إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحرب على القرية الخضراء قصة / محمود عبد الله محمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحرب على القرية الخضراء قصة / محمود عبد الله محمد

    الحرب على القرية الخضراء
    قصة / محمود عبد الله محمد
    احتشد أهل الوساوس بصراصيرهم .. أعلى القرية الخضراء قبل الهجوم عليها .. يتقدمهم ولهان ووالده الوسواس الأكبر في طلعة استكشافية .. حددوا فيها موقع منزل ليلى و عنتر .. وموقع منزل عبلة وزوجها قيس .. دون أن يعلم أحد بالقرية .. أو يشعر أحد بشيء .
    ثم عادوا إلى قريتهم بصراصيرهم ليحددوا ساعة الصفر ، ولابد أن تكون ليلا .. ثم يعدون خطة الهجوم معتمدين فيها على عنصر المفاجأة ..وشلّ حركة أهل القرية .. فصراصيرهم يعيقها الأصوات العالية والأضواء الشديدة .
    ستكون الليلة الأولى هجوم على منزل عنتر .. فيهدمونه على رأسه .. مع الحفاظ على حياة ليلى .. حبيبة قلب ولهان ..وفي الليلة الثانية سيكون الهجوم الثاني على منزل قيس وأيضا مع الاحتفاظ بحياة عبلة .. والثالثة على منزل الشيخ إبراهيم ثم منزل الشيخ عبد الرحمن مأذون القرية .. وهكذا كل ليلة هجوما على منزل يدكونه ليلا والناس ينام .
    في الليل اندفع الوساوس بصراصيرهم إلى القرية الخضراء .. قاصدين منزل عنتر وليلى .. كانا نائمين في فراشهما .. تسلل ولهان إلى داخل غرفة نومهما .. يود إيقاظ ليلى .. داعب شعرها .. فزعت .. نهضت من فراشها خائفة .. فزع عنتر من نومه .. ضمها إلى صدره ، اختفى ولهان بسرعة .
    خير يا ليلى ؟ كابوس ؟
    صب الماء في الكوب وناولها إياه .. شربت .. أشار ولهان لرجاله من الوساوس فنزلوا بصراصيرهم وراحوا يهزون البيت .. خافت ليلى .. ارتمت في صدر عنتر من جديد .
    - البيت سيقع ؟!!
    حملها على ذراعيه وخرج بها إلى الشارع .. دكّ المنزل في لمح البصر .
    هرولت الوساوس بصراصيرهم عائدين إلى قريتهم .. فرحين بالنصر الأول استيقظ أهل القرية الخضراء خائفين مذعورين .. كان الغبار الخانق يرتفع إلى عنان السماء لم يخافوا على حياتهم .. أخذوا يبحثون بين الأنقاض عن عنتر وليلى .. جاءهم صوت عنتر متقطعا من شدة الكحة .
    أنا وليلى هنا .. من فضل الله علينا أن أيقظنا قبل سقوط البيت بلحظات .
    اندفعت عبلة نحو ليلى وأخذتها في صدرها .. تسابق الجميع في استضافة عنتر وليلى .. التي اختارت منزل والدها شيخ المسجد .. لم يهدأ أهل القرية طوال الليل والنهار .. راحوا يتساءلون وهم يرفعون أنقاض المنزل المتهدم :
    كيف سقط المنزل الجديد بهذا الشكل المريب ،وقد أخذ حقه في البناء..كيف تكون مساعدة عنتر وليلى؟
    في الليلة الثانية .. وفي نفس الميعاد .. ودون أن يشعر أحد .. حام الوساوس فوق منزل قيس وعبلة .. النائمين في فراشهما .. نظر ولهان إلى عبلة طويلا .. داعب خصلات شعرها .. نهضت فزعة .. نهض خلفها قيس فزعا لأجلها .. اختفى ولهان بسرعة .
    - خير يا عبلة .. أكنتِ تحلمين ؟!
    سمعا طقطقات في سقف المنزل .. خافت عبلة .. أخذت قيس من يده وخرجت به الى الشارع .. دك المنزل في لحظات .. هرولت الوساوس بصراصيرهم عائدين الى قريتهم .. استيقظ الناس مذعورين مرعوبين كما حدث في الليلة السابقة .. كان قيس وعبلة في حالة خوف أشد .. أخذهم الشيح عبد الرحمن الى منزله .. راح الناس يرفعون أنقاض المنزل المتهدم .. حتى طلع الصباح .
    في الساحة الكبيرة بالقرية .. اجتمع الناس يبحثون عن السبب .. خشي البعض من أن يكون ذلك .. صنف من الزلازل .. يتنقل كل ليلة أسفل منزل من منازلنا .. وخشي البعض من أن يكون ذلك من تدبير أعداء لنا .. قالت عبلة :
    وربما كان هذا من فعل ولهان وأسرته .. وإلا لماذا منزلي ومنزل ليلى بالذات .. أنا شاهدته في منامي قبل أن تسقط دارنا .. وقالت ليلى :
    نعم .. الآن تذكرت .. ليس مناما يا عبلة بل فعلا .. لأنني أيضا شاهدت ولهان قبل أن يسقط منزلنا بلحظات .
    خافت الناس وازداد قلقهم من المصير المجهول .. وقفا بينهم الشيخ إبراهيم والشيخ عبد الرحمن يخطبان فيهم .. يدعونهم الى التفكير في حل .. وبعد آراء وأفكار كثيرة طرحت وتقدمت .. توصلوا إلى المبيت في الشارع .
    ستسهر كل أسرة أمام منزلها .. تراقبه بأعين ياقظة .. وآذانا صاغية وحواس مستشعرة .
    في الليل .. كانت القرية الخضراء تتلألأ بأنوارها .. تكومت كل أسرة أمام منزلها .. راحت تراقبه .. ترى وتسمع وتستشعر .. حتى جاءت الوساوس في موعدها .. حلقوا فوق منزل الشيخ إبراهيم .. كانت ليلى في هذا الوقت قد رغبت في احتساء كوب من الشاي .. يساعدها على السهر .. نهضت واتجهت نحو المنزل .. اعترضها ولهان ومنعها من الدخول .. استعاذت بالله منه .. راحت تسبه وتلعنه .. سمعها الشيخ و عنتر وكثيرٌ من الناس .. نادوها .. استعاذت بالله بصوت مرتفع .. قرأت قرآنا بأعلى صوتها .. سمعتها عبلة .. جاءتها مهرولة .. ارتفع أصوات الناس بتلاوة القرآن .. هددت عبلة ولهان بحريقه هو ومن معه .. تراجع ولهان للخلف .. صعد هو ومن معه بصراصيرهم إلى أعلى .. أخذوا يحومون فوق القرية الخضراء .. تابعهم الناس في كل مكان .. خافت الوساوس.. أشارتا ليلى وعبلة للشيخان كي يرتفعان بأصواتهما .. وأشار الشيخان بدورهما للناس كي يرتفعون بأصواتهم .. أوقات عصيبة مرت على الجميع .. حتى أتى الصباح ورحلت الوساوس عن القرية دون تحقيق أي نصر يريحهم .
    اجتمع الناس أمام منزل الشيح حائرين : ما العمل أين الحل .. هل سيظلون يبيتون في الشارع هكذا .. أم يتركون القرية للوساوس ويرحلون إلى مكان بعيد .. جنحت عبلة الى مكان وراحت تتمتم بكلمات غير مفهومة .. تمتمت مرات ومرات .. مالت اليها ليلى .. سألتها عما تفعل ؟
    - استدعى صرصارا .. سأذهب الى ولهان وأقتله .
    ضحكت ليلى .. أخبرتها بأنها ما عاد باستطاعتها أن تستدعي صرصارا من صراصيرهم بعد أن تابت وعادت إلى الله .. ثم أخذتها في صدرها وجففت لها دموعها نهض الشيخ وخاطب الناس : أيها الناس .. سنعود جميعا إلى بيوتنا من الآن .. ولن نتركها ثانية .. ولن نخاف من الوساوس .. ولكن بشرط واحد .. أن يتلا القرآن في كل شبر من قريتنا الخضراء .. وذلك من خلالنا .. أو من خلال المذياع .. أو من خلال شرائط الكاسيت المسجلة بأصوات المقرئين .. ليس لأن القرآن يحرق الوساوس .. ولكن لأنه يزعجهم ويشل حركاتهم .. وإلا لماذا لا يهاجموننا إلا في هذا التوقيت بالذات .. الذي تنطفئ فيه الأنوار وتنقطع فيه الأصوات .. إلا من صوت شخير بعض النائمين .
    في الليل .. كانت أضواء القرية تجعلها مثل النهار .. كان صوت مقرئ القرآن يأتي من كل فج وصوب .. وكانت الوساوس بصراصيرهم يحومون فوق القرية .. وقد بدوا أكثر قبحا وغضبا .. حاولوا كثيرا أن يهبطوا فوق منزل الشيخ إبراهيم .. انتظروا أن تتوقف تلاوة القرآن ولو ثوان قليلة .. حان الفجر ولم يحقق الوساوس غرضهم .. قرروا العودة إلى قريتهم على أن يعودوا غدا .
    في الصباح كان أهل القرية جميعا يشيّدون منزل عنتر وليلى .. وفي الليل عادت الوساوس وشاهدت المنزل الذي كانوا قد هدموه من قبل .. وقد شيد وعلا بناءه ، وتلألأت أنواره ، ويتلى فيه القرآن .. نظر ولهان إلى من معه فرأى في عيونهم الخوف .. حدثهم . حاول أن يعيد إليهم ثقتهم ولكن دونما جدوى .. عاد معهم إلى قرية الوساوس .. قرروا تأجيل الانتقام .. غضب ولهان .. أعلن أنه لن يتوقف .. وسيهدم القرية الخضراء دارا دارا على رؤوس أصحابها .. بمن فيهم ليلى وعبلة .
    خاف عليه والده الوسواس الأكبر .. توسل إليه أن يتراجع .. نصحه بكل الطرق .. التف جميع الوساوس حول ولهان .. راحوا يقنعونه بالعدول عن الانتقام في هذه الليالي .. اقترحوا عليه أن يوقعوا بين القرية الخضراء وأي قرية مجاورة لها .. حتى يدخلا في حرب ضد بعضهما .. حرب طويلة تفتك بالقريتين .. غير أن لم يوافق وأصر على ما في رأسه .. وافقه عدد قليل من الوساوس .. أعلنوا أمامه المساندة والمساعدة .
    في الليل هاجم الوساوس القرية الخضراء بكل قوة .. رغم الأنوار وما يتلى على مسامعهم من القرآن .. اندفع ولهان ورجاله إلى منزل شيخ المسجد بتحد كبير .. حاولوا إسقاط البيت وهدمه على من فيه ..
    هزوه .. نهض الشيخ وليلى وعنتر وكل من بالمنزل .. خرجوا الى الشارع وهم يتلون القرآن .. كان ولهان ورجاله يهزون البيت هزات خاطفة ويصعدون الى أعلى بسرعة .. ثم يعودون ويهزون المنزل من جديد .. نظرت ليلى الى ولهان .. الذي بدا على ملامحه كل علامات الغل والحقد تجاهها وتجاه كل من بالقرية .. استيقظ الناس جميعا .. صعدت ليلى سلم المنزل صعد خلفها الشيخ وعبلة وعنتر وقيس وكل من واتته الشجاعة وبيد كل واحد كشافا مضيئا .. ومازالوا يقرؤون القرآن .. حاول الوساوس الهرب والفرار إلى قريتهم اعترضهم ولهان بصرصاره.. قال له أحدهم :
    - سنهلك .. تعالى ننجو بأنفسنا
    أشاح ولهان بوجهه لهم وعاد بمفرده يهز المنزل .. بعد فترة من التردد لحق به رجاله .. هزوا البيت هزات عنيفة ..مال على إثرها المنزل ناحية اليمين .. لم يخف أحد وظلوا يتلون القرآن .. صعد عدد آخر من الوساوس الى الأسطح المجاورة وهم يتلون القرآن أيضا .. ارتبكت الصراصير من ارتفاع الأصوات وقوة الأضواء .. حاول كل واحد من الوساوس أن يبتعد بصرصاره عن زملاءه فلم يقدروا .. اصطدم صرصار بآخر .. فانفجر الاثنين .. شبّ بينهما حريق هائل .. جعل جميع الصراصير يختل توازنها ، اصطدم بعضها ببعض .. حتى سقطوا جميعا ولم ينج منهم أحد .. هلل أهل القرية فرحين بالنصر المبين .
    أما ليلى وعبلة فقد تنفستا الصعداء .. ثم رفع الجميع أذرع التضرع إلى الله شاكرين حامدين .
    بعد لحظات .. شعر كل من فوق سطح البيت .. بأن المنزل سيسقط راح عنتر وقيس يساعدان كل من على السطح بالنزول إلى الشارع حتى جاء الدور إلى ليلى و عنتر فرفع عنتر ليلى على كتفه بينما وضع قيس يده في يد عبلة وهبطوا جميعا الى الشارع .. ولم تمر سوى ثوان قليلة وسقط المنزل القديم أمام أعين الجميع .. فالتفوا حول الشيخ ووعدوه بالمساعدة .. ولكن بعد أن يشيدوا منزل قيس .. غير أن قيس قد أقسم بالله.. على أن يبني منزل الشيخ أولا .. وقال الشيخ :
    - أيها الناس .. دعونا الآن من مسألة بناء البيتين .. فبيتي هو بيت قيس .. وبيت قيس هو بيتي .. لكنني لي رجاء آخر .. وهو ألا تنطفئ أنوار قريتنا .. ولا نبتعد عن تلاوة القرآن بأى حال من الأحوال
    فتعانق الجميع فرحين مهللين بالنصر .. مؤيدين لكلام الشيخ .

    (( تم بحمد الله ))
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
يعمل...
X