، الجزائر ، تونس ، ليبيا . حاولت هذه المداخلات تحسس الحراك الإجتماعي العربي إزاء إصتدامه بما يسمى "ثورات الربيع العربي"، ومن خلال النقاشات تبين أن النخب الثقافية والسياسية لم تواكب هذا الحراك ، ولم يكن لها إرهاصات مسبقة كالتنبؤ بها. وهو ما أحدث إرتباكا وغلطا في صفوف هذه النخب حيث انقسموا إلى قسمين ، واحد يعتبرها نتيجة الظلم والديكتاتورية وانعدام العدالة الاجتماعية وهو ما أفرز مثل هذا البركان . وأخر يعتبرها مؤطرة ومنظم لها وقد استندوا في استنتاجاتهم على نضالات سياسين وحقوقين.

    • كمثقف عربي ما رأيك في ما حدث في تونس وما يحصل عربيا ؟

    أعتبر ما حدث في تونس وبقية الأقطار العربية مخطط له من الخارج . فأنا أتذكر مثلا أن "برهان غليون" في مارس 2002 قدم إلى الجزائر وألقى محاضرة بالجامعة المركزية الجزائرية تناول فيها إنهيار الدولة الوطنية ، ونبه إلى ضرورة تصالح الأنظمة مع شعوبها، لأن النظام الغربي لا يتسامح مع مصالحه حتى لا يجد نفسه مضطرا على تغييرها. وفعلا بعد عشر سنوات حدث التغيير من الخارج ، وتأكدت ما يسمى بالمؤامرة على الأنظمة العربية الديكتاتورية طبعا.

    • كيف ترى موقع المثقف والنخب العربية في ظل ثورات شعوبها ؟



    ----------------------------------------------------------------------

    تونس هي الأنس ، وعندما زرتها لأول مرة بقيت حاضرة بمعالمها . لحسن حظي أنها ماثلة في مدينة المسيلة . فأنا عندما أنهض في الصباح يقابلني آثر منزل إبن رشيق القيرواني وعلى يمين أبو الفاضل النحوي التوزري

    ----------------------------------------------------------------------

    عادة الثورات تسبقها إرهاصات الكتاب والمثقفين وحتى السياسيين .فهم من يتنبئون بقدومها ، في الجزائر مثلا ومن خلال الإقامة الإبداعية التي نظمت في "سيدي مدني" بالبليدة، حيث حضر آنذاك في هذه الإقامة كل من "ميلود فرعون" ، "ألبير كامي" ، "محمد ذيب"، "جاك سيناك"، حاولوا قراءة التذمر الشعبي بسبب تزوير الانتخابات التشريعية في سنة 1948. وما تلخص من هذه الإقامة الإبداعية صدور أول قصة لمحمد ذيب "في المقهى" ، حيث تنبئ بالثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 . وأيضا في عمل ألبيركامي الذي صدر سنة 1951 بعنوان "المتمرد" .هذه الأعمال الإبداعية نرى بأن مبدعيها فعلا تنبؤا بحدوث ثورة.
    وحينما نريد مقارنة ما سلف ذكره بما حدث في 5 أكتوبر 1988 بالجزائر مثلا ، وما حدث في تونس بما أصطلح عليه بثورة البوعزيزي ، نلاحظ أن المبدع الراهن لم تكن له إرهاصات لحدوث هذه الثورات . بل الكل أرتبك عشية اندلاعها من المبدع إلى المثقف إلى السياسي. الخلاصة أن ما إصطلح عليه بثورات الربيع العربي أسس له المظلومون والمهشمون والمقصيون من السواد الاغظم من الشعوب العربية ، من تونس إلى مصر وصولا إلى سوريا. وهو ما يمكن تفسيره بوجود قطيعة بين النخب الثقافية والإبداعية وعامة الناس . وبمعنى أدق وأوضح أن النخب كانت بعيدة عن معاناة الشعب ولم تعبر بصدق عن ما كان يعانيه وهو ما يجب الاعتراف به.
    أيضا هناك نقطة لا بد من الإشارة إليها هو أن الإبداع بمختلف أجناسه الأدبية (شعر، قصة،رواية، نص مسرحي...) عادة ما يعالج المتوقع لكن نصوصنا اليوم صارت تعالج الواقع. ولتجاوز هذه المعضلة لا بد من العمل بمقولة الروائي الألماني العالمي صاحب جائزة نوبل سنة 1994 "غونتر غراس" والقائلة "أعتبر كل مواطن عادي هو مثقف وسياسي ومحرض".

    • تهتم كثيرا في كتاباتك بالنقد الأدبي والسيرة الإبداعية. لو تحدثنا عن هذه التجربة؟

    مفهوم الأدب أو الإبداع في حد ذاته له علاقة دقيقة بالحركة الإجتماعية للمجتمع . بل أن أفراد المجتمع بالنسبة للمبدع هم لمسته الأدبية. فهو على الدوام يترصد هذه الحركية لالتقاط صور قد لا تلفت انتباه الشخص العادي. وعندما تحول هذه الصورة إلى ذاكرته تتخمر ثم يقوم بإسترجاعها فنيا ، عبر النفث في قالب قصيدة شعر أو قصة أو رواية.
    وعادة ما يكون مضمون هذا الإنتاج يعكس رؤى مستقبلية من خلال دمج تجربة الكاتب ومن خلال تصوره ، وكذلك من خلال تحليله لهذه الصورة. وكما أسلفت الذكر أن الأدب والنقد حس والذوق يكتسب عن طريق الممارسة . أما تجربتي في السيرة الإبداعية فكل الغاية من ذلك هو تقريب المبدع (شاعر ، روائي، كاتب) من المتلقي لكي يمتثل لامتثاله من ناحية وإعادة قراءة الأشياء قراءة فنية من ناحية أخرى. وذلك لاكتساب هذه التجارب الفنية من أجل ترقية الذوق ، لي بحوث في السيرة الذاتية والإبداعية لشخصيات أدبية مثل "سرفنتاس" صاحب رائعة "دون كيشوت" ، و"أرتر رامبو" الشاعر الفرنسي المتمرد، و"عونتر غراس " الألماني.

    • لماذا هذا الإختيار في هذا الجنس الأدبي عن سيرة إبداعية لشخصيات غير عربية؟

    في البدء تناولت الكثير من الشخصيات الأدبية العربية مثل عبد المنعم يوسف من تونس والروائي طاهر وطار من الجزائر ، الروائي جيلاني خلاص من الجزائر . وإختياري لأدباء وشعراء من الغرب كان في إطار الأدب المقارن لهذه الشخصيات . نصوصها مشبعة بالمذاهب الجمالية مثل الكلاسيكية ، الرومنطيقية ، السريالية ، الرمزية، الصوفية الوجودية. وبالتالي استثمارها والترويج لها له الأثر الكبير في إنضاج منظومتنا الإبداعية والأدبية. أما عن المذهب الجمالي فأنا أحبذ المذهب الجمالي السريالي .

    • لماذا المذهب الجمالي السريالي؟

    لأنه يعيد قراءة ما يكتنزه العقل الباطن ليتجاوزه إلى العقل الواعي . وأيضا لأنه يؤكد الدقة والعمل في التفاصيل. وعندما أتحسس هذه التفاصيل في النص السريالي في مختلف الأجناس الأدبية ، أحاول أن أظهرها للمتلقي من أجل الإستفادة منها. ومن أجل إنضاج ذائقته الأدبية والفنية عن طريق توظيف رؤيتي النقدية في الكتابة .

    • كيف تقيّم وضع الكتاب والكاتب في الواقع الثقافي المغاربي الراهن؟

    يمكن تلخيصه في التالي – الناجح لا يتقدم والفاشل يصعد وكل من يحاول التقدم يعاقب ويشرد.
    إنه منطق الفاشلين وبمعنى أدق : نحن نعيش أزمة حصار ثقافي مغاربيا وعربيا، لأن الأنظمة العربية لا تريد حضور المثقف. فهي تطارده وتقصيه وتهمشه. فعلى سبيل الذكر لا الحصر وعلى الرغم من وجود كتاب وإنتاج في مختلف الأجناس الأدبية ومع ذلك لا يصل إلى القراء لأسباب كثيرة ومتعددة مثل إنعدام التوزيع وهو ما كرس القطيعة بين المثقفين وشعوبهم بقرار سياسي من الأنظمة لأنها تريد من الكاتب أن يكون موظفا عندها ولا تريد أن يكون بوصلتها.

    • لكن ظاهر الأمور عكس ما تراه، فقد ظل المثقف والكاتب العربي متملقا لسلطة البلاط ، وأنت واحد من هؤلاء ؟

    .. شكرا على إستفزازك لي ..(ضاحكا).. انا لم يستقم لي حق العيش على موائد الحكام كما تعتقد . بل أنا عشت على مدار ثلاثين سنة في الأطراف المنسية المسيجة بين الإقصاء والتهميش بسبب مواقفي. وبسبب نقدي لتوجهات الأنظمة. وفي هذا السياق لا أتفاخر بل يمكنك العودة إلى كتاباتي ونوعية الشخصيات التي أتناول كتابتها. فهل تظن مثلا من يتناول الكاتب الألماني "غونتر غراس" ترضى عليه الأنظمة ... هؤلاء ظلوا على الدوام في صدام مع الرداءة وأفتخر أن أكون من صفهم الطويل.

    • كيف ترى الثقافة العربية وأفاقها المستقبلية في ظل الحراك السياسي؟

    أنا متشائم إلى حد النخاع لأن التجارب والأيام أثبتت لنا أن هذه الأنظمة لا تقبل النقد. وهنا لا بد من وقفة أمام ما حدث لمحمد أركون. ففي الظرف الذي إستفاد الغرب من تفكير ه وفلسفته سلطنا نحن عليه معاناة النفي. وقائمة المثقفين العرب طويلة في هذا الشأن . وحسب سؤالك وهو ما فهمت أنك تريد أن تربط الحراك السياسي بالثقافي. هذا لن يحدث ، لأن هذا التوازن لم يؤسس له المثقف ولم يؤطره .

    • تتحدث عن مصالحة بين المثقف والسياسي، لكننا نراها غائبة في المشهد الثقافي الجزائري؟

    ..نعم أوافقك الرأي وأراها معدومة تماما في الجزائر ، لذلك ظل المشهد الثقافي الجزائري ممزق ويحتاج إلى قرار سياسي لتحريره. لأن السلطة عندما تعمل على تفقير المثقف وإهانته وترقية كل ما هو رديء . فهذا هو العداء للمثقف في أوضح معانيه . ويجب تحرير الثقافة من السياسة ، والتفكير بجد في كيفية حضور النخب الثقافية في المشهد الثقافي والسياسي.

    • زرت كثيرا تونس ماذا تمثل لك؟

    تونس هي الأنس ، وعندما زرتها لأول مرة بقيت حاضرة بمعالمها . لحسن حظي أنها ماثلة في مدينة المسيلة . فأنا عندما أنهض في الصباح يقابلني آثر منزل إبن رشيق القيرواني وعلى يمين أبو الفاضل النحوي التوزري ، على يساري يقابلني قصر بلارة ، هذه الجميلة من مدينة المهدية يرجع تاريخها إلى القرن 11 ميلادي وهي زوجة أحد ملوك المنطقة . وهذه الصورة الجميلة أجد فيها التواصل الزمني والمكاني ، كما أستنشق منها عبق التاريخ ، الذي ينعش ذاكرتي على الدوام
يعمل...
X