تويت
الفنان إيــاد ديــوب
ثلاثية المشاعر والزمن والجسد
بتعبيرية عالية وجرأة لونية
ثلاثية المشاعر والزمن والجسد
بتعبيرية عالية وجرأة لونية
دمشق - سانا
يحاول الفنان التشكيلي الشاب إياد ديوب من خلال معرضه الذي افتتح مساء اليوم في صالة الآرت هاوس التأكيد على سعي الفنانين الشباب في سورية للاختلاف والتغاير مع نزعات فنية متنوعة اجتهدت لاستثمار كل نتاجات الرواد بالاعتماد على الحس الفطري الموهوب والدراسة الأكاديمية بآن معاً.
ورغم أنها تجربته الثانية في العرض الفردي استطاع ديوب 1984 إثبات مقدرته التقنية وجرأة ألوانه عبر تراكم سجالاته التعبيرية على سطح لوحته الموشومة بترسبات الزمن الناغل في الجسد الإنساني وسعيه للإمساك بما لا يمكن قوله من مشاعر واختلاجات ومحاصرة تفاصيلها واستنطاقها بضربات الريشة اللاواعية وبأقل ما يمكن من ألوان لتشكيل خميرة الراهن الإنساني وعجينته.
وتستقي أعمال الفنان ديوب التي جاءت بقياسات كبيرة مجازاتها التعبيرية من ترنيمة الجسد الإنساني وترسباته الحسية وحواراته المكتومة للوصول إلى إخراجات بصرية يظهر فيها مقدرته على إظهار التماهي بين سطح اللوحة وبين تمثيلاتها البصرية من خطوط وألوان ومواد مختلفة وكذلك على ضبط مقاييس التوازن بين العناصر والفراغ كمتغيرين متلازمين يغذي كلاهما الآخر.
وتبدو اللوحة بالنسبة للفنان ديوب المتخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 2006 مساحة للتدليل على أهمية الخامة في خدمة المذاق التعبيري الذي يسكن صفاتها وخواصها إذ منها ووفق تشكلاتها تتدفق أسئلة البحث عن شرط الإنسان في الحياة وذلك بوصف الإنسان في علاقاته مع ذاته ومحيطه فاعلية تعبيرية مفتوحة على مناخات التأمل والتداعي والخيال.
وفي تصريح لوكالة سانا قال ديوب: رغم أنني خريج أكاديمي إلا أنني أحاول إنجاز لوحة فطرية في حالة لا واعية ولعل هذا البناء الأكاديمي الذي يلحظه الجمهور جاء نتيجة تجريب وبحث متواصل منذ سنواتي الأولى في الجامعة وبهذا يكتسب الفنان البناء الصحيح للوحة مشيراً إلى أن العواطف عندما تخرج إلى سطح اللوحة فإنها ترتسم عليه بحالة من اللاوعي ولكن بشكل صحيح ومنظم.
وأوضح ديوب أن اللوحات ذات المصداقية الأكثر هي التي تأتي بانفعال داخلي ويخرجها العقل الباطن الذي يعكس الحالة الحقيقية لذاتي ولاختلاجاتي الداخلية أما العقل الظاهر فيتصدى لمسألة اللمسات الأخيرة بحلول عقلانية وأكاديمية.
واعتبر ديوب أن الفن التعبيري الذي يتخذه أساسه لاشتغالاته الفنية ما زال محافظاً على قوته وقال: إنه ينافس الفنون المعاصرة والحداثية التي حملها العصر بأشكال جديدة لكنها عادت للمفهوم الفني الكلاسيكي المبني على أساس الفكرة لا أكثر.
وحول إلحاحه على عنصر الإنسان في اللوحة أوضح ديوب أن الحالة الانسانية ما زالت بالنسبة إليه أمراً ملحاً ويجدها تحتمل الكثير من البحث والتجريب مضيفاً: ليس بالضرورة أن يكون هذا العنصر شخصاً أعرفه أو تعاملت معه لكنه انعكاس لحالة إنسانية أشعر بها فتسقط على سطح القماش بشكل غير إرادي.
أكثم عبد الحميد مدير مديرية الفنون الجميلة أبدى استحسانه للطروحات اللونية في أعمال الفنان ديوب وقال: إن المعرض يدل على بحث وتجريب لوني يشتغل عليه الفنان الذي يتمتع بحس تعبيري لافت وهذا دليل على امتلاكه الثقة بمقدراته التقنية ولاسيما التكوين بفضاء اللوحة والمساحات الفارغة التي تعكس جمالاً على الشكل.
وأضاف عبد الحميد أن المساحة الفارغة لا يستخدمها الفنان إن لم يكن واثقاً من التكوين الفني الذي يستطيع إسقاطه على اللوحة لأن التكوين هو من يغطي القيمة الجمالية على مساحة اللوحة.
ووصف مدير الفنون الجميلة ديوب بالفنان الموهوب لامتلاكه البلاغة التعبيرية القوية وتشكيلاً لونياً جريئاً يجمع فيه بين الحار والبارد وقال: إنه نموذج للكثير من الفنانين التشكيليين السوريين أصحاب النزعة الجدية والمبتكرة في الطروحات الفنية.
من جانبه قال الدكتور عبد العزيز علون الباحث في تاريخ الفن وعلم المصطلح الفني إن الفنان ديوب يعتمد في بنائه للوحة على ثنائيات شبيهة بشخصيات فنية عالمية مثل مايكل أنجلو الذي بنى الصراع في أعماله بين شخصيتين.
وأضاف علوان الذي أشرف على تدريس ديوب لمدة ثلاث سنوات إن المقدرة الفنية التي يملكها ديوب تظهر في بناء شخصياته بثلاثة ألوان.. الأحمر والأسود بينما يحل مشاكل الاثنين باللون الأزرق مع مساحة كبيرة تعطي فضاء مفتوحاً للمتلقي.
وأشار علون إن هذا البناء التعبيري وفق هذا العدد القليل من المفردات هو لغة الفنان المقتدر الذي يستطيع الجمهور استنتاجها من اللوحة الأولى للمعرض رغم أنه ما زال في بداية حياته الفنية.
يشار إلى أن الفنان ديوب مواليد حماة وحصل على درجة الماجستير من جامعة دمشق وهذا هو معرضه الفردي الثاني إلى جانب مشاركاته في عدد من الورشات والمعارض الجماعية داخل سورية.
تعليق