تويت
البيئة السورية مهيأة لاعتمادها.. الأغذية العضوية
شروط صارمة في الانتاج تحقق مردوداً جيداً اقتصادياً وصحياً
حماة - سانا شروط صارمة في الانتاج تحقق مردوداً جيداً اقتصادياً وصحياً
بدأت في السنوات الأخيرة من القرن الماضي ظاهرة انتشار ثقافة الغذاء العضوي بنوعيه النباتي والحيواني المميز بالاعتماد في زراعته وانتاجه على الوسائل الطبيعية دون استخدام الأسمدة أو المبيدات الكيميائية او الهرمونات المعروفة بخطرها الكبير على الانسان والبيئة.
وقال الدكتور دارم طباع أستاذ الصحة والوبائيات في كلية الطب البيطري بجامعة البعث إن الأغذية العضوية هي المنتجة بوسائل طبيعية دون استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية التي تزيد من خصوبة التربة ونمو الثمار وتسرع في عملية نضجها.
وأضاف أن الزراعة العضوية تتم في أراض غير معرضة لمصادر التلوث وتروى بمياه خالية من المخلفات الكيماوية للمصانع وبقايا المبيدات بهدف إنتاج محاصيل نظيفة بيئيا كما يمنع خلالها استخدام الهندسة الوراثية والمضادات الحيوية إلا في حدود ضيقه جداً.
وأوضح طباع أن سلسلة العمليات الإنتاجية للاغذية العضوية تهدف إلى الحفاظ على التربة والمياه لضمان سلامة البيئة للأجيال القادمة حيث يتم تحفيز نمو النباتات باستخدام الأسمدة الطبيعية كما تتم مكافحة الآفات التي تصيبها باستخدام اعداء طبيعية حيوية أو بعض الطيور لمنع تزاوج الحشرات و تكاثرها.
وقال أستاذ الصحة والوبائيات أن الأغذية العضوية واللاعضوية تقدم نفس كمية الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الأخرى والفرق الوحيد هو في طريقة الزراعة التي تضمن الحصول على أغذية أكثر أمانا وصحية كونها مزروعة في شروط مثالية وخالية من الاثر المتبقي للسموم والكيماويات.
وتنتج الزراعة العضوية كميات اقل بكثير من الزراعة الكيميائية حيث أن الأولى تتطلب عناية وتقنيات خاصة ومبالغ مادية كبيرة ويخضع الفلاح الذي يقوم بالزراعة العضوية لشروط صارمة للحصول على شهادة تؤكد أن منتجاته عضوية وصحية.
وبين طباع أن النهضة العلمية والاقتصادية التي اجتاحت العالم اثرت في طرق إنتاج الأعلاف وتغذية الحيوانات حيث لجأ المنتجون إلى إتباع أساليب معينة لرفع معدلات إنتاج العلف لتوفير المزيد من الغذاء للحيوانات مثل الاعتماد على البروتين الحيواني المكون من الحيوانات النافقة والذبائح المستبعدة ومخلفاتها.
وأضاف أن الدراسات والبحوث العلمية أثبتت أن استخدام التقنيات الحديثة في انتاج الأعلاف أو تغذية الحيوان يعرض صحة الإنسان للخطر حيث لوحظ عدم استجابة المرضى للعلاج باستخدام المضادات الحيوية.
وأشار إلى أن انتاج اللحوم العضوية يعتمد على رعاية الحيوان بطريقة تهيئ له الظروف الملائمة ليحقق أسقفه الوراثية في الإنتاج مع ممارسة سلوكه الطبيعي مبينا أن اللحم العضوي منتج ذو مواصفات محددة يتم فحصه وتوثيقه بواسطة خبراء مختصين يتابعون كل مرحلة من مراحل الإنتاج المتتابعة بدءاً من المزرعة وانتهاءً بوصول اللحم لمائدة المستهلك.
ويشترط انتاج اللحوم العضوية الا تكون الحيوانات محورة وراثياً وأن تكون مولودة لأمهات أطعمت علفا عضويا على الأقل منذ الثلث الأخير للحمل بها حيث يتم استخدام أعلاف مزروعة باستخدام السماد الطبيعي لزيادة خصوبة التربة وإنتاج الكمبوست من بقايا المحاصيل والمخلفات الزراعية الأخرى.
وتحدد مواصفات إنتاج اللحم العضوي أصناف العلف التي لا يسمح بتقديمها للحيوان مثل الكبسولات البلاستيكية ومحفزات النمو من المضادات الحيوية والمعادن الثقيلة والأعلاف ذات الأصل الحيواني وألا تكون من الأعلاف التي أنتجت من تربة عولجت بالمخصبات الاصطناعية أو تم رشها بمبيدات الآفات الزراعية الكيمائية.
ولفت طباع إلى تزايد الطلب العالمي على اللحوم العضوية المنتجة على العلف التقليدي نتيجة عزوف المستهلكين عن شراء منتجات الحيوانات والطيور التي تتغذى على الأعلاف غير التقليدية مبيناً أن طريقة إنتاج هذه الأصناف من اللحوم نشطت في عدة دول وأن سورية مهيأة لدخول هذا السوق لكون طريقة إنتاج اللحم فيها تتفق مع معظم المعايير والمتطلبات القانونية لإنتاج اللحوم العضوية.
وبين طباع أن الحيوانات المنتجة للحم في سورية تتغذى بصورة رئيسة على المراعي الطبيعية الخالية من الأسمدة الاصطناعية والمبيدات الحشرية كما لا تقدم لها أعلاف مركبة فيها إضافات علفية من المضادات الحيوية او الهرمونات وهذه ميزة تفضيلية تنفرد بها لحوم الأغنام السورية عن لحوم الاغنام الموجودة في الاسواق المجاورة.
وأكد أستاذ الصحة في كلية الطب البيطري في جامعة البعث أن لحوم الأغنام السورية التي تتغذى على المراعي الطبيعية أو الأغذية النظيفة تستجيب لمتطلبات السوق العالمي الجديد للحوم الصحية والتي تحتوي شحومها على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة الأوميغا3 ونسبة قليلة من الأحماض الدهنية المشبعة التي اثبتت الابحاث أن استهلاكها يزيد من فرص الإصابة بأمراض الأوعية الدموية والقلب.
ولفت طباع إلى أن المناطق الشرقية في سورية تتميز بوجود تحركات محدودة للحيوانات داخل البادية السورية الأمر الذي يقلل من عدوى انتشار الأمراض والأوبئة ويحد من استخدام العقاقير الكيمائية في علاج القطعان ما يؤهلها لاستضافة مشروعات إنتاج اللحوم العضوية.
من جهته أكد الدكتور عبد الناصر العمر رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية في حماة أهمية الزراعة العضوية في تجنب الكثير من المشكلات الناتجة عن استخدام المواد الكيميائية والمبيدات الحشرية مشيراً إلى أن هذه الزراعة تعد الأسرع نموا في قطاع الغذاء نتيجة الاهتمام الكبير الذي يبديه المستهلكون والحكومات حول جودة وسلامة الغذاء ما أفضى إلى فتح أسواق جديدة للتصدير أمام الدول النامية لإتاحة الفرصة لها في تصدير منتجاتها.
وأضاف العمر أن المنتجات العضوية تحظى بزيادة السعر بمقدار يتراوح بين 10 و50 بالمئة مقارنة مع باقي المنتجات غير العضوية لافتاً إلى أن الزراعة العضوية تعد من الحلول الممكنة للمشكلات العالمية التي تعاني منها البشرية في الوقت الراهن حيث تسهم في حماية صحة الإنسان وتقليل الإصابة بالكثير من أمراض العصر.
وأوضح رئيس مركز البحوث الزراعية أهمية الاعتماد على الاغذية العضوية بشقيها النباتي والحيواني في حل المشكلات البيئية والاقتصادية لكونها تحد من تلوث البيئة إضافة إلى تحسينها أوضاع المزارعين من خلال فروقات اسعار المنتجات العضوية المباعة.
وتوقع العمر أن يزداد الطلب العالمي على الأغذية العضوية خلال الفترة المقبلة بحيث ارتفع ريعها إلى أكثر من 40 بليون دولار أمريكي على مستوى العالم حسب الاحصاءات العالمية وأكثر الدول طلباً لها هي الدول ذات الدخل العالي مثل سويسرا والولايات المتحدة وسنغافورة.
وأضاف أن الدول الصناعية السبع الكبرى تستحوذ على 80 بالمئة من معروض الغذاء العضوي في الوقت الذي تستضيف فيه نحو 12 بالمئة من مزارع الإنتاج العضوي.
تعليق